ضيف هذه الحلقة من برنامج "حديث اليوم" هو أوياي دينغ آجاك ممثل رئيس جنوب السودان الشخصي وزير الاستثمار وموضوع الحلقة هو "اقتصاد ما بعد إعلان الدولة.. عاموده النفط والماء". ما هو الهدف من زيارتكم الحالية إلى روسيا؟ نحن هنا كوفد خاص مبعوث من رئيس حكومة جنوب السودان الجنرال سالفا كير لندعو رئيس روسيا ليأتي في التاسع من يوليو تموز إلى جنوب السودان للاحتفال باستقلال هذه الدولة الجديدة التي ستشهد إفريقيا ولادتها.. ونحن نشعر أنه من الضروري أن يشاركنا أصدقاؤنا الذين وقفوا إلى جانبنا في كل تلك السنوات ليحتفلوا معنا في ذلك اليوم.. إلى جانب هذا الشق الرسمي، هل ثمة محطات اقتصادية على أجندة الزيارة؟ لقد اجتمعنا مع عدد كبير من رؤساء الشركات الروسية وشرحنا لهم بعض النقاط العامة من حيث كون جنوب السودان اقتصاداً يعتمد على القطاع الخاص كمحرك وأبلغناهم عن رغبتنا بمجئ الشركات الروسية للاستثمار.. وبالطبع فجنوب السودان هو دولة جديدة وقد كنا في خضم حرب أهلية طويلة.. لذا فلم تنفذ أي مشروعات في البلد، كما يتوفر لدينا الكثير من الموارد الطبيعية التي يجب استثمارها.. لذا فنحن نحتاج إلى عدد كبير من الشركات لتشاركنا بناء دولة جديدة. ما هي الشركات الروسية التي ألتقيت بها وإلى أي قطاعات تنتمي؟ بما أن جنوب السودان يصدر النفط حالياً، لذا نرغب بقدوم شركات تساعدنا على تطوير قطاع النفط والغاز، كما نرحب أيضاً بمجئ شركات تساعدنا على استكشاف الثروات المعدنية.. وكذلك وعلى اعتبار أننا نملك موارد مائية وأراض صالحة للزراعة، نود باستقدام شركات تساعدنا في مضمار الزراعة وإنتاج الغذاء، بالإضافة إلى ذلك، لدينا متطلبات لشق الطرق ومد سكك الحديد وبناء المطارات وتوفير المساكن الشعبية وفي مجال المشافي وصناعة الأدوية والتعليم وأي مضمار آخر يخطر على البال. ما هي مخططاتكم في مجال النفط والغاز؟ سنقوم بإعادة النظر في السياسة المتبعة ضمن القطاع النفطي، وبالنسبة للشركات النفطية العاملة حالياً في جنوب السودان، لن ننهي أعمالها، بل سنعيد النظر في السياسة المتبعة في مجال استكشاف النفط وإنتاجه، وبالطبع نحن بحاجة إلى العديد من الشركات لتشاركنا في هذه العملية. معظم النفط في جنوب السودان تتولى إنتاجه شركات صينية.. هل تعتقد أن نيتكم لاستقدام شركات أجنبية أخرى قد تثير حفيظة الجانب الصيني؟ ما أعلنا عنه، هو ليس إيقاف عمل تلك الشركات، بل إعادة النظر في العقود الموقعة معها. وبالطبع فقد أكدنا للصينيين بأننا سنتعاون مع شركاتهم ومع أي شركات أخرى تعمل في جنوب السودان، بيد أن تلك الشركات ستعمل وفق القوانين والسياسات والأنظمة الجديدة، ونحن نشعر بأننا دولة مستقلة وسنعمل وفق ما هو مقبول بالنسبة لشعبنا وبالنسبة لنا. إلى جانب الشركات النفطية الروسية التي اجتمعت بها، ما هي الشركات الأجنبية الأخرى التي تباحثتم معها؟ لن أسمي أي شركات معينة.. لكن ما أود قوله، هو أننا سنعيد النظر في العقود المبرمة ونحن نعمل على القوانين والأنظمة الجديدة التي ستخضع لها الشركات الجديدة التي ستأتي.. والمجال مفتوح للجميع.. لأي شركة ترغب بالقدوم والاستثمار في جنوب السودان، فهي ستنظر في القوانين والسياسات المطبقة، وسنكون بعدها جاهزين للتعاون والعمل معها. نعم ولكن هل ثمة لاعبين كبار في هذا المجال ممن قدموا إليكم وأعربوا عن نيتهم العمل في جنوب السودان؟ من الصعب علي إعطاء أي أسماء، بيد أن الشيء المهم هنا، هو نعم هناك شركات أتت إلينا.. لكن حتى الآن، لم نمنح عقوداً لأي شركة والعقود المطبقة حالياً هي العقود العائدة لمرحلة ما قبل الانفصال وبعد التاسع من يوليو تموز، فكل ما يتعلق بالسياسات والقوانين وبالاستكشاف والانتاج، سيخضع للقوانين الجديدة النابعة من دستور الدولة الجديدة والمجال مفتوح للشركات العالمية ونحن واثقون من أن الشركات الروسية لديها فرصة كبيرة اليوم اجتمعنا مع شركة لوك أويل، وسنجتمع إلى غازبروم وغيرها من الشركات الروسية الكبيرة، وكلها مرحب بها إلى جنوب السودان..كذلك فهناك شركات أخرى تأتي إلينا من أوروبا وأمريكا وغيرها.. كلها مرحب بها للاشتراك في المنافسة، وسنعطيها تراخيص وعقود امتياز لانتاج النفط في جنوب السودان.. حسناً، وما هي مخططاتكم على صعيد تكرير النفط؟ حتى الآن، ليس لدينا أي مصاف في جنوب السودان، فكلها في الشمال، وبعد استقلالنا ستعمل الحكومة على إنشاء ما نحتاج إليه من مصاف.. وهذه المسألة هي إحدى النقاط التي ناقشناها إلى جانب مسائل الاستكشاف وتوسيع رقعته والانتاج.. كذلك ننظر في مسألة النقل، فهل يكفي وجود إنبوب واحد لنقل نفط جنوب السودان إلى مرفأ بور سودان في الشمال.. أم أنه يمكننا مد إنبوب آخر إلى أثيوبيا وجيبوتي أو كينيا أو إلى الجهة الأخرى عبر الكونغو إلى المحيط الأطلسي.. فكل ذلك هو خيارات، وهي خيارات ستنظر بها حكومة جنوب السودان قريباً جداً.. في خصوص هذه المخططات.. هل تجرون مباحثات مع أي طرف يمكن أن يزودكم بدراسات فنية مثلاً حول إمكانية مد خطوط الأنابيب المقترحة تلك؟ جهزت حكومة جنوب السودان دراسة حول إمكانيات مد الخطوط، ولدينا تقرير بالنتائج، وبقي إمامنا اتخاذ القرار النهائي وبالطبع فإننا بعد الاستقلال سنروج للقرار المتخذ، وستتقدم الشركات المهتمة إلى عطاءات وسنرى أي شركة منها ستفوز بالعقد.. أي أنكم تبحثون عن شركة واحدة من أجل ذلك، أم عن ائتلاف دولي ربما؟ القرار النهائي سيتخذ لاحقاً، ويمكن أن نختار ائتلافاً دولياً، أو شركة واحدة لديها القدرة على تنفيذ المشروع.. فهناك حالات يكون الأفضل فيها التعامل مع شركة واحدة على التعامل مع مجموعة من الشركات.. ونعم ولكن إلام تشير نتائج الدراسة التي أشرت إليها في هذا الصدد؟ ما زال لدينا الكثير من الأماكن التي لم تستشكف بعد.. وهناك فرص لاستشكاف المزيد من النفط.. لذا يمكننا أن نمد خطاً جديداً لتسويق النفط المستغل حالياً.. وبالنسبة للنفط الإضافي المستقبلي.. الحاجة لمد خط جديد مرتفعة للغاية.. انتاج جنوب السودان الراهن هو بحدود نصف مليون برميل من النفط في اليوم.. ما هي توقعاتك للمستقبل على اعتبار انكم تتباحثون مع شركات أجنبية تعولون عليهم في زيادة الإنتاج.. بسبب ظروف الحرب لم يتسنى اجراء الاستكشاف بشكل جيد.. ولكن سيظهر المزيد من النفط ونعول على إنتاج مليون برميل في اليوم في غضون سنة أو سنتين من الآن.. لننتقل من موضوع النفط إلى مسألة المياه.. هل تعتزمون استغلال مواردكم المائية الضخمة بفعالية أكبر؟ لدينا الكثير من المياه التي تأتينا من الأراضي المرتفعة في أثيوبيا ومن كينيا وأوغندة والكونغو، وسنستغل هذه المياه في مجال الزراعة.. فهذا القطاع اليوم لم يبلغ في جنوب السودان مرحلة يمكن فيها استثماره تجارياً.. وعندما نتمكن من مكننة الزراعة سنستغل عندما بالطبع الموارد المائية.. أما الآن فنحن لا نستغل الكثير منها.. حسناً، وهل تخططون لبناء سدود مثلاً؟ نخطط لبناء سدود لتوليد الطاقة الكهربائية.. وهناك دراسة يتم إعدادها في هذا الشأن.. وحكومة الجنوب تسعى لاستقطاب أموال لتمويل البناء أو لاستقدام شركات لتبني محطات كهرومائية.. وسنستخدم المياه في إنتاج الكهرباء والزراعة.. قضية المياه حساسة جداً لدول مثل مصر.. فما الذي تقومون به لتخفيف القلق المصري بشأن تقلص حصتها من المياه حال بنيتم السدود التي تعتزمون إنشاءها؟ أعتقد أن السرعة التي ترد بها المياه إلى جنوب السودان قوية جداً وسنستخدم ما نود استخدامه منها، وسنستمر في السماح للنيل بالتدفق إلى مصر.. وقد تحدثنا مع المصريين في هذا الشأن.. وقد زارنا رئيس الحكومة الانتقالية المصرية الشهرالماضي في جوبا، ووقعنا مذكرة تفاهم حول المياه.. وقبل عدة أيام زار جوبا وفد مصري كبير ضم ممثلي جميع الأحزاب السياسية في مصر وقد ناقشنا العلاقات الثنائية.. لذا فمسألة المياه لن تشكل بالتأكيد مشكلة بيننا وبين مصر.. فلدينا الكثير من المياه لأن يتم حصرها ضمن جنوب السودان. وماذا بالنسبة لشمال السودان؟ لا أعتقد أن لدينا مشكلة مع الشمال.. فسوف نستخدم المياه من النيل الأبيض.. أما الشمال فسيحصل على المياه الآتية من المرتفعات الأثيوبية عبر النيل الأزرق التي ستذهب مباشرة إلى الشمال.. وعلى اعتبار أننا كنا بلداً واحداً في الماضي، سنستمر في العمل على ضمان إدارة جيدة واستغلال حسن للموارد المائية.. قضية آبيي تبقى مسألة عالقة بين الشمال والجنوب مرشحة للتأزم.. وفي حال حدث ذلك كيف تعتزمون تصدير النفط عندئذ، وهل تشكل هذه المسألة كورقة ضغط عليكم من جانب الشمال؟ المسألة لا تتعلق بآبيي وحدها كونها تتعلق بقضية الحدود كلها بين الشمال والجنوب التي لم يجر ترسيمها بعد، وذلك يمكن أن يفضي إلى زعزعة الأمن في المستقبل، وبالنسبة لنا نحن نشعر أننا بحاجة إلى سلام، فشعبنا عانى كثيراً في السابق ونحن بحاجة إلى التنمية، وما من وسيلة للقيام بذلك حال تزعزع الأمن في المنطقة الحدودية وسوف نعتمد بدرجة كبيرة على الذهاب إلى محكمة التحكيم الدولية بحيث تحل جميع المسائل العالقة بسلام. روسيا اليوم