ما أن أعلن مجلس الأمن الدولي عن زيارته للسودان -بما يعتبر خطوة استباقية للوقوف على استعداد الجنوب السوداني لاستقبال دولته الجديدة من جهة وتذكير الخرطوم بأزمتي إقليم دارفور وأبيي من الجهة الأخرى- حتى تسابق محللو السياسة وخبراؤها للتكهن بما في جعبة الوفد وطرح كثير من الاحتمالات عن زيارته. وعلى الرغم من التساؤلات ومجمل التكهنات المطروحة على طاولة البحث بالبلاد الآن، فإنها لم تذكر الحكومة بماض متوتر مع المجتمع الدولي وكياناته المختلفة. فسارعت الحكومة للإجابة على التساؤل الأكبر عن دوافع الزيارة وأهدافها، وكأنها تحاول قطع الطريق أمام سيل تلك التكهنات الحالية بالتأكيد على أنها "زيارة روتينية للقاء مسؤولي الخرطوم وجوبا". وقالت عبر المتحدث باسم خارجيتها الرسمي خالد موسى إن وفد المجلس سيجري مباحثات مع المسؤولين السودانيين على رأسهم نائب الرئيس علي عثمان طه –عراب اتفاقية نيفاشا للسلام– قبل أن يتوجه لجوبا للقاء رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت. قضايا السلام وأكد موسى في حديثه للصحفيين أن المباحثات ستتناول قضايا السلام وتسوية الملفات العالقة بين الشمال والجنوب والعلاقة مع بعثات الأممالمتحدة في السودان. غير أن تصريحات الحكومة لم تقنع الكثير من المحللين، حيث تساءل الكاتب والمحلل السياسي يوسف الشنبلي عن سبب عدم الكشف عن حقائق الزيارة قبل أن يشير إلى أن هناك عدة قضايا لا تزال تؤرق المجتمع الدولي، دون أن تجد حلا من حكومة السودان. وأكد أن الظروف الحالية بالبلاد هي التي دفعت مجلس الأمن للتحرك نحو الخرطوم وجوبا خوفا من اندلاع حرب جديدة بين الطرفين على خلفية التوتر القائم الآن والاتهامات الاقتصادية والأمنية الموجهة من حكومة الجنوب نحو الشمال. تخوف دولي ويرى الشنبلي في حديثه للجزيرة نت أن الزيارة تكشف عن تخوف دولي كبير "وإلا لماذا لم يجتمع المجلس في دولة أخرى أكثر استقرارا من السودان؟"، مشيرا لوجود شكاوى ضد الحكومة من الجنوب ومن بعثة الأممالمتحدة بشأن القصف الجوي في دارفور. ولم يستبعد أن تكون الزيارة مقدمة لتشدد دولي يواجه الخرطوم عقب الإعلان الرسمي لانفصال دولة الجنوب وعدم اكتمال التسوية السلمية بدارفور حتى الآن. غير أن الخبير الإستراتيجي حسن مكي لم يستبعد إمكانية التطبيع بين السودان ومجلس الأمن "رغما عن أن الزيارة ربما تكون محاولة لقراءة الأوضاع عن قرب". ورأى أن المجتمع الدولي "حريص على أن تولد حكومة الجنوب في سلام بين طرفي السودان". خطأ كبير أما أستاذ القانون الدولي بجامعة الخرطوم شيخ الدين شدو فأشار إلى ما أسماه الخطأ الكبير للخرطوم "كونها لم تربط استفتاء الجنوب بإعفاء ديون السودان وسحب القوات الدولية من البلاد"، مشيرا إلى وجود اعتقاد لدى المجتمع الدولي برغبة الخرطوم بإشعال الحرب بالدولة الجديدة "لتتمكن هي من التفرغ لمتمردي دارفور". وتوقع أن تحمل الزيارة بعض إشارات التحذير لما يمكن أن تجنيه الحكومة من عنادها في دارفور وأبيي والحدود بين الشمال والجنوب، مؤكدا نجاح ما أسماه بالطرف الآخر في توصيل حجته ضد الحكومة. ولم يستبعد في تعليقه للجزيرة نت أن تواجه الخرطوم، عقب عودة الوفد، مزيدا من الضغوط الدولية خاصة بشأن أبيي ودارفور. المصدر: الجزيرة