في أغسطس من العام 98 قتل الطالب محمد عبدالسلام من جامعة الخرطوم بعد أحداث طلابية داخل الجامعه . . وروايات عدة تناولتها الألسن تحكي للناس قصته وكيف قتل . . أهل الطالب وذويه كانوا من مدينة ود مدني ولذلك كان طبيعيا أن تنتقل الأحداث الي المدينه التي كانت تعرف بأنها صدى للخرطوم . . فما حدث هناك لابد وأنه حادث هنا فلا صدى يختلف عن صوت أبداً . . فور أن وصل النبأ الي قطاع الطلاب في الولاية تم استدعائنا في أمانة الجامعه التنظيميه لتمليك المعلومات المطلوبة وللتنسيق في حال حدوث أي تحركات طلابية داخل أو خارج الجامعه . . مسؤول القطاع الطلابي ومسؤول التأمين في القطاع كانا واضحين تمام الوضوح في التنوير المقدم : الطالب تم قتله بواسطة زملاءه في التحالف الطلابي المعارض للنظام . . وهذه حلقه أخري من حلقات التآمر ضد البلاد ومشروعها الإسلامي . . الطالب قتل لتحريك الشارع ضد الحكومه وسيتزامن مع مقتله مخطط لتفجيرات واغتيال قيادات من الحكومه . . ولابد أن وراء ذلك الشيوعيين ليس غيرهم . . ولم ينسوا بالطبع أن يضيفوا أمريكا وإسرائيل وبعض دول الجوار . . كان هذا يكفينا تماما كطلاب في الجامعه . . انتقلنا في ساعتها الي تمرير المعلومات الى عضوية التنظيم في الداخليات والبيوت السكنيه والتجهيز لصباح الغد . . في اليوم التالي كنا جاهزين تمام لخوض أي معركه ضد التنظيمات (المجرمة) التي قتلت الطالب وتريد أن تتاجر بدمه . . (كنا جيدين فعلا في ذلك) . . حسمنا التداعيات التي تحولت الى معركه داخل الجامعه ثم انتقلت الي شوارع المدينه . . وجدت بعدها إدارة الجامعه الفرصه سانحه فعلقت الدراسة الى حين وأخلت الداخليات بالشرطة . . وتكفل الأمن بعد ذلك باحتواء الباقي والتعامل معه . . وفي أقل من ثلاثة أيام عادت مدني هادئة . . كأن لم يدخلها جسد عبدالسلام المتوفى قبل ثلاثة أيام فقط . . وخرجنا نحن منتصرين مزهويين بقدرتنا على الدفاع عن الدوله ضد المشروع التآمري الكبير . . بعد ذلك بسنين . . علمنا أن الطالب المغدور قتل تحت التعذيب . . قتله فلان وفلان وفلان . . وتمت التغطية عليهم من قبل فلان وفلان وفلان . . وأنه لم تكن ثمة مؤامرة وإنما جريمة تستر عليها البعض وراح ضحيتها طالب في ريعان الشباب . . ثم قتل اليوم طالب آخر . . ورغم أن السنين ذاتها تجاوزت هذا السيناريو إلا أنه وللغرابة يعود . . ذاته ذاته . . دون تغيير ودون تبديل . . إن لم تكن أنت يد الجاني فليس أدنى ألا تشارك بقول أو فعل . . فليس أعظم عند الله من قتل النفس . . وليس أقوى من دعوة مظلوم ليس بينها وبين الله حجاب . . إن غابت عنك الحقائق كلها فأصمت ففي ذلك صون لك ألا تخوض فيما لا تعلم . . فعسى الأيام أن تظهر ما كان خافياً. . تقبل الله أبناءنا الذي سقطوا غدرا في كل ساحة من ساحات بلادنا الواسعة وألهم الهم وذويهم الصبر والسلوان إنا لله وإنا إليه راجعون . .