اتجهت لجنة العدل والتشريع بالبرلمان الى وضع نص في مشروع قانون مفوضية مكافحة الفساد تخضع بموجبه الاحزاب السياسية لسلطات مفوضية مكافحة الفساد المنتظر تشكيلها والنص المستحدث بحسب وسائل اعلامية يسمح بمساءلة قادة الاحزاب حال ظهور شبهات فساد وثراء حرام عليهم وفي غضون ذلك اعتمدت اللجنه حوالي سبعة اعضاء للمفوضية يتم تعيينهم بواسطة رئيس الجمهورية بعد موافقة البرلمان مع اخضاع اعضاء اللجنه خلال اجتماع حضرة وزير العدل اواخر الاسبوع المنصرم تكون بموجبه الاحزاب السياسية ضمن الاجهزة الخاضعة لسلطات المفوضية ولفت الى أن هذا التعديل يتيح للمفوضية سلطة مساءلة قادة ومنسوبي الاحزاب السياسية عند ظهور حالات فساد، وكشف عن عدم توافق بين اعضاء اللجنة على مسألة اخضاع الاحزاب لسلطات المفوضية مع توافر معلومات تفيد بان بعض اعضاء البرلمان رفضوا التعديل. طور الإنشاء الى الآن لم يقدم قانون واضح لتمارس مفوضية مكافحة الفساد عبره الشرعية القانونية التي تخولها لممارسة نشاطها السياسي تجاه مكافحة الفساد والحد من انتشاره، فالمشروع مايزال قيد الدراسة والتشريع بالمجلس الوطني، فرغم من أن الفساد اصبح واجهة إعلانية اهترأت منه كل كيانات وقطاعات المجتمع، بالاضافة الى أن أي خطاب جماهيري لرئيس الجمهورية او أي من قيادات الحزب لا يخلو من الحديث عن الفساد، وآلية مكافحة الفساد. فمتى سيتم فعلياً إجازة القانون في أرض الواقع وتقديمه بنصوص واضحة وحاسمة في مواجهة الفساد؟. المناط بها دون الحاجة الى مراقبة ظهور حالات فساد ليخول بعدها من تظهر عليه تلك الشبهات للمحاسبة من قبل مفوضية مكافحة الفساد. في فترة استمرت لاكثر من ستة اشهر لم تدخل المفوضية القانون حيز التنفيذ وقد خرج من قبل وزارة العدل الى مجلس الوزراء منه الى البرلمان كقانون يعطي المفوضية حق جمع المعلومات فقط ليصفه البعض بانه قانون بلا اسنان. مظاهر عديدة اكدت عياناً ظهور حالات عديدة للفساد من ضمنها انتشار الرشوة والمحسوبية وعدم الاحساس بالمسؤولية والتزوير، اذ ان الفساد يتوافق مع كل ما يخالف العمل الطبيعي. وهنالك انواع من الفساد لا يمكن مكافحتها بسهولة مثل زيادة سعر الصرف. هذا ما جعل مبرراً لدى العديد من المراقبين لوصفهم انشاء مفوضية مكافحة الفساد وفق قانون غير عقابي امر غير فاعل كونها تعجز عن مكافحة الفساد. عدم التمويل والفقر حال الاحزاب السياسية في السودان يتشابه في الغالب والاعم ووالوضع الاجتماعي لغالبية السودانيين فالغالبية العظمى باتت تحت خط الفقر بمعنى أن آخر الدراسات الاجتماعية اوضحت بان 50% من السودانيين هم اسفل خط الفقر الاحزاب السياسية كذلك تعاني من عدم التمويل بالرغم من أن القانون يحمل نصاً يفترض بموجبه ان يتم دعم وتمويل الاحزاب السياسية لممارسة نشاطها الحزبي، إلا أن عدم التمويل جعل عدد كبير من الاحزاب السياسية تعتزل المشهد السياسي وتقف في خانة المتفرج مقطوع اللسان العاجز عن التشجيع او الانتقاد خلافاً لما يتمتع به الحزب الحاكم عبر سيطرته التامة على كل مقاليد الدول. فالقيادي بجبهة الانقاذ الديمقراطية المتحدة عبر في حديث سابق له بان الاحزاب لا تمارس دورها المطلوب نتيجة لنقص الموارد وعدم التمويل فنقص الاموال جعلها تضطرها للجلوس في مقاعد المتفرجين وان القوى السياسية اصبحت تقتصر على تحرك ساكناً وكل النشاط السياسي من قياديي وعرابيي الوطني فقط. فبالتالي لابد للاحزاب أن تبحث جدياً عن مصادر لتمويل نشاطها السياسي. وهنا يكمن السؤال عما اذا كانت مفوضية مكافحة الفساد سستتجه للبحث حول حجم ومصدر التمويل للاحزاب ومثلي الاحزاب، ام انها ستنتظر حتى تظهر علامات ومعالم الثراء على تلك الاحزاب ومن ثم تتجه لمساءلتها وجمع المعلومات حولها؟ وهل ان هذه الخطوة من قبل المفوضية ستشمل احزاب معينة او ستكون استثناء للحزب القابض (الوطني) على اعتبار انه حزب متعدد المصادر والثروات؟. وفق احصائية في العام 2013م قامت بها منظمة الشفافية العالمية ببرلين وهي واحدة من المنظمات التي تعد سنوياً دليلاً لانتشار الفساد بين الاحزاب السياسية والشرطة والنظام القضائي والخدمات في البلدان وهو ما يقوض النمو ويعيق مكافحة الفقر اكدت احصاءات المنظمة أن السودان يحتل المرتبة ال174 وهي المرتبة الرابعة قبل الاخيرة في قائمة الدول الاكثر فساداً في العالم وجاء في التقرير أن السودان لم يبرح المراكز الاخيرة منافساً الصومال وافغانستان وهي دول لا تمتلك انظمة ثابتة. المستشار القانوني استاذ سعد الدين عابدين اكدل«الإنتباهة» أن قضايا الفساد في السودان يتم علاجها بطريقة ذكية فما يظهر في تقارير المراجع العام لا يمثل اكثر من 5 % من اجمالي الفساد في البلاد وتقارير المراجع العام التي يتم ايداعها البرلمان سنوياً تتحدث عن قضايا اعتداءات على المال العام واستغلال لنفوذ المسؤولين، فيما يتصل بإرساء العطاءات والتسهيلات الممنوحة للدستوريين والمسؤولين من البنوك عبر منحهم تمويلات مصرفية كبيرة وضخمة بارباح هامشية ولفترات طويلة، اضافة الى تجنيب ايرادات الدولة خارج موازنة الدولة وهو ما حدث فعلياً لدى العديد من المؤسسات العامة والخاصة. طالب مسبقاً مجموعة من البرلمانيين بضرورة تشديد العقوبة على المفسدين ووصفوها بالخيانة العظمى، قد تصل عقوبتها الى حد الاعدام، فيما تخوف رئيس لجنة الزراعة بالبرلمان عبدالله مسار من استخدام المفوضية اداة لتصفية الحسابات السياسية، فيما كشف عن وجود قضايا كبيرة معلومة لم تصل للمحاكم رغم انتشارها في المجتمع، وعزى ذلك لعدم وجود الارادة السياسية (عشان ما أي انسان يدغمس على كيفو)، ودعا مسار في الوقت نفسه الى ضروروة وضع ضوابط للمفوضية لضمان نزاهتها، فيما أقر كذلك بوجود محاباة في السلطة والقرار السياسي والوظيفة. وتابع حديثه بالعامية (كتار عندهم اموال ما معروفة غسيل اموال ام غيرو) لتبقى في الختام اهمية قيام مفوضية مكافحة الفساد ضرورة قصوى مع ضرورة تمتعها بصلاحيات واسعة تخول لها أداء دور كامل غير منقوص. الانتباهة