الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أي حوارٍ نريد
نشر في الراكوبة يوم 02 - 01 - 2016

ربما لا يختلف اثنان علي ان الحوار المثمر والجاد هو الطريق الاسلم والصحيح لحل اي إشكال ينشأ، وهذا امراً لا تنطح فيه عنزان، ولكن يمكن ان يحدث ان تطرح جهة ما مشروع حوار، دون ان يكن القاصي والداني علي علم بما يؤدي إليه هذا الحوار، ما يجعله امرٌ عبثيٌ اشبه بالملهاة، وهو ما نحن فيه الان، وتحديداً ما يسمي حوار (الوثبة) الذي طرحه المشير البشير، رئيس حزب المؤتمر الوطني في يناير من العام الماضي، والذي تقترب الذكري الثانية لإطلاقه، ما يشي بان هذا الحوار ما هو إلا كما ذهبت القوي الرافضة له حينما قالت انه حوار لا يعدو ان يكن حيلة من المؤتمر الوطني لكسب الوقت، لشغل وإلهاء الناس عن القضايا اليومية والحياتية الضاغطة، و بالونة الحوار هذه لم تقنع حتي مطلقوها الذين ما أيدوها إلا لانها تعطيهم مزيداً من الوقت للإستمرار في الحكم، واعطت املاً للقوي خارج النظام التي قبلت الحوار، بانها بارقة امل لإقتسام السلطة مع النظام، وهي ظنت-وهنا كل الظن إثم- ان النظام في لحظة ضعف بحيث يمكنها من ان تشاركه السلطة، بينما هناك قوي وعلي رأسها المؤتمر الشعبي، كان محركها لقبول الحوار هو إنقاذ نظام المؤتمر الوطني، ومن في السلطة يطرحون الحوار لتحقيق همهم الاكبر هو البقاء اطول فترة في الحكم، وبالتالي كنز وجمع الاموال والثروات، تساعدهم في ذلك طبيعة تكوينهم الطبقية ذات الطابع الطُفَيّلي:
(1)
إن النسخة الحالية من الحوار التي اطلقها النظام؛ لا تخرج من إطار كونها (فهلوة) من اجل الحفاظ علي السلطة وتمتين المكاسب السياسية والإجتماعية والإقتصاية التي إكتنزها النظام طوال فترة بقائه فيها، وهو امراً مفروغ منه تماماً، لجهة كون ان النظام عرف عنه طرح اشياء من شاكلة الحوار المطروح الآن، إن هو أحس بدنو اجله او تفامت أزمته الملازمة له منذ مجئه الاول، فبطبيعة الحال فإنه نظام دكتاتوري، لا يقبل باي مساس بسلطته المطلقة، وإن قبل بمشاركتك له فلابد من ان تكن تحت (جاكيتته) الشمولية. ثم انه لم يخيب ظن الرافضين لصيغة الحوار الحالية، فهو دائماً يفعل افعالاً ويقول اقولاً تتنافي تماماً مع مطلوبات اي حوار مثمر وجاد، وإن نحن رجعنا وتابعنا افعاله واقواله، بعد إعلان وثبته في يناير من العام الماضي، نتأكد تماماً من انه غير مستعد بتاتاً لتقديم أي تنازلات من شأنها إنجاح الحوار. وإن الحوار الذي يقصد من طرحه حل مشكلة ما، عندما يواجه بمشكت كهذه ونية مبيتة وتحقيق مكاسب ضيقة من ورائه، فانه بذلك لا يمكن ان يكن بأي حال من الاحوال هو حوار، يمكن ان يبقي أي شئ غير ذلك لكنه لن يكن حوار.
وعوداً علي بدء فإن النظام الذي يريد تمتين مكاسبه السياسية والإقتصادية من الحوار الحالي، هو نظام لا يهمه غير البقاء والتشبس بالسلطة علي حساب الوطن، وهو كذلك تماماً، فعليه فان اي من القوي التي قبلت ان تكون مشاركة في حوار الوثبة تبقي هي شريكة بصورة مباشرة في إعادة إنتاج السياسات التي اوصلتنا لهذه المرحلة من الدرك السحيق الذي نحن فيه الآن. وعليها تحمل مسئوليتها كاملة في ذلك، حينما يحن وقت الحساب.
(2)
ولحظة إعلان النظام عن حواره وضعت قوي الإجماع الوطني شروطاً للحوار، فارق علي إثرها المؤتمر الشعبي، حظيرة التحالف، وانكأ جراحاً قديمة لكيما يبرر خروجه من التحالف وهرولته المكشوفة نحو النظام من أجل إنقاذه، مرتهناً في ذلك لإملاءات قطر وتنظيم الاخوان المسلمين، بعد ان أحسوا جميعاً بدنو خطر الإزاحة من الحكم وإستحكام أزمة النظام الذي أصبح مترنحاً وايلاً للسقوط، فما كان منهم سوي ان توحدوا سريعاً وفي مسرحية سيئة الإخراج من أجل إنقاذ النظام.
الشاهد ان مطلوبات قوي الإجماع الوطني قد وجدت صدي واسع وسط جماهير الشعب السوداني وذلك لانها تماماً عبرت عن مصالح الشعب وهمومه في إيقاف الحرب التي أحرقت اخضره ويابسه، وإطلاق الحريات التي يمسك بتلابيبها النظام في مفارقة واضحة وإستهتار بالدستور المتوافق عليه عام 2005، زائداً النظر للسياسات الإقتصادية التي قصمت ظهر المواطن، وقد طالبت المعارضة وما زالت بمراجعة كل السياسات الإقتصادية التي تزيد في صبح كل يوم جديد من معاناة وفقر المواطن.كما وايضاً طالبت قوي الإجماع بإطلاق سراح المعتقلين الذين إمتلأت بهم زنازين النظام الداعي للحوار..!.
وفي وقت عدت فيه قوي الإجماع مطلوباتها بإعتبار انها تمثل حداً أدني لإجراءات بناء الثقة، حتي تُعزز من تهيئة المناخ للحوار، كان الشعب يقول لها (برافو) فيما كان النظام يتحسس موقعه، خاصة وان شروطاً كهذه إن تمت تلبيتها فسوف يجد النظام نفسه خارج إطار الصراع السياسي الإجتماعي، ويفقد الميزات التي كسبها والتي كان يريد ان يكسبها من الحوار، وكان النظام وما زال يعلم جيداً ان إستيفاء هذه المطلوبات سوف يخرج خيوط اللعبة من يده، فلذلك سريعاً لجأ لرفض تلبية المطلوبات وتمسك بدخول قوي الإجماع لحظيرة حواره وطرح شروطها ومطالبها داخله..!، وهو نفسه ما يقوله الامين السياسي للمؤتمر الشعبي الاستاذ كمال عمر..!، فبالطبع فإن النظام لن يوفي بهذه المطلوبات لانها سوف تعرضه للإنزلاق إلي تنازلات غير محسوبة لديه، فسارع لإحكام قبضته علي حواره وحصنه بإجراءات تضمن له ان يؤدي له ما يراد منه، فتحول إلي (ملهاة) وصلت حد إن إشتبك ممثلي احزاب الحوار بالأيدي داخل لجان الحوار في قاعة الصداقة البعيدة من الشعب.
(3)
ولكن إن تركنا حوار الوثبة جانباً بعدما قلناه فيه، فإن نسخة اخري من الحوار مطروحة الآن، برعاية الإتحاد الافريقي والاوربي ودول الترويكا، هذه النسخة نجاحها معتمد اولاً علي : إقتناع القوي الدولية بضرورة ذهاب النظام، وإحلال نظام مقبول شكلاً وموضوعاً يحقق لها ذات المصالح التي كان يحققها لها نظام المؤتمر الوطني، وثانياً : مدي مقدرة المجتمع الدولي علي الضغط علي النظام من أجل إجباره علي الإستعداد لقبول آخرين معه في السلطة، والمجتمع الدولي إذ يفعل ذلك فهو تماماً ينظر لمصالحه ولحالة الرفض الواسعة جماهيرياً لهذا النظام، ما يُرجح إحتمال حدوث إنتفاضة شعبية تذهب بالامور إلي تغييراً جذرياً كاملاً، وهو ما يُهدد مصالح المجتمع الدولي والذي يسعي الآن حثيثاً لإنقاذ النظام من الوقوع، عبر التسوية السياسية، حفاظاً علي مصالحه، وهذا ما يسمي في أضابير المعارضة الآن ب(الهبوط الناعم) والمقصود منه هو مجموعة من الإجراءات والتدابير الهادفة لتحقيق تسوية سياسية بين النظام من جهة والقوي المعارضة التي تقبل بمشروع التسوية السياسية، وهذه القوي موجودة الآن في شقي المعارضة (السلمي والمسلح)، وتحديداً في جبهة (نداء السودان)، والتي تقبل بالدخول في حوار مع النظام، فقط إن قبل ان يُحضر له بداية في أثيوبيا تحت رعاية المجتمع الدولي، ومن ثم يتواصل في الخرطوم، وهو ما يمكن ان يجعل النظام يقبل بحضور إجتماعات أثيوبيا للتحضير للحوار، تحت دعوى انها مفاوضات تمهيدية لنجاح الحوار، ويلعب الان إمبيكي دوراً كبير في نجاح هذه المفاوضات، وإنجاز مشروع التسوية السياسية.
ولكن في المقابل فأن هذه النسخة من الحوار التي تبدأ ب(المؤتمر التحضيري) محفوفة بمخاطر جمة، أهمها ان اللاعب الأساسي فيها هو المجتمع الدولي، والذي تسيره مصالحه وليس مصالح أي بلد يتدخل في شأنه، وان المجتمع الدولي يمكن في أي لحظة ان يُركن ملف السودان جانباً في حال طرأ أي طارئ، او ظهر ملف في منطقة حساسة بدرجة اكبر مما هي عليه في السودان، وجميع القوي التي تعول علي دعم الجتمع الدولي هي تماماً جربته أيام التجمع الوطني الديمقراطي، فقد كان في تلك الفترة يشد ويبطئ من وتيرة الهجوم علي النظام ودعمه للمعارضة علي حسب مصالحه وحسب متغيرات الظروف السياسية والإقتصادية في العالم. وكان المجتمع الدولي يقترب من النظام ويبتعد وفقاً لمصالحه، و يحرك عصاه ضد النظام للضغط عليه من اجل تحقيق مصلحة ما، او يقدم جذرتهُ في حال تحقيق مصلحته، ويبتعد عن المعارضة ويوقف التصعيد ضد النظام. إذاً فإن مجتمع كهذا لا يعول عليه، وهو ما يجب ان تنتبه له القوي التي تقبل بخيار التسوية السياسية عبر مخطط المجتمع الدولي لترقيع النظام بتوسيع قاعدته السياسية والإجتماعية، والإبقاء علي جوهره الطبقي. كما ان هذه القوى مطلوباً منها اولاً ان تعرف رأي الشعب السوداني في هذا المخطط الذي تقدم إليه.
كما ان جانب اخر من المخاطر؛ تنطوي عليه نسخة حوار يبدأ بالمؤتمر التحضيري للإندغام في حوار الوثبة؛ وهو أن كتلة كبيرة من المعارضة غير قابلة به ولا راضية عنه، فهي تري ان الحوار يجب ان تستوفي له الشروط، وتنتفي عنه الموانع، وذلك بالقبول بالمطالب الاربعة التي يطلبها تحالف قوي الإجماع الوطني، وهو كتلة كبيرة من احزاب المعارضة إذا قسنا أحجام القوي السياسية وجماهيريتها، فإن هذه الكتلة سوف تظل غير مكترثة لما يترتب عليه المؤتمر التحضيري، وسوف تظل متمسكة بالتغيير الجذري عبر الإنتفاضة الشعبية، وهو امراً إذا وضعته أي قوي سياسية في مقدمة اهدافها سوف تكون هي الرابحة ختاماً، لان أشواق الشعب الآن مع تغيير جذري، وان قوي أساسية وحية في المجتمع السوداني، ترفض بتاتاً القبول بأي حوار تحت ظل هذا النظام، وأن الشعب سوف يظل بعيداً ورافضاً ايضاً لاي تسوية سياسية طالما انها تمت بعيداً عن أعينه، ولم يُؤخذ رائه فيها، فهي بالتالي لا تهمه.
(4)
ولكن هناك أمراً اخر يشير إلي أن مشروع الهبوط الناعم الذي تجد في رعايته وتنفيذه؛ منظمات دولية في ألماينا وامريكا وبريطانيا وسويسرا، تحت رعاية دولية، هو نفسه مختلف عليه ويفهمه الجميع كلاً حسب مراده، فمثلاً هناك قوي سياسية أصيلة في تحالف قوي الإجماع الوطني مثل الحزب الشيوعي وحزب البعث –الاصل والسوري وجناح كمال بولاد، ولحظة الإعلان عن المشروع في المحاضرة التي ألقاها المبعوث الامريكي الاسبق في السودان السيد/بيريستون ليمان، فإن الحزب الشيوعي قد أصدر بياناً من مكتبه السياسي وجه فيه انتقادات عنيفة الى المبعوث الامريكى الخاص بالسودان برنستون ليمان على خلفية المحاضرة التي ألقاها بمركز مايكل أنصاري التابع للمجلس الأطلسي ونشرتها الخارجية الامريكية، في الأول من أغسطس 2012. واعتبر الحزب اهتمام وزارة الخارجية بتلك المحاضرة ، يتجاوز حدود النشاط الدبلوماسي المألوف، ويرتبط بمخطط أمريكي يستهدف التنفيذ العملي لما طرحته أمريكا فى وقت سابق، حول الهبوط الناعم والتفكيك السلمي للنظام السودانى بقيادة الرئيس عمر البشير ، للحيلولة دون تغيير جذري تفرضه إرادة الشعب. وقال الحزب المخطط الامريكى الجديد يتدثر بثياب قرار مجلس الأمن (2046) وتحت ذات الذريعة يسعى للاستناد إلى شرعية دولية وهو ماجعل ليمان يركز على ان تطبيع علاقات أمريكا مع السودان مربوط بإنهاء الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وحل كل المسائل العالقة مع دولة الجنوب، والتفاهم مع الحركة الشعبية قطاع الشمال). هذا رأي الحزب الشيوعي. ولكن في المقابل فهناك قوي في داخل التحالف هي مع خيار الهبوط الناعم والذي تسميه (التسوية السياسية) او (الحل السياسي الشامل) فهي قوي مثل المؤتمر السوداني وحزب البعث بقيادة جادين والذي صرح لصحيفة (أول النهار) في حوار مع الصحفي عبدالماجد عليش، في 13 فبراير 2015؛ قائلاً : (أقول الوضع السياسي بالغ الخطورة وأدعو وأتمنى أن تتوحد قوى المعارضة الوطنية لانجاز عملية هبوط ناعم يجنب البلاد سيناريوهات في غاية الخطورة (مثلاً سيناريو الصوملة). فالسيد جادين هنا يقطع بأن عدم قبول التسوية السياسية يعني تماماً اننا سوف نلقي بأنفسنا إلي تهلكة الصوملة، فهو يري ان اللجؤ لخيار الإنتفاضة والتغيير الجذري غير مقبول بإعتبار ان تكلفته باهظة، هذا في إطار القوي السلمية ولكن القوي المسلحة ايضاً ليست كلها علي قلب واحد تجاه عملية التسوية فهي تمر بنفس ما تمر به القوي السلمية من خلافات، فالفصائل التي وقعت إعلان باريس مع حزب الامة هي فقط الملتزمة بخيار الهبوط الناعم والتسوية السياسية، فهناك السيد عبدالواحد محمد نور رئيس حركة جيش تحرير السودان، غير موافق علي الإعلان، فقد صرح بذلك في اكثر من مكان، كما انه يرفض ويتوجس من سيناريو الهبوط الناعم، فهو مع التغيير الجذري والكامل لنظام المؤتمر الوطني. ويرفض مسارات التسويات السلمية مع الحكومة السودانية، معتبرا أن الحل الوحيد هو إزاحة النظام
(5)
إذا وبعد ان تفهمنا جيداً كنه النسختين المطروحتين من الحوار، ومشاكلهما وما يعتريهما من نقص كبير، وبل خلل بنيوي بنيت عليه النسختين؛ يبقي السؤال الاساسي هو أي حوار نريد..؟ وهو سؤال مركزي، حيث ان مهر الحوار الذي نريده هو تماماً نفس مهر التسوية السياسية، فقط بدون تدخل المجتمع الدولي، وان يكن الحوار اولاً حواراً وطنياً حقيقة وبرعاية شعب السودان وبمشاركته وتحت نظره وبصره، وليس كما في حوار الوثبة الآن، فحوار الوثبة كما قلنا هو حوار (عبثي) ولن يقود إلا لمزيد من المعاناة علي كاهل الشعب الذي إكتوي بنيران السياسات المعادية له ربع قرن من الزمان.
إن الطريق المؤدي إلي الحوار المثمر والجاد يبدأ بالإعتراف بالأزمة اولاً، وبطبيعة الحال فإنه إن لم تكن هناك أزمة لما طرح الحوار لحلها، ثم ان النظام لابد من أن يكن مستعداً تماماً لتوفير المطلوبات المهمة لإنجاح الحوار، واهم شئ ان يكن مستعداً لدفع مستحقات الحوار بما في ذلك إستعداده لتفكيك المؤسسات الشمولية القائم عليها، وإحلال مؤسسات قومية مكانها، بغير هذا يكون الحوار حرثاً في البحر، ولعباً علي الذقون. ولكن وبالنظر لطبيعة النظام والتجارب معه فإنه غير مبالي بهذه المطلوبات، وهو يعلم علم اليقين انها سوف تؤدي به إلي مصيره المحتوم، وتعجل أحد خياين ظل النظام يعمل منذ يومه الاول لتفاديهما وهما: إما الخروج عن الساحة السياسية، مثل الحزب الوطني المصري او حزب التجمع الدستوري التونسي، او الوجود في الساحة كحزب بحجمه الطبيعي وسط الاحزاب والقوي السياسية الموجودة مستقبلاً، وفي ذلك فإنه سوف يفقد ميزات السلطة والمال والإعلام التي كان يتفوق بها علي بقية الاحزاب، وهذا بالطبع يحدث عندما يُفطم من الرضاعة من ثدي الدولة، حتي غدت الآن أثدآها ممطوطة ومهترئة من كثرة الرضاعة.
(6)
إن أي حوار لا يقود إلي تفكيك النظام ومؤسساته الشمولية والتأسيس لدولة مدنية ديمقراطية وإيقاف الحرب وحل متعلقاتها مثل النزوح وتعويض المتأثرين بالحرب بما يحقق العدالة ويرد المظالم، تحل فيه أزمة الحكم بحكومة إنتقالية تُهئ المناخ لمؤتمر قومي دستوري يشارك فيه الجميع، يناقش كيفية حكم السودان، وتوزيع الثروة والسلطة بعدالة ويدار فيه التنوع بصورة ديمقراطية، بما يحقق نهوض وطني شامل سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً، والتأكيد علي التداول السلمي الديمقراطي للسلطة، بغير هذا يبقي حواراً مع الذات الضيقة، وخداع للشعب وتبديد لامآله العراض في وطن خير ديمقراطي.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.