تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    مناوي : حين يستباح الوطن يصبح الصمت خيانة ويغدو الوقوف دفاعآ عن النفس موقف شرف    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ميليشيا الدعم السريع ترتكب جريمة جديدة    بعثة الرابطة تودع ابوحمد في طريقها الى السليم    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهيم الشيخ:- * لا نتطلع لوراثة أحد * لن أعود رئيساً لحزب المؤتمر السوداني.. سأغادر لفتح الطريق أمام آخرين
نشر في الراكوبة يوم 04 - 10 - 2015

هنا حي (المزاد) البحراوي.. الهدوء لا يبدو بعيداً عن صخب العاصفة.. هنا المنزل المتمدد في مساحة ثمانمائة متر، تُحسب من المتبقي من أرض المليون ميل مربع. تجمعات من النساء الفقيرات ينتظرن صاحب العربة (الأوباما)، المسمى في قواميس الحراك السياسي اليومي (إبراهيم الشيخ)، وهو يقضي آخر ثلاثة شهور، ليتحول النعت أمامه إلى (الرئيس السابق لحزب المؤتمر السوداني). يحزم الشيخ حقائب رحيله من رئاسة الحزب، فاتحاً الباب أمام آخر للاستمرار في المسيرة. لا يبدو الرجل محرجاً وهو يستبق المؤتمر العام ليعلن خليفته في الرئاسة، معلناً اسم عمر يوسف الدقير كرئيس قادم لحزب المؤتمر السوداني، ولا ينسى أن ينفي أن للأمر علاقة بالوصاية. وبحسب الشيخ فإن حزبه ليس طائفة يتم فيها التوريث، وإنما مؤسسة تقوم على أسس الديمقراطية. يواصل القادم من كردفان سباحته في رمال السياسة السودانية المتحركة.. يتجاوز الماضي القريب، وهو الخارج من الحبس عقب مخاشنة لفظية مع قوات الدعم السريع، إلى التحدث بلغة بدت جديدة؛ لغة لا يتحرج صاحبها من نعت تحالف الإجماع الوطني بالمعطوب، والذي تعلو فيه القيم الحزبية على قيم تحقيق الصالح العام، وتجعله التباينات المختلفة متمترساً في موقف رد الفعل، والعاجز عن حسم مواقفه في المواقيت الصحيحة. لكن التباينات التي أقعدت بالتحالف لا يرى فيها الرجل معطلاً لتقارب جديد بين الحزب القائم على فلسفة جدلية المركز والهامش، مع حزب غازي الخارج من ضلع (الوطني) الأعوج، بحسب توصيفه.. يعتبر الشيخ أن غازي الجديد مختلف تماماً عن ذلك الجالس في القصر، ومتطلع لواقع سوداني؛ تسوده الديمقراطية واحترام الآخر والتعددية، وأن وضع يده في يده لا غبار عليه، طالما أن الأمر برمته سيصب في صالح تحقيق تطلعات السودانيين جميعاً. يجلس الشيخ مجيباً على أسئلة (اليوم التالي)؛ مترافعاً ومدافعاً عن رؤى حزبه، ومطلقاً حمم هجومه على الشيخ الترابي؛ "الذي سبق عليه الكتاب، وفشل في استغلال فرصة أن ينجو بجلده وحزبه من أخطاء وموبقات عشرية الإنقاذ الأولى، لكنه الآن نكص على عقبيه واختار مصيره المحتوم"، دون أن يستبعد الرجل أن يكون المصير الأخير لقوى المعارضة السودانية اختيار (التسوية)، وكأنه يقول إن "التسوية ما كعبة كعبة التسوية التي لا تفضي إلى النتائج المرجوة استقراراً وسلاماً وتحقيقا لتطلعات الناس"، مطالباً بالمتشددين في صفوف المعارضة بإعطاء هذا الخيار فرصة؛ فالتسوية والانتفاضة أمران مختلفان، يسعيان لهدف واحد، معتبراً أن إقصاء الوطني من اللعبة السياسية من شأنه أن يزيد الأمور سوءاً، بدلاً من معالجتها. التسوية والهبوط الناعم ومصطلحات أخرى جعلت حزب الشيخ وكأنه ينطق بلسان الإمام، ووضعتنا أمام إبراهيم آخر، قبل أن يستدرك الرجل في نهاية الحوار ويقول إن موقفه من الإنقاذ ما زال في محطة الرفض، وإنه لن يضع يده في نار المشاركة. نضع أمامكم ما قاله الرجل قبل أن يغادر في جولة خارجية جديدة نحو باريس، وهو الممنوع من السفر..!
* التباينات بيننا و"الإصلاح الآن" لا حدود لها ولكن عوامل التقارب والاتفاق حاضرة
* "السؤال دا يتم توجيهه لغازي العتباني"!
* ما جمعنا يوماً مع "كبيرهم الذي علمهم السحر" يجعلنا نقترب الآن مع "الإصلاح الآن"
* شيخ حسن سبق عليه الكتاب.. رغم أنه وجد فرصة تاريخية لينجو بجلده لكنه نكص على عقبيه واختار مصيره المحتوم
* غازي "معول" يمكننا الاستفادة منه.. وكل من يحمل معوله لمواجهة الإنقاذ ما من مبرر لرفضه
* الخطأ الاستراتيجي للمعارضة هو عدم تعلمها من تجاربها أو الاستهداء بها
* الالتباس والتباين جزء من الضعف والتيه الذي يعاني منه "الإجماع" الآن
* التحالف موجود على أرض الواقع لكن وجوده أشبه بحالة الشلل ويمكن توصيفه بالمعطوب
* كنا نريد الجميع معنا لكن قدر المؤتمر السوداني أن يعمل وحده في الشارع ويدفع فاتورة المواجهة
* هناك قوى بعينها تحاول أن تقود الإجماع وفقاً لمواقفها الذاتية
* المجتمع الدولي لاعب أساسي في المسرح السياسي وشريك في تحقيق الاستقرار السياسي
**********************
الخرطوم – الزين عثمان
***********************
* بعد عشر سنوات على السدة؛ إبراهيم الشيخ لن يعود رئيساً للموتمر السوداني؟
- نحن على مشارف عقد المؤتمر العام للحزب في يناير من العام 2016. أنا الآن أكملت دورتين في رئاسة الحزب، أو عشر سنوات، وأضفت عليها شهوراً قلائل لظروف خاصة، وأغادر لفتح الطريق أمام آخرين من أجل مواصلة المسيرة، التي لن تتوقف، كما أن الديمقراطية وتداول المناصب تفترض هذه الخطوة. المحسوم أن إبراهيم الشيخ لن يعود رئيساً لحزب المؤتمر السوداني في المرحلة القادمة.
* لكنك تحدد من سيدير الحزب بعدك؟!
- إن كنت تشير إلى ما رشح عن ترشيح عمر يوسف الدقير لمنصب الرئيس، فالأمر يمثل حالة من الاتفاق بين الكثير من عضوية المؤتمر السوداني، فللرجل كسبه ونضالاته في صفوف المؤتمر منذ ثمانينيات القرن الماضي. هناك عدة اعتبارات على رأسها أنه نائب رئيس الحزب، مع تواضع الكثيرين على توليه القيادة وفقاً لمقدراته وتاريخه منذ كان طالباً في جامعة الخرطوم.. الأمر ليس غريباً، فدائماً هناك مؤشرات تحدد القائد القادم، ويملكها عمر الدقير.
* لكن ربما بدا المسلك أقرب لسلوك وصاية، وليس سلوكا ديمقراطيا؟
- الحقيقة أنت لا تستطيع أن تتحدث عن خليفة.. نحن لسنا طائفة سياسية تورث المناصب. أنا شرحت لك؛ "قلت ليك" هناك مؤشرات تحدد القادم، والأمر في نهايته يتم حسمه من قبل المؤتمر العام، لكن وجودنا في الحزب يجعلنا عالمين بنبض الناس وأشواقهم في المرحلة القادمة. المسألة ليست حصراً على الباشمهندس الدقير؛ كل من يأنس في نفسه الكفاءة يستطيع أن يتقدم للمنصب. لا توجد وصاية من رئيس الحزب، وإنما مؤشرات تقدم عمر على غيره.
* لكنك استبقت الجميع وحسمت المنصب لصالح الدقير!
- الأمر قد يبدو من الوهلة الأولى وصاية، لكن العالمين ببواطن الأمور داخل المؤتمر السوداني، وطبيعته وتركيبته، لا يمكنهم استيعاب مثل هذا الحديث. نحن لا نزكيه على أحد، ولا نوصي بأن يكون هو الرئيس القادم؛ وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. عضوية الحزب في نهاية الأمر هي من تحدد من يديره.
* هل ما تزال كتابات محمد جلال هاشم وأبكر آدم إسماعيل هي مانفستو الحزب؟
- كتابات هاشم وأبكر حول جدلية المركز والهامش من المرتكزات الرئيسة في فكر الحزب، والرجلان كانا من الطلائع الأولى لمؤتمر الطلاب المستقلين، وبالتالي ليس غريباً أن يكون جزء من أفكار الرجلين موجهات أساسية لفكر المؤتمر السوداني.
* هم جزء من المنظومة السياسية الآن؟
- لا.. أبكر عضو في الحركة الشعبية قطاع الشمال، ومحمد جلال هاشم لم ينتم للحزب، ولكنه ليس بعيداً عنه.
* هل سيشارك جلال في المؤتمر العام؟
- ممكن.. وارد.
* ثمة من يتحدث عن صراع أجيال داخل المنظومة سيلقي بظلاله على المؤتمر العام ونتائجه.. إلى أي مدى تبدو الفرضية صحيحة؟
- بصراحة المؤتمر السوداني أبعد الأحزاب عن صراع الأجيال. في المكتب السياسي هناك تمثيل لكل الأجيال، وداخل الهيئة السياسية والقيادية لا يوجد خلاف في تفسير الظواهر السياسية. وفي الراهن السياسي هناك انسجام تام في التصدي لكل القضايا، ولا يوجد تباين شاسع يرتقي لحد وصفه بالصراع. الحزب يحكم بالتراضي على المنهج الديمقراطي، ولا توجد مجموعة مستبدة وطاغية برأيها داخل المنظومة.
* حسناً، يتراءى وكأن الحزب القائم على جدلية (الهامش) هو محض حزب مركزي؟
- "الكلام دا ما صاح طبعاً، وأنا أوضح ليك اكتر".. أول حاجة الحزب لا يرتكز على جدلية الهامش والمركز.. نحنا في حركتنا ما مرتكزين تماماً على النقطة باعتبارها المفسر الأساسي، وأنها أس التحليل. نحنا منفتحين على كل الآراء التي تقود لنهضة البلاد. أفتكر أن القرع على صراع الهامش والمركز، وتحويل الحالة لصراع بين الهامش والمركز غير مفيد.. الحزب المطلوب الآن هو الحزب الذي يتصدى لقضايا الناس الحياتية اليومية؛ كيف توفر تعليما وصحة، وأكلا وشرابا، وكيفية تأمينهم من الخوف.. تلك هي القضية المركزية التي تم إهمالها لصالح الصراع الفكري القاتل، وهو ما زاد من معاناة المواطنين في ظل انصراف النخب لصراعاتها الخاصة.. دي ميزة المؤتمر السوداني؛ انتباهنا لوجود مركز قابض على السلطة جاء من التفاوت في توزيع الثروة والسلطة. القضية هي في كيفية إعادة توزيع الثروة والسلطة، وهي القضية المحورية.. دا الهم الآن؛ كيفية ضمانة مشاركة الجميع للقضاء على الغبن التاريخي.
* ومن المنطلق الرامي ل(إصلاح) حياة الناس يجيء المبرر لتقاربكم مع (الإصلاح الآن)!
- (الإصلاح الآن) جزء من دعاة الدولة الدينية، ونحن على النقيض تماماً من هذه الدعوة.. التباينات بيننا لا حدود لها؛ نحن ندعو لدولة تكون على مسافة من الدين، وليس ثمة قواسم مشتركة على مستوى الفكرة المركزية.. هم متفقين معانا بعد تجربتهم البائسة في 26 عاماً.. هم الآن يتفقون معنا على مستوى ضرورة التحول الديمقراطي، وعلى ضرورة إيقاف الحرب، ومحاربة الفساد.. تلك هي عوامل التقارب والاتفاق بيننا.
* لكن السؤال الآن؛ هل يستطيع (غازي) إصلاح ما أفسده إخوته؟
- السؤال دا يتم توجيهه لغازي العتباني.
* السؤال موجه لمن يقتربون منه الآن، وللمؤتمر السوداني بالتحديد!
- نحن لم نتحالف مع غازي حتى الآن، لكن نعلم أن الظروف السياسية، وبرنامج الحد الأدنى، هو ما يجمعنا الآن في العمل المعارض. أفتكر أن ما جمعنا يوماً مع شيخ حسن كبيرهم الذي علمهم السحر هو ما يجعلنا نقترب الآن مع الإصلاح الآن. نحن نتحدث عن برنامج حد أدنى؛ دولة ديمقراطية، وعن إيقاف الحرب، وتحقيق السلام، مع محاربة الإرهاب، ونفتكر أن غازي يتفق معنا على هذه الأمور.. ليس ثمة سبب يمنعنا التحالف مع غازي.. نحن لا نستنكف العمل مع غازي.. نحن لا نعمل من أجل إعادة دولة الإنقاذ، أو دولة دينية.. هو نفسه لا يريد ذلك، ويتطلع لعهد جديد.. هو ليس مطلوبا منه أن يرمم ما خربه الإخوان، وهو على قناعة راسخة بضرورة التغيير، ورافض كل التجربة القديمة، وهو الآن يقف بعيداً عن الإنقاذ، وبعيداً عن النظام.
* ولا تملون حتى من إعادة الأخطاء التي بدأت بالترابي، وتنتهي بغازي!
- ليس بالضرورة أن تلد أي تجربة ذات النتائج.. شيخ حسن سبق عليه الكتاب، رغم أنه وجد فرصة تاريخية لينجو بجلده وحزبه من أخطاء ومؤبقات عشرية الإنقاذ الأولى، لكنه الآن نكص على عقبيه واختار مصيره المحتوم، لكن ليس بالضرورة أن يعيد غازي ذات تجربة شيخه الترابي.
* وما هي الضمانات؟
- نحن لسنا بصدد البحث عن ضمانات، نحن نرى أن كل من يحمل معوله لمواجهة الإنقاذ ما من مبرر لرفضه، غازي معول يمكننا الاستفادة منه.
* لكن معاول اختلافاتكم هدمت تحالف الإجماع؟
- الخطأ الاستراتيجي للمعارضة هو عدم تعلمها من تجاربها أو الاستهداء بها؛ خذ مثلاً التعامل مع الإسلاميين، هو مصدر حيرة، وهي ذات المعارضة التي تعاطت مع شيخهم قبل عشر سنوات، يوم تعاملها مع الترابي، فما الذي يجعلها تحتار الآن؟! لا يوجد سبب للتمنع عن التعامل مع المجموعات الخارجة من رحم الإنقاذ، الالتباس والتباين دا جزء من الضعف والتيه الذي يعاني منه الإجماع الآن.
* أين تقفون من تحالف الإجماع؟ بل أين هو التحالف نفسه؟
- نفي وجود التحالف أمر غير منطقي، فالتحالف موجود على أرض الواقع، لكن وجوده أشبه بحالة الشلل، ويمكن توصيفه بالمعطوب، هناك أمور كثيرة أدت لهذه الحالة؛ منها ضعف التحالف في الاستجابة للقضايا الملحة، وتأخره في حسم المواقف، وهي أمور تعود لحدة التباينات الفكرية بين صفوفه، ولعلو الذاتي والحزبي على الموضوعي والعام.
* حالة الشلل هي التي دفعت بكم للعمل في الشارع بصفة منفردة؟
- نحن نتحرك وفقاً لما هو مكفول لنا، ولم يكن الحراك وليد موقف من التحالف، وإنما نمارس دورنا.. والحزب يتطلع للوجود مع آخرين لتحقيق ذات الهدف، لكن هذا التطلع يصطدم بمجموعة من المعوقات غير الموضوعية.
* مثل...
- لا يوجد سبب جوهري يمنع المعارضة من العمل الجماعي، وتوظيف هذا العمل لتحقيق تطلعات التغيير. كنا نريد الجميع معنا، لكن قدر المؤتمر السوداني أن يعمل وحده في الشارع ويدفع فاتورة المواجهة.
* هل لهذا الأمر علاقة بالدعوة لهيكلة مؤسسات الإجماع الوطني؟
- دعوة الهيكلة غير مطروحة الآن، عقب التطورات التي حدثت داخل التحالف؛ بصدور وإنجاز لائحة جديدة بشكل سلس.. الآن هناك لائحة تحكم الأداء، ولا توجد مشكلة ولا صراع، وإنما هناك مواقف وتباينات بين القوى المكونة للإجماع هي ما يعطل الحراك.. هناك قوى بعينها تحاول أن تقود الإجماع وفقاً لمواقفها الذاتية.
* ما هي القوي الحزبية التي تعطل عمل التحالف الآن؟
- مافي اتهام لقوى بعينها.. في تقديرات متباينة نحو قضايا بعينها؛ زي الموقف من الحوار، والموقف من القرار 539، والموقف من المؤتمر التحضيري، وكيفية التعاطي مع المجتمع الدولي، وأي الخيارات أفضل؛ الحوار السلمي أم الانتفاضة؟ وما يحدث من المجتمع الدولي؛ هل هو تدخل في الشأن الداخلي كما يتوهم البعض؟ موقفنا المعلن هو أن المجتمع الدولي لاعب أساسي في المسرح السياسي وشريك في تحقيق الاستقرار السياسي.
* لكن حزبكم جزء أساسي من هذه الحالة؟
- نحن لنا مواقف معلنة طرحناها مراراً، تقوم على فكرة أساسية، مفادها ضرورة إعادة النظر في طريقة العمل السياسي داخل التحالف، فالتحالف غرضه تحقيق الأهداف، وحين تستمر معادلة الفشل في الإنجاز، فإن منطق الأشياء يقول بضرورة التقويم والتعديل.
* ثمة من يسخر بأن حزبكم الحديث هو من يدعو لذلك؟
- واحدة من مشكلات السياسة السودانية هي حالة التقسيم على أساس كبير وصغير، وأن هذا وزنه أضعاف وزن الآخر.. تلك أمور تجاوزناها ولن نقف عندها كثيراً.. وجودنا في الشارع وفي أوساط الجماهير يمكننا من التأثير، وإن كنا دعاة تغيير حقيقي يجب أن نبدأ من البنية السياسية للحزب، وبعده بنية المعارضة، وصولا لبنية الوطن.
* البعض يتحدث عن طموحات حزبكم لوراثة اليسار، وهو ما يزج بكم في مماحكات سياسية مع قوى أخرى؟
- المؤتمر السوداني لا يتطلع لوراثة أحد.. هو كيان خرج من رحم المعاناة، واضطراب المشهد السياسي، اضطراب النخب، ومن الأزمات السياسية، واختط لنفسه طريقا ومعالم ومنهجا واضحا.. الآن هو يجتهد لاحتلال موقعه، ولا يحل في مكان أي حزب أو منظومة سياسية أخرى
اليوم التالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.