يعتبر الكبد من أعضاء الجسم التي تتأثر بالحمل، حيث تعتري وظائفه بعض التغييرات البسيطة، ما يجعل من الضروري أن تحتاط الحامل من خطورة انتقال الفيروسات الكبدية أثناء فترة الحمل إليها، والتي تنتقل بدورها مباشرة إلى الجنين. لذلك يحث الأطباء على أهمية القيام بعمليات مسح شامل ضد الفايروسات الكبدية للحوامل، مع تطعيم حديثي الولادة ضدها. العرب سوسن ماهر يقول د. حسني سلامة، أستاذ أمراض الكبد بجامعة القاهرة إن الحمل يؤدي إلى تغيير طفيف في أداء الكبد. ولفت إلى أنه في بعض الأحيان تحدث بعض التغيرات، كانخفاض نسبة الألبومين بشكل نسبي، وذلك بهدف زيادة السوائل بالدم. وتعد هذه الظاهرة الفسيولوجية طبيعية. وقد يرتفع معدل الفوسفاتيز القلوي، الذي عادة ما يكون مؤشرا على مرض ما في الكبد، إلا أنه في الحمل الطبيعي والكبد الطبيعي لا يعطي أي مؤشرات، لأنه يفرز بكميات كبيرة من المشيمة. وفي حال كانت الأم مصابة بفايروس كبدي، يشير سلامة، إلى أنه لا يوجد (مصل واق) ضد هذا الفايروس إلى الآن، بالإضافة إلى أن فرصة انتقاله من الأم إلى الجنين قليلة الحدوث، بل تكون معدومة إلا إذا كانت الإصابة حادة وفي الشهور الثلاثة الأولى، أو أن تكون مصابة بمرض فقدان المناعة المكتسبة. وأوضح أنه بالنسبة لفايروس بي يمكن أن تتم عملية الرضاعة بعد تطعيم الأطفال بالطعم الواقي. وأيضا لابد أن يسبق ذلك حقن الأجسام المضادة سابقة التحضير بعد الولادة مباشرة، حتى تكون الرضاعة آمنة. أما بالنسبة إلى فايروس سي فإن الرضاعة تعتبر آمنة، لأنه لا يوجد، إلى حد الآن، ما يثبت انتقال الفايروس خلال الرضاعة أو بالاتصال المباشر. وتابع: يمكن للمرضع أن تبدأ العلاج بعقار الأنترفيرون أثناء الرضاعة، خاصة مع عدم وجود ما يثبت التأثير السلبي لهذا العقار على الرضيع. ولكن بما أن الأنترفيرون ليس إلزاميا في العلاج، فإنه يفضّل إعطاؤه في فترة ما قبل الحمل، أو ما بعد فترة الرضاعة. ويحذّر سلامة من الحالات التي تكون خلالها الحامل مصابة بالالتهاب الكبدي بسبب الخلل المناعي، حيث أنه في الغالب ما تصاب المرأة بالعقم إذا كان الالتهاب نشطا، أو تكون أقل خصوبة. وإذا تمّ الحمل فإنها معرضة لمخاطر جمة. وينصح في هذه الحالة بأخذ العلاج المناسب قبل التفكير في الحمل. وإذا تمّ الحمل فيكون الاستمرار بإعطاء هذه الأدوية بجرعات مخفضة، وهي غالبا ما تكون عقاقير آمنة للجنين. وأشار إلى أنه إذا لم يتم التحكم في المرض، فلا ينصح بالحمل مطلقا، لأن الجنين يكون معرضا للولادة المبكرة أو للوفاة داخل الرحم. وأوضح أنه أثناء الحمل تزداد نسبة هرمون الأستروجين، وهو الذي يجعل خلايا الكبد غير قادرة على إفراز البيليروبين والأحماض المرارية في القنوات المرارية التي قد تضيق أيضا من تأثير هذا الهرمون، ولهذا تفرز هذه المواد مباشرة إلى الدم. وأكد سلامة أنه ليست كل السيدات لديهن هذه الخاصية، بل بعضهن يعانين من ذلك لبعض الأسباب الموروثة التي تؤدي إلى زيادة التأثير من هذا الهرمون. وهؤلاء السيدات يعانين من الأمراض نفسها إذا تناولن أقراص منع الحمل، وغالبا ما تكون هذه الأعراض غير مقلقة. وتتراوح بين الأعراض الخفيفة والمتوسطة. وجدير بالذكر أن تكوين كبد الجنين يتم في الأسبوع الثالث من الحمل، ولكنه لا يبدأ بالقيام بوظائفه حتى الأسبوع الثامن. وتظل وظائفه في النمو واحدة تلو الآخرى، حتى آخر يوم في الحمل. ولكن بعض وظائفه الأخرى مثل تعامله مع البيليوربين والأحماض المرارية لا تكتمل حتى بعد الولادة. ويبدأ بالعمل الفعلي الكامل بين (6 و12) شهرا حتى بعد الولادة. وأثناء فترة الطفولة يعمل الكبد تماما كما في البالغين. ويؤكد د. هاني عبدالرحمن، استشاري الجهاز الهضمي والكبد، أنه يجب أن تتحقق الأم الحامل من وجود كبدية يمكن أن تؤثر عليها، مثل: التليف المراري الأولي وأسبابه وراثية جينية، أو التهاب القنوات المرارية الأولي التصلبي، والالتهابات الكبدية الكحولية. وأشار إلى أن الحمل مع هذه الأمراض يشكل خطورة على الجنين وعلى الأم أيضا، بالإضافة إلى أن نحو 10 بالمئة من حالات تسمم الحمل تؤثر على الكبد، حيث تؤدي إلى تجلط الدم والنزيف الدموي داخل الكبد، ولكنه في الحالات البسيطة لا يتأثر. ويقول عبدالرحمن: يمكن أن يتم الحمل إذا كانت عملية زرع كبد لأمهات مصابات ناجحة وتحت السيطرة الطبية، حيث تعود درجة الخصوبة بعد شهور قليلة من عملية الزرع، مع العلم أن هناك حالات قليلة جدا قد حدث لهن حمل. ويوضح أن السيدة المصابة بتليف الكبد تستطيع أن تحمل. فبالرغم من أن التليف دائما يصاحبه عقم، لكن إذا تمّ الحمل واكتمل الجنين، فإن المولود سيكون سليما وطبيعيا. ولفت إلى أنه إذا كان التليف شديدا، فإن الأم تكون معرضة لحدوث نوبات فشل كبدي، ويكون الجنين معرضا لأخطار الولادة المبكرة.