يدخل أرسنال عاما جديدا وكله أمل أن يتحقق مراده في إحراز لقب الدوري الانجليزي الممتاز لكرة القدم، ويحق له الإرتقاء بمستوى آماله بوجود كوكبة من الأسماء المتألقة التي يقودها لاعب يبدو وأنه وصل أخيرا إلى الاستقرار الفني الذي طالما سعى إليه . مسعود اوزيل ليس لاعبا كلاسيكيا عاديا، وليس قائدا ملهما، هو نجم صعب المراس يصعب فهمه لكنه يملك قدرات فنية لا يجوز المرور عندها كالكرام، هذا الموسم يشهد تألقا غير عادي للدولي الألماني الذي ساهم في تصدر أرسنال للدوري مع انقضاء 19 جولة تشكل نصف الطريق نحو اللقب . تمكن جمهور أرسنال أخيرا من رؤية الوجه الفني الحقيقي لاوزيل، ويأمل أن يواصل لاعب ريال مدريد السابق تألقه في 2016 أملا في إحراز لقب طال انتظاره . عندما بدأ الموسم الحالي دون إجراء صفقات مهمة في أرسنال باستثناء استقدام الحارس التشيكي بيتر تشيك من تشلسي، لم يكن حجم التوقعات كبيرا بالنسبة للفريق اللندني الأحمر، توجهت الأنظار إلى التشيلي ألكسيس سانشيز ليلعب دور الملهم داخل الملعب، إلا أن الإجهاد نال منه بعد موسم سابق متعب أنهاه بالفوز مع منتخب بلاده بكأس أميركا الجنوبية للمنتخبات (كوبا أميركا)، فما كان من المدرب الفرنسي أرسين فينغر إلا أن يضع كامل ثقته في النجم الألماني الفائز بكأس العالم 2014. قدم أوزيل المستوى الذي يليق بسمعته، مستغلا في الوقت ذاته إصابة لاعبين آخرين في خط الوسط وعلى رأسهم الإسباني سانتي كازورلا، وتغنى نقاد الكرة الإنجليزية بموهبته الفذة وقدراته الفائقة على صناعة الألعاب وتمرير الكرات الحاسمة لزملائه، صنع حتى هذه اللحظة 16 هدفا خلال الموسم الحالي بفارق 8 أهداف عن أقرب مطارديه لاعب مانشستر سيتي كيفن دي بروين، وأضاف إليها 3 أهداف من تسجيله كان آخرها ذلك الهدف السلس الذي سجله في المباراة الأخيرة أمام بورنموث (2-0). ودخل أوزيل سجلات تاريخ أرسنال كونه صنع أكبر عدد من الأهداف في عام واحد، كاسرا الرقم القياسي المسجل باسم أسطورة النادي اللندني تييري هنري الذي صنع 19 هدفا العام 2003 ، وبات على مقربة من تحطيم رقم آخر مسجل باسم الفرنسي (أكبر عدد من التمريرات الحاسمة في موسم واحد بتاريخ الدوري الإنجليزي برصيد 20 تمريرة). تلقى أوزيل إشادات واسعة من المتابعين والنقاد، وشبهه المدرب فينغر بالنجم الهولندي المعتزل دينيس بيركامب الذي أبهر مشجعي الفريق بأسلوب لعبه الجميل والخالي من التعقيد. أما هنري فقد أبدى سعادته لظهور أوزيل بهذا المستوى، لكنه شدد على ضرورة إحرازه المزيد من الأهداف بقوله: "الأمر يتعلق برؤيته الثاقبة، يضع الكرة دائما حيثما تريد، يرى كل شيء وعندما تلعب بجانب لاعب مثله فإن أي شيء قد يحدث، الأمر الوحيد الذي ينقصه أنه يحتاج لتسجيل أهداف أكثر في المناسبات المقبلة، وهو أمر سيتحقق تلقائيا إذا أقدم هو على تسديد الكرة". وعن مقارنة أوزيل بالهولندي بيركامب، قال هنري: "دينيس هو أفضل من لعبت بجانبه، لكن أوزيل يذكرني به أيضا، إنه يقدم دائما ما تطلبه منه مجريات المباراة، يحب مشاركة الآخرين الكرة وهو أفضل ما يمكن التمتع به على أرض الملعب، لكن في بعض الأحيان ستناقض المجريات إذا لم تسدد الكرة عندما يكون مطلوبا منك تسديدها". والآن يبقى على أوزيل أن يحتفظ بالحالة الذهنية المستقرة، ويبتعد عن العوامل التي قد تفقده تركيزه بشكل أو بآخر، وهو الذي صرح في مقابلة صحفية سابقة أنه غيّر كثيرا من أسلوب حياته وبات أكثر اعتناء بوضعه البدني من خلال تناول الطعام الصحي والنوم المبكر. إذا واصل أوزيل تألق بهذه الوتيرة المتسارعة دون التعرض لإصابات مزعجة، فقد يصنع ما يقارب الثلاثين هدفا في الدوري هذا الموسم وهو رقم مذهل سيصعب على آخرين الوصول إليه، ولا يشك أحد في قدرته على ذلك، خصوصا هداف الفريق السابق إيان رايت الذي قال لدى تحليله مجريات مباراة أرسنال وبورنموث يوم الإثنبن الماضي: "كان رائعا، قدم التمريرة الحاسمة رقم 16 هذا الموسم وصنع 9 فرص أخرى سانحة للتسجيل خلال المباراة.. كان مدهشا". ويتصدر أوزيل حاليا الترشيحات لجائزتي أفضل لاعب في الدوري من قبل النقاد واللاعبين، إلى جانب مجموعة أخرى من اللاعبين الذين برزوا بشدة هذا الموسم مثل دي بروين ومهاجم ليستر سيتي جيمي فاردي وزميله رياض محرز وهداف إيفرتون روميلو لوكاكو، واذا استمر في تقديم هذا الأسلوب الشيق والبسيط فقد يتحول إلى واحد من أبرز نجوم الدوري لأعوام مقبلة. أوزيل هو فاكهة الموسم الحالي في ال"بريميرليج".. فهل يحافظ على ألقه ويقود أرسنال للقب الدوري الأول منذ موسم 2003/2004؟.