عقب انتشار أنباء عن وجود مفاوضات جديدة بين الجيش والدعم السريع.. الصحفية سهير عبد الرحيم لنائب قائد الجيش: (يا كباشي.. جيبوا قاشاتكم وهاكم رُحاطتنا)    سخرية لاعب برشلونة ما زالت "تؤلم" قلب فينيسيوس    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تربط جميع مكاتبها داخل السودان بشبكة الألياف الضوئية لتسهيل إستخراج الفيش    مناوي: الإمارات دولة مهمة ولكن ليس في ملف السلام في السودان    كبير مستشاري الرئيس ترامب للشؤون العربية والأفريقية: انعقاد اجتماع موسع للمجموعة الرباعية بشأن السودان    مجلس السيادة السوداني يحمّل ميليشيا الدعم السريع وفاة الأمير    طرد كيليان مبابي وأذاق برشلونة 5 هزائم.. من هو حكم الكلاسيكو؟    بعد أن حاصرته مليشيا الدعم السريع المتمردة وقيدت حركته ومنعته من العلاج وفاة ناظر عموم قبائل دار حمر    رئيس الاتحاد المحلي السابق وقطب السوكرتا في حديث الساعة    عادات وتقاليد    الأهلي الدمازين يواصل الإعداد السكة حديد    تطوّرات بشأن"مدينة الإنتاج الحيواني" في السودان    الذكاء الاصطناعي يتوقع الفائز بلقب "الليغا"    فوزي بشرى يكتب: لن تتوقف إلا إذا....    اعتقال موظف في السودان    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم السبت 25 أكتوبر2025    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تبكي على الهواء وتثير تعاطف الآلاف: (تعرضت للتحرش من والدي ومن أقرب الناس.. والدتي تزوجت 7 مرات وفي كل مرة تطردنا من المنزل أنا وأبني وبسببها أصبحت أتعاطى المخدرات)    شاهد بالصورة والفيديو.. في تصرف عرضه لسخرية الجمهور.. الفنان جمال فرفور ينحني من أعلى المسرح ويُقبل أيادي معجباته وساخرون: (بوس الأيادي على الطريقة الفرفورية)    شاهد بالصورة.. ترقية "مهند" شقيق الفنان المثير للجدل شريف الفحيل لرتبة "نقيب" بالشرطة والجمهور: (سبحان الله البطن بطرانة)    شاهد بالصورة والفيديو.. في تصرف عرضه لسخرية الجمهور.. الفنان جمال فرفور ينحني من أعلى المسرح ويُقبل أيادي معجباته وساخرون: (بوس الأيادي على الطريقة الفرفورية)    ستيلا قايتانو.. تجربة قصصية تعيد تركيب الحرب في السودان    شاهد بالفيديو.. الهلال يكتسح "البوليس" مجدداً ويصعد لمجموعات أبطال أفريقيا    الديوان الملكي: وفاة الأميرة نوف بنت سعود بن عبدالعزيز    أمين تجار محاصيل القضارف : طالبنا الدولة بضرورة التدخل لمعالجة "كساد" الذرة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    والي النيل الأبيض يدشن كهرباء مشروع الفاشوشية الزراعي بمحلية قلي    شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل توجه رسالة للفنانين والفنانات وتصفهم بالمنافقين والمنافقات: (كلام سيادتو ياسر العطا صاح وما قصده حاجة.. نانسي عجاج كاهنة كبيرة والبسمع لفدوى الأبنوسية تاني ما يسمع فنان)    متى تسمح لطفلك بالحصول على جهاز ذكي؟ خبير أميركي يجيب    السودان يعلن عن اتّفاق مع روسيا    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    «انتصار» تعلن عن طرح جزء جديد من مسلسل «راجل وست ستات»    علي الخضر يكتب: نظرة الى اتفاق الصخيرات .. لماذا تسعى الإمارات لتخريب مبادرة الرباعية ؟    معلومات مهمّة لمسؤول سكك حديد السودان    شاهد.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (نجوت من 3 محاولات اغتيال في نيالا والدور على عمر جبريل.. الضابطة "شيراز" زوجت إبنتها التي تبلغ من العمر 11 عام لأحد قيادات الدعم السريع والآن مستهدفة لهذا السبب)    ترامب: نهاية حماس ستكون وحشية إن لم تفعل الصواب    تحذير من تموضع حوثي عبر غطاء إيراني قرب السواحل السودانية    إحباط تهريب مواد كيميائية وبضائع متنوعة بولاية نهر النيل    وفاة الكاتب السوداني صاحب رواية "بيضة النعامة" رؤوف مسعد    قوات الدفاع المدنى تنجح فى إنتشال رفاة جثتين قامت المليشيا المتمردة بإعدامهما والقت بهما داخل بئر بمنزل    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    إيران تلغي "اتفاق القاهرة" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    القضارف.. توجيه رئاسي بفك صادر الذرة    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    وزير الخارجية المصري: ننسق مع السعودية لإنهاء الحرب في السودان بسرعة    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشاركة السودان في حرب اليمن..السودان في حاجة ماسة إلى قيادة جديدة تدير أمره،
نشر في الراكوبة يوم 31 - 03 - 2015

عندما استنفرت دول الخليج حلفاءها للمشاركة في حربها ضد العراق بعد غزوه الكويت في عام 1990، تداعت عديد من الأنظمة التي لا يربطها رابط مع الصراع إلى المشاركة فيه من منطلقات متفاوتة. وإذا كان مفهوماً أن تشارك دول مثل بنغلاديش في الحرب بسبب طبيعة نظامها العسكري الموالي للغرب، فإن مشاركة النظام الاثيوبي الماركسي التوجه في حرب «امبريالية»، أو مشاركة النظام السوري «الممانع» كتفاً بكتف مع أمريكا وحلفائها كان ولا يزال مثار تساؤل، إلا بافتراض الانتهازية الصرفة. ولعل أطرف ما في الأمر أن الدخول في الحرب لم ينقذ نظامي منغستو في اثيوبيا وارشاد في بنغلاديش، حيث سقط كلاهما خلال أشهر من إعلان مشاركتهما، فكانا أفشل انتهازيين.
لم تكن إيران بعيدة من هذه الانتهازية. فقد روى بعض أعضاء وفد الحركات الإسلامية الذي زار إيران خلال الأزمة أن الرئيس الإيراني رفسنجاني أبلغهم بأن إيران مستعدة للتضامن مع العراق مقابل ثمن. وقال رفسنجاني للوفد بعد أن حدد بعض مطالب إيران، إنه لا يمانع أن يكون في الانتظار حتى يعود الوفد إلى بغداد ثم يأتيه بعرض من صدام، وصفقة مقترحة مقابل الدعم!!
في ذلك النزاع، اختار السودان الوقوف في معسكر المعارضة للتدخل العسكري الأمريكي ضمن دول أخرى تحفظت عليه، كما من بينها الأردن واليمن وتونس والجزائر ومنظمة التحرير الفلسطينية. وبالطبع من حق السودان وغيره من الدول أن يتحفظ، ولكن الموقف السوداني تجاوز التحفظ إلى دخول المعركة سياسياً وإعلامياً. فقد قاد الشيخ حسن الترابي وفد الحركات الإسلامية الذي طوف بالعواصم المعنية، من بغداد وطهران إلى الرياض. وقد اصطحب معه إلى السعودية بعض معاونيه من المتهورين الذين تهجموا على القيادة السعودية بصورة غير لائقة ومفتقدة للدبلوماسية والحكمة.
ولم يكن الموقف السوداني بعيداً عن الحسابات السياسية، وهي حسابات خاطئة وساذجة، حيث كان البعض يعتقد أن صدام كان سينتصر، أو على الأقل سيصمد حتى يحصل على بعض التنازلات. وقد غضب مني الشيخ الترابي عندما قلت له بصراحة أنني أعتقد أن مواقف النظام السياسية كانت تنم عن سذاجة سياسية بينة. ولكن ذلك الهوس كان قد اجتاح قطاعات واسعة من الرأي العام العربي والإسلامي، بما في ذلك الجاليات العربية والإسلامية في بريطانيا. وقد كان يندر أن تجد من يستمع إلى صوت العقل وقتها، فضلاً عن أن ينطق به. وقد قلت لبعض محدثي بعد أن يئست من إقناعهم بخطل المغامرة الصدامية: إننا لا نحتاج إلى فلسطين أخرى، وإنما إلى دول عربية تسند فلسطين! وقد حدث ما حذرنا منه للأسف، فقد أصبح صوت المتباكين على العراق اليوم أعلى من صوت المتباكين على فلسطين التي نسيها الناس، بعد أن أصبح عندنا فلسطينات كثر، وحبات السبحة تكر باضطراد.
لا أقول هذا لأشبه التدخل الخليجي في اليمن بأزمة الكويت عام 1990، وإن كانت هناك بعض أوجه المقارنة. فهناك ما يشي بأن الحوثيين ارتكبوا خطأ صدام ودخوله الكويت حينما حاولوا الدخول إلى عدن. فلو أن صدام مثلاً كان قد اكتفى في مواجهته مع الكويت بالاستيلاء على المناطق الحدودية المتنازع عليها، لما فجر الحرب التي اندلعت فيما بعد. ولو أن الحوثيين قنعوا بما كسبوه حتى محاولة اجتياح عدن لكان المجتمع الدولي والقوى الإقليمية ما تزال حتى اليوم تردد مطالبها بدعم الحوار. ولكن اجتياح عدن كان سيفجر حرباً أهلية يمنية لا تبقي ولا تذر. وبالطبع كانت السعودية ستدعم طرفاً في هذه الحرب، بينما ستدعم إيران الآخر، وستتحول إيران إلى «حالة سورية» كما حذر من ذلك كثيرون، منهم الصحافي السعودي جعفر الشايب الذي نشر تحذيره قبل يوم واحد من انطلاق عملية «عاصفة الحزم». وبالتالي لم يكن أمام السعودية خيار فيما قامت به من عملية للجم تمدد الحوثيين في اليمن، لأنها كانت ستدفع الثمن عاجلاً أو آجلاً، كما أن ما قامت به يحقن دماء الكثير من اليمنيين ويجنب البلاد الدمار والخراب والتشرد الذي شهده السوريون، وكلفة ذلك على المنطقة. فلجم عدوان الحوثيين ومحاولة علي عبدالله صالح اليائسة للعودة إلى الحكم هي أقل الوسائل تكلفة لإعادة الاستقرار إلى اليمن.
ولا عبرة هنا بما يردده قادة ميليشيات إيران من تباكٍ على سيادة اليمن التي كانوا أول من اعتدى عليها، كما اعتدوا على سيادة سوريا والعراق ولبنان.
فمهما كان تتهم به السعودية، فإن ما يميزها عن إيران هو أنها لا ترسل الميليشيات إلى بقية الدول العربية، وإنما ترسل المساعدات التي تنفع الناس، كما أنها تستخدم عائدات النفط لتنمية البلاد وإسعاد أهلها، بينما جل أموال إيران تضيع في الفساد والإنفاق العسكري والحرس الثوري والميليشيات الأجنبية والإرهاب، وغيره من وسائل الدمار والقمع الذي ما يزال الإيرانيون أكبر ضحاياه. ولا شك أن انحياز إيران وميليشياتها لنظام القتل في سوريا كان قاصمة الظهر لها، حيث اختارت الانحياز إلى معسكر إجرامي لم يخلق مثله في البلاد منذ أيام هتلر، فسقطت سقوطاً لا قيام بعده، ولا مثقال ذرة من الرصيد الأخلاقي.
السعودية استفادت وتستفيد من هذا الإفلاس الأخلاقي الإيراني. فإيران ليس لديها ما تقدمه للسوريين سوى العبودية والقتل، وليس لديها ما تقدمه للعراقيين واللبنانيين سوى الاحتقان الطائفي الأبدي، ولم تقدم لليمنيين خبزاً أو كرامة، وإنما سلاحا تم به استعبادهم وقهرهم. ولا يعني هذا أن السعودية بريئة أو مثالية، ولكن كل شيء هو بالمقارنة. فما يمكن أن تقدمه السعودية لليمن أفضل بكثير، لأنه يفيد غالبية اليمنيين ويقلل التكلفة عليهم بإخراج صالح من اللعبة نهائياً وإعادة الحوثيين إلى حجمهم الطبيعي.
ولكن ما ينطبق على السعودية وبقية حلفائها لا ينطبق على السودان. فليس لدى السودان فائض مال أو جنود ليشارك بهما في إنقاذ اليمنيين ودعمهم. والأقربون أولى بالمعروف (أو بالقصف في الحالة السودانية). فالبلاد فيها حروب مندلعة في جنوبها وغربها. وكان الأولى توجيه هذه القدرات العسكرية «الفائضة» لتحقيق الأمن في البلاد، ووقف التهديدات التي يتعرض لها المواطنون من هجمات الحركات المتمردة، والميليشيات المنفلتة في دارفور وغيرها، وتحقيق الأمن للنازحين واللاجئين حتى يعودوا إلى مواطنهم. فمن غير المعقول أن تشارك دولة تعاني من الحروب الأهلية في حرب أهلية في بلد آخر.
نحن نتفهم طلب محاولة السعودية لتوسيع التحالف المشارك في حرب اليمن، لأن ذلك يعزز مشروعية العملية ويدعم أمن المملكة. ونتفهم كذلك أن يدعم السودان العملية بوجود رمزي ضمن التحالف كتسجيل موقف. ولكن مشاركة السودان الكاملة في هذه العملية ليست ضرورية وليست مفيدة لأي من الطرفين. وليس من الإنصاف أن يطلب ذلك من السودان، وليس من الحكمة والعقل أن يستجيب. ولكن النظام السوداني يدفع ثمن أخطاء الماضي في الداخل والخارج. فلو أن النظام اتبع الحكمة في الماضي، ونأى بنفسه عن صراعات لا شأن له بها في محيطه العربي أو الافريقي، والتفت إلى الداخل فتعامل أيضاً بالحكمة في فض النزاعات وتجاوزها، لما اضطر إلى التورط من جديد في هذه المقتلة.
وهذا سبب آخر يذكرنا بأن السودان في حاجة ماسة إلى قيادة جديدة تدير أمره، لأن البلاد لا يمكن أن تستمر إلى الأبد في دفع فواتير قوم ظلموا أنفسهم.
٭ كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن
د. عبدالوهاب الأفندي
القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.