سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تعقد العلاقات الأميركية الباكستانية إثر قتل بن لادن..المخابرات الباكستانية تعلن مشاركتها بالمعلومات في القضاء على زعيم «القاعدة».. مسؤول عسكري باكستاني : بن لادن كان يعيش على بعد 100 متر من أكبر أكاديمية عسكرية
تشهد العلاقات الأميركية - الباكستانية تعقيدا جديدا مع قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن على الأراضي الباكستانية. وفي حين شدد الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه للإعلان عن مقتل بن لادن على أن باكستان عملت مع الولاياتالمتحدة في مكافحة الإرهاب مما أدى إلى العثور على بن لادن، فإن الصحف الأميركية انشغلت بتوجيه التهم لباكستان لوجود بن لادن فيها. وشددت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على أن باكستان «شريكة» للولايات المتحدة، إلا أن واشنطن لم تبلغ السلطات الباكستانية عن عملية اقتحام مجمع بن لادن إلا بعد الانتهاء منها وخروج القوات الخاصة الأميركية من الأراضي الباكستانية. وهناك تساؤلات عن انتهاك السيادة الباكستانية، إلا أن الحكومة الباكستانية لم تهتم بهذا الأمر في تصريحاتها العلنية؛ إذ انهمكت في الدفاع عن سجلها في مكافحة الإرهاب. وبدأت الحكومة الباكستانية حملة إعلامية في العاصمة الأميركية أمس، لمواجهة سيل الانتقادات الموجهة لها بسبب العثور على بن لادن فيها. وبدأت الحملة بمقال رأي للرئيس الباكستاني آصف علي زرداري في صحيفة «واشنطن بوست»، عنوانه: «باكستان قامت بدورها»، في إشارة إلى الدور الباكستاني في مكافحة الإرهاب. وقال زرداري في مقاله إن بن لادن «لم يكن حيث كنا نتوقع»؛ إذ كانت التوقعات تركز على أنه في المناطق الوعرة على الحدود الباكستانية - الأفغانية، وعثر عليه في مجمع محصن في منطقة سكنية راقية من مدينة أبوت آباد. وأضاف زرداري أن حكومته تشعر بالاكتفاء من «إسكات أكبر شر في القرن الجديد»، في إشارة إلى عدم دعم باكستان لابن لادن أو السماح له بالبقاء في البلاد. ولكن هناك أصوات أميركية مشككة في ذلك، خاصة بين أوساط اليمين المتشدد، التي تطالب بلهجة شديدة ضد إسلام آباد. وحتى مستشار الرئيس الأميركي الخاص للأمن القومي ومكافحة الإرهاب جون برينان قال: «نحن نبحث كيف كان بإمكانه البقاء هناك لفترة طويلة، وإذا ما كانت هناك آلية دعم له في باكستان سمحت له بالبقاء هناك». واهتمت وسائل الإعلام الأميركي بمقال زرداري، الذي ذكرته كل من قنوات «سي إن إن» الإخبارية وصحيفة «بوليتيكو» السياسية الإلكترونية وغيرها من وسائل إعلامية طرحت أسئلة حول الدور الباكستاني في مكافحة الإرهاب والتطرف.. وهذه من بين مهام المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستانوباكستان مارك غروسمان الذي يزور إسلام آباد والذي التقى بكبار المسؤولين الباكستانيين أمس، بمن فيهم زرداري، لتوثيق علاقات مكافحة الإرهاب بين البلدين. وكان غروسمان قد قرر زيارة إسلام آباد قبل الإعلان عن مقتل بن لادن لمعالجة العلاقات المتوترة أصلا بسبب اتهام رئيس هيئة الأركان المشتركة الأدميرال مايك مولين للاستخبارات الباكستانية «إي إس إي» بأنها لا تقوم بدور كاف لمكافحة التطرف وتنظيم القاعدة. من جهة أخرى، امتنع البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية عن تزويد «الشرق الأوسط» بأية معلومات خلال اليومين الماضيين عن طريقة إبلاغ حلفاء الولاياتالمتحدة من الدول العربية والمسلمة بمقتل بن لادن. وفي حين أكد أوباما أنه أبلغ زرداري هاتفيا بعد مقتل بن لادن، من غير الواضح إذا ما كان اتصل بالرئيس الأفغاني حميد كرزاي. وأعلن البيت الأبيض مساء أول من أمس أن أوباما «تحدث إلى عدد من قادة العالم الذين عبروا عن تهنئتهم بالعملية الأميركية الناجحة لقتل بن لادن». والقادة الذين أعلن عنهم هم: رئيس المكسيك فيليب كالديرون، ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس التشيلي سيبيستيان بينيرا، والرئيس الكولومبي خوان سانتوس، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. المخابرات الباكستانية تعلن مشاركتها بالمعلومات في القضاء على زعيم «القاعدة» مسؤول عسكري باكستاني ل«الشرق الأوسط»: بن لادن كان يعيش على بعد 100 متر من أكبر أكاديمية عسكرية زعمت وكالة الاستخبارات الباكستانية أن الولاياتالمتحدة تمكنت من تحديد موقع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في المجمع السكني في أبوت آباد بناء على معلومات سرية قدمتها الوكالة لنظيرتها الأميركية. وكانت الاستخبارات الباكستانية قد خرجت عن صمتها في أعقاب الانتقادات اللاذعة التي تعرضت لها سواء من الداخل أو من حلفائها في الخارج والدول غير الصديقة بسبب أسوأ فشل استخباراتي في تاريخ البلاد، ليزعموا أنهم زودوا الولاياتالمتحدة بمعلومات حيوية تمخضت عنها العملية التي قتل خلالها أسامة بن لادن. وزعم البيان الحكومي الذي أصدره وزير الخارجية مساء أمس: «أشارت المعلومات الاستخبارية إلى أن بعض الأجانب في المنطقة المحيطة بأبوت آباد كانوا موجودين حتى منتصف أبريل (نيسان)»، مشيرا إلى «أن وكالة الاستخبارات الأميركية استفادت من المعلومات الاستخبارية التي زودناهم بها في التعرف والبحث على بن لادن، وهي الحقيقة التي اعترف بها الرئيس الأميركي ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون في تصريحاتهما». وأعلنت الحكومة الباكستانية أنها ستجري تحقيقا فيما اعتبرته فشلا واضحا لوكالاتها الاستخباراتية في تحديد مكان أسامة بن لادن أكثر الإرهابيين المطلوبين للولايات المتحدة، الذي كان يختبئ في أبوت آباد المدينةالباكستانية الواقعة شمال غربي البلاد حيث قتلته قوات أميركية خاصة. وقال مسؤول عسكري بارز ل«الشرق الأوسط»: «كان ذلك فشلا استخباراتيا واضحا»، يقع المجمع السكني الذي كان يقيم فيه بن لادن على بعد مائة متر من أكاديمية كاكول أكبر أكاديمية عسكرية في البلاد، مقر تدريب ضباط الجيش الباكستاني، وحيث زعم الجنرال أشفق بيرويز كياني، قائد الجيش الباكستاني، قبل أسبوعين أنه قضى على شوكة المجاهدين. وكان مسؤولون أميركيون وأعضاء نافذون في مجلس الشيوخ قد زعموا أن الجيش والاستخبارات الباكستانية كانوا يعلمون بمكان بن لادن وأنه كان يختبئ في تل أبوت آباد منذ أغسطس (آب) الماضي. بيد أن مسؤولا بارزا بالحكومة الباكستانية قال ل«الشرق الأوسط» إن مثل هذه المزاعم تؤكد ضرورة إجراء تحقيق حول فشل وكالات الاستخبارات الباكستانية في تحديد مخبأ بن لادن. ويشير محللون أمنيون باكستانيون إلى أن الفشل يقع على عاتق أجهزة الاستخبارات والحكومة الباكستانية، فيقول كرمان خان، المحلل السياسي البارز والمعلق الشهير في القنوات التلفزيونية الخاصة: «إذا ما أمعنت النظر في تصريح وزير الخارجية الباكستاني سيتبين لك أن الحكومة أرادت القول إنها لم تكن تملك أي دليل على مكان وجود بن لادن، والثاني أنها لم تكن تملك أي معلومات بشأن العملية العسكرية في أبوت آباد». ولذا فمن خلال ما ذكره كرمان خان فقد فشلت الحكومة والاستخبارات في أمرين؛ الأول أنهما فشلا في تحديد مكان أسامة بن لادن، والثاني أنهما فشلا في اكتشاف الطائرات المروحية التابعة للقوات الخاصة الأميركية التي حلقت على ارتفاع منخفض من أفغانستان وحتى الأراضي الباكستانية. بيد أن سكان مدينة بلال، بمنطقة أبوت آباد التي يقع فيها المنزل الذي قتل فيه أسامة بن لادن تحدثوا عن قصة مختلفة تماما. فقالت إحدى السيدات من سكان أبوت آباد ل«الشرق الأوسط» إن مروحيتين كانتا تطيران على ارتفاع منخفض بدأتا في إطلاق النار على المجمع السكني في الساعة الثانية عشرة وخمس وثلاثين دقيقة من مساء يوم الأحد، وخلال خمس دقائق من بدء العملية كانت عربات وجنود الجيش الباكستاني تحيط بالمكان وقاموا بتطويق المنطقة. وتقول المحللة الدفاعية البارزة عائشة صديقي: «كما هو واضح في بيانات الخارجية الباكستانية المختلطة، لا يمكن لإسلام آباد أن تعلن صراحة عن اشتراكها في مقتل زعيم (القاعدة) خشية إثارة غضب مناصري (القاعدة) والجماعات الجهادية الموالية لها داخل البلاد. والحقيقة أن إقامة أسامة بن لادن لمدة طويلة بالقرب من العاصمة الباكستانية دون أن يكتشف أمره ستمنح الكثيرين الأسباب لتأكيد اتهاماتهم بالقول: (ألم نقل ذلك مرارا وتكرارا)». وقد أغلق الجيش الباكستاني محيط المجمع الباكستاني حيث كان يختبئ أسامة بن لادن وسلمه للشرطة المحلية، وقد ظل المجمع السكني في قبضة الشرطة لمدة 24 ساعة. وكانت عناصر الجيش الباكستاني أول من وصل إلى موقع العملية. وفي تصريح خاص ل«الشرق الأوسط» قالت مصادر مسؤولة بالحكومة الباكستانية إن الجيش والاستخبارات الباكستانية تحتجز جثامين الحراس الثلاثة لابن لادن، ويعتقد أن أحد أبناء بن لادن قتل في الهجوم وأن جثمانه محتجز لدى السلطات الباكستانية. كما يعتقد أن السيدتين (ربما تكونان زوجتي بن لادن) وفتاة صغيرة (ربما تكون ابنته) قد أصبن إصابات طفيفة خلال العملية وهن محتجزات لدى القوات الباكستانية. ويعيش سكان المنطقة حالة من الذهول فلم يكونوا يعتقدون أن الإرهابي الأخطر في العالم، أسامة بن لادن، عاش بينهم أكثر من 10 أشهر، فتقول سيدة من سكان أبوت آباد: «هذا هراء تماما ودعاية غربية، فأبوت آباد هي المدينة الأكثر هدوءا في كل مدن باكستان».