إسقاط مسيرتين فوق سماء مدينة مروي    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    كهرباء السودان: اكتمال الأعمال الخاصة باستيعاب الطاقة الكهربائية من محطة الطاقة الشمسية بمصنع الشمال للأسمنت    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    الدكتور حسن الترابي .. زوايا وأبعاد    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    وصول طائرة للقوات المسلّحة القطرية إلى مطار بورتسودان    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    أمس حبيت راسك!    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نحن أحياء ؟!!
نشر في الراكوبة يوم 29 - 01 - 2016

قبل أقل من شهرين ، وتحديداً في الأسبوع الأول من ديسمبر أعلن وزير المالية عن زيادات في أسعار الوقود والغاز والدقيق والكهرباء والمياه ، وشتمنا وسبَّنا بأقذع الألفاظ ، ووصفنا بأننا شعب مستهلك وعاطل عن العمل ، ثم تراجع تكتيكياً عن هذه الزيادات وأنكرها ونفى أن تكون الميزانية مُتضمِّنة لأي ضرائب أو زيادات في الأسعار ، فصمتنا وابتلعنا تلك الإساءات الجارحة ، وخرجنا نلهث في الشوارع بحثاً عن الغاز ، ونحمل على أكتافنا أكثر من أسطوانة فارغة ، ونجلس في صفوف الغاز بالساعات والأيام تحت لفح الهجير ونفخ الزمهرير ، ونمتلئ فرحاً اذا عدنا للبيت بإحداها ملأى ، ولا يهُمُّنا اذا دفعنا مائة وسبعين ألف جنيه ثمناً لها ، يحدونا الأمل الكاذب ، وتُخدِّرنا وعود البواخر التي تتزاحم بالميناء لإفراغ حمولتها من الغاز المستورد !!!
لقد أغرى تهافتنا على الغاز بأي سعر وزير المالية فرفع أول أمس سعر أسطوانة الغاز الي ثلاثة أضعاف سعرها الرسمي ليصبح 75 ألف جنيه ، وهو على يقين تام بأننا سنكون حامدين وشاكرين له بأن وفَّر لنا الغاز بسعر يقل بأكثر من مائة ألف جنيه عن السعر الذي كنَّا ندفعه بالسوق الأسود ، وهذه هي سياسة الإنقاذ التي ظلت تُمارسها منذ مجيئها ، والتي كتبت عنها في مقال سابق ، وهي سياسة تقوم على فكرة التلاعب بالسلع و إخفائها في ما يُعرف بالسياسية التخويفية حيث يتم تطبيقها كلما أرادوا وضع زيادة على أسعار سلعة ما فيُحدثون الشح فيها ، ويُكيليون الإتهامات الي مافيا مجهولة تقوم بإخفائها ، وهم أنفسهم أعضاء تلك المافيا ، ثم يعذبون الناس بالبحث عنها ، ثم يُخرجونها بأسعار مضاعفة يقبل بها الناس ، بل يدافعون عنها بقولهم ( والله أحسن تكون موجودة وغالية مما تكون معدومة ) !!!
لقد كان الوزير رحيماً بِنَا عندما ضاعف السعر ثلاث مرات ، ولو ضاعفه سبع مرات ليصل الي مائة وخمسة وسبعين ألفاً لكنّا في غاية الإمتنان والسعادة بالسعر الجديد !!!
وأمس خرج علينا الوزير ليحدثنا بلسان كذوب بأنَّ الزيادة في أسعار الغاز لن تؤثر في أسعار الخبز لأنَّ سعر الغاز للأفران سيظل كما هو دون زيادة ، وهو يريدنا بهذه السياسة أن نبلع طُعم زيادة الغاز على الأنبوبة ثم يُفاجئنا لاحقاً بفرض الزيادة على أصحاب الأفران !! إنَّ وزيراً كهذا يكذب في الشهر ألف مرة لا نرى له بُرءاً من دائه الاَّ بقطع لسانه .
لن تقف الزيادات على أسعار الغاز ، وستمتد حتى تشمل كل سلعة ابتداءاً بالديزل والبنزين ، ومروراً بالكهرباء والمياه ، وانتهاءاً بالقمح والدقيق ، وستتضاعف معاناتنا بدرجة لا يمكن تصورها ، ولن تتوقف هذه المعاناة الاّ بالخروج الي الشوارع والزحف المقدس الي عتبات القصر لإسقاط هذه الطغمة الفاسدة ولو كلّفنا ذلك آلاف الشهداء .
ليس مهماً أن تشمل الزيادة غاز الأفران أو لا تشمله ، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ، والشعوب التي لا تضع الحرية على قمة هرم أولوياتها لن ترتقي عتبة واحدة في سُلَّم المجد ، وستظل أبداً رهينة الخبز وسوط الجلّاد ، وستظل أبداً ترزح في قاع الحُفر !!!
الطغاة لا يسمعون قرقرة بُطُون الجياع ، ولا تُدمي قلوبهم زفرات المقهورين ، ولا تُبكي عيونهم أنَّات المسحوقين ، ولكن يُرهبهم ويُوجع قلوبهم هتاف الحناجر الراعدة ، ويزلزل عروشهم خروج الشعوب الي الشوارع ، فلماذا نلهث نحن خلف أنابيب الغاز ورغيف الخبز ، ويرفل هؤلاء في النعيم ، وفي الغرفات هم آمنون ؟ لماذا تمتطي أنابيب الغاز ظهورنا في الوقت الذي تمتطي فيه هذه الفئة الفاسدة سيارات الانفنتي واللامبرغيني والمزراتي والبرادو ، وتمتطي ظهور ال 99 ٪ الباقية من شعب السودان ؟ لماذا لا نُحيل حياتهم الي جحيم وسعير ؟ لماذا لا تخرج الأرياف والقرى والمدن ؟ لماذا لا تشتعل الجامعات والمدارس ؟ لماذا لا تنتفض المزارع والمصانع ؟
ماذا ننتظر ؟ وماذا نخشى ؟ ماذا أفادنا الإنتظار أكثر من ربع قرن من الزمان ؟ وماذا أورثنا غير الذل والهوان ؟ ما هذه الحياة التي نحياها ؟ وما هذه المسكنة التي ارتضيناها ؟ ما هذا الخنوع الذي يلُفُّنا ؟ وما هذا الخوف الذي يكسر قلوبنا ؟ لماذا كنَّا نخرج للشوارع اذا زادت الحكومة التي انتخبناها الأسعار قرشاً ، و نلزم بيوتنا الآن والديكتاتور يضاعف الأسعار ألفاً ؟ ما هذا الوهن الذي أصابنا ؟ وما هذا الضعف الذي شتت شملنا ؟
كيف انتصرنا على ديكتاتوريتين بأغصان النيم ، ثم رضينا أن نعيش مع هؤلاء هم في النعيم ونحن في أصل الجحيم ؟ من ماذا نخاف ؟ وماذا ننتظر بعد ستة وعشرين من السنين العجاف ؟ كيف خدعنا هؤلاء كل هذا الزمن ؟ لماذا لا نخاف أن نصبح يوماً بلا وطن ؟ لماذا لا يهُمُّنا مستقبل أبنائنا ؟ لماذا لا نموت من أجل أن يكون لهم وطن ؟
لماذا نتفرَّج على المدن التي تنتفض وكأننا نشاهد أفلاماً للمتعة ؟ لماذا تفرجنا أمس على الجنينة وكأنها لا تهمنا ؟ لماذا تفرجنا أول أمس على العباسية وكأنها من كوكب آخر ؟ لماذا تفرجنا من قبل على الجريف وكأنها لا تعنينا ؟ لماذا تفرجنا على الشجرة والحماداب وهي على مرمى حجر من قلب الخرطوم ؟ لماذا تفرجنا على بري وشارعها يؤدي الي بوابة القصر ؟ لماذا تفرجنا على الحلفايا وكأنها على سفوح الهملايا ؟ ولماذا نتفرج اليوم على جبل مرّة وكأنها للخرطوم ضُرّة ؟
هل نخاف فزَّاعات الإنقاذ التي تتوعدنا بأنَّ خروجنا ضدها سيجعلنا مثل الصومال وليبيا وسوريا والعراق ؟ وهل نحن الآن أحسن حالاً من هذه الدول ، أم أنها حكاية صاحبة السِنّ التي تضحك على صاحبة السِنّين ؟ ثم أخيراً هل نحن أحياء ، وإن كنّا كذلك فهل أيقاظ نحن أم نيام ؟؟؟!!!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.