في إفادتين متناقضتين حول من قتل شهداء سبتمبر، نقلت الغراء (اليوم التالي) أمس على لسان وزير العدل عوض الحسن النور قوله (الذين قتلوا لم يعرف لهم قاتل)، كما نقلت حول ذات الموضوع إفادة عضو البرلمان ورئيس لجنة الزراعة فيه عبد الله مسار المناقضة تماماً لإفادة الوزير، فقد جاء في إفادة مسار (المتهمين في أحداث سبتمبر من القوات النظامية معروفون ويجب أن يقدموا للمحاكمة، وأضاف هم معلومون حتى إذا وجهتهم جهة عليا يجب أن تقدم أيضاً للمحاكمة)، ومن قبل كان قد أفاد حول الموضوع عينه قبل نحو شهرين الفريق أحمد إمام التهامي رئيس لجنة التحقيق في إحداث سبتمبر المؤسفة في حوار أجراه معه الزميل الأصغر الأستاذ شبارقة (طرف الرأي العام)، ففي إجابته على سؤال من قتل ضحايا أحداث سبتمبر، قال الفريق أمام بطريقة ملولوة ومدغمسة (هناك عربات بدون لوحات كانت تضرب في الذخيرة)، الرجل يسأل عن القتلة فيهرب من الإجابة على السؤال بالحديث عن عربات بلا لوحات، وكأن هذه العربات كانت تطلق الذخيرة من تلقاء (حديدها) وليس على متنها أشخاص من لحم ودم هم من أطلق هذه الذخيرة. ربما يكون السيد وزير العدل لا يعرف سر هؤلاء القتلة الباتع، وبالضرورة لم يجد ولن يجد بينة عليهم سوى أولئك الثلاثة الذين قال إنهم قتلوا بحوادث حركة، وربما يكون الفريق إمام أيضاً لايدري فعلاً حقيقة هؤلاء القتلة، وربما - وبدلالة إجابته المدغمسة - يعرفهم ولكنه لم يكن يرغب في كشفهم أو لم يكن يقوى على ذلك، ولكن المؤكد أن شهداء سبتمبر قتلتهم (جماعة) من البشر حتى اذا لم يجد وزير العدل بينة عليهم أو لم يكن الفريق إمام يعرف حقيقتهم، هكذا يقول المنطق، فطالما أن هناك قتيلاً لابد أن وراءه قاتل، هذا في حوادث القتل الجنائية المعروفة دعك من أن يكون هذا القتل قد تم لأعداد كبيرة من مواطنين متظاهرين غاضبين على سوء الأحوال، ولم يكن نتيجة خصومة قبلية أو غبينة شخصية، ولهذا يبقى من المؤكد أن هناك (أشخاصاً ما) أو (جهة ما) تعلم هؤلاء القتلة علم اليقين، بل المؤكد أيضاً أن هؤلاء الأشخاص أو تلك الجهة هم أو هي من دفعتهم لارتكاب هذه المجزرة المحزنة، وها هو البرلماني مسار لا يكتفي بالتأكيد على أنهم معروفون بل ويطالب بمحاكمتهم ومعهم (الجهة العليا) التي وجهتهم على حد تعبيره، وعلى كل حال، هذه قضية لن تسقط بالتقادم الى يوم الدين، يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش، ويقول كل أحد نفسي نفسي حيث لا ينفعه تنظيم ولا تجيره مؤسسة، وما أصدق المثل الشعبي الذي يقول (يا كاتل الروح وين بتروح). [email protected]