بعد أن كثرت الشكاوى من الحديد المغشوش الذي ملأ الأسواق، بجانب حوادث انهيار عدد من المباني، قام فريق من الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس ونيابة حماية المستهلك بمداهمة عدد كبير من مصانع الحديد، وإيقاف العمل فيها، وقد كانت تلك المعالجة المبدئية لظاهرة الغش في الحديد أرسلت رسالة قوية للمنتجين تحمل في طياتها مقولة: (من أمن العقوبة أساء الأدب) . حملات الهيئة ويبدو أن هيئة المواصفات رأت أن الحل الناجع في جمع أصحاب المصلحة والجهات ذات الصلة لمعالجة المشكلة من المنبع، حيث عقدت ورشة أمس بمقرها حول المواصفات السودانية لحديد التسليح، وتحديات الصناعة المحلية ، والتي أكدت أنها تلقت الكثير من الشكاوى من قبل المستشارين في مجالات البناء و والتشييد، قامت على إثرها بشن ثلاث حملات خلال العام المنصرم، وأكدت التحاليل في المختبرات المختصة أنها لا تتجانس مع شروط المواصفات المحلية. وأكد ممثل المدير العام للهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس عمر عبد الله أن إنضباط صناعة حديد التسليح يعني ضمان سلامة المنشآت و الكباري ويضمن سلامة الأرواح. 90 % من المصانع بدون مواصفة ويعتبر معهد أبحاث البناء والطرق بجامعة الخرطوم من أهم الجهات التي يمكنها الفصل في جودة المنتج من الحديد و غيره من لوازم البناء المصنعة محلياً، أو المطروحة في السوق، حيث قدم أسامة محمد أحمد الخبير في المعهد، ورقة حول مشاكل الجودة في صناعة فولاذ التسليح، خلص فيها إلى أن أغلب عينات فولاذ التسليح المنتج محلياً، والتي ترد الى مختبر المعهد، تقل أقطارها عن الأقطار الاسمية المنصوص عليها في المواصفات (وكودات) التصميم، وقد بلغت نسبة النقصان في مساحة المقطع في بعض القضبان حوالي 25%، بجانب تذبذب بعض العينات عن مسار المنحى الطبيعي، موضحاً أن ذلك يعود لعدم ضبط عمليات التبريد، أو لوجود شوائب، كما أن هناك مشاكل أخرى كإختلاف أطوال بعض العينات التي تقل عن النسب المنصوص عليها في المواصفات، مشدداً على ضرورة إيلاء عملية المعالجة بالحرارة الاهتمام اللازم لضمان الحصول على منتج مستوفي للمواصفات الفنية، وقابل للتشغيل، وقام إجراء بحوث علمية عن مشاكل انتاج الفولاذ المحلي، ابتداءا من المواد الخام ومراحل التصنيع المختلفة واقتراح الحلول المناسبة. محاولة للمراوغة علي الرغم من أن الجهات الرقابية والأكاديمية كانت تشير بأصابع الإتهام إلى منتجي الحديد بجميع إتحاداتهم، سواء أصحاب العمل أو في الغرف الصناعية بإعتبارهم أصحاب المصلحة الأولى في ذلك، إلا أنهم قاموا بمحاولات لابأس بها من المراوغة والإلتفاف على المشكلة برمي الكرة في ملعب الإقتصاد القومي، و يرى رئيس شعبة الحديد بإتحاد الغرف الصناعية عاطف عبد القادر أن الظروف الإقتصادية التى تمر بها البلاد هي ما أبرز في أعين ضعاف النفوس فكرة التلاعب بغرض تقليل تكاليف الإنتاج وتعظيم الأرباح، معتبراً ذلك مخالفاً للدين الحنيف، وأكد عبد القادرعلى إجماع الملتزمين من المنتجين على أن المواصفة خط أحمر، لا يكمن تجاوزه بأي حال من الأحوال . منافسة غير شريفة واتفق الأمين العام للشعبة عبد الحميد لازم مع رئيسه، متهماً أصحاب المصانع الصغيرة والناشئة في مجال الحديد بإتباع تلك الأساليب بغرض المنافسة، موضحاً أن إنتاجها يفوق ال 200 طن، و قال إنه إنتاج لا يستهان به، داعياً المصانع إلى توجيه تصنيعها لأنواع أخرى من الحديد غير المخصص للتسليح، إلى أن يتسنى لها تطوير إنتاجها بما يطابق المواصفات، وتخوف من خروج المنتجين الملتزمين من سوق الإنتاج في حال تفشي الظاهرة، والتي تؤدي إلى طرح المنتج المغشوش بأسعار زهيدة، في إشارة إلى أن ذلك يمثل منافسة غير شريفة . الجهات الرقابية إرجعت نيابة حماية المستهلك كل الظاهرة إلى جشع التجار، وأكد العميد شرطة نصر الدين عبد الرحمن أن البلاغات توضح أن 90% من الكميات الموجودة بالسوق غير مطابقة للمواصفات، مصطحباً في حديثه أثناء الورشة الحوادث والكوارث التي تعرض لها الأبرياء، من جراء مشاكل البناء وغش المنتج داخل البلاد وخارجها آخر لحظة