الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ميليشيا الدعم السريع ترتكب جريمة جديدة    بعثة الرابطة تودع ابوحمد في طريقها الى السليم    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    شاهد بالفيديو.. شباب سودانيون ينقلون معهم عاداتهم في الأعراس إلى مصر.. عريس سوداني يقوم بجلد أصدقائه على أنغام أغنيات فنانة الحفل ميادة قمر الدين    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    تقارير: الميليشيا تحشد مقاتلين في تخوم بلدتين    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    تونس.. سعيد يصدر عفوا رئاسيا عن 2014 سجينا    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى أين يمضي السودان..؟.. ماذا يريد لنا المجتمع الدولي..وماذا نريد نحن؟
نشر في حريات يوم 18 - 09 - 2015


إلى أين يمضي السودان..؟
أو بالأحرى…ماذا يريد لنا المجتمع الدولي..وماذا نريد نحن؟
ما زالت القوى الدولية، هي اللاعب الرئيس الآن في الساحة السياسية السودانية، مؤشرات عدة تعطي قراءة واحدة إن هذه القوى وحفاظاً على مصالحها، تبحث عن مخرج( آمن) لحل الأزمة السودانية، بين اطرافها المتصارعة الآن، فالصوت الأعلى الآن هو صوت المجتمع الدولي، ودوره في تشكيل الصراع السياسي الاجتماعي، لكن في المقابل الصوت الطبيعي المراد سماعه هو صوت الشعب السوداني، والذي يعلو الآن بالإحتجاج ضد سياسات النظام التي يريد المجتمع الدولي الحفاظ عليها، لكن في الوقت ذاته يريد إدخال بعض التحسينات التي تُسكن ولا تعالج، وهنا جوهر الخلاف بين الشعب السوداني والمجتمع الدولي الذي يؤشر عكس ما يريد شعب السودان:
(1)
ما دعاني لفتح الموضوع هو السعي المحموم من قبل قيادات الجبهة الثورية وحزب الأمة القومي، من أجل محاصرة النظام( دبلوماسياً) كما سماها عدد من قادة هذه القوى، سيما بعد سماح مجلس السلم والأمن الأفريقي لبعض من قوى المعارضة محصورة في قوى( إعلان باريس) وليس( نداء السودان) كما يقول السادة في الجبهة الثورية وحزب الأمة القومي، وبالنسبة لقوى الإجماع فالأمر لا يعنيها بحسب تصريحات قادتها راجع صحيفة(الميدان) تصريح من السكرتير السياسي، وبيان قوى الإجماع الوطني الصادر عقب اجتماع رؤساء الأحزاب، والذي عاود النظر في التسوية السياسية التي يرعاها المجتمع الدولي، فنفض يده من القرار الأفريقي الصادر في 8 ديسمبر2014، بالرقم(456) والذي بنيت عليه سياسة الإتحاد الأفريقي نحو القضايا السودانية، وستبنى أي رؤية صادرة من المجتمع الدولي عليه في المستقبل، كما جاء لاحقاً في القرار(539)الصادر في أغسطس هذا العام. وما يأتي من سطور هي هوامش على التحركات التي تجريها بعض من قوى المعارضة والنظام والإتحاد الافريقي، قبولاً ورفضاً وسعياً لهذه العملية السياسية.
(2)
حزب الأمة القومي يشرف إشرافاً مباشراً على العملية السياسية الجارية الآن، ويجند لها رئيسه بالكامل والذي يتابع بلا كلل ولا ملل، كل مجريات هذه العملية، يخاطب يخطط يحلل، والطبيعي أن تأتي ردود فعله مطابقةً لما قاله الإتحاد الافريقي، وطبقاً لبيان من مكتبه السياسي جاء فيه:( يعتبر حزب الأمة القومي أن قرار مجلس السلم والأمن الإفريقي انتصارا لخط الحزب الداعي لحل شامل للأزمة السودانية عبر الحوار الوطني الشامل، الذي لا يقصى منه أحد ولا يهيمن عليه أحد، وإن القيد الزمني( 90)يوماً الذي ورد في صلب القرار يضع حدا للتسويف والمماطلة وسياسة شراء الوقت التي ظل يعتمد عليها النظام) وقرءاة هذا التصريح مع ما قاله نائب رئيس حزب الأمة القومي الفريق صديق إسماعيل للصحفي عقيل أحمد ناعم جاء فيه استنكر حزب الأمة القومي المطالبة بإشراك قوى"نداء السودان" في الملتقى التحضيري الذي دعا مجلس السلم والأمن الأفريقي لعقده ب"أديس أبابا" وطالب بحصر المشاركة في قوى" نداء باريس" ممثلة في"الجبهة الثورية وحزب الأمة" بجانب الحكومة السودانية) وقطع نائب رئيس الحزب الفريق "صديق محمد إسماعيل حسب ما جاء في الصحيفة الطريق بلهجة صارمة أمام مشاركة بقية قوى(نداء السودان) ممثلة في تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض ومنظمات المجتمع المدني في الملتقى.وقال:( ما تقول لي "نداء السودان" فقوى باريس فقط هي المعنية) وأضاف: (البقية كفاهم فقط المشاركة في الحوار الوطني الشامل الداخلي) وأوضح أن حزب الأمة تحاور مع الحكومة لإقناعها بقبول المشاركة في الملتقى التحضيري محصوراً فقط في "قوى باريس"، وتوقع أن توافق الحكومة على المقترح بهذه الصيغة. وقال: (لا خيار سوى القبول بالملتقى التحضيري لبدء الحوار الذي لن يبدأ دون اتفاق مع حملة السلاح). وهو ما يفسر إقتصار الدعوة على قوى( إعلان باريس) فقط دون مكونات(نداء السودان) الأخرى لحضور اللقاء مع الإتحاد الافريقي، بواسطة السيد ثامبو إمبيكي، والذي جرى في أديس أبابا وبمثابته حدث ما أسمته هذه القوى ب( الإختراق التاريخي) لصالح الحل الشامل للأزمة السودانية، لجهة كون أنه لأول مرة يسمح الإتحاد الأفريقي لجهة( معارضة) أن تخاطبه، فقد كان في السابق الأمر مقتصراً على الحكومات فقط، بيد أن بيان صدر لقوى نداء السودان التي حضرت( الإختراق التاريخي) قالت إن الجلسة التي خاطبتها الجبهة الثورية وحزب الأمة لم تكن جلسة(رسمية)..!.
بالنظر لهذا الأمر وهو في واقعه وجوهره خطة من الإتحاد الافريقي، ربما تكن بمباركة الحكومة ومعارضة الوسط (قوة)(الإصلاح الآن) (منبر السلام العادل)، لفرض مشروع الإتحاد الافريقي للتسوية السياسية في السودان، تحت دعاوى الحل الشامل للأزمة الوطنية، لكن وللمفارقة فإن القرار الصادر عن الاجتماع بالرقم(539)بتاريخ أغسطس 2015، لم يتحدث عن صيغة الحل الشامل للأزمة السودانية في إطار واحد، بل مضى في طريق القرار(2046) الصادر عن مجلس الأمن الدولي حول التفاوض مع الحركة الشعبية شمال لبحث السلام في المنطقتين ودون بحث أزمة دارفور، وهو ما سوف تسير عليه الحركة الشعبية في تفاوضها مع النظام حول المنطقتين فقط، في إطار إتفاق نافع/عقار الموقع في أديس أبابا يونيو 2011، المقتصر على الشراكة السياسية مع الحزب الحاكم والحركة الشعبية، وبحث قضايا المنطقتين فقط جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق ذلك القرار منح الأطراف المتصارعة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية مهلة(3) أشهر تبدأ في مايو وتنتهي أغسطس 2012 ومضى على ذلك ثلاث سنوات بدلاً من ثلاثة أشهر، دون أن ينفذ مجلس الأمن تعهداته بإجبار الأطراف على إختتام المفاوضات، وهو ما يجعل التبجح والتباهي بمهلة ال(90) يوماً، محض تفاؤل مبني على سذاجة سياسية وعدم قراءة للواقع المعقد دولياً وإقليمياً، فيبدو أن(الخواجات) في الحالة السودانية كانت مواعيدهم أيضاً سودانية!!!. وفيما يبدو أن عقلية التجزئة هي المسيطرة على مشاريع التسوية السياسية، لكنها بدت وكأنها تجزئة تؤدي لحل شامل للقضايا الوطنية، وهو ما لا يستقيم عقلاً ولا منطقاً.
بالنظر للحديث عن الحل الشامل في مشروع التسوية السياسية في شقها الأفريقي، ينشأ هنا سؤال طبيعي ومركزي: أين الحل السياسي الشامل في قرارات الإتحاد الأفريقي؟ وبالنظر للقرار الأخير وما سبقه أيضاً فأغلب الحديث محصور فقط في البحث عن حل الأزمة السياسية الشاملة في مسارات متعددة، وهو ما يناقض تماماً الحديث عن الحل السياسي الشامل، بمسار واحد، فلكيما يكون حلاً سياسياً شاملاً، يجب أن يمر عبر سلسلة من مراحل، لكنها في مسار واحد، تبدأ بحوار وطني جاد ومثمر، تهيأ له كل الظروف وفق الشروط والمطلوبات من قوى المعارضة، ثم الجلوس في مؤتمر قومي دستوري، تناقش فيه القضايا المختلف عليها الحديثة منها وتلك المُرحلة منذ الاستقلال، ومن ثم تمضي سلسلة المراحل وصولاً لانتخابات شفافة ونزيهة تنجز تحولاً ديمقراطياً حقيقاً مسنوداً بإرادة شعب السودان ومحمياً بها، ودستوراً سودانياً خالصاً وفوق ذلك ديمقراطياً يحافظ على الوحدة والتنوع بما يؤدي إلى نهضة السودان، وخارطة الطريق هذه لا ينظر لها الإتحاد الأفريقي، العجيب أن قوى(إعلان باريس) تحاول أن تجبر شعب السودان على أن ينظر ويقرأ مشروع الإتحاد الأفريقي بوجهة نظرها..!.
(3)
وترى قوى إعلان باريس أن قرارت الإتحاد الأفريقي من شأنها أن تنقذ حوار(الوثبة) وتغيل عثرته، فقد جاء في بيان لقوى( نداء السودان) "هنا من الضروري التمييز أن القوى التي اصدرت البيان هي قوى إعلان باريس داخل( نداء السودان) وليس شاملاً لكل قوى نداء السودان" – المهم أن ذاك البيان وأياً كان مصدره قال:( مجلس السلم والأمن الأفريقي في جلسته رقم (456) بتاريخ 12 سبتمبر 2014م، عبر آليته الرفيعة التي يرأسها السيد ثامبو أمبيكي، حركته حالة التردي السياسي، والأمني، والإنساني، في السودان فأقدم على إتخاذ قرارات بشأن الحوار السوداني الذي إبتدره النظام في يناير 2014 باسم حوار الوثبة, وقد أثنى المجلس في تلك الجلسة على عملية الحوار السوداني (كعملية ذات مصداقية، شفافة، شاملة، وعادلة يبدؤها ويملكها شعب السودان) وسعى لضمان شمولها وعدالتها وشفافيتها بالنص على عقد اجتماع تمهيدي للأطراف السودانية لمناقشة القضايا ذات الصلة بالعملية الحوارية، وذلك في مقر الإتحاد الأفريقي وبتيسير الآلية الأفريقية رفيعة المستوى، كما شجع الحكومة على تسريع جهودها نحو تنفيذ تدابير بناء الثقة المتفق عليها، بما في ذلك الإفراج عن جميع المعتقلين والسجناء السياسيين؛
وضمان الحريات السياسية والضمان الكامل لحرية التعبير والنشر وفصل المسائل عبر القضاء وحده، وتوفير الضمانات اللازمة للجماعات المسلحة للمشاركة بحرية في الحوار الوطني؛ وذلك بإبرام اتفاقيات وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية الشاملة، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للسكان في المناطق المتأثرة بالحرب) جميل، لكن عندما تقرأ بتفصيل قرار الإتحاد الأفريقي المذكور أعلاه، لا تجد أياً من هذه المحاور موجوداً فيه بصورته القاطعة التي أعلنها البيان، والبيان ينظر للأشياء في شمولها فقط، ويساوي بين الحكومة والمعارضة في إجراءات بناء الثقة هذه، لكن قوى (نداء السودان) لم تضع في الحسبان فخ إنطوى عليه القرار، فهو إذ يتحدث عن خطاب الوثبة وكيفية دعمه وتطويره ليصبح حواراً وطنياً، هنا يمكن أن يقول النظام إن هذا الحوار حقه وملكه، وبالفعل قالها رئيس حزب المؤتمر الوطني للسيد/ إمبيكي، حينما قال له: إن الحوار سوداني/ سوداني وشكر الله سعيكم، ومضى في لقاءات جماهيرية يقول إنه سوف يمزق أي قرار من الإتحاد الافريقي راجع تصريحات البشير في الفترة الماضية وغداة إصدار القرار الأفريقي، قطع رئيس حزب المؤتمر الوطني قول كل خطيب في هذا الأمر حين قال:( أنا رئيس الحوار ولا الإتحاد الأفريقي ولا أي جهة أخرى تستطيع أن ترأس الحوار) ونسف المبدأ الأساسي في القرار الأفريقي القائل:(يدعو حكومة السودان إلى الامتناع عن أي أفعال من شأنها أن تقوض الثقة في العملية وتعرضها إلى الخطر إمكانية إجراء حوار وطني شامل للجميع وذي مصداقية في السودان) ولكن رغم ذلك يمضي النظام فعلياً وقولياً، في مفارقة خط الإتحاد الافريقي، في مشروعه للتسوية السياسية في البلاد. وهو المشروع الذي تتمسك به الجبهة الثورية وحزب الأمة وحركة الإصلاح الآن.
(4)
أما بالنسبة لقوى الإجماع الوطني، فإن الأمر لا يعنيها كما ذكرنا آنفاً، فهي ترى أن "طريق الشعب؛ الإنتفاضة الشعبية والإضراب السياسي وصولاً للعصيان المدني لإسقاط النظام" وقد أصدرت في مولد اللقاءات والبيانات السياسية بياناً أتى ضافياً حوى موقفها من مشروع التسوية الذي يسعي المجتمع الدولي لفرضها، وقال البيان الصادر عن إجتماع رؤساء أحزاب قوى الإجماع الوطني: (عليه فإن قوى الإجماع الوطني تعلن رفضها لأي حوار قائم على مرجعية القرار الصادر من إجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي بالرقم(456)ويصبح هذا القرار ومايترتب عليه من حوار وتفاهمات أو تدابير غير ملزم وتم تجاوزه من قبل تحالف قوى الإجماع الوطني) بل ومضت أبعد من ذلك ودعت حلفائها الآخرون في(نداء السودان) لركل مشروع التسوية الدولي، والإنخراط في مشروع الإنتفاضة الشعبية، وهنا مربط الفرس وبيت القصيد، حيث اجتمعت هذه القوى السياسية في برلين بتاريخ 27 فبراير2015، وإتفقت على:(إن قوى (نداء السودان) باستعدادها للمشاركة في الاجتماع التحضيري تأخذ بالاعتبار قرار قوى الإجماع الوطني الرافض للجلوس مع نظام المؤتمر الوطني في أي حوار إلا بعد تنفيذ إستحقاقات ومطلوبات الحوار المذكورة سابقا. فإن حزب الأمة القومي والجبهة الثورية السودانية يشاركان في الإجتماع التحضيري بغرض إلزام المؤتمر الوطني لتنفيذ إجراءات تهيئة المناخ ووقف الانتخابات والقصف الجوي والحرب وإطلاق الحريات. فاذا رفض النظام وتعنت في قبول المؤتمر التحضيري أو رفض تنفيذ مطلوبات واستحقاقات تهيئة المناخ للحوار الوطني فإن الأطراف المشاركة من قوى(نداء السودان) سترفع يدها عن الحوار تماما و تصب كل جهودها في طريق الانتفاضة الشعبية الشاملة التي تقود إلى إسقاط النظام وذهابه غير مأسوف عليه) نص إعلان برلين( طريق الإنتفاضة) الصادر عن قوى(نداء السودان في برلين) لكن حضرت الجبهة الثورية وحزب الأمة إلى أديس أبابا لحضور الإجتماع التحضيري للحوار، وغاب عنه كأمر طبيعي متوقع حدوثه نظام المؤتمر الوطني، وظل التعهد من جانب الجبهة الثورية وحزب الأمة باقياً، لكن بدلاً من الوفاء به، مضى الطرفان المعنيان في البحث عن صيغة جديدة لحوار جديد، فلم يملوا البحث عن مثل هذه الصيغ التي دائماً يهزمها الموقف المتعنت من المؤتمر الوطني، والشاهد أن آخر ما خرجوا به هو(حوار بضمانات دولية) وليس بضمان شعب السودان الذي من المفترض أن يجري الحوار لخاطر عيونه..!.
وفي تطور طبيعي لعلاقة حزب الأمة والجبهة الثورية منذ إعلان باريس، حيث حملت الأنباء ما مفاده:( بدأت فصائل الجبهة الثورية إجتماعات مكثفة في العاصمة الفرنسية، وسط حضور لافت لمبعوثي بريطانيا وأميركا، لمناقشة تطورات الأوضاع في السودان، ووضع خارطة طريق للسلام والحل الشامل، كما أبدت تمسكها بوحدة قوى "نداء السودان") وقالت أنها لن تتخلى عن تحالفها مع رئيس حزب الأمة الصادق المهدي) انتهي.9سبتمبر2015. العبارة الأخيرة التي أراد قائلوها إقحامها عمداً، كما جاء في تصريح السيد/ياسر عرمان، ربما يقصدون بها آخرون يرون أنهم ناقمون على التطور اللافت في العلاقة بين الجبهة وحزب الأمة، والأخير كان حتى قبل إعلان باريس يرى إستنصار الجبهة الثورية بالاجنبي( رجساً من عمل الشيطان) قبل أن يغويه هذا الشيطان ويستنصر هو وحلفائه في الجبهة الثورية بالأجنبي ويطبخون طبيخهم بعيداً عن الشعب السوداني، المكتوي بجمر النظام والمجتمع الدولي.
(5)
ماذا يريد المجتمع الدولي؟ هو السؤال الكبير، الآن، وماذا نريد نحن أيضاً؟ سؤال. لكن إرادة كلاً منا تختلف عن الآخرى نحن والمجتمع الدولي- فالمجتمع الدولي يريد الآن كما أشرنا سابقاً تسوية سياسية في السودان يخطط لها وينفذها، بواسطة قوى سياسية هي جاهزة للعب هذا الدور، وهذه القوى التي تبشر بهذا المشروع الآن، جزءاً منها يتبني هذه الرؤية منذ زمن طويل(الجبهة الثورية) وآخر إلتحق حديثاً بهم بعد أن كفر من خير يأتي من الداخل (حزب الأمة)، وجزء صنع بعناية دقيقة جداً وبخطة محكمة من أجل أن يكمل أضلاع مثلث سوف يسميه المجتمع الدولي بالمعارضة والحكومة (طرفا عملية التسوية السياسية) وهذا الجزء هو تحالف القوى الوطنية للتغيير(قوت) وحركة الإصلاح الآن بزعامة غازي صلاح الدين، هذا العدد الكبير من القوى السياسية ناقصاً قوى الإجماع والشعب السوداني، يساوي المعارضة والحكومة-في نظر المجتمع الدولي. ولكن في خضم ذلك فمشروع الشعب السوداني للتغيير الجذري هو الذي يمضي ليصل نهايته بتحقيق أهدافه على المدى الطويل والقريب، فقط يحتاج لنفس هادئ وطويل وهو ما ينقص قوى سياسية محسوبة على المعارضة، فإرادة الشعوب هي الغالبة، لأنها صاحبة الحق الأصيل والمصلحة الحقيقية، والجمرة بالطبع تحرق الواطيها كما في المثل البليغ.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.