بدأ نقص المعروض في دبي، من الوحدات السكنية للإيجار بأسعار في متناول اليد، يدفع الوافدين من أصحاب الدخول المتوسطة بشكل متزايد إلى الضواحي البعيدة عن أماكن العمل أو إلى إمارة الشارقة المجاورة. العرب دبي- رغم استمرار إقامة البنايات السكنية الفخمة في دبي فإن المدينة لم تعد بالنسبة لعدد متزايد من الوافدين توفر أسلوب الحياة الرغيدة، الذي أغرى الكثيرين من الأجانب على التوجه لمنطقة الخليج. وتقول شركة جيه.أل.أل للاستشارات العقارية إنه ربما كان المصرفيون العاملون في بنوك الاستثمار وكبار المديرين والشركات متعددة الجنسيات يتمتعون بمرتبات عالية تتجاوز المليون درهم سنويا (273 ألف دولار) لكن غيرهم من المهندسين والمحاسبين والموظفين يتقاضون رواتب تتراوح بين 33 و100 ألف دولار سنويا. وتضيف أن هؤلاء يمكنهم استئجار وحدات سكنية بنحو 20 ألف دولار سنويا أو شراء عقار بنحو 215 ألف دولار، وهو ما يمثل مبلغا بسيطا مقارنة بالأسعار في أحياء مثل دبي مارينا ودبي داون تاون على سبيل المثال، حيث يصل سعر الشقة المكونة من غرفتي نوم إلى أكثر من مليون دولار. وقال فيصل دوراني رئيس البحوث في شركة كلاتونز العقارية "يوجد ضغط على أصحاب الدخول المتوسطة... من المرجح أن تصبح مسائل القدرة المالية أكثر حدة". وشهد قطاع العقار في دبي بعضا من أشد التقلبات على مستوى العالم، خلال السنوات العشر الماضية إذ انتقل من فترة ازدهار إلى فترة كساد أعقبتها مرة أخرى فترة ازدهار. مات غرين: ينبغي إعطاء أولوية للمشروعات المخصصة للإيجار للحد من ارتفاع الأسعار واستقرت أسعار العقارات وإيجاراتها في السنة الأخيرة لكنها مازالت أعلى بنسبة 50 بالمئة من مستواها قبل عامين وفقا لتقديرات كلاتونز. ومن المتوقع أن ترتفع من جديد بحلول عام 2017 مع استعداد دبي لاستضافة معرض اكسبو 2020. والأحياء الوحيدة التي تتيح إسكانا في متناول اليد لكثير من ذوي الدخول المتوسطة تقع في مناطق سكنية في حالة سيئة قرب خور دبي وأجزاء على أطراف المدينة مثل المدينة العالمية ومنطقة دبي للتعهيد. ومع انتقال الوافدين الأجانب من المناطق الأقرب إلى وسط المدينة، شهدت الأحياء التي كانت إيجاراتها أرخص، أكبر زيادات في قيمة الإيجارات. وقال راندي، مدرب اللياقة الفلبيني إنه انتقل مع زوجته البريطانية ليلى إلى منطقة رمرام، على مسافة 50 كيلومترا من حي الأعمال في دبي في مايو 2013. وأضاف أنه اعتاد سابقا الإقامة في منطقة الخليج التجاري، وكانت على مسافة 10 دقائق بالسيارة من أغلب زبائنه. في البداية دفع الزوجان اللذان أنجبا ابنا عمره الآن 13 شهرا نحو 15 ألف دولار إيجارا سنويا. لكن الإيجار ارتفع بنحو 25 بالمئة، بسبب عدم خضوعه لقيود الإيجارية السارية. ولا تسري القيود على الزيادات السنوية إلا في حالة تجديد عقد الإيجار. ويجري تداول أراضي البناء مثل سلعة في دبي، مما يساهم في تضخيم الأسعار. ودفع ذلك المطورين العقاريين إلى التركيز على المشروعات الفاخرة التي تتيح هامش ربح مرتفع، بعد أن أصبح من الصعب تحقيق أرباح من المشروعات السكنية المتوسطة إذا لم تكن أسعار الأراضي مدعمة. وفي العام الحالي بدأ المطورون العمل في مشروعات جديدة يبلغ إجمالي عدد الوحدات السكنية فيها 19500 وحدة. وتقدر شركة جيه.أل.أل أن 22 بالمئة منها فقط تلبي احتياجات ذوي الدخل المتوسط. دانة سلباق: ستشتد الحاجة لسكن في متناول اليد وسيتعين على الشركات زيادة الأجور وتقدر مؤسسة "سي.بي.آر.إي" أن حوالي 70 ألف وحدة سكنية جديدة ستستكمل في دبي بحلول نهاية عام 2018 أي أكثر من مثلي العدد الذي اكتمل في 2013-2014 لكنه أقل من الذروة التي سجلها في 2007-2008 وبلغت 90 ألف وحدة سكنية. وقال مات غرين رئيس البحوث في سي.بي.آر.إي الشرق الأوسط إن "تلك الوحدات لا تستكمل بوتيرة سريعة ولهذا نشهد أثرا سلبيا كبيرا على سوق الإيجارات". وقد توقف الكثير من أصحاب الأعمال في الإمارة عن صرف بدل السكن، كما تقلصت المرتبات بصفة عامة في أعقاب الأزمة المالية 2008 لكن ربما يتعين عليهم إعادة تقييم عروضهم إذا أرادوا الاحتفاظ بنفس مستوى العمالة والمهارات. وقالت دانة سلباق مديرة البحوث في جيه.أل.أل "ستشتد الحاجة لإسكان في متناول اليد. وسيتعين على أصحاب الأعمال زيادة الأجور أو بدلات السكن لجذب العاملين والاحتفاظ بهم". وقد انتقل بعض السكان إلى الشارقة المجاورة، التي تقل أسعار عقاراتها عن نصف مثيلاتها في دبي بحسب شركة كلاتونز، وفي أواخر العام الماضي سمحت الشارقة للأجانب المقيمين في الإمارات بشراء العقارات في بعض المشروعات العقارية. لكن الشارقة تبعد نحو ساعة بالسيارة عن دبي في ساعة الذروة وليس فيها المطاعم ومراكز التسوق والحياة الليلية التي تتيحها دبي. وقال غرين إن على دبي أن تعطي الأولوية للمشروعات المخصصة للإيجار والتي يحتفظ فيها المطورون بالملكية، بهدف الحفاظ على الإيجارات في متناول اليد. والشركات الكبرى القائمة على التطوير العقاري مملوكة للإمارة. وأضاف "لكن المطورين كيانات تجارية لها مسؤوليات تجاه مساهميها لتحقيق أرباح وتقديم توزيعات نقدية". وقد أصبح امتلاك وحدة سكنية أبعد عن متناول الوافدين المقيمين، بعد أن رفعت الإمارات الحد الأدنى لمقدم الرهن العقاري خلال العامين الأخيرين إلى 25 بالمئة بهدف منع المضاربة. كما أن دبي ضاعفت رسوم تسجيل المبيعات العقارية إلى 4 بالمئة. وقال راندي "إذا أردت أن أشتري عقارا بمليون درهم فيجب أن يكون معي في البداية حوالي 300 ألف درهم. ومن أين لي بهذا المبلغ؟".