دخلت (الراكوبة) الى جحور الافاعي السامة، ووضعت يدها على وثائق خطيرة، صادرة عن معامل فرنسية متخصصة في المعايرة وقياس الجودة، أكدت فيها فساد "36" ألف طن من القمح، استوردتها شركة (الثاقب) المملوكة لرجل الأعمال سعود البرير، وبرهنت الاختبارات على انها لا تصلُح للاستخدام الآدمي. ونقلت مصادر لصيقة بالقضية ل (الراكوبة) أن الجهات الحكومية الرسمية كانت قد تحفظت على شحنة قمح بميناء بورتسودان لشهور طويلة، وقررت عدم دخولها الى الاسواق، ما لم يتم التأكد من مطابقتها للمواصفات والمقاييس. وتبعا لذلك قررت ارسال عينة من القمح الى معامل فرنسية موثوقة، للتأكد من صلاحية الشحنة من عدمها، وذلك بعدما تسرّبت كميات من القمح الى الاسواق. واشارت المصادر إلى ان الحكومة وجدت نفسها مضطرة لارسال العينات الى فرنسا، بعدما نشب صراع عنيف بين قادة جهاز أمن البشير وبين بعض النافذين في الحكومة، كنتاج طبيعي لتضارب المصالح. و (لراكوبة) تفتح هذا الملف من جديد بما يؤكد الدرجة التي بلغها فساد النظام بتأكيد مصادرها بأن كميات كبيرة من القمح الفاسد قد تسربت للاسواق قبل وصول التحاليل التي برهنت بشكل قاطع عدم صلاحيته للاستخدام الآدمي. وتضيف مصادر (الراكوبة) أن هناك كمية كبيرة يخشى من تسربها هي الأخرى وتجد طريقها للاسواق. وكان اصحاب مخازن شركة الثاقب المملوكة لسعود البرير، قد قاموا ببيع قمح منتهي الصلاحية، يقدر ب 12 الف طن من القمح البرازيلي، و 22 ألف طن من القمح الكازاخستاني. وتسببت صفقة القمح غير المطابق للمواصفات والمقاييس، في حالة من الصراع المعلن والخفي، بين جهاز امن البشير من جهة ونيابة بورتسودان وشركة البرير من جهة اخرى، علي خلفية احتجاز جهاز امن البشير للشحنة ومنعه خروجها من الميناء، بحجة انها "فاسدة" وغير مطابقة للمواصفات. قبل ان يقوم وكيل النيابة بمدينة بورتسودان بشطب البلاغ المقدم من فرع الامن الاقتصادي، ضد شركة البرير دون اكتمال التحريات، وقبل وصول نتائج الفحص المعملي لعينات القمح من المعامل المختصة. وهو ما جعل مدير جهاز امن البشير بالولاية – حينها – يهدد بالاستقالة ومغادرة موقعه، وقال "إذا غادرت شحنة القمح "الفاسدة" إلي الخرطوم، سوف اغادر موقعي". وتمسك مدير جهاز امن البشير بالولاية بعدم تحرك الشحنة من بورتسودان للخرطوم رغم ان وكيل النيابة وجهَّ "بالافراج عنها". وكانت شركة سعود البرير قد اقترحت بعد المشادات بين جهاز امن البشير والنيابة "تسليمها الصالح من القمح لاستخدامه كأعلاف للحيوانات وإبادة الفاسد"، لكن جهاز أمن البشير ضغط في اتجاه عدم تسليم الشحنة الى شركة الثاقب. وعلمت (الراكوبة) ان قادة جهاز امن البشير بالولاية انشرحت صدورهم للنبأ الذي اكد عدم مطابقة القمح التابع لرجل الاعمال سعود البرير للمواصفات والمقاييس، لكن مصادر اكدت ان فرحتهم تأتي في اطار تقاطع المصالح وصراع المفسدين. وانهم ليسو احرص على الوطن او سلامة المواطن، وانما لمصالحهم الذاتية. وتتحفظ (الراكوبة) على نشر الوثائق التي تؤكد الخبر لحماية مصادرها.