حقائق كاشفة عن السلوك الإيراني!    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الفاشر ..المقبرة الجديدة لمليشيات التمرد السريع    أبل الزيادية ام انسان الجزيرة    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ساطع الحاج : ما يبحث عنه المؤتمر الشعبي الآن أصبح يتناقض مع مايؤمن به المؤتمر الوطني
نشر في الراكوبة يوم 16 - 03 - 2016

الحديث مع سياسي معارض بقامة الأستاذ ساطع الحاج الأمين العام للحزب الناصري والقيادي بتحالف قوى الإجماع، يكتسب أهميته بهذه المرحلة التي تمر بها البلاد.. ذهبنا إليه في مكتبه وسط الخرطوم وطرحنا عليه العديد من الأسئلة الملتهبة، وجاءت إجاباته كالعادة ساخنة وحادة، ولكنها قراءة مفيدة للواقع في الساحة السياسية المتحركة.. فالى مضابط الحوار:
حوار: نازك يوسف العاقب/ تصوير سفيان البشرى
*كيف تنظرون للحوار الوطني الذي يدور حوله جدل كثير في الساحة هذه الأيام؟
- الحوار الوطني كان أرقى آلية لحل النزاعات بين الأطراف، وتعبر عن تحضرها وعلو همتها وارتفاع وعيها، ولذلك نحن في المعارضة وفي تحالف قوى الإجماع والحزب الناصري، كانت رؤيتنا أن الحوار هو الآلية الوحيدة التي يمكن تحل خلافاتنا مع بعضها البعض، والفكر الناصري نفسه في منهجه التحليلي يقوم على فلسفة اسمها الجدل الاجتماعي، أو بمعنى أن الحزب الناصري يدعو لجدل اجتماعي يقسم لفئات عبر نقاباته واتحاداته وأحزابه وعبر منظمات مجتمعه المدني، وعلى جميع أفراد الشعب أن يحدثوا حالة من الحوار الاجتماعي لتحديد المشكلة والاتفاق على آلية حلها.
*ربما يتفق هذا الطرح مع مفهوم الحوار المجتمعي الذي دعا له أيضاً المؤتمر الوطني؟
- لا.. هناك اختلاف.. مفهوم الحوار تحت مسمى الجدل الاجتماعي هو الركيزة الأساسية في النظام الفلسفي الناصري، أو في منهج التحليل الناصري لقراءة المستقبل واستنياط الواقع، ومن هنا شاركتنا في هذه الرؤية كثير من قوى التخالف، نحن في قوى التحالف حوالي(18) حزباً، وجميع هذه الأحزاب بذات الحيثيات التي ذكرتها، ونتفق أن الحوار هو الوسيلة الوحيدة المنجية من الخلاف بشكل يحفظ المجتمع وتماسكه من غير إحداث احتراب أو خلافه.
*كيف كانت نظرتكم لخطاب الوثبة؟
- عندما جاء خطاب الوثبة في (27) يناير 2014م الذي دعا للحوار، لم نقف في وجه هذا الحوار، بل قلنا إن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي، ووقفنا على الحوار باعتباره منهجاً من مناهجنا الفلسفية التي نؤمن بالوصول بها الى الحلول، ونحن كأحزاب مدنية أصلاً لا نعترف بقوة السلاح لحل النزاعات، ونعتقد أن السلاح لا يولد إلا سلاحاً، والحرب لن تولد إلا الاحتقانات ومزيداً من الكراهية والمرارات، ولذلك الحوار هو أساس يقوم عليه اي حزب مدني سلمي، فعندما أعلن منهج الحوار في 2014 لم يتبناه المؤتمر الوطني، بل اطلقها المؤتمر الوطني دعوة، ولكن تبنيناه نحن كأحزاب، باعتبار أن الحوار الوطني هو المنهج الفلسفي الذي تقوم عليه دعائم أحزابنا، وهو المحك الحقيقي لنا، ومن هنا نحن الذين تبنينا هذا المنهج، الآن الدكتاتوريون لايتبنون منهج الحوار، وحكومة المؤتمر الوطني قامت على القوة واتكأت على الدبابة، ولا يمكن لأي دكتاتوري أن يتحول الى منهج حوار بين ليلة وضحاها، ولا يمكن أن يقتنع بمنهج الحوار لأن- طبيعته- عندما يحدث خلاف نحن نتحسس اقلامنا وعقولنا، وهم يتحسسون مسدساتهم، وهذا هو الفرق بيننا وبين حزب المؤتمر الوطني، ونحن نؤمن بالتعددية والديمقراطية وحقوق الإنسان ونؤمن بالآخر، والمؤتمر الوطني يؤمن بالأحادية والإقصائية والغاء الآخر ولا يعترف به، لذلك هم يتكئون على الدبابة، وخذ مثال أحداث بورتسودان عندما احتجت الجماهير تعاملوا معهم بالرصاص، وسقط العشرات، وأحداث سبتمبر 2013 عندما احتجت الجماهير اعتبروها ثورة لصوص واستعملوا السلاح وسقط أكثر من 200 شهيد على رأسهم د. صلاح سنهوري، وابننا هزاع، وابنتنا سارة عبد الباقي وغيرهم وغيرهم.. وهذا هو الفرق بيننا وبينهم، ولذلك عند مسألة الحوار كنا نظن في أعماقنا أنها مسألة صورية، ولكن حاولنا أن نتعامل بمسؤولية تجاه الوطن، والتقطنا القفاز وحاولنا أن نحول الحوار فعلاً الى عملية جادة، وكنا نعلم أن حوارهم كان مجرد انعكاس لانتفاضة سبتمبر 2013 حتى يمتصوا غضب الجماهير الجامجة، ولكننا نتعامل مع وطننا وشعبنا، ولذلك تبنينا الحوار بصدق وحاولنا أن ندفع به بحق وحقيقة.
*مثل هذا القول يعضد من اتهام المعارضة بأنها تضع شروطاً وعراقيل للحوار؟
هي ليست شروطاً، لكننا قلنا لابد من تهيئة المناخ للحوار، لذلك عندما نريد أن نتحاور لابد أن ننزع الخوف، لا يمكن أن تحاورني وأنت توجه البندقية لرأسي هذا أمر لا يستقيم، القوانين المقيدة للحريات، المعتقلون السياسيون، والحروب الدائرة في أطراف البلاد (دارفور والنيل الازرق وجبال النوبة)، في مثل هذه الظروف لا يمكن أن تتحدث معي عن حوار، لابد أولاً أن ننزع الخوف، وأن يكون هناك تساوي بيني وبينك، ونحن نحاور الندية، أمر إيجابي يدفع بالحوار الى الأمام، ولكن عندما أكون جالساً وأنا أعلم أنك تحمل البندقية في يد وقدري في يدك الأخرى، وتتحكم في كل مفاصلي اذاً المنتوج سيكون صفراً، ويكون الحوار كما اتفاقية (فرساي) بعد الحرب العالمية، المنتصرون فرضوا إرادتهم على المنهزمين في ذات الوقت، كان سيحدث ذلك في مثل هذا الحوار، يريدون أن يفرضوا إرادتهم على الآخرين، وقلنا لابد من تهيئة المناخ الذي يجعل كل أبناء شعبنا في مستوى واحد لاجراء حوار وجدل اجتماعي حقيقي، ولذلك طالبنا ببساطة بالغاء القوانين المقيدة للحريات سيدتي نازك.. وطالبنا بإغلاق السجون وإطلاق سراح كل المعتقلين ووقف الحرب، الحكومة تحارب أبناءها بدليل أن الذين يقتلون في دارفور هم ليسوا أجانب بل مواطنون سودانيون، لذلك قلنا إن الحرب ليست حرباً مع دولة أخرى.
*كأنك تضع مطلوباتٍ للحوار؟
- نقول لهم إذا كنتم جادين للحوار يجب أن توقفوا الحرب وأن تطلقوا الحريات، وأن تتوقفوا عن الرقابة القبلية والبعدية للصحف، وأن تخلقوا مناخاً حقيقياً يعمل به الجميع بجدية، ولذلك كان هذا هو المطلب الأساسي، إلا أن المؤتمر الوطني لم يكن جاداً لأنه يريد أناساً تبصم بالعشرة كبصامات فقط، وهذا مارفضناه.. نحن نتكلم عن حوار منتج يؤدي الى تداول سلمي وتوزيع عادل للثروات، بينما المؤتمر الوطني يتحدث عن حوار يؤدي الى تمديد سلمي للسلطة، وتوزيع غير عادل للثروة، وهذا فرق كبير بين الفكرتين، ولذلك وصلنا لطريق مسدود لأنهم لم يكونوا جادين منذ البداية في أمر الحوار.
*لا تنسى أستاذ ساطع أن هناك أحزاباً سياسية وحركات مسلحة شاركت في الحوار؟
112 حزباً تتحاور في قاعة الصداقة، هذا أمر مضحك وأمر عبثي (112) حزباً أين دورهم، أين مكتسباتهم السياسية، أين قياداتهم، أين كسبهم، أين عملهم عبر السنوات، هل يمكن لحركة سياسية حقيقية أن تتحرك بمثل هذا الكم الهائل من الأحزاب السياسية، هذا أمر عبثي ولا يؤدي الى نتيجة، لذلك نحن نتكلم عن مشاريع تنموية ونهضوية.. تقسمت الأحزاب فيما بينها، المشروع الاشتراكي، والمشروع القومي العربي، والمشروع الإسلامي، هذه مشاريع نهضوية تنموية، ماذا يحمل(112) حزباً ماهي مشاريعهم التنموية والنهضوية سيدتي الفاضلة!! ولذلك توقف الحوار الجاد وأصبحت الحكومة في قاعة الصداقة تحاور نفسها برجالها ونسائها بديكوراتها، ومن هنا قلنا إن الحوار الذي يجري في قاعة الصداقة ليس حواراً جاداً، لأن أصحاب المصلحة الحقيقيين غير موجودين في هذا الحوار.
*مخرجات الحوار قد حوت كثيراً من مطالبكم ماهي مبررات رفضكم لها؟
- هذه المخرجات لابد أن تكون محمية بإرادة سياسية في المقام الأول اي مخرج لا يكون محمياً بإرادة سياسية يتبلور حولة شعبنا بلا معنى، من سيحمي هذه المخرجات، حقيقة أصحاب المصلحة الحقيقيين لم يتداولوا ويتحاوروا حولها القصة سيدتي ليست مخرجاً في النهاية لتعليقها في الصحف أو نرفع شعاراته.. القصة أن يكون هناك حوار مجتمعي حقيقي سياسي ينخرط فيه كل الشعب السوداني كتجربة جنوب افريقيا مثلاً، أو كتجارب الدول الاوربية، للخروج بالبلد من المستنقع الذي تقع فيه الى الفضاء الأوسع.. هذا الحوار الذي نعنيه نحن لم نرفض مخرجات الحوار، ولم نرفض الحوار، بل رفضنا أن يكون حواراً يؤدي لتمديد سلمي لسلطة المؤتمر الوطني بدون نتائج إيجابية، ولو كانت الحكومة تريد نتائج إيجابية كان عليها أن تهيئ المناخ.. لأن عقليات المؤتمر الوطني عقليات غير ديمقراطية، هم أصلاً عسكريون جاءوا للسلطة عن طريق الانقلاب العسكري، ولم يأتوا عن طريق الحوار والحركة الإسلامية أو الإسلاموية، اختلفت مع الجميع في فبراير 89 فيما يعرف بحكومة القصر وأخرجت من حكومة القصر 89، وقلبت الطاولة على الجميع، لم تنتظر أن تحاور ولم تنتظر أن تعود بالانتخابات رغم أن الانتخابات كانت على الأبواب، استبقت الجميع واعتلت الدبابة وقامت بانقلاب عسكري، وسيطرت على البلاد حتى اليوم، ولذلك مسألة الحوار أساسية يجب أن يشترك فيها الكل، المجتمع ليس شرائح هنا وهناك
*مستقبل الساحة السياسية والحوار الوطني بعد رحيل الترابي؟
- أولاً نترحم على د.الترابي.. بكل المقاييس نختلف معه أو لا نتفق لا يمكن أن ندعي أن وجود رجل في المركز السياسي، وفي الحركة السياسية السودانية لقرابة 50 عاماً بذات القوة وبذات الشعلة التي لم تنطفئ، لا يمكن أن يحدث بلبلة أو زلزالاً هائلاً بحركة سياسية سودانية مثل تلك، وهذا مستحيل وقطعاً الحركة الإسلاموية في السودان لن تكون كماهي بعد وفاة الزعيم د. الترابي، وستحدث تحركات هائلة وتغيرات في المشهد السياسي ككل، نتيجة لغياب الترابي من المشهد السياسي، وإذا قلنا بغير ذلك في تقديري نكون غير قادرين على قراءة المستقبل بشكل جيد، وجود رجل لمدة 50 عاماً في المشهد بذات القوة لا يمكن أن يكون عبثاً بمجرد انه ذهب.. (لالا) ستحدث تغيرات هائلة للإسلاميين فيما بينهم على مستوى الحراك السياسي، سيحدث حراك هائل على مستوى توازن القوى في الساحة السياسية السودانية والساحة الإسلامية، وسيكون هناك حراك هائل سيعدل من موازين القوى هنا وهناك بعد وفاة الترابي، ولذلك هناك ناتج ضخم وهائل سيلقي بظلاله نتيجة لوفاة الترابي وافتقاده من الساحة السياسية، لأن الرجل كان يمسك بخيوط اللعبة جيداً سواء كان جزءاً من الحكومة أو كان جزءاً من المعارضة، واختفاء شخص بكاريزيما الترابي وقدراته الهائلة في هذه المرحلة بالتأكيد سيحدث أكبر تأثير في ميزان القوى وفي كثير من الحركة السياسية السودانية، وهذا ما نراه في مستقبل الأيام.
* في رأيك هل رحيل الترابي يساهم في وحدة الحزبين الشعبي والوطني؟
- لا أعتقد أن المؤتمر الشعبي يمكن أن يتوحد مع المؤتمر الوطني، المؤتمر الوطني حزب يبحث عن السلطة والجاه، وربما المؤتمر الشعبي الآن يبحث عن أشياء أخرى كالحريات وإقامتها مثل المشروع الإسلامي واقامته، وما يبحث عنه المؤتمر الشعبي الآن أصبح يتناقض مع مايؤمن به المؤتمر الوطني ويهدف إليه، ومن هنا أعتقد أن الساحة في الأيام القادمة لا تشهد التحاماً مابين المؤتمر الشعبي والوطني، لكن يمكن أن تحدث خروقات هنا وهناك من الأعضاء، بل يمكن أعضاء في الشعبي يذهبون للوطني، وأعضاء في الوطني يذهبون للشعبي وهكذا.. أما أن تحدث وحدة بين الحزبين، هذا أمر مستبعد في المستقبل القريب.
*هل هذا يعني رفضكم للحوار بصورة قاطعة؟
نحن لم نرفض الحوار، لكن رفضنا العبث الذي يتم الآن سواء في قاعة الصداقة أو الذي توصلت إليه الحكومة، الذي رفضناه هو العبث لأننا نرى أنه لا يوجد أناس (جادين) أكثر من الأحزاب السودانية المنضوية تحت تحالف قوى الاجماع لاخراج البلد من الأزمة التي تمر بها،
ونحن لا نرفض الحوار باي حال من الأحوال، ولكن ماحدث في قاعة الصداقة هو مشهد عبثي لمسرح هزلي غير مسوؤل، لذا لابد من توفر إرادة سياسية تجمع جميع أهل السودان، وأن يتواجد الجميع كما نقول بالدارجة (بدون فرز).. لأن صوتي الآن لا يوجد في قاعة الصداقة، ومن يحمل همي أيضاً لا يوجد في قاعة الصداقة، ولذلك نقول الذين يتحاورون في قاعة الصداقة لا يمثلونا ولا يمثلون شعبنا، ولا يمثلون أهدافنا وأشواقنا، ولا حتى مراراتنا..
*كيف ترون مستقبل مشاركتكم في العملية السياسية بعد انتهاء الحوار؟
- كما سبق وقلت إن هذا الحوار لن يؤدي الى نتيجة وستظل الأزمة في السودان قائمة، وبالتالي نحن نتحدث عن فترة مابعد سقوط النظام في هذه الحالة سنشارك.. والآن العقبة التي في وجه التداول السلمي للسلطة هي المؤتمر الوطني، وما بعد سقوطه سيشارك الجميع، ولن يكونوا المتحكمين في مصائر البلاد، ونحن في تحالف قوى الإجماع، وقعنا مذكرة تحالف- (مذكرة البديل الديمقراطي)- بل تجاوزناها ووقعنا ميثاق العمل المشترك، بل طورناها واتفقناعلى 97% من الدستور الانتقالي الذي سيحكم البلاد مابعد اسقاط النظام، ولذلك نحن قطعاً سنشارك بعد إسقاط النظام، لأن النظام الحاكم إذا رفض الحوار ليس أمامنا سوى إسقاطه.
*تتحدثون عن إسقاط النظام والناس قد شاهدوا خروج ولاية الخرطوم في مظاهرة ضخمة مؤيدة للحوار الوطني والمجتمعي؟
- والي الخرطوم تحدث عن إن هناك الملايين شاركوا في الحوار المجتمعي، والذي يصب في الحوار السياسي، لكن أنا أسأل هل يشعر المواطن أن هناك حواراً يناقش مشاكله في قضايا البلد وهمومها، وهل يشعر كما قال والي الخرطوم إن الملايين شاركوا في الحوار المجتمعي.. كثير من فئات المجتمع لا يعنيها هذا الحوار (معلمون، أطباء، مهندسون، صحفيون) وغيرها، الحوار لم يكن له أي أثر بدليل أنه في أثناء الحوار أوقفت صحيفة التيار، وهذا يعني أن الحوار أصلاً بالنسبة للحريات الصحفية ليس له أثر، ومن هنا أدين إيقاف صحيفة التيار بلا مبرر ولا إذن قضائي، وهذا يدل على أن الحوار موؤود وغير مسؤول وغير معروف لدى قطاعات الشعب السوداني، وأنه حوار بلا منتوج.. إيقاف التيار علامة والحرب الدائرة في بعض مناطق السودان وقضايا أطباء السودان واحتجاجاتهم علامة أخرى، إذن هذا يدل على أن الحكومة تمشي في طريق، والمواطن في طريق آخر، ولا يشعر بوجود حوار، الآن عروة الصادق وشقيقه عماد مقدمين لمحاكمة بتقويض النظام، وهذا كله في وجود الحوار بمثل علامات كثيرة، أقول إن الشعب غير مقتنع ولا الحكومة مقتنعة، بأن الحوار هادف ومنتج، والعلامات تؤكد أن الأزمة تزداد اختناقاً والقضية تزداد احتقاناً، وأن تحت الأكمة ما تحتها، وتحت الرماد وميض نارٍ، هذه كلها علامات تؤكد أن الحوار مرت عليه (3) شهور ووصل لمخرجات، من المفترض أن يبدأ انفراج مجتمعي تلقائياً الى حين الوصول للأهداف، لكن كل هذا لن يحدث، بدليل يومياً تكون هناك مشكلة مثل وقفة السدود التي جاءت في نهائيات الحوار، وكثير من العلامات تدل على أن هناك احتقاناً اجتماعياً، والأزمة تزداد عمقاً.
*الآلية الافريقية لم تدعوكم للمشاركة في الملتقى التحضيري مارأيكم في ذلك؟
- بابتسامة عريضة.. أجاب أن الآلية الافريقية لاحول ولاقوة لها، وهي صنيعة المؤتمر الوطني، وصنيعة المصالح الامبريالية، وحل مشكلة السودان لن يكون أصلاً بآلية افريقية ولا يحتاج لها.. نعم نحن نميز المجتمع الدولي وأهميته واحترامنا له وتعاملنا معه بندية، وبين تدخله في شؤوننا الداخلية، نعم هناك مجتمع دولي له وزنه واعتباره ووضعيته، وعلينا التعامل معه بجدية وموضوعية.. لكن الآلية الافريقية لن تؤدي الى أي نتيجة، لأنها تعمل منذ سنوات، ولم تحدث اي احتراف حقيقي في موضوع الحوار، الآلية الافريقية كونت لحرب دارفور وليست لها علاقة بالحوار وفشلت في حرب دارفور، وجاءت لتدخل في موضوع الحوار.. الآلية الافريقية صحيح دعت بعض الأحزاب ودعت بعض الحركات المسلحة، ولكن هذا لا يوصل البلاد الى النتيجة المرجوة، وأي حوار لايشترك فيه الجميع يؤدي لتفاقم الأزمة.
* كيف ترون الوضع؟
- الوضع يجب أن يكون كالآتي:
أن يشارك الجميع في حوار، وهذا الحوار يجب أن يكون حقيقياً، تعد له حكومة انتقالية يرأسها رئيس مجلس وزراء تتفق عليه هذه الحكومة، عليها أن تعد للمؤتمر الدستوري لأنه هو الحوار الحقيقي، وفترة انتقالية عليها عدة مهام هي الإعداد للحوار بشكل حقيقي.
برنامج اسعافي اقتصادي- اطلاق الحريات العامة.
الإعداد لانتخابات حرة ونزيهة في نهاية الفترة الانتقالية، يحكمها رئيس مجلس وزراء يتم الاتفاق حوله.
وكل هذا متفق حوله في وثيقة البديل الديمقراطي، وفي وثيقة ميثاق العمل المشترك.. أما ما نتج عنه الآن من حكومة انتقالية ومجلس وزراء (وكلام من دا) يجب أن يكون هناك برنامجاً حقيقياً يشترك فيه الجميع لتحقيقه.
*مارأيك في استحداث منصب رئيس الوزراء؟
- نحن لا نبحث عن استحداث منصب لرئيس الوزراء الآن، ولا نتحدث عن هذا النظام، لأن هذا النظام لا يصلح للاستمرار، لأن تكلفة استمراره أصبحت أعلى من تكلفة اسقاطه، فالنظام يتحدث عن استمرارية ذات نفسه بنسخة جديدة فيها رئيس وزراء، وهذه النسخة معدلة جديدة.. ونحن ضد هذا الأمر، ولا نتحدث عن ثوب جديد للإنقاذ الوطني، ولا عن نسخة معدلة أو منقحة، نتحدث عن نظام متكامل جديد يؤسس لحريات ولتداول سلمي للسلطة، وتوزيع عادل للثروة.. أما استحداث منصب رئيس الوزراء هذا، يعني أن الحكومة تطرح نفسها في ثوب جديد، وهذا ما نرفضه ولا نوافق عليه بأي حال من الأحوال.
* هل يمكن أن يتفق السيد الصادق المهدي مع الحكومة ويقنع الحركات بالوصول الى اتفاق سلام في المنطقتين ودارفور؟.
- أنا لا أعتقد أن السيد الصادق يتفق مع الحكومة، لأنه إذا أراد أن يتفق مع الحكومة كان فعل ذلك منذ سنوات، أنا لست حزب أمة ولا أدافع عنه، ولكن نتابع سياسات السيد الصادق المهدي الرجل الديمقراطي من الطراز الأول، الذي يبحث عن مخرج للوطن بشكل أساسي، ولكن أعتقد أنه يحاول أن يخرج حواراً منتجاً.. أما اتفاق ثنائي فلو أراد السيد الإمام اتفاقاً ثنائياً لوجده منذ سنوات طويلة، وما زالت الحكومة تحفى بأقدامها لإيجاد اتفاق ثنائي مع الإمام وهو يرفض ذلك، ونحن نعلم انه يرفض، وفي تقديري لن يفعل ذلك ولن يتفق مع الحكومة على حساب المواطن والشعب السوداني، حقيقة السيد الصادق يبحث مع آخرين عن مخرج للأزمة خلاف اتفاقه مع المؤتمر الوطني.
*هل يمكن أن يتفق المؤتمر الوطني مع حزب الأمة؟
- تحالف حزب الأمة مع المؤتمر الوطني تحت راية الصادق المهدي أو خلافه هذا أمر مستحيل، وغير وارد البتة.. السيد الإمام وإن خرج من تحالف قوى الإجماع، ولكنه لم يخن قضيته في تقديري، وظل يبحث فعلاً عن مخارج حقيقية للوطن، وظل ينشق حتى مع خلفائه الذين كان معهم في تحالف قوى الاجماع، وخرج من التحالف لأسباب قدَّرها حزب الأمة، ولذلك لا يمكن- في تقديري-أن الإمام يتفق مع المؤتمر الوطني، والمؤتمر الوطني مهما كان بعد 26 عاماً لقد شاخ ذات نفسه، ولم يعد فتياً، فالتحالف مع نظام شائخ مهدد عالمياً وداخلياً، ومحاصر اقليمي، هذا أمر لا يفعله سياسي حكيم أيا كان ناهيك عن رجل بحجم وقامة الإمام الصادق المهدي.
* ماهي الصيغة المقبولة لديكم للمشاركة في حكومة انتقالية؟
- كما قلت لك نحن لن نشارك في حكومة انتقالية الآن بالطريقة التي يطرحها المؤتمر الوطني، لأن هذه الحكومة تعني إخراج المؤتمر الوطني بثوب جديد (بطرحة جديدة وجلابية جديدة) نحن لن نشارك في ذلك.
* هل يمكن أن تجتمعوا بآلية(7+7) لمناقشة مخرجات الحوار؟
- ابتسم قائلاً: لا اعتقد.. أن الآلية 7+7 الآن أصحابها الأساسيون تخلوا عنها، حركة الإصلاح الآن كانت جزءاً منها وتخلت عنها، ومنبر السلام جزء منها وتخلى عنها، والحزب الاشتراكي كان جزءاً منها وتخلى عنها، فأصحابها تخلوا عنها فهل يمكن أن نجلس مع الآلية بعد أن تخلى عنها أصحابها هذا أمر مستحيل ومستبعد.
* كيف تقرأون موقف المجتمع الدولي من السودان؟
- المجتمع الدولي نعلم- كما قلت لك- أن لديه مصالح تحركه ونعلم ذلك، لكن ليست لدينا أزمة من المجتمع الدولي، نحن ندرك أن المجتمع الدولي يتعامل وفقاً للمصالح، كما نحن ايضا نتعامل وفق المصالح، وهذا هو الشيء المطلوب ألاَّ تتعامل بانكسار أو انهزام، بل نتعامل بالقوة المطلوبة التي تحمي مصالحنا وتحترم المجتمع الدولي، ونعرف أن هناك تقاطعات وتشابكات.. مثلاً الحركات المسلحة الحاضن الطبيعي لها هو المجتمع الدولي أين تتحرك الحركات المسلحة؟ ومن أين تتلقي الدعم؟ وأين جوازات سفرها واقاماتهم وتحركاتهم في الدول التي يكوِّنوا فيها قواعدهم لتدريبهم، بعض دول المجتمع الدولي ستكون هي الحاضن الطبيعي للحركات المسلحة، وهذا يخلق تقاطعاً مباشراً بين المجتمع الدولي والدول التي تعتبر خاضنة للحركات المسلحة، وبين قضايا السودان، بالإضافة الى مصالح أخرى وتقاطعات، لذلك نعتقد أن العلاقة بيننا وبين الحركات المسلحة يجب أن تكون هنالك قناة مفتوحة بين تحالف قوى المعارضة والحركات المسلحة حتى لا تتكرر تجربة (قرنق 1986) بعد الانتفاضة، ويجب ألاَّ نترك الحركات المسلحة للمجتمع الدولي بأي حال من الأحوال، لذا أن وجود نظام الإنقاذ الآن أصبح يشكل بيئة خصبة لتحرك المجتمع الدولي في السودان، والدليل في ظل وجود الإنقاذ مجلس الأمن اتخذ 26 قراراً في ما يتعلق بالحرب في دارفور، وفي الإنقاذ أيضاً اتخذ قرارات تتعلق بحقوق الإنسان، يعني خبراء وتعيين مقررين ومراقبين، في ظل حكومة الإنقاذ مجلس الأمن اتخذ قراراً تحت البند السابع.. لذلك أعتقد أن إسقاط نظام الإنقاذ الآن أصبح ضرورة حتى لحماية أمن البلاد من تغول المجتمع الدولي لبلادنا، ومن تمدد خيوطه وخططه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.