يبدو جلياً أن عدم الاستقرار الإداري والفني الذي تعانيه أندية الهلال والمريخ، أدى إلى تراجع القمة والتي ظلّ نادييها لوقت طويل متربعة على عرش الكرة السودانية، دون أي منافسة تذكر من قبل بقية الأندية التي كانت تمثل "كومبارساً صامتاً" في كل مواسم تتويج الغريمين بكأس الدوري. وشهد الموسمين الماضيين أحداثاً وصفت بأنها بداية التراجع للقمة وذلك بعدما تعرض المريخ للهزيمة من قبل الأمل عطبرة وخسر الهلال المواجهة التي جمعته بهلال كادوقلي أي أن الولايات التي كانت مرتعاً لفرق القمة في حصاد النقاط تحوّلت إلى حصون منيعة على الفريقين اللذين نزفا كثير من النقاط، لا سيما في الموسم الحالي. مقصلة الشطب يرجح مراقبون أن عمليات الشطب "التترية" للاعبين عقب كل خسارة يعود إلى التخبط الإداري والاعتماد على الانفعالات الوقتية مع الأحداث دون الالتفات للجوانب الفنية والإدارية، ما ينعكس سلباً على مستوى الفريقين، خاصة وأنه أمامهما بالإضافة إلى الدوري السوداني استحقاقات خارجية في بطولة دوري الأندية الأفريقية الأبطال. بيد أن الواقع يقول إن لاعبين كثر سيجدون أنفسهم في كشوفات الشطب أو كشوفات المتأهبين للجلوس على دكة البدلاء من أول مواجهة، علماً بأن الشطب والتسجيل محدد بفترة تصل إلى ستة أشهر وهي فترة يرى الخبراء أنها لا تخول الحكم على مستوى اللاعب سلباً أو إيجاباً. كباش الفداء بمتابعة للاخفاقات التي منيت بها القمة نجد أن المدربين هم كبش الفداء الأول الذي يتم تقديمه عادة على مأدبة الهزيمة. وبالتتبع لإقالات كثير من المدربين الأجانب والمحليين الذين تعاقبوا على أندية القمة نجد أنهم لا يكملون فترات التعاقد أو حتى إلى حين انتهاء الموسم الكروي، علماً بأن الأسس الحديث للتدريب تشير إلى أن الخطط الإستراتيجية الفنية لا تظهر نتائجها من خلال مباراة أو مباراتين وإن خسارة مباراة لا تعني فشل المدرب. وليس بعيد عن الأذهان ما حدث أول من أمس من إعفاء طاقم الهلال الفني الأجنبي والذي يشمل رئيس الجهاز الفني ومعاونيه الثلاثة، وذلك بعد التعادلات الثلاثة التي سقط في فخها الهلال أمام كل من الأهلي شندي، الخرطوم الوطني وهلال الأبيض الذي كان قاصمة الظهر لصبر الإدارة والجمهور على وجود المدرب فتم انتداب "الكوتش" الفاتح النقر مدرب الرديف بصورة مؤقتة للإشراف على مباريات الهلال المحلية والأفريقية حتى الثامن من مارس المقبل على أن يعاونه الكابتن مصطفى النقر كمدرب عام, والكابتن خالد بخيت كمساعد للمدرب ولن يكون المريخ بعيداً عن هذا الطوفان. كما وتترقب الأوساط الرياضية أيضاً شيء من الحذر إعفاء الطاقم الفني للمريخ أيضاً. الإعلام سيد الأدلة يلعب الإعلام دوراً كبيراً جداً في ما يحدث داخل أندية القمة من شطب وإقالات وتعاقدات علماً بأن الخرطوم بها أكثر من ثمان إصدارات بين الهلالية والمريخية وكذلك يتوزع الكتاب بين هذين الانتمائين. ونجد أن النظرة التشجيعية تغلب على كتاباتهم دوناً عن دورهم الرقابي على ما يدور داخل كواليس القمة. وبالرجوع إلى عدد من الحالات نجد أن تسجيل لاعب يخضع إثناء عدد من الصحفيين على مستواه ثم يتحول الأمر إلى (مكايدات) تنتهي بتسجيله لأحد ناديي القمة دون الالتفات إلى الرأي الفني وليس ببعيد عن الأذهان ما حدث في التسجيلات الأخيرة من ضم هيثم مصطفى لأهلي شندي وذهاب بكري المدينة للمريخ بالإضافة إلى شطب اللاعبين الهلاليين مهند الطاهر وعمر بخيت دون الرجوع للقرار الفني وبرر مجلس إدارة الهلال خطوة الاستغناء عن اللاعبين الكبار أنه يريد أن يبني فريقاً شاباً قادراً على القتال في الأدغال الأفريقية. العودة دون وفاض ونجد أن اللاعبين الأجانب لهم أيضاً نصيب في ما يحدث حيث يأتون من بلدانهم يحملون آمالاً كبيرة بالفوز بالمال والانجازات المحلية والخارجية، إلا أن يد الشطب تطالهم دوناً عن المحليين لأنهم يشكلون العبء المالي الأكبر على الإدارة فيما المحصلة صفر. وبدل أن يعود اللاعب الأجنبي إلى بلاده محملاً بالانجازات نجده يعود خالي الوفاض. ولن ننسى أن رئيس نادي الهلال، أشرف الكاردينال، قطع وعداً بالفوز في الانتخابات التي جرت في يوليو الماضي بصناعة فريق يهز الأرض تحت أقدام منافسيه في الموسم القادم وكذلك وعد رئيس نادي المريخ جمال الوالي إلا أننا نجد أن الأرض اهتزت تحت القمة محلياً وليس أفريقيا مع بداية الموسم الحالي. الصيحة