عجمان (الامارات) يتزايد اعداد الاماراتيات اللاتي يلتحقن بالكلية الجامعية للأم والعلوم الأسرية في عجمان لتربية الأبناء على أسس الأخلاق الحميدة، ومبادئ الدين الحنيف وذلك بعد ارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع بصورة مقلقة، حيث ترافق تزايد حدة مشكلة الطلاق مع الطفرة الاستهلاكية التي شهدتها الإمارات في العقدين الأخيرين، إذ كانت معدلات الطلاق طبيعية ومقبولة قبل الطفرة النفطية، لكنها ازدادت تفاقما نتيجة النزعة الاستهلاكية التي سيطرت على المجتمع، وأدت إلى تباعد أفراد الأسرة الواحدة. وتهتم الكلية بالأسرة من خلال تعليم البنات والأمهات أسس تربية الأبناء والتعامل معهم، بهدف تنشئة جيل يسهم في دعم مسيرة النهضة في البلاد، خاصة وان الطلاق يكلف ميزانية الدولة نحو 220 مليون دولار سنويا، خلافا للأضرار المعنوية والأسرية التي يتعرض لها المجتمع نتيجة تفشي هذه الظاهرة. وصلت نسبة الطلاق في الامارات العام الماضي 36٪، بينما بلغت في دبي حوالي 20% من حالات الزواج، مرتفعة بنسبة 1% عن النسبة في عام 2007 التي بلغت 19%، فيما وصلت إلى 23% عام 2006، حيث تقع نسبة كبيرة من حالات الطلاق بسبب خلافات بسيطة سرعان ما تتحول إلى مشكلة كبيرة يصعب حلها. وأكد الشيخ حميد بن راشد النعيمي (عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان) أن "دور الكلية والقائمين عليها هو خدمة المجتمع الذي ينشغل الآباء والأمهات فيه عن تربية الأولاد، "إذ أصبح الاعتماد على المربيات يأخذ حيزاً كبيراً، خصوصاً بعد التطور والنمو الذي تشهده مجتمعاتنا". ونقلت صحيفة "الامارات اليوم" عن النعيمي "أهمية مبادرات تأسيس كليات تخدم أفراد المجتمع والأسرة"، لافتاً إلى أن نسبة الطلاق أصبحت مرتفعة في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي بسبب الاعتماد على الخادمات في تربية الأبناء، إضافة إلى إهمال شؤون البيت، وانشغال الأم والأب عن متابعة أبنائهما. وأضاف أن "أهمية تأسيس الكلية خلال هذه المرحلة تأتي لتنفيذ برامج وخطط تعنى بإعداد أمهات المستقبل، والتي تستطيع أن تربي أبناءها خير تربية، وتعين زوجها وتساعده، وأن تتعايش في ظل إمكاناته". مشيرا إلى دور الأسرة قديماً، وكيف كانت الإمكانات أقلّ، ولكن دور الأمهات كان كبيراً في تربية الأبناء على أسس الأخلاق الحميدة، ومبادئ الدين الحنيف. وقال نزار العاني (عميد الكلية) ان المنظور الفلسفي للكلية الجامعية للأم والعلوم الأسرية، هو أن "المرأة تشكل في أي مجتمع الركن الأساسي في بناء الأسرة، والمصدر الرئيس لبناء النموذج الأخلاقي عند أبنائها"، موضحاً أن الأسرة بمفهومها الكلي وليس الجزئي يجب أن تكون هدفا رئيسا، ومخرجا أساسيا للتعليم الجامعي، وأن الأولوية لهذه المخرجات ستكون "الأم" لدورها وأهميتها في البناء الأسري. واضاف ان المناهج والانشطة والبرامج التعليمية بالكلية الجامعية للأم والعلوم الأسرية تهدف إلى تعريف الأم بحقوقها الشرعية والمدنية وواجباتها ومسؤوليتها تجاه بيتها وأسرتها زوجاً وأولاداً، وصلة رحم كراعية مسؤولة في بيتها، وتزويد الطالبة بالمفاهيم والتطبيقات الأساسية للحقوق المدنية للمرأة، إضافة إلى فقه المرأة والأسرة في الشريعة الإسلامية، بما ييسر لها أمر إدراك حقوقها ومسؤوليتها أمام الله عز وجل، ثم أمام أسرتها ومجتمعها ووطنها، وتزويدها بالمعلومات النفسية والاجتماعية والبيولوجية والشرعية الخاصة بعلاقتها مع زوجها. وكانت دراسة اعدتها وزارة العمل والشئون الاجتماعية الإماراتية حذرت من ارتفاع معدلات الطلاق في المجتمع، وارجعت سببه إلى 15 سببا، موضحة أن الرجل دائما هو الذي يقدم على الطلاق إزاء مبررات، أهمها الرغبة في الزواج من امرأة أخرى بنسبة 31%، وعدم إنجاب الزوجة بنسبة 23%، وتدخل الأهل بنسبة 21%، وتناول الخمور وإهمال الأسرة بنسبة 13%، ثم الطلاق التعسفي بنسبة 16%، وأسباب أخرى تتصل بالخلافات المادية، وعدم اهتمام الزوجة بشئون الزوج، وكثرة مطالبها. وكشفت اعتدال الشامسي (المحاضرة في برنامج إعداد، التابع لصندوق الزواج) أن الإمارات الأولى خليجياً في نسبة الطلاق، مشيرة إلى أن "الحاجة الى برامج ومحاضرات توعية للمقبلين على الزواج وللمتزوجين ايضاً، أصبحت ضرورية جدأ للحد من الطلاق". وطالبت بوجود دورات تنشيطية للمتزوجين لكسر حالات الملل التي تصيب الزوجين بحيث تنظم بمعرفة علماء الاجتماع وعلم النفس، وعلماء الشريعة لأن الاسرة هي لبنة المجتمع، اذا صلحت صلح المجتمع. وقال حمد الشيباني (مدير عام دائرة الشؤون الإسلامية بدبي) ان "نسب الطلاق في الماضي كانت مزعجة جدا ونحن بحاجة إلى دراسة أسباب وقوعه وتجفيف منابعه للحد من تفشي الظاهرة". واكد لصحيفة "الاتحاد" الاماراتية على أهمية نشر الوعي الديني والشرعي بحقوق وواجبات الزوجين قبل الزواج وبعده، وكذلك بالحقوق القانونية المترتبة على الزواج، خاصة شروط العقد والحقوق المالية ودور المؤسسات الإعلامية المختلفة في الحد من ظاهرة الطلاق والتعريف بدور المؤسسات الحكومية والمجتمعية في المحافظة على الترابط الأسري والحد من ظاهرة الطلاق".