غاب الصادق المهدي وتوارى موكب الخيول بالحجاب، العنوان الأبرز لصلاة عيد الفطر المبارك لهذا العام وخلت شعائر المناسبة الدينية من النكهة المميزة لطائفة الأنصار بغياب الإمام واختفاء موكب الخيول الشهير . ودرج زعيم حزب الأمة وإمام الأنصار الصادق المهدي التوجه لأداء صلاة العيد بالفضاء الفسيح أمام مسجد الهجرة بود نوباوي على ظهور الخيل رفقه أنجاله وكبار معاونيه يتقدمهم حملة الرايات وضاربو الطبل والدفوف. ويحتل الموكب الذي ينطلق من مقر إقامة المهدي بحي الملازمين بوسط أم درمان مكانة متعاظمة في نفوس الأنصار بوجه خاص والذين يتقاطرون لأداء الصلاة بالميدان الفسيح، على نحو عام لكن المناسبة الحالية بدت الخيل مطهمة وتزينت لكن غاب الفارس على خلفية تداعيات توقيعه إعلان باريس مع الجبهة الثورية في أغسطس الماضي وتوالت الأحداث عاصفة باعتقال المهدي الذي ظل رهن الحبس لأيام متطاولة قبل إطلاق سراحه لاحقاً. وأم أمين عام هيئة شؤون الأنصار عبد المحمود أبو المصلين وتلا خطبة مكتوبة إنابة عن الإمام الصادق المهدي لحشد متوسط إذ قل الإقبال لغياب الصادق كما يؤكد المداومون على أداء الصلاة في المكان . عبد المحمود أبو الذي اعتلى المنبر بعد دقائق من وصوله بمعية حملة الرايات قال في مستهل كلمته إن الإمام كلفه بإمامة الصلاة وتلاوة خطبته التي بعث بها من منفاه الاختياري بالعاصمة المصرية القاهرة على المصلين. وقسم المهدي – كعادته- الخطبة إلى شطرين تناول عبرهما المشهدين الداخلي و الخارجي وتطورات الأوضاع السياسية والإنسانية وخصص الخطبة الأولى للشأن الخارجي بالتركيز على القضايا الإسلامية بطبيعة الحال فيما خصص الخطبة الثانية للشأن المحلي. داعش وأخواتها !! وسخر المهدي من الذين يعتبرون الخلافة أصلاً في الدين.واعتبر المهدي ما وصفه ب(الفهم الخاطئ للدين) بالحاضنة الدينية لداعش وأخواتها وقال إن الحركات الإسلامية المعتدلة وثورات الربيع العربي لم تستطع أن تحقق تصدياً فعّالاً للمظالم وعلى رأسها حكم الفرد وغياب المشاركة الشعبية والاقتصاد العاجز عن توفير الضروريات ولجم البطالة، والنظام الاجتماعي المميز لفئة قليلة على الأكثرية، ما أفرز – حسب قوله- فراغاً تمددت عبره حركات الغلو. وقال إنها حركات امتازت بقوة الاحتجاج حتى أنها جذبت شباباً من الدول المتقدمة. وبرر تلك الصفة بأمرين إما احتجاجا على خلل العولمة الرأسمالية أو الأجيال اللاحقة من مهاجرين مسلمين وجدوا أن المجتمعات المضيفة لم تقبلهم أنداداً. ثورات الربيع العربي.. حروب الانتحار الحضاري ..!! وأظهر المهدي امتعاضاً شديداً أزاء تداعيات الأحداث في سوريا واليمن وليبيا ومصر وقال :"إنها حروب غير مجدية ولن تحقق سوى الانتحار الحضاري الذي يغضب ربنا وتسعد أعداءنا" وأضاف إن الثورة السورية تحولت إلى حرب أهلية ذات أبعاد طائفية وتحالفات إقليمية و"الحركة التأديبية" في اليمن تحولت أيضا إلى حرب أهلية ذات أبعاد طائفية وتحالفات إقليمية. والثورة الليبية تحولت إلى استقطابات ومساجلات مسلحة قبلية والمساجلات في مصر بين المطالبين بعودة مرسي واجتثاث الأخوان تنذر بتصعيد دموي بروافد داخلية وخارجية. ونصح أولئك الفرقاء قائلاً:" ياقومنا أوقفوا هذه المساجلات الدموية فوراً وافسحوا لنا نحن دعاة الوسطية الإحيائية المجللة ببركة الوحي وبوعي حكمائنا أن نعمل لإيجاد مخارج توفيقية عادلة". وطن انقسم على نفسه..!! المهدي شن هجوماً ضارياً على الإنقاذ مستشهداً بقول العز بن عبد السلام: أي عمل يحقق عكس مقاصده باطل. وقال إن انقلاب 30 يونيو أعلن أنه جاء لينقذ الوطن لكن بفعله أجهز عليه. وأضاف:" نحن في وطن انقسم على نفسه، يعاني ويلات الحروب الأهلية وتدهور اقتصادي وعسر معيشي وعطالة بلغت 20% وجنَّت الأسعار جنوناً. وفي نبرة تصالحية دعا المهدي النظام باسم من أسماهم بالقوى التي تآمرتم عليها والقوى التي بطشتم بها إلى مخرج كسبي عادل فالرجوع إلى الحق فضيلة والوعد الحق :" من يتق الله يجعل له مخرجاً". وحث المهدي الجميع لمغادرة محطتهم الحزبية والمصالح الذاتية واعتماد البوصلة الوطنية للوصول إلى بر الأمان. وأضاف " بعض الناس يرون ذلك بعيداً ونراه قريباً". وأنهى خطبته المكتوبة بالقول :"تفاءلوا خيراً تجدوه".!! قطعاً خيل المهدي لم تكن كحال خيل أبو الطيب المتنبئ في شعب بوان حين أفصح قائلاً: (طَبَتْ فُرْسَانَنَا وَالخَيلَ حتى خَشِيتُ وَإنْ كَرُمنَ من الحِرَانِ).. لكنها قد تحرن لغياب فارسها سيما وأن مآلات السؤال لازالت تعذب الكثيرين بالشك والحيرة وربما الظنون.. لماذا تركت الحصان وحيداً؟! التيار