ارتفعت أصوات طلاب وطالبات جامعة الخرطوم مجمع شمبات وهم يرددون بصوت واحد (وفقة قوية ضد السرقوا الداخلية) و(لا تعليم في وضع اليم) وفي هذه اللحظات يدخل اعتصامهم عن مزاولة النشاط الأكاديمي اليوم الخامس احتجاجا على الأوضاع المتردية بالداخليات مما أجبرهم لحزم حقائبهم واتخاذ الحرم الجامعي بديلاً سكنيناً. وفي ظل اقتراب الامتحانات تصاعدت الأزمة بين الطلاب والصندوق القومي فإصرارهم على عدم مزاولة النشاط الأكاديمي لم يجبر الصندوق على الوفاء بوعوده التي قطعها للمدير ومن قبله الطلاب بتحسين الوضع وجعله ملائماً للسكن الجريدة قامت بجولة داخل المجمع وجلست مع عدد من الطلاب لمعرفة جذور المشكلة حيث تحدث لنا الطالب بكلية الطب البيطري خبيب شارحاً تفاصيل ما حدث منذ بداية قال: منذ بداية العام الدراسي ساءت الأوضاع بالداخلية بدءاً بالصرف الصحي حتى وصلنا مرحلة انعدام المياه والكهرباء فتم تكوين لجنة من قبل الطلاب لمخاطبة الصندوق.. عكست اللجنة القضية للصندوق الذي تجاوب معها وأصدر تصاديق لم تنزل لأرض الواقع فتحركت اللجنة وخاطبت رئيس مجمع الداخليات، وبعدها توجهت لعمادة شؤون الطلاب واجتمعت بها وقامت العمادة بدورها بمخاطبة الصندوق كما خاطبت اللجنة عمداء الكليات الذين قاموا بزيارة ميدانية للداخلية وأصدروا تقريراً مفصلاً عن الأوضاع السيئة قاموا برفعه لمدير الجامعة الذي خاطب المدير بدوره الصندوق الذي وعد بحل جميع المشاكل خلال عطلة رمضان. الصندوق يرد قام الصندوق برفع الخدمات عن الداخلية قبل أسبوع من شهر رمضان ووزع بيان للطلاب بإخلاء الداخليات بغرض الصيانة وقام بقطع الإمداد المائي والكهربائي طيلة شهر رمضان علماً بأن عدداً كبيراً من الطلاب من مناطق بعيدة ولا يستطيعون السفر لمناطقهم وكانوا متواجدين بالداخلية نسبة لعدم وجود بدائل.. ومضى خبيب في حديثه ل(الجريدة) أنه بعد استئناف الدراسة بعد عطلة العيد ازدادت الأوضاع سوءاً خاصة بعد أن تنصل الصندوق من مسؤوليته مما أجبر الطلاب لحزم أغراضهم والرحيل للحرم الجامعي وجعله بيئة سكنية والدخول في اعتصام مفتوح وتناول زمام الحديث زميله مجاهد الذي لخص معاناتهم في ثلاث نقاط وهي عدم استحمام الطلاب لمدة ثلاثة أيام إضافة الى سباحة الضفادع باحواض المياه والغياب التام لعمال الكافتيريا وانعدام الطعام بالداخلية . ومن داخل كلية الإنتاج الحيواني تحدثنا للطالب عبدالحفيظ الإمام الذي تحدث عن أهم النقاط وأكثرها خطورة فقال: إن أكثر ما يؤرق الطلاب هو تفشي عدد كبير من الأمراض داخل الوسط مثل جرثومة المعدة والتهاب المسالك البولية وأملاح البول والكلى إضافة الى النزلات والأزمة التي يسببها انتشار الحشائش وقطوعات الكهرباء وأضاف حفيظ أي جميع الأمراض التي يسببها التردي البيئي وفي ظل هذه الظروف الصعبة عزف الطلاب عن الدراسة باعتصام كامل طلاب مجمع شمبات في كلياته الأربع (إنتاج حيواني، طب بيطري، الزراعة والغابات) وأكدوا للإدارة مقاطعتهم التامة لأي نشاط أكاديمي بما فيه الامتحانات الى حين تأهيل الداخليات بحيث تصبح داخليات تليق بسكن الطلاب.. وكشف أن الصندوق امتنع عن توفير الترحيل لطلاب كلية الإنتاج الحيواني علماً بأن الكلية تم ترحيلها من داخل مجمع شمبات الى شمال السوق المركزي بحري ولا يوجد خط مواصلات بالقرب من الداخلية الى الجامعة وهذه الأزمة استمرت منذ أربعة أشهر الى يومنا هذا. ومن كلية الزراعة قال الطيب عبدالله الطيب إن بيئة السكن الداخلي سيئة ولا تليق حتى بسكن الحيوانات وأنا كطالب أعيش على مخلفاتي ومخلفات بقية الطلاب لأن طفح الصرف الصحي والحمامات وصل لداخل الغرف وهذا الطفح يساعد في انتشار الأمراض وكذلك انعدام المياه للشرب والاستخدام الآدمي كل هذه المشاكل أدت الى فقدنا الرغبة في الغرض الذي أتينا من أجله وهو النشاط الأكاديمي ووصلت المعاناة حدها باستفزاز الأساتذة لنا حيث قال عميد كلية الزراعة خلال زيارته للداخلية (أنا لو عندي ولد مستحيل يعيش ساعة هنا) كل هذا أجبرنا على النزوح للحرم الجامعي والعيش به. ومن هناك انتقلنا للطرف الآخر لنتحدث مع طالبات مجمع شمبات جامعة الخرطوم وفي داخل داخلية خديجة وجدنا مناظر تسبب التقزز والقرف تحدثت لنا الطالبات زينب وسارة وآمنة وانتصار وإسراء وتيسير عن الأوضاع وأوضحن، مشاكلنا بدأت قبل فترة طويلة ففي فترة التسجيل تعرضت الطالبات اللائي لم يقمن بالتسجيل للمضايقات ووصل الأمر بإدراة الحرس بحبس بعض الطالبات بالاستقبال، كما أن هناك اتصالات يقوم بها الصندوق لأهالي الطالبات ويخبرهم بأحداث غير صحيحة، إضافة الى أن طالبات السنة الأولى بعد التسجيل يعشن مشردات داخل الداخلية فإدارة الصندوق لا تقوم بتوزيع أو تخصيص أماكن لهن.. ومضين في حديثهن أنه قبل رمضان تم تقليص وقت الدخول للداخلية من العاشرة مساءً للتاسعة دون إبداء أسباب واضحة (وهذا اختراق لدستور جامعة الخرطوم الذي ينص بعدم تعديل أية مادة في دستور الجامعة في ظل عدم وجود اتحاد) علماً بأنه لا توجد أماكن مخصصة للقراءة بالداخلية فالغرفة مزدحمة والإنارة منخفضة وضعيفة جداً.. وواصلن إن الصندوق قرر إخلاء الداخلية قبل انتهاء فترة الدراسة وقام بترحيل الطالبات قسراً لداخلية (عاطف التجاني) وهي بعيدة عن الجامعة وتحتاج لمواصلتين، والأوضاع هناك أكثر رداءة، فقد توفيت إحدى العاملات بصقعة كهربائية أثناء محاولتها الشرب من مبرد المياه وهو موصل بسلك مكشوف.. وأضفن عند عودتنا من عطلة العيد وجدنا ثلاثة صوالين من سكن الطالبات تم هدمها مما اضطر الطالبات للسكن داخل الجامع. وقبل يوم من الاعتصام ذهبنا للاستقبال للتحدث مع أحد موظفي الصندوق عن عدم وجود مياه لأبسط حاجاتنا وهي الشرب والوضوء علماً بأنه لا يوجد إشراف بالداخلية نقوم بتقديم شكوانا لديه وفي البوابة تفاجأنا بوجود عربات الشرطة التي بدأت بإطلاق الغاز المسيل للدموع وبدأت بالاشتباك معنا مما تسبب بإصابة 13 طالبة وتم نقلهن للمستشفى إضافة الى وجود إصابات طفيفة كالكدمات والخدوش بين الطالبات. ومضين في حديثهن أنه خلال هذه الفترة لا توجد كافيتريا بالداخلية ولا تيار كهربائي ولتقليل أزمة المياه قام الصندوق بإرسال تانكر مياه لداخلية بها أكثر من ألف طالبة وهي غبر صالحة للشرب وملوثة.. إضافة الى أن الداخلية مقطوعة عن العالم ولا يوجد بها إسعاف أو عربة خاصة وفي حالة تعرض إحدى الطالبات لوعكة يتأزم الوضع وتسوء حالتها حتى نتمكن من إيصالها للمستشفى وفي ظل هذه الأوضاع يطلب منا أن نقرأ.. وعن مشكلة الصرف الصحي قالت الطالبات إن عامل الصرف أخبرهن أن مواسير الصرف الصحي لها أكثر من ثلاثين عاماً وهي غير صالحة للاستخدام، كما رجح اختلاطها بمواسير الشرب واضفن حتى لو لم تخطلت فهي في أمام أعيننا مخلوطة فالوصول لمبرد الماء يحتاج خوض مياه الصرف الصحي الطافحة. وأثناء وجودنا قام طلاب مجمع شمبات بإقامة مخاطبة تحدث فيها بعض الطلاب لتنوير البقية عن الخطوات التي قامت بها اللجنة المفوضة وواضحوا أن اجتماعهم مع عمادة شؤون الطلاب أسفر عن وعود بحل الأزمة بنهاية الأسبوع وأكدوا استمرارهم بالاعتصام حتى تحقق مطالبهم. الجريدة