قال مضوي الترابي عضو الحزب الاتحادي الديمقراطي في السودان، ان ظاهرة حركات التحرر الأفريقي بدأت منذ منتصف الأربعينات والخمسينات والستينات من القرن الماضي. وكان هدفها التخلص من ظاهرة الاستعمار الاستيطاني، واستنسخت أساليب وأسماء نظيراتها رغم اختلاف الظروف الموضوعية من قطر لقطر واختلاف أساليب الاستعمار من عابر اقتصادي لمستوطن. وقامت تلك الظواهر لمحاربة الاستعمار وآلياته عبر سياسة فرق تسد بين القبائل، وتمدده كان محدودا لضعف الجانب الإعلامي. ورغم ذلك وخلال خمس سنوات غطت تلك الموجة كل أفريقيا كظاهرة قارية. فالعالم العربي بعد حرب 1967 وهزيمة الجيش المصري، التي سميت بالنكسة وشعور الجماهير العربية بمرارة الهزيمة والغضب وامتلاء الشارع العربي بهذا الشعور، ترجمت المؤسسات العسكرية العربية هذا الأمر بموجة انقلابات(قومية يسارية) تساند الفكر القومي العربي وعبد الناصر وخطة إزالة آثار العدوان، انقلاب البكر وصدام في العراق عام 1964م وانقلاب جعفر نميري وبابكر عوض الله عام 1969م وانقلاب معمر القذافي والضباط الأحرار عام 1969م وانقلاب محمد زياد بري في الصومال 1969م وحركة قحطان الشعبي والجبهة القومية في جنوب اليمن عام 1969م وما سمي بالحركة التصحيحية في انقلاب حافظ الأسد وصلاح جديد عام 1970م. أغلبها انتهت إلى نظم سلطوية أو شمولية هزمت بنفسها ما قامت من أجله ولم يكن حظها أحسن حالا من رفيقتها الأفريقية. الشرق الأوسط الجديد التي لم تحظ بالدراسة العميقة ولا الفهم المعمق تناظره ظاهرة تراكم مهول للثروة في يد النخب الحاكمة وازدياد الفوارق الاجتماعية وظهور تحالف شيطاني قصير البصر وفاقد للبصيرة كما في مصر تحول الحلف القديم بين البيروقراطية والعسكريتاريا وطبقة رجال الأعمال الجديدة المصنوعة. انشغال النظم بالاستحواذ على مزيد من السلطة ومزيد من الثروة، دون نظرة استقراء لما يدور حولهم في العالم والإقليم. ودون سد ثغرات يمكن أن ينفذ منها مخطط التقسيم بضرب أسس الدولة القومية وساد الجهل. فالإقليم كله مستهدف بالتفتيت من أجل أن تجلس على هامته إسرائيل لتصبح مركزا رأسماليا صناعيا وعسكريا لهامش كبير خامل محيط بها، خاضع لها تمام الخضوع. فالشباب الذين غطت عليهم النخب الخاضعة لحالة الوعي القديمة، هم الآن السلاح السري، الذي به سيكون حسم هذه المعركة الطويلة الطاحنة، ابتداء بالإطاحة بالدكتاتوريات التي كدنا أن نظن بها الخلود، مروراً إلى حالةٍ من استقلالية الرؤية، واستقلالية القرار السياسي، والقرار الاقتصادي، التي تجعل النهضة الشاملة، وبناء أمةٍ جديدة، أموراً ممكنةً. البيان