ساهم انتعاش السياحة الداخلية في تونس في إنقاذ العشرات من الفنادق من الإفلاس، وخفف من حدة الأزمة التي يشهدها القطاع السياحي بعد تراجع نسبة السياح الأجانب بأكثر من 50 بالمئة بسبب هجمات الجماعات الجهادية التي وجهت ضربة قاسية للسياحة التونسية. العرب تونس - أظهرت بيانات إحصائية أن نسبة إقبال التونسيين على الفنادق خلال الصيف الحالي، ارتفعت إلى نحو 80 بالمئة في عدد من المناطق السياحية، بعد أن كانت لا تشكل سوى 12 بالمئة من رواد الفنادق التونسية. وقال مراقبون إن ذلك ساعد في تخفيف حدة الأزمة التي تشهدها السياحة التونسية بسبب تراجع نسبة السياح الأجانب وخاصة من بلدان السوق الأوروبية بنسبة تفوق 50 بالمئة بسبب هجمات الجماعات الجهادية. وتلقت السياحة التونسية ضربة موجعة من الهجوم الإرهابي الدموي، في شهر يونيو الماضي، والذي استهدف فندقا في مدينة سوسة السياحية وخلف 38 قتيلا و39 جريحا من السياح الأجانب أغلبهم من البريطانيين. وكثفت وزارة السياحة جهودها في أعقاب الهجوم لإنقاذ الموسم السياحي الحالي، وأقرت حزمة من الإجراءات لتشجيع التونسيين على السياحة الداخلية وفي مقدمتها تخفيضات كبيرة على الإقامة في الفنادق بنسبة 30 بالمئة. وساعدت تلك التخفيضات في زيادة إقبال التونسيين على الإقامة في الفنادق مما ساهم في إنعاش السياحة الداخلية حيث بلغ متوسط نسبة التونسيين من مجمل زبائن الفنادق نحو 60 بالمئة. ووصلت إلى 80 بالمئة في بعض المناطق السياحية بعد أن كانت لا تتجاوز نسبة 12 بالمئة خلال السنوات الماضية. وأقرت وزيرة السياحة سلمى اللومي الرقيق في وقت سابق بأن قطاع السياحة التونسية فقد أكثر من نصف زبائنه من السياح الأجانب خلال الموسم السياحي الحالي، خاصة من البلدان الأوروبية التي تمثل نسبة 80 بالمئة من أسواق السياحة التونسية. وتوقعت الوزيرة في أعقاب هجوم سوسة الدموي أن تصل خسائر تونس الاقتصادية إلى حوالي 515 مليون دولار. لكن هجوم سوسة لم يؤثر على السياحة الداخلية، حيث تصدرت مدينة سوسة السياحية التي شهدت الهجوم الدموي، قائمة المدن السياحية التي شهدت أكبر إقبال من قبل التونسيين وبنسبة تجاوزت 70 بالمئة. ولم تقتصر نسبة الإقبال الكبيرة على الإقامة في الفنادق على "السائح التونسي" بل شملت أيضا عددا من سياح البلدان الأوروبية مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا إضافة إلى السياح الجزائريين الذين توافدوا على تونس بشكل ملحوظ. وأكّدت اللومي أن نسبة امتلاء الفنادق بمحافظة المهدية السياحية تتراوح بين 75 و90 بالمئة بفضل السياحة الداخلية. سلمى اللومي الرقيق: السياحة التونسية فقدت أكثر من نصف السياح الأجانب بعد هجوم سوسة وقال رضوان بن صالح رئيس الجمعية التونسية للنزل "إن التونسيين ساهموا بدرجة كبيرة في إنقاذ العديد من الوحدات السياحية من الإغلاق". وأكد أن الفنادق "تشهد إقبالا كبيرا من قبل التونسيين خاصة في نهاية الأسبوع حيث تصل نسبة إشغال الفنادق إلى ما بين 70 و75 بالمئة". وأشار رغم ذلك إلى صعوبة الحديث عن تحقيق أرباح لأن العاملين في قطاع السياحة يسعون جاهدين إلى إبقاء النزل والفنادق مفتوحة وقادرة على الإيفاء بتعهداتها وتسديد مصاريفها. ولم تقتصر انتعاشة السياحة الداخلية على إقبال التونسيين على الإقامة في الفنادق بل شملت أيضا إقبالا كثيفا على تأجير المنازل والشقق المفروشة، خاصة في مدينتي سوسة والحمامات من قبل العائلات الجزائرية لتصل نسبة الإشغال إلى أكثر من 75 بالمئة. وأعلنت وزارة السياحة في بداية الصيف الحالي عن خطة لإنقاذ الموسم السياحي شملت "إعادة جدولة" ديون مؤسسات سياحية ومنحها قروضا استثنائية جديدة. كما أعلنت السلطات "تفعيل قرار منح التأشيرة على الحدود التونسية للمجموعات السياحية المنظمة القادمة من الصين والهند وإيران والأردن ومنح تأشيرة متعددة الدخول لفترة سنة كاملة" لرجال الأعمال والمستثمرين من تلك البلدان. وأكدت أيضا الحاجة لتطوير البنية التحتية وتحسين نوعية الاستقبال في المطارات التونسية والنهوض بالاستثمار الثنائي ومتعدد الأطراف مع البلدان الأفريقية. وتعتبر السياحة أحد أهم شرايين الاقتصاد التونسي، إذ تساهم بنسبة 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وتضخ ما بين 18 و20 بالمئة من الدخل السنوي من العملات الأجنبية، إضافة إلى أنها توفر أكثر من 400 ألف فرصة عمل. ويرى محللون أن وزارة السياحة مثقلة بتركة من المشاكل تفاقمت خلال السنوات التي قادت فيها حركة النهضة الإسلامية الحكم في البلاد وحالت دون تطوير القطاع. وأشاروا إلى أن حملة التعاطف الدولية مع تونس بعد الاعتداء الإرهابي كانتّ مهمة، لكنها سرعان ما تلاشت، بينما بدأ الوافدون على تونس يبحثون عن وجهات أخرى. وأكدت وكالات أسفار تونسية أن مئات السياح ألغوا حجوزاتهم وغيّروا وجهاتهم إلى مناطق أكثر أمنا. وامتدت شظايا العمليات الإرهابية الأخيرة، لتضرب قطاع النقل الجوي، حيث أعلنت شركة الخطوط التونسية، أن الاعتداءات الإرهابية، أثّرت سلبيا على أدائها ومداخيلها، مؤكدة أنها فقدت حتى الآن نحو ربع معاملاتها.