عزيمة وصمود .. كيف صمدت "الفاشر" في مواجهة الهجوم والحصار؟    بونو ينافس دوناروما وكورتوا على جائزة أفضل حارس في العالم    مناوي يُعفي ثلاثة من كبار معاونيه دفعة واحدة    المريخ يختار ملعب بنينا لمبارياته الافريقية    تجمع قدامي لاعبي المريخ يصدر بيانا مهما    بالصور.. تعرف على معلومات هامة عن مدرب الهلال السوداني الجديد.. مسيرة متقلبة وامرأة مثيرة للجدل وفيروس أنهى مسيرته كلاعب.. خسر نهائي أبطال آسيا مع الهلال السعودي والترجي التونسي آخر محطاته التدريبية    شاهد بالفيديو.. بالموسيقى والأهازيج جماهير الهلال السوداني تخرج في استقبال مدرب الفريق الجديد بمطار بورتسودان    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    شاهد بالصورة والفيديو.. سيدة سودانية تطلق "الزغاريد" وتبكي فرحاً بعد عودتها من مصر إلى منزلها ببحري    حادث مرورى بص سفرى وشاحنة يؤدى الى وفاة وإصابة عدد(36) مواطن    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس يصل مطار القاهرة الدولي    شاهد بالفيديو.. بعد عودتهم لمباشرة الدراسة.. طلاب جامعة الخرطوم يتفاجأون بوجود "قرود" الجامعة ما زالت على قيد الحياة ومتابعون: (ما شاء الله مصنددين)    الشهر الماضي ثالث أكثر شهور يوليو حرارة على الأرض    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    شاهد بالفيديو.. بعد عودتهم لمباشرة الدراسة.. طلاب جامعة الخرطوم يتفاجأون بوجود "قرود" الجامعة ما زالت على قيد الحياة ومتابعون: (ما شاء الله مصنددين)    يؤدي إلى أزمة نفسية.. إليك ما يجب معرفته عن "ذهان الذكاء الاصطناعي"    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    عمر بخيت مديراً فنياً لنادي الفلاح عطبرة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    الدعم السريع: الخروج من الفاشر متاح    التفاصيل الكاملة لإيقاف الرحلات الجوية بين الإمارات وبورتسودان    بيان من سلطة الطيران المدني بالسودان حول تعليق الرحلات الجوية بين السودان والإمارات    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبة الجمعة التي ألقاها الحبيب آدم أحمد يوسف نائب الأمين العام لهيئة شئون الأنصار بمسجد الهجرة بودنوباوي
نشر في الراكوبة يوم 11 - 12 - 2015


بسم الله الرحمن الرحيم
نائب الأمين العام لهيئة شئون الأنصار بمسجد الهجرة بودنوباوي
الخطبة الأولى
الحمد لله الوالي الكريم والصلاة على حبيبنا محمد وآله مع التسليم، قال تعالى: )لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ( .
التاريخ هو الماضي من الزمان وفيه الحسن وفيه السيء. والقرآن الكريم على طوله وعرضه يحكي لنا قصص وحكايات لأقوام مضوا، فمنهم الصالحون لنقتدي بهم. ومنهم الفاسقون لنعتبر بهم. والعبرة لا تكون إلا لأولي الألباب والعقول النيرة قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ) وفي آية أخرى (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ). وقال الحكيم: (كلما سرت بين رجلين وجدت في نفسي أستاذين فمن له فضائل فهو قدوتي ومن له رذائل فهو عبرتي). والتاريخ نأخذ منه العظات والعبر والدروس المستفادة. وهذه الأيام نتفيء ظلال الذكرى السادسة عشر بعد المائة لمعركة أم دبيكرات والتي كانت في 24 نوفمبر 1899م وهي آخر معارك المهدية والتي استشهد فيها خليفة المهدي رأس الدولة المهدية ومعه أرتالا من الشهداء على رأسهم الخليفة علي ود حلو والصديق ابن الإمام المهدي والأمير أحمد فضيل والأمير بشير عجب الفيا وغيرهم من الذين عرفهم الله فكرمهم وذكرهم في ملأ أفضل مما ذكرنا. وبهذه المناسبة العظيمة في الاسبوع المنصرم استطلعت صحيفة القوات المسلحة العدد 25748 استطلعت عددا من أساتذة التاريخ والمهتمين بشأن التاريخ عن واقعة أم دبيكرات. فجاء حديثهم أحلى من العسل ومنثورا كالدرر. حديث الوطنيين المنصفين. فقد مجدوا الأسلاف وسطروا التاريخ بأحرف من نور ولم يشذ إلا المدعو حسن مكي والذي جاء بكلمة لو خُلطت بماء الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي والهندي لأنتنت مياههم جميعاً. حيث قال وبالحرف الواحد في عنوان رئيسي وبالحبر الأحمر (الخليفة عبد الله حينما هرب من أم درمان) ألم تجد في قاموسك يا هذا غير كلمة هرب!؟ ألم تستمع للعلماء والشعراء والمبدعين حين يتحدثون عن الطيور فيقولون هجرة الطيور؟! ألم تستمع لرائعة الشاعر الكبير صلاح أحمد إبراهيم والتي تغنى بها المبدع الأستاذ محمد وردي الطير المهاجر!؟ فهؤلاء يا حسن مكي يحترمون مخلوقات الله التي لا تتلكم فمن باب أولى أنك تحترم سيدي خليفة المهدي بن السيد محمد حمد الله عقباه في الدارين. خليفة الصديق قائد جيش المهدية والمشار إليه في الحضرة النبوية. وللأسف مثلك لا يدري ما هي الحضرة النبوية لذلك يتطاول على أصحاب المقامات. وفي عهد خليفة المهدي كان مسجده مسقوفا بالجريد وكانت الطيور تتخذ من المسجد سكنا ومأوى لها وكان للطيور زغزغة وأصوات فإذا دخل خليفة المهدي سكتت الطيور حتى أن أحد الناس كان يوعظ قائلا: (يا ناس الطير اتأدب لخليفة المهدي) وحتى لا يقول أمثال حسن مكي انها خرافة فالقرآن الكريم يقول: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ * وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ). هذه الثلاثة آيات تحكي مشهدا عظيما فيه خُرقت العادة وتحدث سليمان مع الطير وسمع كلام النملة وفهم كل ذلك حتى تبسم ضاحكا. والمشهد لم ينتهي عند هذا الحد بل استمر سليمان متفقدا جنوده من الأنس والجن والطير وعندما لم ير الهُدهُد تساءل (مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ). وتوعده بالعذاب الشديد بل الذبح إن لم يأتيه بالحجة التي جعلته يتغيب عن هذا المشهد فكانت حجة الهُدهُد قوية ومقنعة بعد البرهان حيث أحاط بما لم يحط به سليمان وجاءه من سبأ بنبأ يقين. كل هذا وغيره من الإتيان بعرش بلقيس كان من فضل الله ليبلو سليمان أيشكر أم يكفر فكان سليمان نبي الله من الشاكرين والله هو الغني الكريم.
والحرب كر وفر يا حسن مكي وعندما انسحب خالد بن الوليد وجاء المدينة قال الناس الفرار الفرار قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم بل الكرار الكرار ونقول لحسن مكي في تلك الحقبة من الزمان أي في عهد المهدية تمايزت الصفوف فكان كتشنر هو محتل وأجنبي وغازي ومستعمر وفوق ذلك لم يكن حنيفا مسلما ولم يكن من الشاكرين وخليفة المهدي ومن معه من أنصار الله كانوا مسلمين وسودانيين ووطنيين ومجاهدين في سبيل الله وقد أحيوا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالسؤال هنا للمدعو حسن مكي أين كان أسلافك؟ في أي الصفين يقفون؟ فإذا كان في صف الوطنيين وأنت تقول خليفة المهدي هرب فأنت عاق لأسلافك! وإن كانوا في صف الغزاة فأنت تثأر لهم؟ ولكن في هذه الحالة لم يليق بمؤرخ أن ينحاز لأسلافه لأن التاريخ أمانة والأمانة تقتضي أن يكون المؤرخ أمين فالأمانة العلمية تلزمك أن تقول هاجر خليفة المهدي وليس هرب فهل فهمت؟!
الحديث:
قال تعالى في حديث قدسي: (من آذى لي وليا فقد آذنته بالحرب).
الخطبة الثانية
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا).
استطلعت إحدى الفضائيات العربية السيد رئيس الجمهورية عن الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد فجاء حديثه عن أن المواطن السوداني يعيش في بحبوحة من العيش وأن البلاد أصبحت جنة الله في أرضه.
وللرد على هذا القول نقول.
إن نظاما لم يوفر للمواطن أبسط مقومات العيش كيف يُوصف بما وُصف به. نظام عند مجيئه كان شعاره: (شعارنا العالي بنرفع وكل العالم يسمع فلنأكل مما نزرع ولنلبس مما نصنع). وواقع حالنا اليوم يقول أن الثوم مستورد من الصين والشعيرية الاندومي مستوردة من دولة الامارات العربية والمملكة العربية السعودية وصحف يوم الثلاثاء الماضي كلها عناوين رئيسية (المالية تتجه لرفع الدعم عن المحروقات والقمح والكهربا). وفي حقيقة الأمر لم يكن هناك أصلا دعم من قبل والبترول منذ أكثر من عام انخفضت أسعاره عالميا بنسبة 50% وكل دول العالم تعاملت مع الأسعار العالمية للنفط وإثر ذلك انخفضت كل الأسعار وخاصة أسعار النقل وأصبحت قيمة التذاكر ونقل البضائع بنصف الأسعار في كل دول العالم إلا عندنا في السودان فقد ظلت أسعار المحروقات كما هي على الرغم من انخفاض الوقود عالميا واليوم وزارة المالية تتوعد المواطنين بعناوين رئيسية في كل الصحف (المالية): خُطة لرفع الدعم عن القمح والوقود والكهرباء العام المقبل.
ونقول أصلا لم تدعم الحكومة من قبل أي سلعة من السلع الضرورية كل شيء كان بالأسعار التجارية والآن الحكومة تنوي زيادة الأسعار التي هي أصلا كانت عبارة عن أرقام فلكية واليوم تصبح أرقام خيالية ولا يمكن أن نتخيل كيف يعيش إنسان السودان الذي كان أصلا يعيش تحت خط الفقر وفوق ذلك تجيء الزيادات الجديدة لقد وصل سعر جوال البصل إلى مليون جميع بواقع البصلة الواحدة بسعر واحد جنيه ويزيد (وفي حقيقة الأمر ألف جنيه) حتى أصبح الناس يقولون بعض النوادر وحكوا أن رجلا أحضر لزوجته بصلة واحدة وقال لها عليك أن تتعاملي مع هذه البصلة تعامل شاي اللبتون (يعني تربطي البصلة بخيط وتدخليها في حلة الملاح ومن ثم تخرجيها وتضعيها في مكان بعيد للمرة القادمة). أما حال الغاز الذي يستخدم في طهي الطعام وبالمناسبة أصبح الغاز الوقود الرئيسي لانعدام الفحم وأصبح الفحم أغلى من الذهب ويحق لنا أن نسميه الذهب الأسود. فقد انعدم الغاز تماما وأصبحت الميادين العامة في الأحياء تمتلئ بالمواطنين والمواطنات منذ الصباح الباكر وحتى غروب الشمس وما بعدها وأحيانا لا يأتي الغاز وأحيانا أخرى يأتي بكميات محدودة فيندفع الناس في هرج ومرج حتى وصف أحد المواطنين هذا المشهد بقوله:
الغاز دة معدوم في البيوت
والناس بتطبخ بالحطب
والأزمة في الغاز في البلد
معدومة من أسواقنا تب
لو شفت صف الغاز طويل
والزحمة فيه بلا أدب
مرات شتيمة معاها كف
ومرات كواريك بي غضب
الناس يزحوا من الصباح
ومن عينا ذاتو النوم هرب
لو جيت وقفت مع الصفوف
والله كان شفتا العجب
واحد يلزك من قفاك
وما تندهش لو انضرب
عمك كبير دافر الصفوف
في نصفو بي عمة انكرب
أنبوبتو لامن بقت قريب
الغاز دة اتعزز عديل
وبقى أغلى من الذهب
ونقول للسيد الرئيس كان عليك أن تحاكي عمر بن الخطاب والذي قال ذات يوم لأحد صحابته وأظنه عبد الرحمن بن عوف هيا بنا لنتاجر في الله وكانت ليلة شديدة البرد فخرجا فوقعت عيونهما على بُهرة فأسرعا في السير حتى انتهى بهما السير عند امرأة وحولها صغارها يبكون ويتضورون جوعا فسألها بن الخطاب فقالت انهم جوعى وكان حولهم قدر على النار فقال لها وما بداخل القدر قالت حجارة حتى أوهمهم انه طعام. قال لها عمر ولم لا ترفعي امرك إلى عمر. قالت عمر! الله الله في عمر اشكو عمر إلى الله قال لها وكيف يدري بحالكم وأنتم في أطراف المدينة؟ قالت ما ظننت ان عاقلا يقول مثل ذلك. أيلي أمرنا ويجهل حالنا؟ فوقعت تلك الكلمة على عمر مثل الصاعقة ورجع إلى بيت المال وصدى تلك الكلمة يلاحقه أيلي أمرنا ويجهل حالنا! أيلي أمرنا ويجهل حالنا! حتى وصل إلى بيت المال وقال لخازن بيت المال أحمل علي الدقيق والتمر والسمن فقال خازن بيت المال أأحمل عليك أم أحمله عنك؟ قال عمر احمله علي وكرر الخازن القول أأحمله عليك أم أحمله عنك؟ قال عمر ثكلتك أمك أأنت تحمل عني خطاياي يوم القيامة؟ أحمله علي! ورجع ابن الخطاب وكأنه الحمال حتى وصل دار المرأة وبدأ يشارك في طهي الطعام بنفخ النار حتى سالت دموعه ولله در شاعر النيل حافظ ابراهيم حيث صاغ هذا المشهد في كلمات:
ومن رآه أمام القدر منبطحا
خلف الدخان وفوه غاب في فيها
رأى هناك أمير المؤمنين على حال
تروع لأمر الله رائيها
يستقبل النار خوف النار في غده
والعين من خشية سالت مآقيها
وانتظر حتى أكل الصغار فقال له صاحبه البرد شديد يا أمير المؤمنين هيا بنا. قال له والله لن أذهب حتى أسمعهم يضحكون وقد وجدتهم يبكون. ثم قال للمرأة إذا كان الصباح تعالي إلى مقر أمير المؤمنين وسأخبره بأمرك. وعند الصباح عندما جاءت المرأة رأت صاحبها الذي كان بالبارحة يجلس ويمينه رجل يقول له يا أمير المؤمنين ويساره رجل يقول له يا أمير المؤمنين فعرفت أن الذي كان بالبارحة هو عمر أمير المؤمنين فخافت فقال لها تعالي بكم تبيعين لي مظلمتك. قالت وأي مظلمة ظلمتينيها ألم تحضر الطعام؟ ألم تشارك في طهيه؟ قال لقد اشتريت منك مظلمتك بثلاثمائة دينار ثم كتب عقدا نصه (لقد اشترى عمر بن الخطاب من هذه المرأة مظلمتها بثلاثمائة دينار) وقال إذا مت ضعوا هذا العقد بيني وبين كفني حتى ألاقي به الله.
هذا هو عمر يا عمر فهل زرت يوما أهل الحي الذي كنت تسكن فيه قبل عام 1989م؟ أم أنت ومن معك من السادة الوزراء منذ أن رحلتم من الأحياء القديمة إلى البلد العاليات قصورا لم ترجعوا ثانيا لتعرفوا كيف يعيش المواطنون؟.
وجاء في حديث السيد الرئيس أن البلاد كلها قد ربطت بطرق معبدة نحن لا ننكر أن طرقا قد عُبدت ولكن كيف ذلك أولا لم تكن بالمواصفات المتعارف عليها عالميا ثانيا بعضها والذي كان منحة من بعض الأصدقاء أكد لنا كيف أن المال العام يُنهب حتى أن طرفة تقول عندما جاء القذافي وزار الطريق الذي تبرع به فرأى خطا واحدا فقال: (هدا الجاي فين الرايح)؟!. وكذلك طريق الحصاحيصا الفريجاب والذي تبرع به أمير محسن من دولة الإمارات العربية الشقيقة عند افتتاح الطريق لم يسطع المتبرع بأن يشهد الاحتفال لأنه وجد أن ثلاثة أرباع المبلغ قد نُهبت وهكذا الحال كل طريق يزعُموا أنه شُيد فيكون سببا في ثراء حرام لمسئولين ويكفي كيف حال الطرق داخل العاصمة وحتى بجوار القصر الرئاسي يمكن أن ينفجر إطار العربة من حفرة في منتصف شارع عام في العاصمة وهنا يحضرني قول أحد ظرفاء المدينة عندما سئل عن الطرق التي عُبدت قال (شوارع زي طبق البيض) (يعني أعلى وأسفل).
أما حديثه عن التوسع في التعليم العالي فنكتفي بقول الحبيب الإمام (هذا مثل الذي يريد أن يطعم برميل موية بمعلقة سكر). فقد انهار التعليم العالي وخرجت جامعاتنا كلها خارج الشبكة. أما من الناحية السياسية فقد فقدنا ثلث بلادنا، جنوبنا الحبيب منبع نيلنا الخالد وتناقصت أطراف البلاد فأصبح المواطن السوداني بطوعه واختياره وبحالته المعتبرة شرعا أصبح ناخبا مصريا في حلايب. وإنسان السودان في شرقنا الحبيب فقد مزارعه في أرض الفشقة والقضارف وما حولها وصارت منهوبة من قبل القوات الأثيوبية. أما إنسان دارفور لم يستقر منذ العام 2003م عندما اشتعلت نار الحرب اللعينة فأكلت الأخضر واليابس وسكن المواطن المعسكرات وأصبح متلقيا الإغاثات والإعانات وكذلك مواطنو المنطقتين جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق.
اما إنسان السودان عامة فقد أصبحت الهجرة هي مرام الجميع فلم يخلو شبرا من أطراف المعمورة إلا ووطأت أقدام السودانيين أرضه. هجرة مستدامة مع توفيق الأوضاع واستبدال الهوية السودانية بأي هوية حتى ولو كانت إسرائيلية والدليل السودانيون الذين قُتلوا وهم يتسللون خفية إلى إسرائيل. أما من الناحية الدبلوماسية فيكفي أن رأس الدولة لا يستطيع تمثيل البلاد في الأمم المتحدة فهل بعد هذا يحق لنا أن ندعي أن إنجازا واحدا حُقق؟!
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا)
اللهم جنب بلادنا الفتن ما ظهر منها وما بطن يا رب العالمين، اللهم أهدنا واهدي أبنائنا وبناتنا وارحمنا وارحم آبائنا وأمهاتنا يا رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.