مدرسة بناء الكادر حضوراً وغياب قضية مازال البحث جارٍ لسبر غورها للوقوف على أسباب غياب مدرسة الكادر في دفاتر الأحزاب السياسية السودانية. الوقوف على عتبة التحديات التي تواجه الحضور ومن يتكسب سياسياً من ضعف الكادر الحزبي.. وهل لصراع الأجيال دوره في إيقاف عجلة البناء داخل منظومة الكوادر الشبابية؟ .. وفي هذا التحقيق نطرق أبواب الأجيال المختلفة للتحقق من غياب مدرسة بناء الكادر .. وفي الحلقة الثالثة نقف على إفادات الكوادر الشبابية في حزبي الأمة القومي والحزب الاتحادي الديمقراطي.. للوقف على تجربة مدرسة الكادر في الأحزاب التقليدية. المزاجية..الكفاءة الأحزاب السودانية التقليدية والعقائدية طول مسيرتها السياسية ظلت تنتج الكوادر حتى في ظل الأنظمة العسكرية التي تعطل آليات العمل السياسي، إلا أنها بالعمل السري أوجدت كادراً جيداً تستطيع الزج في الكثير من المواقع... بيد أن الإشكاليات بدأت بالصراعات بين هذه الكوادر من جهة بروز العديد من الطموحات السياسية الديمقراطية للشباب، وقد أدى بقاء عناصر حزبية خارج العمل السياسي العلني - الممثل في الأحزاب - لعدم قناعتها بالانخراط في هذه الأحزاب. خاصة وأن مفهوم كيفية تشغيل الكوادر تضاءل بغياب البرامج السرية والعلنية التي تضعها القيادة بحيث يوضع الشخص المناسب في المكان المناسب أو تحسن استخدام الكادر الموجود لتنشيط عمله في القطاعات الشعبية أو المهنية ... أو لبناء قيادات جديدة للعمل الحزبي.. ومعلوم أن عملية التشغيل يجب أن لا تخضع إلى المزاجية، بل يجب أن تكون وفق مقاييس محددة تعتمد الكفاءة والإخلاص لتنمية وتطوير وضعية الحزب.. وبذات الرؤية يقول الكادر الحزبي محمد الفكي بقيادة أمانة الشباب بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل: إن المدرسة مؤسسة متطورة وتحتاج لهياكل ورؤية متكاملة للحزب، أي تبدأ بماذا يريد الحزب من كادره وماهي مقدرات كادره. كوادر متوفرة شعبياً تناول الفكي مسألة حصر العضوية دورها في اكتشاف الكوادر وانتقد حزبي الاتحادي الديمقراطي والأمة، وقال: إن هذه الأحزاب مع تأريخها وعظمة دورها وما تملكه من قاعدة جماهيرية إلا أنها لا تملك قوائم عن عضويتها وإعدادهم وإمكان تواجدهم وماهي امكانياتهم، وتساءل كيف لهذه الأحزاب أن تبني مدرسة كادر؟ . وإذا مطلوب من القيادة أن تحقق مستوًى معيناً من الوحدة السياسية والتنظيمية والفكرية بين أعضاء الحزب.. بحيث تضع برامجاً مكثفة للأعضاء الجدد تؤهلهم للانخراط في الحياة الحزبية الداخلية...فإن من الضروري أن تدرس القيادة قدرات الأعضاء من جهة واحتياجات الحزب في القطاعات، وبالتالي تنمي الامكانيات المتوفرة لديها.. وتبحث عن أعضاء جدد، يملكون المؤهلات الأولية أو أنهم مؤهلون والمطلوب هو دعوتهم للانخراط في الحزب والعمل بين صفوفه وبالتالي الاستفادة من كوادر متوفرة شعبياً وتحتاج إلى من يدعوها أو يحاورها للعمل وسط صفوف الحزب وبالمستويات القيادية التي تملكها... فليس من المقبول أن ينتمي عضو لديه مؤهلات سياسية جيدة.. واعتباره كبقية الأعضاء الجدد الذين يجب شرح أبجديات العمل السياسي وهو في المستوى المتقدم منها.. أمر متعمد معتصم حسن الخضر عضو مركزية طلاب الأنصار والكادر الشبابي بحزب الأمة القومي يرى أن تجاهل البحث عن الكوادر والعضوية وغياب مدرسه الكادر أمر متعمد من الذين لايريدون مجايلة حقيقية ومنافسة بحسب البلاء والعطاء أي الغياب بسبب صراع الأجيال، ويقول الخضر: إن أثر غياب مدرسة الكادر كان واضحاً جداً على المستوى التأهيلي، حيث أفرغ كادر غير ملم بالعمل التنظيمي الطوعي المنضبط اللهم إلا الاكتساب عبر الاحتكاك بخريجي مدرسة الكادر، ومضى قائلاً: نحن عاصرنا قيادات شبابة هي تتلمذت على مدرسة الكادر رغم وجودهم خارج أوعية الحزب أمثال: محمد فول، خالد عويس، التعايشي، ياسر فتحى (مادبو) والقائمه تطول. أزمة الترشيح النهج الحزبي في التغيير هو الذي يحدد ماهية مدرسة الكادر ونوعيتها، فإذا كان الحزب إصلاحياً لا يهدف إلى التغيير بالطرق الانقلابية.. وإنما عبر المؤسسات الدستورية والشرعية.. فإن المهمة الأساسية في بناء الكادر هي كيفية بناء قادة للعمل البلدي والعمل البرلماني.. وقادة للنقابات والتجمعات المهنية والحركة النسائية والطلابية.. أي كيف يصبح الحزب حزباً جماهيرياً تستطيع كوادره في مختلف القطاعات الشعبية قيادة نضالات تلك القطاعات في منظماتها المهنية أو السكنية، إضافة إلى ما يملكه من كفاءات يمكن زجها في البلديات أو البرلمانات المحلية أو القومية. وهذا النهج أهملته الأحزاب السودانية التي تتطلع للتغيير عبر الإصلاح، وأقر الفكي بفشل حزبه في تأسيس مدرسة كادر تختار مرشح حزبه في الانتخابات ويقول: إن ما يدور في الحزب الاتحادي دليل على أن المؤسسة الحزبية في السابق كانت تسعى لخلق كادر لتحقيق خطتها، إننا في مركزية روابط الطلاب الاتحاديين بالجامعات لدينا مدرسة وبها محاضرات وتكليفات. بل أن بعض المواد كنا نعقد لها امتحانات رغم ثقتنا أنها ليس مقياس. وبالتالي كنا نعرف مانريد. أما الآن الصورة تبدو مختلفة ويقول الفكي منتقداً حزبه: إن الحزب الاتحادي اليوم يرشح لاعب كرة قدم يعلن في الصحف أنه ليس اتحادياً فكيف يمكن لمثل هذا الحزب أن يؤسس مدرسة للكادر؟. ومضى قائلاً: ولو جدت مدرسة الكادر لعرف الحزب من الذي يمكن ترشيحه إلى أي منصب؛ لأنك من خلال مدرسة الكادر تستطيع معرفة امكانيات حزبك. السيطرة .. طبقات مختلفة محمد الفكي ليس من أنصار رؤية صراع الطبقات في الأحزاب ويقول: لا علاقة وثيقة بالطبقة وغياب مدرسة الكادر، ومضى قائلاً: وحتى أكون أكثر دقة أقول إنه صراع جماعات في المقام الأول وقد يكون أبناء طبقات مختلفة تجمعهم مصلحة جديدة وهي السيطرة على الحزب. واعتبر صراع الأجيال جزءاً من أزمة غياب مدرسة الكادر ويقول السبب هو إصرار جيل مسيطر على المشهد منذ نصف قرن ورفض التنحي بدون مبررات، مع أن مبررات فشله لاتحتاج إلى دليل، وقال مستاءً: الأجيال المسيطرة " هي جحيمنا الماثل اليوم". واتفق الخضر مع الفكي وقال الأول: إن الصراعات في الأحزاب كان لها دور غير مباشر في غياب مدرسة الكادر بجانب للانشقاقات. العاصم من الفناء قيادة الأحزاب السودانية ظلت لفترة طويلة لا تتصرف بطريقة حزبية.. حيث أنها حائرة .. في منزلة ما بين المنزلتين.. أمام تردد السلطة في تسهيل العمل الحزبي بفتح مواعين الحرية العامة بما فيها السياسية والإعلامية أمام الأحزاب السياسية للانتقال إلى العمل الحزبي حسب المعايير الدولية.. وحسب ما نراه في البلدان الديمقراطية العريقة.. ففي تلك الدول تجد للأحزاب صحفها ومحطاتها الإذاعية والتلفزيونية ومشاريعها الاقتصادية ومدارسها الحزبية.. ونوابها وأعضاء بلدياتها. والنقابيين.. وقادة الفكر والصحفيين ... من مؤسسات تشكل ركناً أساسياً من أركان النظام الديمقراطي... وتقدم الدولة كل الدعم المالي المطلوب لها.. ولا تضع العراقيل أمام عمل الأحزاب السياسية التي تستطيع الوصول إلى الحكم إذا حصلت على أغلبية في البرلمان. وبما أن الصورة قاتمة في السودان مقارنة بتلك البلدان الديمقراطية لم يبريء الفكي الحكومات الشمولية من أزمة بناء الكادر، وقال: إنها جزء من المشكلة ولكنها ليس كل المشكلة. ومضى قائلاً: إن الأحزاب تعاني من إشكالات واضحة ويجب أن تعترف بها أولاً وإلا لن تتمكن من علاجها. وأكد أن بناء السودان بحاجة إلى مؤسسات حزبية حقيقية وشرعية تمثل قواعدها، وختم بقوله: إن تحقيق ذلك هو العاصم الوحيد لتلك الأحزاب من الفناء.واتفق معه في الرأي الخضر، وقال: إن للحكومات الشمولية أثر في غياب مدرسة الكادر بسبب التضييق الأمني و انشغال الأحزاب بمعارضة الحكومات الشمولية وبجانب مواجهاتها لإفقار المنهج من الحكومات الشمولية مما يجعلها أي الأحزاب غير قادرة على توفير الدعم اللوجستي كيما تحمل نفقات مدرسة الكادر. أوضاع مرتبكة بالرغم من هذه الأوضاع المرتبكة إلا أن المطالبة بوضع الخطط والبرامج الداخلية والخارجية قائمة لكي تعكس أن هناك أحزاباً سياسية علنية تسعى باستمرار لتطوير الممارسة السياسية السليمة وتدفع باتجاه المزيد من الحريات للعمل الحزبي لتطوير الحريات السياسية والعامة في البلاد... وعليه مسألة الاهتمام بالكادر وخاصة الشبابي الذي يتوجب تسليمه قيادة الأحزاب في السنوات القادمة أمر يتطلب المزيد من الطرق بشدة على أبواب التأهيل والتدريب والتطوير. ويقول الخضر: إن العمل لبناء الكادر يحتاج إلى بذل جهد أكبر للتعامل معه في المرحله القادمة خاصة في الجانب التحليلي للواقع السياسي المأزوم وعبَّر عن أمله في عودة مدرسة الكادر لأنها قد تلعب دوراً جوهرياً في رفد الأحزاب بالكوادر المؤهلة لتولي المواقع القيادية في كل المجالات ومن أجل كوادر لديها مفاهيم وطرق عمل تنتمي إلى مرحلة العمل السري في حال العودة إليه. نواصل............ التيار