الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقاعة صكوك الإستثمار الحكومية (شهامة و ما نحوها) الحلقة الرابعة
نشر في الراكوبة يوم 14 - 05 - 2011

أوردنا في الحلقة السابقة التعريف الشرعي لصكوك الإستثمار الإسلامية وفقاً للمعيار رقم (17) الصادر عن هيئة المحاسبة و المراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية و الذي يقضي بأنها (وثائق متساوية القيمة تمثل حصصاً شائعة في ملكية أعيان أو منافع أو خدمات أو مشروع معين أو نشاط استثماري خاص، وذلك بعد تحصيل قيمة الصكوك، وقفل باب الاكتتاب، وبدء استخدامها فيما أصدرت من أجله) راجع (موقع هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية http://www.aaoifi.com/ARABIC/ اعتماد الهيئة للمعيار رقم 17). و هي بذلك تمثل مليكة أصول أو موجودات أو منافع، فلا يجوز أن تكون ديوناً، وبالتالي فهي أداة ملكية علي عكس السندات التي تعرف بأنها أداة دين علي الدولة أو علي إحدي الشركات المصدرة للسندات. و هي كما قلنا من أدوات الاستثمار التي تم تطويرها لتكون بديلا عن أدوات الدين (السندات) ليستفاد منها في تمويل الاستثمارات بصيغة تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية مع قابليتها للتداول. و علي الرغم من هذه الفروق الجوهرية في المفهوم و الآلية بين صكوك الاستثمار الإسلامية (أدوات الملكية) وبين السندات (أدوات الدين) من الناحية الشرعية إلا أن القاسم المشترك بين الإثنين هو أنهما أدوات و صيغ للتمويل بالعجز علي إعتبار أن الجهة التي تصدرها (حكومة أو قطاع خاص أو مختلط) كما أسلفنا في حلقات سابقة تكون في حالة عجز و تحتاج لسيولة لمواجهة العجز في تمويل نفقاتها الجارية أو الرأسمالية و بالتالي فإن أساس التفرقة الشرعية بين الإثنان علي إعتبار أن الأولي أداة ملكية و الأخري أداة دين يصبح، في هذه الحدود علي الأقل، غير ذي أهمية أو ضرورة طالما أن الهدف النهائي هو توفير السيولة أو تمويل العجز و طالما أن الإختلاف ليس في الغاية بل في الوسيلة التي يتم بموجبها تحقيق هذه الغاية. و لكن تكتسب هذه التفرقة الشرعية بين السندات و الصكوك الإسلامية أهمية علي إعتبار أن الأخيرة يجب أن تستند في هيكلتها و تنفيذها إلي القواعد الشرعية العامة الحاكمة للمعاملات عموما و التي يحددها فقه المعاملات الإسلامية بخمسة قواعد رئيسية نلخصها فيما يلي:
1- الأصل في العقود و التصرفات الجواز:
و تعني أن الأصل في العقود الإباحة إستصحاباً للقاعدة الشرعية أن (الأصل في الأفعال و الأقوال و الأشياء هو الإباحة) طالما كانت تهدف لتحقيق و رعاية مصالح الناس، و كل ما يحقق مصالح الناس فهو جائز لذلك فقد أجمع الفقهاء علي أنه (أينما كانت مصلحة الأمة فثمة شرع الله) و بالتالي ليس هنالك غضاضة في التعامل بعقود جديدة مستحدثة لم تكن معروفة من قبل مع ضرورة قياسها على ما سبقها من عقود و التأكد من أنها تصب في مصلحة الأمة و مع عرفها و عدم تصادمها مع أصول الشريعة، أو مخالفتها لمبادئ الإسلام. فالالتزام بالشريعة بخاصة في مجال فقه المعاملات يكون في الأهداف والغايات والمقاصد، أما الوسائل و الآليات فيمكن أن تتغير إذا كانت تخدم مصالح الناس في معاشهم و حياتهم، و في نفس الوقت ترفع الحرج عنهم بعيداً عن الباطل والحرام. فالأصل الفقهي في المعاملات هو الإباحة و الجواز، وليس الحرمة، ولا يجب أن يتم تحريم أحد المعاملات إلا إذا تبين ضررها و مخالفتها الصريحة للنص الشرعي، وكل ما تحرمه الشريعة و تقيده هو منع الضرر والظلم والاستغلال.
كما تعني أيضا أن تكون صيغة العقود التي تنشأ بين مصدر هذه الصكوك و حاملها عقود جائزة شرعا تنطلق من المبدأ الوارد في الآية الكريمة في سورة البقرة (وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) بمعني أن تتم بأحد صيغ العقود المجازة شرعا مثل عقود البيع، الرهن، الهبة، الإجارة، المضاربة، و غيرها و تبتعد عن شبهة العقود المحرمة و علي رأسها البيع الربوي.
2- الرضاء هو الأساس في صحة العقود:
و تعني أن يتوافر الرضاء و القبول بين أطراف العقد و دليل ذلك قوله الله تعالى: (يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم) و هذا المبدأ يتطابق مع المبدأ القانوني المعروف (العقد شريعة المتعاقدين) و لكن فيما هو مباح و تتحقق فيه مصلحة الناس. بجانب قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ)، وقوله أيضا (لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْءٌ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ). و بالتالي فالتراضي هو الأساس الذي يقوم عليه العقد، وأن إرادة الناس حرة تماماً في إبرام العقود دون خضوع لأي نوع من أنواع الإكراه.
3- عقود الغرر باطلة:
و الغرر في اللغة هو الخطر الذي لا يُدْرى أيكون أم لا؟ كبيع السمك في الماء والطير في الهواء. و قد قال الخطابي في ذلك (أَصْل الْغَرَر هُوَ مَا طُوِيَ عَنْك وَخَفِيَ عَلَيْك بَاطِنه)، (وَكُلّ بَيْع كَانَ الْمَقْصُود مِنْهُ مَجْهُولًا غَيْر مَعْلُوم أَوْ مَعْجُوزًا عَنْهُ غَيْر مَقْدُور عَلَيْهِ فَهُوَ غَرَر)، كما قال النووي في نفس الموضوع (وَأَمَّا النَّهْي عَنْ بَيْع الْغَرَر فَهُوَ أَصْل عَظِيم مِنْ أُصُول كِتَاب الْبُيُوع, وَيَدْخُل فِيهِ مَسَائِل كَثِيرَة غَيْر مُنْحَصِرَة كَبَيْعِ الْمَعْدُوم وَالْمَجْهُول وَنَظَائِر ذَلِكَ، وَكُلّ هَذَا بَيْعه بَاطِل لِأَنَّهُ غَرَر مِنْ غَيْر حَاجَة). و لذلك فإن عقد الغرر عقد إحتمالي ليس بمقدور أحد أطرافه تحديد أو تأكيد ما يترتب عليه مستقبلا عند لحظة إبرامه. و بمعني آخر فإن أي عقد لا تتوافر فيه المعرفة الكاملة النافية للجهالة فهو أحد عقود الغرر.
4- حرمة الربا:
و تعني عدم جواز الزيادة بدون عوض بعقد سواء كانت هذه الزيادة مقابل المدة أي إقتراض النقود في شكل قروض مباشرة من البنوك و غيرها أو في أي شكل من أشكال أدوات الدين بما في ذلك السندات إلى أجل بزيادة أو (فائدة) يتفق عليها قد تكون ثابتة أو متغيرة، أو إذا كانت الزيادة مقابل بيع المتجانسين من الأثمان أو أقوات الناس فى مجلس واحد أو مثلا بمثل مع الأجل أو بيع المختلفين بالأجل و الدليل على ذلك قول المصطفى عليه الصلاة و السلام (الذهب بالذهب، و الفضة بالفضة، و البر بالبر، و التمر بالتمر، و الملح بالملح مثلا بمثل فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد "رواه مسلم").
5- الخراج بالضمان أو (الغنم بالغرم).
و تعني أن يتحمل المرء المخاطر أو الأضرار التي تترتب علي إستثمار دخل فيه بإرادته و إستفاد من منافعه، أي أن يتحمل الفرد أو المؤسسة أو الحكومة من الواجبات والأعباء بقدر ما يأخذ أو تأخذ من الميزات والحقوق علي إعتبار أن "العائد و المخاطرة" وجهان لعملة واحدة أي أن الإستثمار أياً كان نوعه و طبيعته فهو معرض للربح و للخسارة، وإذا اتفق طرفان على استثمار ما فلا بد أن يتحمَّلا معا نتائج ذلك الاستثمار سواء كان إيجابيا أو سلبيا، فلا يمكن أن يتحمل أحدهما الخسائر لوحده، أو يستأثر بالإرباح لنفسه. و الغنم في اللغة يعني الفوز بالشيء أو الربح، ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي، و الغرم يعني الدين، أما الخراج بالضمان فيعني أن ما خرج من عين ومنفعة فهو للمشتري بحكم أنه و بشرائه لهذا الأصل قد إمتلكه و بالتالي أي تلف بعد ذلك فهو من ضمانه و لا يضمن البائع شيئا من ذلك و ذلك تحقيقا لمبدأ الغنم بالغرم.
أنواع صكوك الإستثمار الإسلامية:
و إنطلاقا من القواعد الشرعية الحاكمة المذكورة أعلاه تأخذ التفرقة الشرعية بين السندات كما قلنا معنيً و أهمية (بغض النظر عن صحتها و جدواها). و بناءا عليها يتم تقسيم صكوك الإستثمار الإسلامية إلي قسمين رئيسيين هما:
أولا: صكوك إعادة هيكلة الديون القائمة (التصكيك أو التوريق):
و تتمثل في الصكوك الإسلامية التي تنشأ لإعادة هيكلة ديون قائمة مغطاة بأصول عينية منقولة و هي تقابل في طبيعتها و أهدافها و غاياتها مفهوم التوريق أو التصكيك أو ال (Securitization) أو عملية شراء الديون، و هي بهذا الفهم تمثل التكييف الشرعي لها. ويقصد بالتصكيك عملية تحويل جزء أو مجموعة من الاصول غير السائلة علي المدي القصير أو المدرة لدخل علي المدي الطويل يمكن حسابه و تقديره و التنبؤ به (التي تمتلكها المؤسسة أو الدولة) الى أوراق مالية قائمة على الملك في هذه الاصول أو في منافعها خلال فترة معنية، وعبر التوريق يمكن للمؤسسات المالية و الحكومات توفير السيولة إلى جانب ادارة المخاطر و تغطيتها أو نقلها للجهة التي تقوم بشراء هذه الصكوك بالصورة التي تمكنها من تحقيق أهدافها بدقة و هو ما يعرف في إدارة المخاطر بال (Hedging) أو الوقاية أو الحماية. و عادة ما تلجأ لها المؤسسات و الشركات و الحكومات التي يكون لديها حسابات تحت التحصيل علي عملائها أو (ذمم مدينة) تستحق خلال فترة من الزمن (و قد تكون كلها أو بعضها حسابات مصنفة ضمن الحسابات الممتازة أو المنتظمة (A & B)و قد تكون كلها أو بعضها حسابات مصنفة ضمن الحسابات غير المنتظمة أو المتعثرة و التي عادة تقسم إلي حسابات عادية (C)، حسابات مشكوك في تحصيلها (D)، أو حسابات رديئة (E)) و تحتاج أحد تلك الجهات المذكورة لتحصيلها في الوقت الحاضر مقابل خصم متفق عليه من الجهة التي ترغب في شرائها و القيام بتحصيلها بنفسها أو عن طريق توكيل نفس الجهة بالقيام بعملية التحصيل مقابل عمولة أو أجر يتفق عليه و هي بذلك تتشابه مع مفهوم خصم الشيكات أو (Discount Bills) في النظام المصرفي التقليدي غير الإسلامي (و التي يقوم فيها الشخص بتقديم شيك أو ورقة مالية مستحقة في وقت آجل للبنك ليتم تسييلها له حاضرا مقابل خصم نسبة معينة من قيمتها لصالح البنك مثل أن يقدم شيك بقيمة 1000 دولار مستحق في عام 2012م للخصم بنسبة 10% لصالح البنك فيقوم البنك بصرف ما قيمته 900 دولار للعميل و ينتظر موعد إستحقاق الشيك ليقبض 1000 دولار محققا بذلك فائدة 100 دولار). و من أمثلة عمليات التوريق أو التصكيك التي تمت حديثا هي شراء الحكومة القطرية لمحفظة الأوراق المالية في الأسهم المحلية، و محفظة تمويل الأراضي و العقارات في البنوك و المؤسسات المالية القطرية بقيمتها السوقية بما يقدر قيمته بما يتراوح ما بين 15 إلي 16 مليار ريال قطري خلال عام 2009م دعما لها في مواجهتها لتأثيرات الأزمة المالية العالمية علي قطاعي الأسهم و الأراضي و العقارات.
و بالتالي فإن عمليات تصكيك أو توريق الأصول المختلفة التي تتمتع بها المؤسسات المالية الاسلامية تمثل أحد الادوات المالية قصيرة الاجل المهمة في إدارة المطلوبات والموجودات بصورة مثلى.
ثانيا: صكوك يتم إصدارها لأول مرة لتمويل العجز:
و تتمثل في الصكوك التي يتم إصدارها لأول مرة من قبل الحكومات لتمويل نفقاتها الرأسمالية و الجارية، و من قبل الشركات و المؤسسات لتمويل مشاريعها و تغطية نفقاتها الرأسمالية و الجارية و هي بذلك تمثل البديل الشرعي للسندات كما أسلفنا. و نظرا لأن آلية إصدارها تتم وفق صيغ التمويل الإسلامية المتعارف عليها فإنه يمكن تصنيفها إلي الآتي:
1- صكوك الإجارة:
و تمثل ملكية أعيان مؤجرة أو منافع أو خدمات، و هي تعبر عن العملية التي يقوم أحد مالكي العقارات أو الأراضي أو أي من الأصول الملموسة الأخري المؤجرة مثلا من الأفراد أو المؤسسات أو الحكومات بتقييم هذه الأصول و منافعها و تقسيمها إلي حصص متساوية و يقوم بتسويقها في اكتتاب عام أو خاص يصبح بموجبه جميع المكتتبين مالكين لحصص متساوية في هذه الأصول و في إيراداتها و يقبض هو حصيلة بيع الصكوك و الإستفادة منها في تمويل الغرض الذي من أجله قام بإصدارها. و تنقسم بدورها إلى:
1.1. صكوك ملكية الموجودات المؤجرة:
و هي وثائق متساوية القيمة يصدرها مالك عين مؤجرة أو عين موعود باستئجارها، أو يصدرها وسيط مالي ينوب عنه بغرض بيعها واستيفاء ثمنها من حصيلة الاكتتاب فيها، وتصبح العين مملوكة لحملة الصكوك.
1.2. صكوك ملكية المنافع، وتنقسم إلى:
صكوك ملكية منافع الأعيان الموجودة، وهى نوعان:
النوع الأول:
و هو عبارة عن وثائق متساوية القيمة يصدرها مالك عين موجودة، أو عن طريق وسيط مالي، بغرض إجارة منافعها واستيفاء أجرتها من حصيلة الاكتتاب فيها، وتصبح منفعة العين مملوكة لحملة الصكوك من غير ملكية الأصل المؤجر.
النوع الثاني:
وثائق متساوية القيمة يصدرها مالك منفعة عين موجودة (دون أن يكون مالكا لأصل العين) أي مستأجر بنفسه أو عن طريق وسيط مالي، بغرض إعادة إجارتها واستيفاء أجرتها من حصيلة الاكتتاب فيها، وتصبح منفعة العين أو عائدات إيجارها مملوكة لحملة الصكوك بحصص متساوية.
صكوك ملكية منافع الأعيان الموصوفة في الذمة:
هي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها بغرض إجارة أعيان موصوفة في الذمة أي أعيان غير موجودة علي أرض الواقع و إنما في شكل مخططات و مواصفات معينة متفق عليها سيتم تحققها في المستقبل. و يتم استيفاء الأجرة من حصيلة الاكتتاب فيها، وتصبح منفعة العين الموصوفة في الذمة أو عائد إيجارها بعد إنشائها و تأجيرها مملوكة لحملة الصكوك. و يعتبر هذا المنتج منتج جديد لم يمضي علي إعتماده من هيئات الرقابة الشرعية و بعض المجامع الفقهية غير بضع سنوات.
1.3. صكوك ملكية الخدمات، وهى نوعان:
صكوك ملكية الخدمات من طرف معين:
و هي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها بغرض تقديم الخدمة من طرف معين (كمنفعة العلاج من مشروع مستشفي معين، أو منفعة التعليم من جامعة معينة) واستيفاء الأجرة من حصيلة الاكتتاب فيها، وتصبح عوائد الخدمات التي تقدمها المستشفي أو الجامعة للطلاب و الممثلة في رسوم العلاج و الخدمات الطبية أو الرسوم الجامعية المختلفة مملوكة لحملة الصكوك و لهم حصص متساوية فيها دون أن يكون لهم حق ملكية في المستشفي أو الجامعة نفسها.
صكوك ملكية الخدمات من طرف موصوف في الذمة:
هي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها بغرض تقديم الخدمة من مصدر غير موجود و موصوف في الذمة (أي ذمة الجهة المروجة للمشروع) يتم تحديد مواصفاتها دون تسميتها (كمنفعة العلاج و الخدمات الطبية من مستشفي إستثماري لم يتم إنشاؤه حتي الآن و هو موجود في شكل مخططات و مواصفات متفق عليها، أو منفعة التعليم من جامعة غير موجودة و لم يتم إنشاؤها حتي الآن و هي موجودة في شكل مخططات و مواصفات متفق عليها) و استيفاء الأجرة من حصيلة الاكتتاب فيها، وتصبح إيرادات الخدمات التي ستقدمها المستشفي أو الجامعة مستقبلا مملوكة بحصص متساوية لحملة الصكوك.
2- صكوك السلم:
و هى وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لتحصيل رأس مال السلم، وتصبح السلعة محل عقد السلم مملوكة بحصص متساوية لحملة الصكوك. و يقوم مصدر هذه الصكوك بالاستفادة من حصيلة الإكتتاب (رأس مال السلم) في تمويل إنتاج أو إستيراد أو تحضير السلعة محل السلم. أي أنها تمثل ملكية شائعة في رأس مال السلم لتمويل شراء سلع يتم استلامها في المستقبل ثم تسوق على العملاء ويكون العائد على الصكوك هو الربح الناتج عن البيع. ولا يتم تداول هذه الصكوك إلا بعد أن يتحول رأس المال إلى سلع وذلك بعد استلامها وقبل بيعها، وتمثل الصكوك حينها ملكية شائعة في هذه السلع.
3- صكوك الإستصناع:
و هى وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلة الاكتتاب فيها في تصنيع سلعة معينة أو أصل معين، ويصبح المصنوع مملوكا لحملة الصكوك بحصص متساوية.
4- صكوك المرابحة:
هى وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لتمويل شراء سلعة المرابحة، وتصبح سلعة المرابحة مملوكة لحملة الصكوك. و المرابحة كصيغة إسلامية تعني بيع سلعة معلومة بسعر يغطي التكاليف زائد هامش ربح معلوم يتفق عليه بين البائع (البنك مثلاً) والمشتري. و يقتصر إصدار صكوك المرابحة فقط في حال السوق الأولى أو الإصدارات الأولية و بالذات في حال كبر قيمة الأصل أو المشروع محل المرابحة (طائرة مثلاً أو مشروع تنموي كبير) و لا يجوز شرعا إصدارها في حالة التصكيك أو التوريق (Securitization) أو تداولها في السوق لأن بيع المرابحة في الغالب يكون مؤجلاً.
5- صكوك المشاركة:
و هي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلتها في إنشاء مشروع، أو تطوير مشروع قائم، أو تمويل نشاط، ويصبح المشروع أو موجودات النشاط ملكا لحملة الصكوك في حدود حصصهم، وتدار الصكوك بتعيين أحد الشركاء أو غيرهم لإدارتها.
6- صكوك المضاربة:
هى وثائق متساوية القيمة تمثل مشروعات أو أنشطة تدار على أساس المضاربة الشرعية و تختلف المضاربة عن المشاركة في أن حملة الصكوك هم شركاء في رأس المال و في حصيلة المشروع ربحا أو خسارة وفقا لنسب يتفق عليها سلفا بين حملة الصكوك و المضارب الذي هو شريكا في المشروع بخبرته و جهده فقط و لا يمتلك حصص في رأس المال (علي عكس المشاركة) و الذي عادة ما يكون هو المدير المعتمد للمشروع و له حصة في عائد المشروع و لكنه لا يتحمل الخسارة إلا إذا كانت ناتجة عن تقصير واضح في تنفيذه للمشروع.
7- صكوك المزارعة:
و هى وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلة الاكتتاب فيها في تمويل مشروع على أساس المزارعة، ويصبح لحملة الصكوك حصة في المحصول وفق ما حدده العقد.
8- صكوك المساقاة:
و هى وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلتها في سقي أشجار مثمرة والإنفاق عليها ورعايتها على أساس عقد المساقاة، ويصبح لحملة الصكوك حصة من المحصول وفق ما حدده العقد.
9- صكوك المغارسة:
هى وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها لاستخدام حصيلتها في غرس أشجار وفيما يتطلبه هذا الغرس من أعمال ونفقات على أساس عقد المغارسة، ويصبح لحملة الصكوك حصة في الأرض والغرس.
10- صكوك الوكالة:
هى وثائق متساوية القيمة تمثل مشروعات أو أنشطة تدار على أساس الوكالة بالاستثمار بتعيين وكيل عن حملة الصكوك لإدارتها.
و هكذا فإنه كلما يفرز النشاط الإقتصادي في أي بلد من البلدان شكلا جديدا من أشكال المعاملات المالية التي تصبح عرفا و تجد قبولا عاما كل ما كان بالإمكان تكييف مفهوم الصكوك الإسلامية علي هذه المعاملات. إلا أنه و علي الرغم من تعدد أنواع تلك الصكوك كما بينا إلا أن الأنواع الأكثر انتشارا و استخداما هي صكوك الإجارة، صكوك المشاركة، صكوك المضاربة، و صكوك الوكالة بالإستثمار. و قبل أن نقوم بتعريف صكوك الإستثمار الإسلامية التي تصدرها حكومة السودان و تصنيفها ضمن الأنواع المذكورة أعلاه من المفيد أن نقوم بتلخيص أوجه المقارنة بين الصكوك الإسلامية عموما و السندات فيما يلي:
1- الصكوك الإسلامية تعبر عن أدوات ملكية حيث يمثل الصك ملكية حصة شائعة في المشروع الذي أصدرت الصكوك لإنشائه أو تمويله ويترتب عليها جميع الحقوق والتصرفات المقررة شرعا للمالك في ملكه. بينما السندات أدوات دين و تمثل حقوق حاملي السندات و ديونهم علي الجهة المصدرة للسندات بغض النظر عن الأصول التي تم إستثمار حصيلة السندات فيها فليس لهم حقوق قانونية أو شرعية فيها. و يمكنهم بموجب السندات التي يحملونها مقاضاة الجهة المصدرة و مطالبتها بسداد قيمتها و الفوائد المترتبة عليها في حالة عجز هذه الجهة عن الوفاء بها في مواعيدها المحددة.
2- الصكوك قابلة للتداول ويراعي في تداولها نوع الموجودات التي تمثلها وهي ثلاثة أنواع:
نقود: تطبق عليها أحكام الصرف لأنه يعتبر تبادل مال بمال و وفقا لذلك فهي عكس السندات حيث لا يجوز شرعا تبادل النقود.
ديون: تطبق عليها أحكام التعامل بالديون حيث لا يجوز تبادل الديون من الناحية الشرعية علي عكس السندات التي هي في الأساس أدوات دين.
مختلطة من نقود وديون وأعيان ومنافع: و يتم تداولها وفقا لسعرها أو السعر الذي يتم التراضي عليه على أن تكون الغلبة فيها للموجودات أو الأعيان أو الأصول الملموسة. بينما في السندات لا يشترط أن تكون الغلبة للأصول فليس لحاملي السندات حق في الأصول التي تم توظيف حصيلة السندات فيها.
أعيان فقط: يتم تداولها وفقا لسعرها في السوق أو السعر الذي يتم التراضي عليه. و علي عكس ذلك فالسندات لا تصدر مقابل أصول علي إعتبار أنها أدوات دين و حتي السندات التي يتم تقديم ضمانات عينية مقابلها فهي أدوات دين و الأصول المقدمة كضمان تظل هي مجرد ضمان للدين الذي تمثله هذه السندات علي مصدرها.
3- لا يجوز أن يقترن إصدار الصكوك بشرط ضمان قيمة الصكوك. بينما في السندات فإن المصدر هو الضامن بحكم القانون لهذه السندات حتي إذا كانت مغطاة بضمانات عينية أو نقدية.
4- لا يجوز أن يقترن إصدار الصكوك بشرط ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال ويستثنى من ذلك صكوك المرابحة أو الإجارة. بينما السندات يتم إصدارها بفائدة معلومة و محددة سلفا.
5- لا يجوز إصدار الصكوك مع وجود إلتزام من مصدرها بإعادة شرائها من حامليها وإنما الجائز شرعا هو الوعد بالشراء. بينما في السندات يجوز للمصدر أن يتعهد بإعادة شراء السندات مستقبلا.
و كما قلنا سابقا فإن الصكوك الإسلامية تواجه عدداً من العثرات التي تجعلها في حالة تصادم مع بعض القواعد الشرعية من ناحية، و كذلك مع الآليات التي بموجبها يتم إدارة الإقتصاد القومي ككل. فما هي تلك العثرات؟؟؟ و ما هي الآثار السلبية لها ؟؟؟ تابعونا في الحلقات القادمة التي نحاول فيها الإجابة علي هذه التساؤلات.
الهادي هباني
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.