ممنوع الإقتراب والتصوير.. هكذا حال داخليات الطالبات المنتشرة بالعاصمة والمسماة «المدن الجامعية السكنية» .. الدخول والخروج منها وإليها عبر إجراءات مشددة وضوابط صارمة بالنسبة لساكناتها الطالبات فما بالكم بالغرباء؟!.. ماذا يدور خلف تلك الأسوار المغلقة؟ هل هناك معاناة لساكناتها أم «كلو تمام»؟.. وكيف يبدو الوضع بالداخليات الخاصة للطالبات؟ من خلال هذه الحلقة الثانية نواصل زيارتنا الخاصة «جداً» لبعض داخليات الطالبات الحكومية والخاصة بولاية الخرطوم. --- أوضاع متردية مجموعة طالبات يشكين من المعاناة داخل بعض الداخليات جلست اليهن وبدأ لي في وجوههن حالة من اليأس من تلك الداخلية التي اجبرتهن الظروف للعيش بها حيث بدأن يسردن ما يحصل معهن ووصفن بدقة ملحوظة اوضاع الداخليات الحكومية وبالاخص تلك التي ينتمين اليها: يومنا يبدأ من صلاة الصباح حيث تأتي المشرفة لايقاظنا للصلاة حيث نقيم نحن في الطابق الثالث ونضطر إلى النزول للدور الارضي كي نتوضأ وذلك لعدم وجود الماء في الطابق الذي نسكن فيه، وليس هناك مسجد بالداخلية لذلك نصلي داخل الغرف التي لا يجوز الصلاة بها وذلك لانها عبارة عن برك لمياه الصرف الصحي، فالمياه تأتي متساقطة علينا من السقف وهذا لوجود مشكلة في الصرف الصحي والحمامات وبعدها نتجه للوقوف في طوابير الحمام حيث يوجد حمامان فقط بكل الداخلية التي بها «4» طوابق وفي كل طابق «42» غرفة وبكل غرفة «8» طالبات والمفترض ان تكون «6» طالبات فقط، فالحمامات نوعان واحد كبير وهو بغرض الاستحمام والوضوء وايضاً نشرب من مياه حنفياته اذ لا يوجد مشرب آخر غيره، والآخر عبارة عن مراحيض، فلكم ان تتصوروا حالتنا في الصباح ونحن نقف طوابير لاستخدام الحمام وكثيراً ما نتأخر عن جامعاتنا بسبب هذه الاشكالية، اما الغرف فملوثة بمياه الصرف الصحي والدواليب مخلعة الابواب والكهرباء لا توجد سوى لمبة الانارة فقط في الليل، سألتهم عن نوعية الوجبات فضحكن باستنكاراً وهزواً وقلن بصوت واحد نحن لا نأكل في الداخلية اطلاقاً فهي محاطة بمياه الصرف الصحي من كل جانب بل ساحة الداخلية مغمورة بالمياه الآسنة ولا يوجد مكان للجلوس وحتى اذا وجدت مكاناً فكيف لنا ان نأكل وسط هذا التلوث والرائحة والذباب والباعوض، فبسبب ذلك التلوث اصيبت اكثر من «04» طالبة بحالات التايفويد، لكن احيانا نضطر لشراء ذلك الاكل الملوث، اما في الليل فنعاني معاناة شديدة من الباعوض والحشرات وايضاً الغرف مزدحمة ولا يوجد مكان يصلح للقراءة فنحن «8» نقيم في غرفة واحدة، وهناك من تريد أن تدردش وتتونس وايضاً من ترغب في النوم، لذلك نحن منذ بداية العام الدراسي وحتى الآن لم نفتح كتاباً واحداً داخل الداخلية لذلك نقوم بقضاء كل يومنا في الجامعة، فالتي تريد أن تذاكر عليها أن تتجه الى مكتبة الجامعة، فبالداخلية يصبح الامر مستحيلاً لهذا نأتي الى الداخلية عند الساعة السابعة او الثامنة لان ابواب الداخلية تغلق عند الساعة التاسعة. سلوك المشرفات تركنا الحديث عن اوضاع الداخلية والبيئة المتردية داخلها واتجهنا للتحدث عن المشرفات والاشراف الذي كما قلن لي «م. س. ع. ك» حدث ولا حرج «شتم ونبذ عادي» ولا يوجد اي نوع من التعامل حتى في حالة وجود مريضة فلا تهتم أي من المشرفات بأمرها ولا يتم اسعافها مع ان قانون الداخلية في الاستقبال يؤكد على عدم خروج اية طالبة اثناء الليل دون مرافقة المشرفة لذلك يتم تحويل المريضة إلى الوحدة العلاجية. قصة أخرى وعند سؤالي عن الوحدة العلاجية اجبن انها لوحدها قصة أخرى فعند مرض اية طالبة فالافضل لها ان تبقى بمرضها ولا تذهب للعلاج بالوحدة فهي مليئة ايضا بمياه الصرف الصحي وملوثة وتعتبر مستنقعاً للامراض وليس مكاناً صحياً للشفاء حيث لا يوجد بها أي من اساسيات او متطلبات الصحة، فالممرضة تقوم بقياس الضغط للطالبة واعطائها الروشتة لشراء الدواء من الخارج فليس هناك سوى البندول داخل صيدلية الوحدة العلاجية، ومع كل هذا يمنع حتى ابداء الرأي في اية مسألة وايضا ممنوع ممارسة أي نوع من أنواع السياسة وعدم الانتماء لاي حزب سياسي ويمنع التظاهر والمناقشات فقبل فترة وجيزة تم فصل «51» طالبة بسبب مظاهرة سلمية احتجاجاً على تلوث الطعام الذي أدى إلى تسمم طالبة، والغريب في هذا انه يوجد بالداخلية صندوق يسمى صندوق الاقتراحات إبداء الرأي واضافة المقترحات ولكن لا يتم سماع أي رأي ويتم حرق كل الآراء وعدم تنفيذ أي مقترح منها، وغير هذا يوجد بالداخلية كثير من الرجال يتجولون داخل الساحة والغرف بحجة انهم عمال لاصلاح عطل ماء سواء في الكهرباء او غيره ولكن لم نر أي عطل تم اصلاحه وايضا موظف الاستقبال يقوم بمعاكستنا والتعليق في ادق تفاصيل ملابسنا وجسدنا وعندما سألتهن الم تقمن بتقديم شكوى لمدير الاسكان بالداخلية اكدن لي أن مدير الاسكان وعدهن ومنذ بداية السنة ان يقوم بمعالجة الاوضاع داخل الداخلية ولكن هي وعود سرابية التنفيذ، فنحن نتساءل: أين يذهب مبلغ ال «571» الذي تدفعه كل طالبة وهو عبارة عن رسوم سكن وتأمين؟ وختمن حديثهن بعبارة واحدة «أنقذونا يا صحيفة الرأي العام». الداخليات الخاصة التعايش في الداخليات امر مذاقه حلو ومر لذلك لابد للفتاة ان تكون حريصة على نفسها وسلوكها واحترامها وان تسير في طريق النجاح الاكاديمي الذي تركت من اجله الاهل والاقارب واختارت حيطان الداخلية كي تكون لها بجانب كتبها ودفاترها أهلاً واصدقاء ولابد لها ان تركز جيداً في اختيار الطريق الذي ستسلكه كي لا تسقط في حفرة الضياع والفساد وان تحافظ على الثقة التي ألبسها لها اهلها قلادة على رقبتها، وبما اننا نتحدث عن الداخليات الخاصة في هذا الجانب التقينا ب «ل» التي قالت كنت اعيش في داخلية خاصة وما جعلني اهرب منها هو ما يدور بداخلها من سلوك وظواهر سالبة حيث يمكن للفتاة ان تخرج وتدخل متى تشاء وان ترتدي اي نوع من الملابس الضيقة والشاذة وقالت «ل» ان هناك فتيات يأتين الى الداخلية الخاصة في الساعة الثالثة صباحاً وتقلهم عربات مظللة وهذا غير السرقات بالداخلية فاذا لم تحكمي القفل جيداً على ممتلكاتك يمكنها أن تضيع من بين يديك فليس هناك رقيب وهذا ما جعلني افر الى الداخلية الحكومية فهي اقل خطراً من الخاصة، ويوجد بها مستوى من الاشراف في كل الجوانب حتى اللبس لابد للفتاة ان تخرج من ابواب الداخلية وهي مرتدية ملابس فضفافة ومتحجبة فدون ذلك لا يسمح لها بالخروج او الدخول الى الداخلية. الاتجاه المعاكس «ش» فتاة اتت لعالم ليس يشبهها، وجواً لم تعتد عليه ولم تره من قبل حملت حقائبها فرحة بدخولها الجامعة ونزلت من القطار الى تلك الداخلية للبنات فلم تدر ان هذه الداخلية والجامعة والجو الخرطومي يمكنه ان يغير ما تعودت وحافظت عليه كل سنوات عمرها، كانت ايامها الاولى بريئة منطوية وحدها لا تذهب الى أي مكان سوى جامعتها ورجوعها الى الداخلية حتى تعرفت على «ه» التي كان خاطرها يروج لفكرة كما اسمتها ذهبية يمكنها من ورائها كسب بعض النقود، فهي تصرف على نفسها من إدخال ضحاياها الى عالمها الفسادي التي كانت مشهورة به وبدأت «ه» في إغراء «ش» كي تتجه معها وتدخل إلى عالم الفساد وكانت «ش» ترفض تماما أية فكرة تعرض عليها في هذه المواضيع ولكن كان هناك سبب يمثل هاجساً بالنسبة لها وهو أن ظروف والديها لا تسمح لها بالعيش في الجو الخرطومي والتعايش مع طالبات العاصمة التي كانت تزاملهن فكان هذا السبب هو الذي جعلها تقبل بالاتجاه المعاكس وبافكار «ه» حتى تستطيع ان تعيش وتصرف على نفسها كما يحلو لها وان ترتقي بمستوى زميلاتها الخرطوميات، فدخلت وتاهت في طريق الضياع. المحررة: اتضح أن من يقمن بالداخليات خاصة أو حكومية، تجبرهن فعلاً الظروف للعيش بداخل تلك الاسوار فالاوضاع بالداخل لا يمكن وصفها بالأجواء المناسبة لتخريج جيل اكاديمي ناجح فمهما كانت درجة التحفظات والرقابة تبدو ملامح الفشل ظاهرة، فاذا تم الحفاظ والاهتمام بالجانب الاكاديمي برز جانب الاهمال بالسلوك والبيئة وبصحة ونظافة الداخليات، فلا يمكن السيطرة على زمام الامور. لذلك لابد من المسئولين تسليط الضوء ولفت كاميرات المراقبة والاهتمام الى داخل تلك الاسوار المهملة.