لم تتوقع في بداية مشوارها الفني أن يفتح الجمال أمامها باباً للنجاح إلا أن قرارها بعدم الاعتماد عليه، ولجوئها إلى تجسيد الأدوار التراجيدية المركبة جعل الجمهور يطلق عليها لقب أجمل فنانة خليجية، ويُضاعف من مكانتها بأدائها البسيط المتميز، والتزامها الأخلاقي الذي جعلها تفضل أداء مشاهد الضرب على القبلات، ما جعل من كل ظهور لها على الشاشة علامة مميزة رغم قصر عمرها الفني، الذي لم يتجاوز السنوات العشر. إنها الفنانة البحرينية هيفاء حسين التي أد القدر دوره في دخولها إلى عالم التمثيل، على الرغم من أنها فشلت في بداية مشوارها الفني منذ الطفولة في تحقيق حلمها بأن تكون مطربة بعد أن عرضت صوتها على أكثر من جهة؛ إذ بدأت عضوة في فرقة كورال الموسيقى العربية بمملكة البحرين، وهو الفشل الوحيد الذي سعدت به هيفاء في حياتها، إذ أدى بها لاحتراف التمثيل، بعد أن سنحت لها الفرصة للمشاركة في بعض الأدوار المسرحية التي نجحت في لفت أنظار الوسط الفني إليها. وفي عام 2000 شاركت الفنانة البحرينية في عدد من الأدوار التلفزيونية الصغيرة التي وضعتها على أولى خطوات الشهرة والانتشار باسم كل شخصية تؤديها، إلى أن قدمت شخصية "نوال" في مسلسل "حكم البشر" أمام النجمة الكويتية سعاد عبد الله، الذي صنع لاسم هيفاء حسين قاعدة شعبية عريضة على مستوى الخليج. ثم توالت مسلسلاتها بين الصعود والهبوط، ومن أشهرها "نيران"، و"القدر المحتوم"، و"يوم آخر"، و"أزهار"، و"نجمة الخليج"، و"العمر لحظة"، و"قيود الزمن"، و"حكم البشر"، و"اللقيطة"، و"منيرة". محاذير المجتمع الخليجي على رغم عشقها للتجديد والتنويع في أدوارها إلا أن هيفاء وضعت لنفسها منذ بدايتها مقادير خاصة استطاعت التمسك بها، مقيدة بمحاذير وعادات المجتمع الخليجي حتى إنها ترفض أدوار المرأة اللعوب حتى لا يسئ ذلك لحياتها الشخصية أمام أولادها وأهلها وأصدقائها، كما أنها تقبل مشاهد الضرب، ولا تقبل المشاهد الساخنة والرومانسية والقبلات، ما قد يرى البعض معه أنها فوتت على نفسها فرصا كثيرة للنجاح والانتشار، لكنها ترى في ذلك فرصا كبيرة لكسب احترام جمهورها، الذي منح لها لقب أجمل فنانة خليجية، فكانت خير مثال للفنانات البحرينيات في الدراما الخليجية. ويسيطر على هيفاء التزامها الشديد بالعادات والتقاليد الخليجية خشية رد فعل الجمهور من أي جرأة، وهو ما يجعلها أيضا تبحث عما يناسب شخصيتها؛ حيث تضع لمساتها على الأدوار التي تقدمها. وقد يكون خوفها من الشائعات هو المحرك الأساسي في حياتها الشخصية والعملية لدرجة أنها تبتعد عن الصداقات من داخل الوسط الفني، ذلك أنها حريصة على أن تكشف عن أخبارها بشكل مباشر حتى لا تعطي مجالاً للشائعات أن تتطرق إلى حياتها. وهو ما جعلها تكشف عن طلاقها من زوجها الأول والد ابنها سعد بمجرد وقوع الطلاق حتى لا تدع الأقلام ووسائل الإعلام تكشف مزيدا من التفاصيل عن حياتها، وكذلك تعاملت مع زواجها من الفنان حبيب غلوم؛ إذ اتفقا على الزواج في أثناء مشاركتهما بمسلسل "طماشة"، معلناً بعدها اختياره لهيفاء حسين زوجة له لما تتمتع به من خُلق واحترام داخل الوسط الفني. رسالة بمضمون إنساني اشتهرت هيفاء بتقديم القصص المتشابكة ذات المضمون الإنساني الهادف، فهي تعتبر أن فنها رسالة تؤديها بمناقشة القضايا المهمة التي تمس مشكلات مجتمعها، وهو ما تبحث عنه في أدوارها، وتقيس نجاح العمل بتقبل الجمهور للرسالة من وراء العمل، وهو ما قد يجعلها تستثني مبدأها في تجاوز الخطوط الحمراء الخاصة بها بتقديم فئة منبوذة في المجتمع كشخصية مدمنة المخدرات في مسلسل "دمعة عمر"، التي كانت بمثابة ناقوس خطر للتصدي لظاهرة الإدمان، أو دور الفتاة اللقيطة التي تعاندها ظروف الحياة وتتصدى لها في المسلسل. وعلى رغم بدايتها المسرحية وعشقها لتجربة المسرح، إلا أنها -إلى الآن- لا تقدم على هذه الخطوة؛ إذ يتطلب المسرح تفرغا كاملا من الفنان لفترة طويلة، كما أنها عشقت التلون بأدوار شخصيتها التلفزيونية على حد قولها، كما أن تجربتها السينمائية الوحيدة لم تلقَ صدى كبيرا. وعلى رغم ذلك لم تكف هيفاء حسين عن المغامرة؛ إذ قبلت الظهور كموديل في كليب النجم الإماراتي حسين الجسمي "تركتني"، إذ وثقت من نجاح الكليب بمجرد عرضه عليها. جمال ورومانسية مهذبة عرفها الجمهور بجمالها الناعم، ورومانسيتها المهذبة، إلا أنها نجحت أيضا في تقديم أدوار الشر، أما عن شخصيتها فهي تجمع بين البساطة والقوة، وبين الصخب والهدوء، فهي مرحة وصاخبة، وتحب اللعب والمرح، وتبكي عندما تتعرض للظلم، وهي الملامح التي تخفيها هيفاء عن جمهورها ووسائل الإعلام بمجرد تواجدها في العمل أو الأماكن العامة لتظهر بشخصية أخرى هادئة ورزينة متفهمة لكثير من الأمور، وقادرة على تحقيق أهدافها دون إثارة المشكلات. هيفاء أيضا تنطلق بحياتها الشخصية والعملية بعيدا عن دائرة إثارة الجدل، لذلك نجدها راضية تماما عن مشوارها الفني حتى مع اعترافها في كثير من الأحيان بأن هناك بعض الأعمال التي ظهرت فيها دون المستوى المطلوب. وتعترف هيفاء بأنها "بيتوتية"، وتحب قضاء معظم أوقاتها بالمنزل ما دام لم يكن لديها عمل، وفي ذلك تعترف بتقصيرها في حق ابنها سعد؛ إذ إنها دائمة السفر لتصوير أعمالها التي غالبا ما تكون خارج البحرين، لذلك تحرص على قضاء معظم أوقاتها معه بمجرد الانتهاء من التصوير. وتدين هيفاء حسين بالفضل لمن وقف بجانبها حتى وضعت قدميها على أولى خطوات النجاح للمخرج أحمد المقلا، الذي تعاملت معه في أغلب أعمالها، كما تعتبر النجمتين الكويتيتين (حياة الفهد وسعاد عبد الله ) مدارس فنية مستقلة. أخيرا.. لديها القناعة بأن نجوميتها وقناعتها ستزول مع مرور الوقت، وستظهر أجيال جديدة لذلك تستغل كل فرصة لتسجيل اسمها بين كبار نجوم الخليج.