العلمانية (بكسر العين) نسبة إلى التفكير العلمي، والعلمانية (بفتح العين) نسبة إلى العالم أي الدنيا وكلاهما صحيح، فهي تتبنى فصل الدين عن الدولة تحت شعار «الدين لله والوطن للجميع»، لكن هناك بعض أنصار الإسلام السياسي من ضلل الناس وأوهمهم بأن العلمانية هي إلحاد، وفسق، وزندقة. العلمانية كفلسفة نشأت كردة فعل بداية في أوربا وتحديدا في العصور الوسطى (dark Ages) أي ما قبل القرن السادس عشر الميلادي، عندما كانت ترزخ تحت عصور الظلام، حيث سادت وزادت سيطرة رجال الكنيسة الكاثولوكية على المجتمع الأوروبي، فنشروا التخلف والجهل والتفسير الخرافي للظواهر الكونية واحتكروا تفسير الكتاب المقدس وحاربوا العلماء واضطهدوا المفكرين وأقاموا محاكم التفتيش في أسبانيا لقتل المهرطقين (المنحرفين عن العقيدة المسيحية) والمسلمين، فانبرى لهم في ألمانيا مارتن لوثر (1483 – 1546) بدعوته البروستانتية الإصلاحية، وجاء جاليليو (1564- 1642) في إيطاليا بنظرياته العلمية التي تدحض دعاوى الفكر الديني، وتبعهم فولتير (1694- 1778) في فرنسا بآرائه النيرة ضد التعصب الدينى وغيرهم. فكانت جهود فلاسفة التنوير بمثابة رصاصات سددت في قلب المؤسسة الدينية الظلامية فأزاحتها - لم تنهيها - عن عرقلة النهوض والتطور والتقدم حتى شهدت أوروبا عصر النهضة فعليا وتحولت من السيوف إلى الصواريخ ومن الخيول إلى السيارات والطيران ومن العمال إلى الآلات وهذا بفضل العلمانية لا الدين. أصبحت أوروبا والغرب اليوم دولا مدنية لا دينية عصرية تحكم بواسطة الدستور البشري والديموقراطية والبرلمان الممثل للشعب يعيش فيها اليهود والمسيحيون والمسلمون بجميع فرقهم وهم ملايين وغيرهم من الديانات الأخرى، ويمارسون طقوسهم وعقائدهم في كنائسهم ومعابدهم ومساجدهم بحرية كاملة وتعايش سلمي. لم تقص العلمانية الدين عن المجتمع حتى في تركيا الأتاتوركية فقد وصل حزب العدالة والتنمية وهم من الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم بفضل الديموقراطية والدستور الكمالي فهل يسمح بذلك بدولة دينية؟ يحاول الإسلاميون اليوم بطريقة ذكية خلط الأوراق على الناس بتصوير حكم عبدالناصر وصدام والقذافي وحسني مبارك وبن علي، أن هذا ما جنيناه من العلمانية الغربية وإقصاء الدين «فخلاص الشعوب العربية اليوم يكمن قي تطبيق الإسلام» إنها راية حق يراد بها باطل. فكيف يمكن للدين أن يدمج بالسياسة ولا يفسد؟ فالدين مبادئ وقيم سماوية عظيمة ثابتة، والسياسة قواعد ومبادئ إنسانية ميكافيلية «الغاية تبرر الوسيلة» إلا إذا أراد الإسلاميون إعادة تجارب سودان جعفر النميري والبشير وإمارة الملا عمر في أفغانستان ودولة المهدي في البصرة. لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة لهم إذا جهالهم سادوا [email protected] الانباء