إسحق أحمد فضل الله يكتب: (وفاة المغالطات)    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكري العاشرة لشهداء البجا في 29/ يناير / 2005 م
نشر في الراكوبة يوم 20 - 01 - 2016

بأي ذنب قتلوا وشريعة السماء وسنة نبيه الحبيب المصطفي محمد (ص) وقانون حماية حقوق الإنسان ودستور السودان الإنتقالي ... ركائزها حماية حقوق الإنسان الأساسية من العدالة وحرية التعبير وتحريم قتل النفس بغير نفس ؟
فأقرؤا ماتيسر لي من إجتهاد متواضع في هذا الخصوص ... وقد قال النبي محمد (ص ) بلغوا عني ولو آية اللهم بلغت فأشهد:-
الظلم في الدين:-
الظلم هو وضع الشئ في غير موضعه وهو الذي جاوز العدل إلي الجور ، وكذلك من تعدي حدود الله من الحلال إلي ما حرم الله عليه ، فتجاوز طاعته إلي معصيته ( ومن يتعدي حدود الله فأولئك هم الظالمون ) . كلمة الظلم ومشتقاتها وردت في كتاب الله أكثر من 313 مرة ، قال بن الجوزي " الظلم يشتمل علي معصيتين ، أخذ حق الغير بغير حق ، ومبارزة الرب بالمعصية" والمعصية هنا أشد لأنها لا تقع إلا علي الضعيف والظلم ينشأ من ظلمة القلب لأنه لو استنار القلب بنور الهدي لاعتبر.
الظلم ثلاثة :-
1/ ظلم لايغفره الله وهو الشرك به .
2/ ظلم يغفره وهو الذي بينه وبين عباده .
3/ ظلم متروك بين العباد أنفسهم ، إذا غفر العبد لأخيه غفر الله له وإن لم يعفر لايغفر الله له .
أول ظلم في الدنيا هو قتل قابيل أخاه هابيل ، جاء في الحديث : يؤتئ يوم القيامة بالظالم والمظلوم فيؤخذ من سيئات المظلوم فتطرح علي الظالم ( ربنا إنك من تدخل النارفقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ) تقول الملائكة وهي تنزع أرواح الظالمين أخرجوا أنفسكم إلي سخط الله ولعنته ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ) ، قال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) في الحديث القدسي إنه سبحانه وتعالي يقول يا عبادي إني حرمت الظلم علي نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظلمون) .
من مشي مع ظالم يعينه وهو يعلم أنه ظالم ، فقد خرج من الإسلام ، ويقول إنه ( إذا رأيت أمتي لا يقولون للظالم منهم أنت ظالم فقد ‘تودع منهم ).
وفي الشعر : -
وظلم ذوي القربي أشد مرارة
علي المرء من وقع الحسام المهند
حق الإجتماعات والمواكب العامة :-
" أولئك الذين فقدوا القدرة علي فهم العدالة السماوية لايشعرون بذنوبهم "
تعريف التجمع السلمي :-
تعرف المفوضية الأوربية للديمقراطية من خلال القانون ، المعروف بأسم مفوضية فينيس، التجمع السلمي ، بأنه حضورمقصود ومؤقت لمجموعة من الأشخاص بغرض التعبير الجماعي عن رأي معين ، سواء أكان ثابتا في مكان محدد أو متحرك . لكي يكون التجمع سليما فإن منظميه يجب أن يعبروا عن نواياهم في سلمية المجتمع وأن يكون سلوك التجمع بعد انعقاده سلميا. والمقصود بسلمي هو السلوك الذي يخلوا من العنف حتي ولو كان يتضمن تعبيرا عن رأي من شأنه أن يزعج ، أو يضايق الآخرين ،أو ‘يعرقل ممارستهم لنشاطهم العادي . معلوم أن المسيرات هي تعبير عن رأي في حدث ما ، إستنكارا أو تأييدا له وغالبا ما يكون ذلك الرأي الذي يتم تأييده أو إستنكاره يقف منه آخرون موقفا مغايرا . وقد يكون أولئك يشكلون الأغلبية الساحقة من أعضاء المجتمع أو أهل المنطقة التي يقع فيها ذلك التجمع ، إلا أن ذلك لايجب أن يكون سببا في عدم السماح بالموكب من قبل السلطات ، بل مدعاة لحمايته من أي تخل عنيف من قبل الآخرين .
كذلك فإنا التجمع المتحرك ( المظاهرات أوالمسيرات ) بالضرورة ‘يعرقل سير الحركة في المناطق التي يمر بها ولكن ذلك لا يعني منعه وإن أجاز تنظيمه .
التجمع السلمي حق دستوري : -
تنص المادة 40 (أ) من الدستور السوداني علي حقين ، الأول هو الحق في التجمع السلمي ، والثاني هو حق في التنظيم ، والتنظيم يختلف عن التجمع من حيث الإستمرارية ، فالتنظيم درجة أعلي من التجمع في الإرتباط بالآخرين ، لأنه يتطلب إستمرارية لزمن معقول في حين أن التجمع قد يكون لمرة واحدة . ولذلك فقد فرق الدستور بينهما ففي حين أنه أطلق الحق في حرية التجمع السلمي فإنه في القفرة الثانية من نفس المادة منح القانون سلطة تنظيم الحق في التنظيم سواء تعلق ذلك بالأحزاب أو النقابات ، وقد أشترط أن يكون ذلك التنظيم وفقا لما يتطلبه المجتمع الديمقراطي.
وقد نص أيضا كلا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 20 والعهد الدولي للحقوق المدنية السياسية في المادة 21 والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب في المادة 10 علي الحق في التجمع السلمي وهي تتضمن إلتزامات السودان علي المستوي الدولي إضافة لكونها جزء من الدستور.
ويلاحظ هنا أن الدستور وصف حق التعبير بأنه حق لا يقيد كما وأنه لم يقيد الحق في التجمع السلمي ، والسؤال هو - هل يجوز للقانون أن يقيد حق التظاهر السلمي ؟
الإجابة القاطعة والواضحة يحب أن تكون بالنفي ، وذلك طالما أن التجمع المعني ظل سلميا ولا يمس الحدود القانوينة المعقولة لحماية النظام والسلامة والأخلاق العامة. ولكن هذا لا يعني عدم جواز تدخل القانون مطلقا ، بل يعني أن يتدخل القانون لتنظيم المواكب السلمية لحمايتها لا قمعها ، وذلك لأن المادة 27 (2) من الدستور أوجبت علي الدولة أن تحمي وثيقة الحقوق وتعززها وتضمنها وتنفذها، ولما كان حق التجمع السلمي وحق التعبير من أهم الحقوق التي تضمنتها وثيقة الحقوق ونهت عن تقييدها ، فإن واجب الدولة في حماية الحقين يلزمها بإصدار القوانين التي تحمي الحقين ويلزم أجهزة الدولة المختلفة بإستعمال سلطاتها لحماية الحق وليس لإهداره
طلب التصديق المسبق: -
لقد درجت السلطات علي طلب الحصول مسبقا علي تصديق بالنسبة للتجمعات بنوعيها سواء أكانت المتحركة (الإجتماعات العامة ) وهي سلطة اكتسبتها لجنة الأمن في الولاية ، ولجانها الفرعية استنادا علي السلطات الواردة في المادة 127 إجراءات جنائية والتي تنص علي أنه يجوز لأي والٍ ، حاكم ، معتمد ، أو محافظ في حدود دائرة اختصاصه وبالتنسيق مع وكيل النيابة أو القاضي المختص أن يصدر أمرا بحظر أو تقييد أو تنظيم أي اجتماع أو تجمهر أو موكب في الطريق أو الأماكن العامة مما يحتمل أن يؤدي إلي الإخلال بالسلام والطمأنينة العامة.
لقد سبق وقررت مفوضية حقوق الإنسان الإفريقية في الدعاوي المرفوعة ضد حكومة السودان من قبل منظمة العفو الدولية وآخرين عدم دستورية هذه السلطة عندما تعرضت للمرسوم الدستوري الثاني لسنة 1989 م والذي كان في المادة 6(1) (د) ‘يحظر القيام بدون إذن خاص بأي تجمع لغرض سياسي في مكان عام أو خاص ، ذكرت اللجنة أن ذلك الحظر العام لا يتناسب مع الإجراءات المتطلبة من الحكومة للحفاظ علي النظام العام – والأمن – والسلامة العامة ، وقد رأت اللجنة في ذلك خرق للمادة 10 (1) من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب . يجدر بنا أن نذكر أن الميثاق الأفريقي قد أصبح ‘يعد ذلك ‘جزئا لا يتجزأ من الدستور بموجب حكم المادة 27 (3) منه.
إن حق الإجتماع ليس منحة من الإدارة ، تمنعها أو تمنحها كما تشاء ، بل حق أصيل للناس اعترف به القانون وأكده الدستور ، ولذا فهو لا يقتضي طلبا من قبل صاحب الشأن ولا يلزم لنشوئه صدور قرار الإدارة بزمان الإجتماع ومكانه وفي فضه هي سلطة استثنائية وهي تخضع لرقابة المحكمة لتتعرف علي ما إذا كان استعمالها مطابقا للقانون نصا وروحا أم إنه ليس كذلك ؟.
إذا القانون حسم حرية التجمع السلمي بشكل يهدف حماية الحق ومنع انتهاكه ، والإخطار المسيق يساعد السلطات علي تنظيم الطرق والميادين التي تكون التي تكون في طريق الموكب ، أو علي مقربة من الإجتماع ، حتي يخفف ما يمكن أن يحدثه الموكب أو الإجتماع من عرقلة سير المرور دون أن يشكل الإخطار عائقا يحول دون التعبير عن الرأي في الحالات التي تتطلب سرعة التفاعل معها ويضع علي السلطات واجب حماية توفير الحماية للموكب التي تخرج تلقائيا نتيجة لتفاعل مع أحاث طارئة من شأنها أن تخلق ردود أفعال شعبية.
التقرير الذي يتولي أمره الخبير المستقل المعني بأوضاع حقوق الإنسان في السودان آريستيد نوسين والمعلومات التي تكشفت بين ثناياه حول حقوق انتهاكات حقوق الإنسان في السودان ، أن التقرير يهدف بما تضمنه من وقائع وتوصيات لإبقاء السودان داخل بند الإجراءات الخاصة ، حيث اعتبر الخبير أن التراخي في التحقيق أو إنفاذ القانون في الحوادث يضعف حق الضحايا في الوصول إلي العدالة ، وأبدي قلقه من القيود المفروضة علي الحريات والحقوق السياسية وحرية التجمع ، وقال إنه تلقي تقارير عن إطالة أمد الإعتقال التحفظي دون فرص الوصول للعدالة أو المساعدة القانونية ، كما طالب بمراجعة المادة 152 من القانون الجنائي " الزي غير المحتشم " ووقف ما سماها ( ثقافة الصمت والإنكار في الجرائم الموجهة ضد المرأة ).
إستنادا إلي ماجاء في أعلاه فإن دستور السودان تضمن لكل الأفراد حق حرية التعبير وحق التنظيم ، فإن هذا القانون أو كل قانون يشبهه اعتبر ملغيا . وإن لم يكن كذلك فبأي ذنب قتل شهداء البجا في 29/ يناير / 2005 م - في أبشع جريمة ضد الإنسانية بالأسلحة المميته وعوق وجرح الأبرياء المئات وانتهكت الحرمات الآمنة وانتشر الرعب ؟، من الواضح أن الانقاذ تصرفت لتبرهن أنها الأول والأخير، فلاسلطة فوق إرادتها ، ولاحقيقة إلا من خلالها ، ولاقيم أخلاقية إلا ما تمليه مصالحها ، ولا سعادة لها إلا من خلال إشباع غرائزها . ولكن سرعان ما سقطت أقنعتها الأيدلوجية الزائفة والحقيقة فوقها ولاتخضع لإرادتها ، فقد انقطعت يومئذ عن عالم السماء ، وعالم القيم ، لا تفكر إلا لذاتها، ونسي صاحبها أن الرحيل القسري عن الدنيا آت بلا إستئذان إلي يوم لا ينفع فيه مال ولابنون ولا ملشيات وأسلحة مميته - إلا من أتي الله بقلب سليم.
للحقيقة والتاريخ أن إنتفاضة البجا في يناير 2005 م ، لم تسأل إحسانا بمطالبتها بحقوقها في الحرية والعدالة – بل تطلب حقا معترفا به ولانزاع فيه . تطلب حقها في الحياة – لأنه لايوجد مطلب واحد خليق بأن يشغل حياة الإنسان – ألا وهو الحق في حياة كريمة فوق أرضها وتحت سمائها ، وفي سبيل هذا - أثبتت إلتزام المتظاهرين بالنضال السلمي وتفانيهم في الخروج الي الشارع والتضحية رغم بطش آلة حرب النظام ومرتزقته ، كما هزت أركان النظام وكشفت عزلته . فلم تجد النظام غير اللجوء إلي أجهزة أمنه وملشياته المدربة لضرب لكل من تجرأ ورفع راية الحق ، ومن جهة أخري كشفت الإنتفاضة جبن وفزع وتردد قيادات مايسمي الأحزاب القومية ، خاصة الاتحادي والأمة ووضح أنه ربما خوفهم وخشيتهم من الجماهير تساوي خوفهم وانتقادهم للنظام ، المهم أن قيادة الأحزاب فشلت في إختيار الموقف الوطني، واختارت مقعد المتفرج ، وهذا الموقف في تلك اللحظات الحاسمة خيانة الإنتفاضة ، كما أغفلت وسائل الإعلام السودانية غير المبرر - رفض الجريمة البشعة التي أودت بحياة الأبرياء المسالمين كما خلفت المعوقين والجرحي والأرامل والأيتام والآثار النفسية المحزنة .... كأن وسائل الإعلام السودانية - خلقت من ضلع الإنقاذ أوأنها خرجت منه ، الواقع المحزن الذي يبين الإنحراف عن دورها تماما بلا نقيصة . الأهم لقد رفعت إنتفاضة البجا سقف المواجهة مع النظام ، وخرجت تتحدي أمن النظام وتهز هيبته ، وفي نفس الوقت لتشير علي الإمكانيات الثورية لدي جماهير البجا خاصة الشباب والطلاب والمرأة التي قدمت ابنها وزوجها شهيدا حتي تجد للحياة مذاقا وطعما مستساغا . كذلك كشقت إنتفاضة يناير 2005 م ، ضعف قيادة الإجماع الوطني وعدم إستعدادها للتصدي لمهامها و وخيارالسكوت المطلق عن إثارة الجريمة المنكرة علي أي مستوي محليا أو خارجيا - كأن مجزرة شهداء البجا في يناير 2005 م ، ارتكبت في بلد آخر غير السودان . ومفوضية حقوق الإنسان السودانية أين سلطاتها وصلاحياتها الواردة في مبادئ باريس لسنة 1991 م ، التي أجازتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1994 م ، بشأن انتهاكات حقوق الإنسان ؟ ألم تكن رايات انتفاضة يناير 2005 م المسالمة ، رايات حقوق الإنسان وحرياته الأساسية . ؟
التقاضي في الفقه الإسلامي هو " اللجوء الي القضاء طلبا لفصل الخصومات وغيرها بحكم الشرع إلزاما وبطرق خصوصية " والمراد بكفالة حق التقاضي هو ضمان حق الأفراد في اللجوء إلي القضاء مع توفير الحماية اللازمة لهم في المثول أمامه طلبا لفصل الخصومات وغيرها بحكم الشرع إلزاما وبطرق خصوصية .
عبر عنها المشرع السوداني في المادة 35 من دستور جمهورية السودان الإنتقالي بوضوح شديد والتي تقرأ " يكفل للكافة الحق في التقاضي ولايجوز منع أحد من حقه في اللجوء إلي العدالة "
بعد إرتكاب الجريمة المنكرة شرعا عرفا وقانونا وضعيا - تم ما سمي بالتسويات مع بعض أولياء دم القتلي وتنازلوا عن حقهم في الإقتصاص لقتلاهم ، بينما رفض ستة من أولياء دم الشهداء التفاوض في هذا الشأن وإلتجأوا للقانون للتحاكم إليه في صبر ومثابرة طويلين بحثا عن العدالة التي لم تتحقق حتي اليوم لقيام عوائق وجدر إجرائية محكمة السياج حالت دون وصول قضيتهم للمحاكم لتقول قولتها في مساءلة من ثبت ولوغهم في هذا الدم المسفوح . وتمثلت هذه الجدر والعوائق في إجراءات النيابة بدرجاتها المختلفة التي تعرضت لملف التحقيق أو بالأحري أعرضت عنه حيث يوجه الإتهام الي أي جهة أو شخص طوال هذه السنوات ، بدفع مفاده أن حق أولياء الدم في الإدعاء قد سقط بسبب التقادم ، وهاهي وزارة العدل تتذرع في سياق ردها علي هذه الدعوي .
أي دم هذا الذي يهدر بالتقادم وأي تحر وأي إجراءات يطلب فيها المحققين من أولياء الدم تقديم كشوفات عن أسماء الجناة وهم قوة نظامية متكاملة العدة والعدد تم إرسالها من جهات حكومية لإنجاذ مهمة نفذت ( جريمة ضد الإنسانية ) علي أكمل وجه .
قرار المحكمة الدستورية بتاريخ 3/ 5 / 2015 م ، جاء بما يحقق عدالة السماء والأرض ونصه :-
الأمر النهائي :-
1/ قبول الدعوي موضوعا وإلغاء القرارات الصادرة من النيابة العامة
2/ امر بفتح الدعوي الجنائية بإسم الطاعنين من تسفر عنهم التحريات وتقديمهم للقضاء.
3/ يخطر الأطراف.
والأيام القليلة القادمة ستشهد أكبر امتحان تواجهه عدالة الإنقاذ – أهي حالة عابرها تفرضها الحقيقة الضاغطة وإحتمال أن تفقد عدالتها الثقة وبذلك تدخل الإنقاذ متاهات الإحتمالات الكثيرة وغير المتوقعة - ففي يناير 2005 م - رفعت جماهير انتفاضة البجا سقف المواجهة مع النظام وخرجت تطلب الحق وضحت بفلذات أكبداها، ولا زالت علي اعهدها واستعدادها للتصدي والمواجهة - فهؤلاء اصحاب حق والحق يعلي ولا يعلي عليه .
وختاما لا يسعني إلا الشكر والتقدير للدكتور المتواضع حميد إمام محمد - شفاه الله وعافاه الاساتذه رفعت عثمان مكاوي ومحمد ابراهيم عبدالله والمناضلة الجسورة الاستاذة نجلاء محمد علي التي دخلت السجون معنا و من قسوة جهاز الأمن ما نالت – فهؤلاء يدافعون عن قيم الحق والعدل والحرية ، لكي تنتهي حقوق إلي مثل هذه المأساة الفظيعة لشهداء الحق - شهداء انتفاضة البجا – يناير – 2005 م فجزاهم الله خير الجزاء.
كما اتقدم بالشكر الي السيد عماد علي دهب والمستر جون لادو – فهؤلاء كانوا لنا فاتحوا الطريق إلي الاساتذه اللأجلاء الذين أمسكوا بزمام الأمر حتي تتحقق العدالة.
وإن ينصركم الله فلا غالب لكم
والجنة والخلود لشهدائنا الأبرار مع النبيين والصديقين
وعاش كفاح مؤتمر البجا .
ابراهيم طه بليه
من الأسر الرافضة للدية – يناير – 2015 م
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.