كان المنظر يبدو وكأنه مشهدا سينمائيا..السيول الجارفة جرفت طفلا صغيرا..كان ذاك في منطقة حائل بالمملكة السعودية..نساء يصرخن ورجال يبحثون عن منقذ..حالة من الارتباك ..تقدم مواطن اسمر اسمه الزين علي منصور نزع بعض ثيابه ورمي بنفسه وسط السيول الجارفة ..وسط ذهول ودهشة الحضور جاء بالطفل الي ذويه الذين كانوا من المتفرجين..اهل المدينة كرموا الزول السوداني على شهامته وفائض مروءته ..الصحافة السودانية اكتفت فقط بسرد المشهد..اما حكومتنا فيبدو انها مشغولة باشياء اخرى. فاضت الصحف السودانية بإعلان يتمدد في صفحة كاملة يتحدث عن تكريم (ام افريقيا)..اللجنة القومية المنوط بها التكريم يترأسها المشير عبدالرحمن سوار الذهب الذي يمثل رمزية التخلي السلمي عن السلطة في افريقيا..ام افريقيا التي سيتم تكريمها هي الدكتورة سعاد الفاتح البدوي ..وقبل ان نرمي بدلونا في امر التكريم يجب ان نمنح الدكتورة ما تستحق من احترام ..تاريخها يؤكد انها مولودة في العام 1936 ..في المجال الأكاديمي نالت درجة الماجستير من لندن والدكتوراة من جامعة الخرطوم ..اصبحت عميدة للطالبات بجامعة ام درمان الاسلامية.. على المستوى الإقليمي عينت نائب لمدير جامعة الإمارات بمدينة العين. التاريخ السياسي للدكتورة سعاد الفاتح البدوي يؤكد انها دائماً تقود مدرسة التفكير السطحي في السياسة..حادثة حل الحزب الشيوعي في عام 1967 جاءت من تحت رأسها لانها قامت بتحميل حزب كامل فاتورة تعبير غير لائق من احد أعضائه ..سعاد الفاتح قادت ثورة الغضب على كادر الحزب الشيوعي شوقي محمد علي الذي تحدث في معهد المعلمين بشكل غير مقبول وغير صحيح عن حادثة الإفك الشهيرة في التاريخ الاسلامي..وبما ان لا تزر وازرة وزر اخرى كان من الأحرى ان يتحمل ذاك الرجل عواقب حديثه ولكن الحماس مضي الى حل الحزب الشيوعي ومن ثم تجاوز احكام المحكمة العليا التي أفتت بعدم دستورية الحل..من ذاك الباب جاء انقلاب مايو المشئوم . بلغ تهريج دكتورة سعاد ان خرجت غاضبة من المجلس الوطني حينما أجاز قرضا ربويا من حكومة الكويت..لم تكتف الشيخة سعاد بالخروج بل صرخت في النواب بعبارة (يخسي عليكم)..اخر اقتراحاتها العبقرية في حل المشكل الاقتصادي طرحتها قبل ايام في مجلس الولايات حينما دعت ربات البيوت لتربية الدواجن والأغنام والاتجاه لعواسة الكسرة وذلك حتى تتحقق المساواة مع الناس المنعمين على حد تعبيرها..وفي احدى جلسات البرلمان في العام 2008وصفت احد قادة الحركات المسلحة بالعواليق وكانت تشير وقتها الى الدكتور خليل ابراهيم. سالت نفسي باي منطق يتم تكريم الدكتورة سعاد الفاتح البدوي ..جاءني العم( قوقل) بالاجابة ..الشيخة سعاد في حوار صحفي مع الزميلة المجهر تغزلت في رمز الرئيس البشير ووضعته في مرتبة ما بعد الخلفاء الراشدين مباشرة ..ايام المفاصلة ذهبت في معية بعض اخوانها الى منزل الترابي واقترحت حبس الشيخ في غرفة لمدة (24 ) ساعة في تبسيط مخل لازمة معقدة..اغلب الظن ان قيادة الانقاذ تحاول دفع فاتورة الخدمة الطويلة الممتازة للدكتورة سعاد الفاتح البدوي وما كنا نعترض ان تم ذاك التكريم داخل اروقة الحزب الحاكم. في تقديري..ان تكريم شخصيات خلافية وبدون معايير علمية يؤكد ان امتنا تسير في الاتجاه الخطا..تغليب المشاعر العاطفية في بذل الألقاب علي شاكلة (ام افريقيا) يجعل الناس تضحك علينا..لا احد في افريقيا سمع بالسيدة الفضلى سعاد الفاتح لانها لم تنج معرفة تفيد البشرية ولم تدفع ثمنا شخصيا لمواقف سياسية في مناهضة حكومات جائرة وظالمة..اقتراح سوار الذهب ليرأس هذه اللحنة فيه اهانة لتاريخ هذا الرجل الذي بات مع كل صباح يمسح على أمجاده ب(الاستيكة). بصراحة..مطلوب من هذه اللجنة التي تحوي اسماء لامعة تسجيل زيارة للشيخة سعاد في منزلها وتناول كوب شاي ثم تقديم رجاء لها بان تعتزل العمل العام ..ثمانين عاما من التهريج السياسي تكفي. (اخر لحظة) [email protected]