كلية الارباع لمهارات كرة القدم تنظم مهرجانا تودع فيه لاعب تقي الاسبق عثمان امبده    بيان من لجنة الانتخابات بنادي المريخ    بيان من الجالية السودانية بأيرلندا    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    شاهد بالفيديو.. السيدة المصرية التي عانقت جارتها السودانية لحظة وداعها تنهار بالبكاء بعد فراقها وتصرح: (السودانيين ناس بتوع دين وعوضتني فقد أمي وسوف أسافر الخرطوم وألحق بها قريباً)    شاهد بالصورة.. بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها فكرة الزواج والإرتباط بأي رجل.. الناشطة السودانية وئام شوقي تفاجئ الجميع وتحتفل بخطبتها    البرهان : لن نضع السلاح إلا باستئصال التمرد والعدوان الغاشم    وفد عسكري أوغندي قرب جوبا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    مجاعة تهدد آلاف السودانيين في الفاشر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    لدى مخاطبته حفل تكريم رجل الاعمال شكينيبة بادي يشيد بجامعة النيل الازرق في دعم الاستقرار    عثمان ميرغني يكتب: لا وقت للدموع..    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    تيك توك يحذف 16.5 مليون فيديو في 5 دول عربية خلال 3 أشهر    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل توجد وصفة للقضاء على نظام عمر البشير ..هل من طريق واضح المعالم ؟
نشر في الراكوبة يوم 21 - 08 - 2016

الاجابة نعم، و الشروط ميسًرة يمكن أن يساهم فيها أي متضرر من النظام بالداخل أو الخارج...و تطبيقها سهل و بسيط يجلب إلى النفس السرور و ليس مواجهة الرصاص...
تصلني الكثير من الرسائل على الايميل من أناس يوجهون سؤالاً مباشراً و مشروعاً: هل تعرف طريقة واضحة المعالم لاسقاط النظام؟ و البعض يقول هل من سبيل واضح المعالم خالياً من الشعارات الجوفاء و مزامير الغوغاء ؟ و الكثير من الناس يطرحون نفس السؤال، و لقناعتي التًامًة بأنً وجهة نظري الشخصيًة قد تخطئ و قد تصيب، لذا كثيراً ما أستعين بدراسة تجارب الشعوب و كتابات رواد التحرر و استنتاج كيف نجحت ثورات العديد من الشعوب فيما فشلنا فيه، و البحث عن مواطن الخلل حتًى يمكن بعدها ايجاد طريق واضح المعالم،..و لكن، قبل الاجابة على هذا السؤال الكبير ، أولاً: لا أدعي امتلاك الحل ، و سأجتهد لتكون إجابتي مبنيًة على أساس علمي بعيداً عن الارتجاليًة، سأستعين بما تعلمته من دراسة الثورات الناجحة في العقدين الماضيين ليس فقط من أجل إيجاد اجابة صحيحة و إنما قابلية التطبيق في محيطنا الاجتماعي و ظرفنا الراهن.
بصفة عامًة جميع الثورات التي نجحت في اسقاط ديكتاتوريًات عتيدة غاب فيها دور الأحزاب السياسيًة و اعتمدت على الشرائح الأكثر أهميًة في المجتمع مثل الشباب ، و كانت مدروسة لذلك حققت أهدافها في الغالب، أمًا التي فشلت في تحقيق أهدافها لديها أسبابها و أهمها أنًها سمحت ب: التدخل الأجنبي و نجاح الثورة المضادًة لأنصار النظام السابق، لذا علينا أن نتحسب لأسباب الفشل جيداً و لا نسمح بذلك..، و هذا ممكن بشرط سأتحدث عنه في هذا المقال.
الباحث عن إجابة لهذا السؤال الكبير عليه معرفة و تحليل ثلاث مبادئ بسيطة (1) الأنظمة الديكتاتوريًة لا يمكن أن تستمر دون تعاون الشعب معها، و (2) بمجرد أن يكتشف الناس حقيقة الأنظمة الديكتاتوريًة ، تفقد مصداقيتها و بالتالي قدرتها على الخداع الذي يمثل أهم أركانها و بالتالي انهيار ركن هام ترتكز عليه..، و(3) و طالما أنً ركائزها الأساسيًة تبدأ في الانهيار بعوامل ذاتيًة، إذاً الأنظمة الديكتاتورية بنيان مشيًد على ركائز منظومة من نقاط الضعف القاتلة ، و على الرغم من أنً هذه المبادئ بسيطة إلاً أنً النًاس عادةً لا يركزون عليها و يمرون عليها مرور الكرام و هم بذلك يفوتون فرصة العثور على نقطة البداية في الطريق الذي يمرون عليه كل يوم دون أن يدركوا بأنً النقطة التي يعبرون منها يومياً و لا يلقون لها بالاً هى نفسها نقطة البداية لمشوار الخلاص.
القاعدة العامًة التي لا يختلف عليها اثنان: لكي يستمر نظام حكم سواء كان ديمقراطياً أو ديكتاتورياً لا بدً أن تؤمن شريحة مقدًرة من الشعب بشرعيته و يستمرون على هذا الحال و يسلمون بأنً طاعته واجب أخلاقي، و لا بدً له من دعم شرائح و قطاعات و أفراد مؤثرين له ، و أن تكون لديه الموارد البشرية المطلوبة لبقائه ، و حتًى يستمر النظام لا بدً أن تكون لديه مصادر المعرفة التي يحتاجها و يكون هنالك من يقدمونها له ، كما يجب أن يتمتع النظام بالتأثير النفسي على النًاس و يقدم لهم الحوافز التي تضمن طاعتهم له و مساعدته و الوقوف معه، و يجب على النظام أن يكون مسيطراً على المصادر المادية و لا يكون مهدداً بانقطاع دعم الموارد التي تدر له دخلاً، و من الضروري أن تكون لديه المقدرة على تطبيق العقوبات الرادعة ضد من يسعون للنيل منه حتى يضمن تعاونهم معه و يستطيع تنقيذ سياساته...، ستلاحظون أنً جميع ما ذكر لا بدً أن يبنى على المنفعة المتبادلة لكي يستمر تحت سيطرة النظام، مثلاً إن أخذت الحكومة ضرائب من النًاس لا بد أن تعود عليهم في خدمات ، و إن وظفتهم لانجاز منفعة لها لا بدً أن تدفع لهم رواتبهم، و هكذا..، و إن لم تفعل و حدث اختلال في قدرتها على ايقاع العقوبات الرادعة للمخالفين ستسقط الحكومة نتيجةً لما يعرف بالجوع السياسي...، إدراكاً من الأنظمة الديكتاتوريًة لهذا الوضع الهش نجدها تركز كثيراً على مسألة العقوبات، و كما هو حالنا، أهم قوة يمتلكها النظام هى مقدرته على العقوبات التي تصل حد القتل، و من يدعو الناس لعدم التعاون مع النظام عليه أن يوجد لهم الحلول بشأن معضلة العقوبات التي قد تطالهم..الأمر الجيد هنا كما يقول العالم السياسي كارل ديتش ، تكون القوة الاستبداية فعالة فقط في حالة عدم الحاجة الى استخدامها بكثرة، كذلك يقول المنظر القانوني الانجليزي جون اوستن، اذا قررت غالبية المواطنين القضاء على الحكومة و توفرت لديهم الرغبة في التحمل تصبح قوة الحكومة و مؤيديها غير قادرة على حمايتها، في نفس السياق يقول ميكافيللي الحاكم الذي يعاديه جميع العامة لن يستطيع توفير الأمن لنفسه و كلما زادت قسوته كلما ضعف نظامه.،و من هذه الأقوال نستنتج بأنً النظام لا يمكنه امتلاك المقدرة على معاقبة الجميع عندما يقطعون عنه دعمهم، و لا يمكنه دون عقوبات أن يستمر في الحكم.
سبق و أن ضربت مثالاً و قلت بأنًك إذا دعوت الناس للاعتصام أو للتظاهر لن تجد من يدعمك، لكن إذا دعوتهم لحضور حفل غنائي سيفوق الحضور توقعاتك، مع أنً الذين يحضرون الحفل الغنائي يعانون كثيراً من النظام و يرغبون في اسقاطه لكنًهم يخشون على حياتهم و هذا طبيعي جداً لأنً حياتهم غير مهددة بحضور الحفل الغنائي أو الاحتفال بذكرى محمود عبد العزيز، مع أنًهم مطالبون بأن يدفعوا مقابل حضورهم الحفل و غير مطالبين بالدفع لقاء التظاهر ، و هنا المفارقة التي يجب أن تستوقفنا.
هل يحبون النظام؟ لا يوجد سبب يجعلهم يحبونه لذلك الاجابة بالنفي، ربًما حاجتهم لاسقاط النظام أكثر إلحاحاً مني بسبب أنًه يأخذ كل ما لديهم و يحرمهم عن كافة حقوقهم التي من المفترض أن يقدمها لهم نظير دعمهم له حتى يكتمل طرفي المعادلة (يمنحون النظام ما يريده ليمنحهم هم ما يريدونه)..، و من هنا تتضح معالم الشروط الواجب توفرها حتًى يتحد الناس ضد النظام و هى (1) رغبة الشعب في اسقاط النظام ، و هى ليست سبباً كافياً للانتفاضة بدليل أنًها متوفره لدى الشعب السوداني ، لذلك يجب أن تعززها عوامل أخرى تقودنا مباشرةً للشرط الثاني (2) يجب على الشعب أن يمتلك المقدرة النسبية على حجب مصادر الدعم و التعاون و الطاعة التي يقدمها للنظام كما يقول جين شارب، و (3) القيادة الثوريًة الواعية التي تكتشف نقطة البداية التي أشرنا إليها و توجه النًاس للانطلاق منها و تنظيم تحركاتهم... ، هذه الثلاثة هى شروط لا بد أن تتوفًر مجتمعة، و حتًى نجد السبيل واضح المعالم يجب العمل على الشرطين الثاني و الثالث ، المسألة ليست صعبة على الاطلاق لأنً الارادة موجودة و هى الأهم..فالشرط الأوًل كفانا النظام بأفعاله الرعناء عناء العمل عليه لأنًه يأخذ ما عند النًاس و لا يقدم لهم شئ بالمقابل كما أشرنا أعلاه..، لذلك إمكانيًة نجاح الثورة في السودان أكبر من نجاحها في جميع الدول التي نجحت فيها لأنً الأنظمة في تلك الدول كانت تأخذ من شعبها ما تريده و تمنح غالبيته ما يريدون)..، الشرط الثاني يتجسًد في جمله بسيطة إن اردت التخلص منه (أفعل كل شئ يبغضه النظام و أمتنع عن فعل كل شئ يريده النظام ما استطعت) و على الرغم من بساطة المسألة نظريًاً إلاً أنًها تحتاج للكثير من العمل حتًى يستوفي الشرط كاملاً....
سبق و أن أشرت سابقاً إلى جزئية مهمًة لا بد من استيعابها و هى أنً النًاس يشاركون عندما يكون موضوع المشاركة معبراً عنهم و يهمهم و يمس احتياجاتهم..، لذلك توجد قاعدة عامًة تتعلًق بالانخراط في مقاومة النظام و هى أنً المشاركين في المقاومة لا يأتون لأنًهم يتعاطفون مع الشباب الذين يقودون أعمال المقاومة و إنًما أتت بهم رغبتهم في المشاركة لأنً القضايا المطروحة تعبر عن احتياجاتهم و تطلعاتهم..، قلنا أنً الشرط الأوًل متوفر لا يحتاج أن نتحدث عنه كثيراً، تبقى لنا الشرطين الثاني والثالث:
الشرط الثاني فعل كل شئ يبغضه النظام و الامتناع عن أي فعل يريده النظام
يوجد مصطلح تسمعونه كثيراً "الثورة عمل تراكمي" معناه الصحيح هو نفسه ما يتبادر إلى الأذهان منذ الوهلة الأولى و يعني أنً الثورة تبدأ بالأعمال الصغيرة المنتظمة ثم تكبر مع الوقت ، قبل أربعة أشهر عندما كنت في الخرطوم لبًيت دعوة أحد قيادات التنظيمات السياسيًة في مكتبه، أوًل ما لفت انتباهي هو كميًة الأوساخ و القمامة المتكدسة حول المبنى، دار بيننا نقاش و قلت له بأنً اسقاط النظام لا يعنيكم في شئ و حزبكم تحديداً أعرف فيه فلان و فلان مصالحهم مرتبطة كلياً بالنظام، و أنتم تنظرون للناس من علي و تطالبونهم أن يسقطوا لكم النظام حتًى تأتوا لحكمهم دون أن تبذلوا أي مجهود.. لماذا لا تتواصلون مع الجماهير و لا تعملون وسط القطاعات التي تنجز التغيير و يعنيها أمره و لديها مصلحة حقيقية في التغيير بعكسكم ، أم أنً كلمة بعكسكم تجيب على سؤالي؟ فقال لي الأمر ليس كذلك و الموضوع ليس سهلاً لأنً النظام لا يسمح لنا، قلت له: كان حزبكم في السابق موجود في الجامعات و الدور الاجتماعية و الرياضية و جميع القطاعات مثل قطاعات الشباب والطلاب من الجنسين ، امًا اليوم هؤلاء لا يعرفون من حزبكم أكثر من رئيسه، و لا أحد يعرف برنامجكم الذي ستحكمون به حال سقوط النظام لأنكم غير حريصين أن يصل للناس، أمًا الآليًات فهذه لا تمتلكون أي منها رغم أنًها متاحة و بسيطة..، و السبب ليس النظام وحده، السبب لأنًكم تتجاهلون أهميًة الدور الذي تقوم به هذه القطاعات حتًى في حمايتكم ضد بطش النظام..، سألني كيف؟ فقلت له: إن أردتم إقناع الناس ببرنامجكم و تجنيد كوادر لحزبكم عليكم الابتعاد عن السياسة لأنًكم قدمتم صورة سيئة للسياسيين ، مثلاً في حيكم الذي تسكن فيه يمكن أن تساعد الشباب لنظافة الشوارع و مكافحة البعوض والأوساخ المتكدسة كالتي تحيط بمكتبك، .. استفزه حديثي و قال لي: هذه مهمة الحكومة التي تأخذ منًا أموالاً مقابلها..، قلت له : أنت تعرف أن الحكومة تأخذ الأموال لكنها لا تفعل، فقاطعني: لماذا أساعد الحكومة في القيام بعملها و أنا أريد اسقاطها و ليس تقويتها؟ فقلت له كلامك صحيح في شقه الأوًل لكنًه ليس صحيحاً في شقه الثاني ، لا ينبغي علينا مساعدة الحكومة و دعمها، لكن هذا ليس كما تظن، لأنً الحكومة إن كانت فعلاً تأخذ أموالاً و تقدم نظيرها خدمات ستكون حكومة جيدة يجب مساعدتها، لكنًها لا تفعل بدليل أنً الأوساخ تحيط بكل مكان و أنت سيد العارفين، فقال لي إن فعلنا كما تقول فإننا نساعد النظام و نحن نريد اسقاطه ، فقلت له أنتم لا تعرفون من هو النظام، لذلك لا تفرقون بين النظام و الشعب و هذا سبب فشلكم و تجاهل الشعب لكم، و لأنًكم لازلتم تفكرون بهذه الطريقة لا عجب أنً النظام موجود طوال هذه المدًة رغم ضعفه، و استطردت قائلاً ، سأعود لك لهذه النقطة، و لكن الآن أنت تسعى لاسقاط النظام أليس كذلك؟ أجاب نعم، قلت له ما رأيك أن نخرج أنا و أنت الآن و نقتحم القصر الجمهوري ، فقال لي هذا لن يفيد، قلت له إن متنا نكون شهداء و قدوة للنًاس و إن نجحنا نكون حاولنا فعلاً اسقاط النظام بالطريقة التي تعرفها...، و لمًا لم يطاوعني عدت به للنقطة السابقة و سألته: هل تعتقد بأنً النظام يريد مصلحة المواطن السوداني؟ فقال لي أنت تعرف الاجابة، فقلت له أريد أن أسمعها منك، و لمًا منعه كبريائه من البوح بها قلت له سأجيبك أنا، النظام لا يريد مصلحة المواطن السوداني لأنًه إن كان يريد لما سعينا لاسقاطه ، ربما تسعى الأحزاب من أجل الصراع على السلطة فقط، أمًا من هم مثلي سيدعمون أي نظام تهمه مصلحة الشعب السوداني لأنًنا لسنا طلاب سياسة أو مناصب..، لذلك من يعملون من أجل مصلحة المواطن السوداني يجدون أنفسهم في مواجهة مع النظام حتًى و إن كانوا لا علاقة لهم بالسياسة ، فمثلاً و طالما أنً النظام لا يريد مصلحة المواطن السوداني إذاً من مصلحته تكدس الأوساخ و انتشار البعوض و الأمراض و عندما يقوم أناس بالنظافة و مكافحة الأوبئة سيجدون أنفسهم في مواجهة مع النظام و في نفس الوقت يقومون بما لا يريدهم النظام أن يفعلوه لذلك فهم يمارسون العصيان المدني بطريقة مباشرة...، لم يظهر الرجل اقتناعاً بوجهة نظري لكنه لم يطرح بديلاً لها و ربما اقتنع في قرارة نفسه أو تساوره الشكوك في صحتها ، لكن ما تأكدت منه أنًه لا يمتلك المنطق الذي يعزز صحة إدعاءاته لأنًها أصلاً غير منطقيًة في واقعنا الحالي، ..، بهذه القصًة أردت توضيح مثال على الشق الأول من الشرط الثاني، مثال آخر ما يقوم به شباب شارع الحوادث و نفير و غيرهم يجسد مثالاً جيداً لتطبيق القاعدة (فعل ما يبغضه النظام) و هو بسيط في مجمله لكنًه يحتاج أن يكون عملاً مدروساً و مخططاً له، لذلك أتت أهميًة الشرط الثالث..، و بنفس المفهوم يمكن تطبيق القاعدة في شقها الثاني بالعصيان المدني بطريقته التقليدية المعروفة لأنًنا إذا امتنعنا عن الذهاب للعمل و الجامعات أو أغلقنا محلاتنا التجاريًة فإننا بذلك نمتنع عن الفعل الذي يريدنا النظام أن نقوم به لأنًه في هذه الحالة لن يستطيع تحصيل الضرائب من التجار و أصحاب المركبات و لن يجد من يشتري منتجاته التي يدفع منها رواتب قوات قمعه...و ما هى إلاً فترة قصيرة حتى نجد النظام قد بدأ يتصدًع.
الشًرط الثالث القيادة الثوريًة الواعية:
ذكرنا في البداية أنً النًاس لا يشاركون في أي عمل سياسي مباشر بالأعداد التي تكفل نجاحه لأنًه خطر على أرواحهم أو وضعهم الاجتماعي بدرجة أكبر من معاناتهم – حسب وجهة نظرهم- و بغض النظر عن الخطأ و الصواب في موقفهم إلاً أنًه لديه ما يبرره و ما سبتمبر ببعيد...، واحدة من مهام القيادة الثورية الواعية تشجيع الناس على الانخراط في المقاومة المدنيًة بتنظيمهم في أعمال يستفيدون منها و تخلق بينهم روابط قويًة، ميزة هذا العمل هو أنًه ليس سياسياً في الأصل لذلك لا خوف منه ، هذا أمر، الأمر الآخر سيحظى بنسبة مشاركة عالية لأنًه يخاطب قضايا الناس التي تهمهم، فمكافحة البعوض و الذباب و ردم البرك الآسنة و حملات النظافة في الاحياء ستبدأ هكذا ، لكن النظام سيحاربها و لن يمضي وقت طويل حتًى يجد النًاس أنًهم في مواجهة مع النظام، .. الجديد في الأمر هو أنًهم سيكونون على استعداد للمواجهة لأنً الأمر يعنيهم و لأنًهم يشكلون قوة عدديًة كبيرة من الجماهير و هذا سر نجاح المقاومة المدنيًة..، قدرتها على حشد النًاس فيما يتطلعون إليه.
سيتطور الأمر من نظافة و مكافحة لهوام الأرض و القضاء على الأوساخ إلى مواجهة مع النظام، مهمًة القيادة هنا تكمن في تحديد الخطوة التالية كيف تبدأ، يجب عليها أن تختار مكان و زمان المعركة و بالتالي تسبق النظام بخطوة، و يجب عليها استهداف نقطة ضعفه لتوجيه الجماهير لمهاجمتها لأنً هذا يمثل أقصر الطرق للنجاح...، بمثل هذا العمل الصغير (حملات النظافة) سنكون أوجدنا قيادة للمقاومة من عمق الشارع و اكتشفنا مقدرات هائلة في شبابنا ووجهناهم لما هو مفيد لمجتمعهم و أشعلنا غضب النظام و الأهم اخترنا أساليب القتال بأنفسنا و لم ندع النظام يختارها لنا ، اي اخترنا المعركة ونوع السلاح المستخدم فيها.
بعد استيفاء هذه الشروط يجب علينا تحديد نقطة ضعف النظام التالية و استهدافها ، مثلاً إهماله التًام للمواطنين هذه الأيًام و تركهم في العراء بعد أن انهارت مساكنهم بسبب أنًه خرًب شبكات الصرف الصحي و بسبب أنًه لم يقم بواجباته، بالتالي وجب علينا القيام بواجبات النظام و لكن على النًاس أن يستوعبوا أنً مثل هذا العمل ليس من أجل مساعدة النظام إنًما لاسقاط النظام و خلق نظام جديد، استيعاب هذه الجزئية مهم و هذه مهمة القيادة التي تعرف الطريقة التي توصل بها الرسالة للجماهير المعنيين بالأمر.. و تشرح لهم الكيفيًة، ثم الانتقال إلى الحملة التي تليها ، و هكذا سنكون اشركنا الجماهير في الكثير من الحملات المتنوعة التي تستهدف منفعتهم على عكس النظام الذي يستهدف ضررهم.. ، سنكون فتحنا أكثر من جبهة يصعب على النظام مواجهتها، ووضعنا استراتيجية بسيطة و قابلة للتطبيق..، و جعلنا الناس يحتشدون حول الثورة بالتالي أوجدنا الطريقة الناجعة لمواجهة القمع...
أمًا من يتساءلون عن البديل فسيرونه أمامهم، منهم أنفسهم، بعد أن كان الشعب مهملاً تماماً من النظام يكون قد وجد نفسه يهتم بعضه ببعض ، و بعد أن كانت القيادة تشكل مشكلة وجد كل فرد دوراً يقوم به و خلقنا قيادة جماعيًة تتمتع بميزة المرونه و لا يوجد أي تعارض للمصالح بين افرادها.
ربما في مرحلة لاحقة ستطفأ على السطح مسائل يجب التحسب لها مثل التنازع في القيادة و الأدوار، و هذه تحكمها لائحة عمل يجب أن تضعها القيادة بحيث تكون دستوراً يحتكم إليه الجميع و يطبق على الكل و يراعي تمثيل جميع قطاعات و شرائح المجتمع .
المهم الآن على كل شباب الحي أو الحارة أو القرية الذين يعرفون بعضهم أن يضعوا تصوراتهم و ليخبر كل منهم قريبه المغترب خارج السودان بأنًهم يحتاجون مساهمته الماليًة ، و يبدؤوا بأعمال النظافة و مكافحة البعوض و الذباب في مناطقهم و التنسيق بينهم و المناطق المجاورة، و يكونوا فرق عمل على نطاق واسع متعددة المهام من أجل مساعدة المتضررين من الأمطار و الفيضانات، و إغاثة الجوعى و إيواء المشرًدين، معالجة المرضى، و تكوين دوريًات لحماية أحياء الخرطوم من السرقات التي أصبحت هاجساً يؤرق كل المواطنين..، عندها ستجدون أن كل شئ بدأ يتشكًل و انً الثورة التي نحلم بها قد انطلقت فعلاً و الشعب هو الذي يقوم بواجبات الحكومة ، ليس من أجل الحكومة إنًما لأجل اسقاط الحكومة و، وقتها سيكون الشعب فعلاً يحكم نفسه ، أمًا مغتصبي السلطة و سبب البلاء سيكونون مجرد أصنام و أشباح بعد أن تسرًبت منهم السلطة و ذهبت لمستحقيها ، و لن يستطيعون استعادتها مرًة أخرى..، لي عودة بمشسئة الله...
مصطفى عمر
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.