إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن إرتفاع سعر الدولار او في نقد المسلمات (المحرمات!).
نشر في الراكوبة يوم 06 - 09 - 2016


بسم الله الرحمن الرحيم
إرتفاع سعر الدولار بصفة خاصة وأسعار السلع بصفة عامة، بطريقة تصاعدية ومن دون ضوابط أيّ كان نوعها، وذلك بالتوازي مع إكتشاف فضائح تورط نافذين في قمة السلطة، في المتجارة بالعملة (إستجابة لحكمة الفساد الخالدة حاميها حراميها!) والتي تم إفتضاح أمرها مصادفة ( دلالة تكتم علي الفساد، كتطبيق للمأثور الإسلاموي خلوها مستورة!) وذلك من خلال غواية الحراس الأشداء/الأمناء (الفقراء والأصح جزء من شريحة الفقراء موكل لها حماية اللصوص وممارسات الظلام، أي طبقة الراسمالية الإسلاموية الطفيلية المستجدة، والنهمة للنهب والخوض في الملذات دون حساب او مخافة عقاب!) وسقوطهم في فخ نيل جزء معتبر من العملة الصعبة، التي يشاهدونها تتدفق بسهولة ويسر تحت أيادي المسؤولين، خارج قنوات المال الرسمية (إلا إذا تحول صناع وصنائع الطفيلية الي بنوك وصيارف متحركة!) وبصورة تؤكد الشبهات! وهم بدورهم (الحراس!) مدفوعين بمنطق اللصوص (سرقة المسروق والسارق حلال!). يؤكد أن ما يسمي دولة هو مجرد وهم كبير، والأصح هنالك مجموعة دول موازية تعمل في الظلام، وليس مصادفة أنها صاحبة الكلمة الأخيرة، فيما يجري في هذه الدولة (الخارجية/الغطاء) التي تظهر علي السطح بمظاهرها الشكلانية! وهي دول بتعدد مكوناتها وإتجاهاتها، لا تتفق علي شئ قدر إتفاقها علي النهب المنظم للوطن والإزدراء المنتظم للمواطنين والإستهانة بالقيم الوطنية. وهذه النتيجة (إنحلال الدولة!) لم تكن خاتمة مفاجئة لأحد، ولكنها كانت المحصلة الحتمية لما يسمي بالمشروع الحضاري، او مشروع التحالف العسكر/إسلاموي، أي كتحالف هندسة خراب وتأسيس دمار شامل! بمعني، إن ما يبدو مشكلة إقتصادية (إرتفاع أسعار الدولار وغيره!) وتاليا مقاربتها بأدوات التحليل الإقتصادي، او من جانب خبراء إقتصاد لا يُشك في صدق تحليلاتهم وصحة قراءاتهم! ليست قاصرة فحسب، وإنما هي مضللة أيضا! علي إعتبارها محاولة لتنظيم الفوضي وعقلنة النهج اللاعقلاني الذي يحكم مسار الإقتصاد في الداخل، أي إقتصاد النهب الذي يتحكم فيه اللوبي الإسلاموي الطفيلي. ولكن هذا لا يعني إستبعاد آراء الإقتصاديين وتهميش دورهم، بل العكس هو الصحيح، وعليه يجب الإستئناس بخبرتهم وتأهيلهم وتمكينهم من تخصصهم، في أي مشروع إصلاح للإقتصاد من الأضرار والتشوهات الإنقاذوية التي لحقت به! وهذا بدوره لا يعني التأمين المطلق علي حقيقة أن المشكل الإقتصادي وثيق الصلة بالمشكل السياسي، وتاليا معالجته رهينة بحل الأزمة السياسية من جذورها! ولكن للتأكيد علي أن الأزمة الداخلية أعمق من كونها إقتصادية او سياسية، أو بالأحري هي نتيجة مباشرة للغياب التام لمفهوم الإقتصاد ومشروع السياسة، كجزء من الغياب الشامل لمشروع بناء الدولة الوطنية.
وعن هذا الأخير، وبعد وصول حكومة الإنقاذ بقض العسكر وقضيض الجبهجية، تم الإجهاز الكامل علي المشروع سواء علي مستوي الواقع او المأمول! وتاليا تمت الإزاحة التامة للإقتصاد كمناهج وخطط وبرامج ترتبط بإدارة الثروة والندرة علي حد سواء، والسياسة كوسيلة لإدارة حيوات المواطنين وتنظيم شؤون المجتمع والسلطة، لصالح مشروع بناء السلطة كملك عضوض؟! وهذا الأخير بدوره ليس معني أصلا لا ببناء دولة ولا بإحترام حقوق مواطنين! والأصح شرعته تقوم تحديدا علي تضخيم إمتيازات السلطة ووسائل وطرق حمايتها، علي حساب مكونات الدولة الأخري وبما فيها مصالح المواطنين! وهذا في حال لم توظف الأولي حصرا و تصادر الثانية قهرا، لصالح ذاك التضخم وتلك الإمتيازات؟! بمعني، الإنقاذ كمشروع سلطة حصرا، لا تنحصر أزمته (محنته/محنتنا الشاملة!) في كونه وصل الي السلطة عن طريق إنقلاب (وهو علي كل مبرر من ناحيته، إن لم يكن الوسيلة المثلي في شرعته!) ولكن أزمته في الأساس أنه يرتكز علي منطق القوة (إمتلاك حق العنف غير الشرعي!) وهذا بدوره لا يعنيه لا حقوق مواطن او إعتراضات مواطنين، وتاليا لا يشغل باله هاجس بناء دولة المواطنة من أي ناحية او بأي درجة! أي منطق القوة مكتفٍ بذاته لصنع شرعيته او فرضها لا فرق! والأصح مفهوم الشرعية هو حجة الضعفاء من وجهة نظر منطق القوة! ولا يصدف أن يتجسد كل ذلك في المؤسسة العسكرية، وبصورة أدق ما يتراءي لقياداتها، وذوي الميول السلطوية منهم علي وجه الخصوص! وهم للأسف كانوا دوما الغالبية، بل والأكثر تأثير ورجحان وجاذبية، لبقية منتسبي تلك المؤسسة! الشئ الذي جعلها تقف كسدا منيِّعا، أمام تكوين او إكتمال بناء المشروع الوطني الشامل، ومن ضمنه السلطة الوطنية الديمقراطية الحديثة.
وفي المقلب الآخر، وبما أن منطق القوة القائم عليه سلطة الملك العضوض، يحتاج لنوع من الغطاء او القناع، لإخفاء وجهه القبيح، او ليلطف به أسلوبه الهمجي! كان لابد من إستيلاد فرية النقاء العرقي، كغطاء او مبرر للسطو العائلي والعشائري علي السلطة! والذي تطور بدوره ضاما لسيرته ومسيرته غطاء النقاء الديني وغيره من الأغطية الأيدويولوجية، لتنتج في النهاية ظاهرة صراع الهوية! والحال كذلك، يصبح مفهوم الهوية في جذره، هو مفهوم سلطوي بامتياز، وتاليا يتوخي السيادة علي الآخرين! الشئ الذي جعل مفهوم التعايش من أصعب لغات التفاهم داخل المجتماعات وبين الدول، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالسلطة وتقاسم النفوذ والأمتيازات. وهو ما قد يفسر بدوره لماذا كان مفهوم الهوية مرتبط دائما بالسلطة، وليس بناء التضامن الإجتماعي والدوافع التعميرية! ولذا إنحصر في زاوية كونه مشروع توتر مستمر او أس لكل المشاكل الخلافية. وأهمية هذا المدخل، أنه يفسر لنا لماذا شكل الدين، واحد من أهم وأشهر وأخطر تلك الأغطية الموصوفة سابقا! في هذا السياق يفهم، أن المشروع الذي أتت به الجماعة الإسلاموية، هو في حقيقته يحمل صفة اللامشروع جوهريا! وعليه، الإسلاموية وصفة معادية للمشروع والمشروعية، وبإختصار هي إيديولوجية سلطة حصريا! وتاليا ليس لها إمكانية إنتاج مشروع وطني خالص، ناهيك أن تكون مؤهلة له أصلا؟ وبناءً علي ذلك، هي أبعد ما تكون عن بناء دولة او رعاية مواطنة وغيرها من مكونات وأنشطة، مما لا يستقيم مشروع وطني من دونها. وبما أنها إيدويولوجية (تفكير غير منضبط بمنهج، او إحلال الرغبة محل الفكر!) فتاليا لا يحكمها برامج او تخضع لمؤسسات مرنة لها القدرة علي التعاطي مع تقلبات الواقع وأنفجاراته. وهذا بدوره جعل منها حالة سائلة! أي بقدر ما هي صعبة التماسك، بقدر ما هي سهلة التشكل، او لها القدرة علي الظهور بمظاهر شتي وأشكال متعددة، وبغض النظر عن إختلافاها او تناقضها! ورغم زيف هذه المظاهر (أحيانا كاريكاتوريتها!) إلا أنها تجد إستجابات في مجتمعات بسيطة ومخيلات أكثر بساطة، او لم تطالها بني التعقيد الحضاري. وبتعبير آخر، هذه السيولة (الصلصالية!) مكنت رعاة هذه الأيديولوجية (القادة والأعضاء المتطلعون للسلطة والإمتيازات!) من تفجير كل طاقات المكر والإحتيال ومواهب اللعب علي الحبال وتطوير وسائل الإستغلال! ومن ثم إظهارها بما يرضي تطلعات البسطاء وغرور المتحمسين من ناحية، ومجاراة المستجدات من ناحية مقابلة؟! أي تطويعها الي مظهر ديني وشأن سياسي وموضوع ثقافي وغاية إقتصادية ومهمة تربوية وقوة دفاعية ولغة حداثية..الخ وبطبيعة الحال، توفير هامش عريض للمناورة وملء الفراغات الحضارية او بطء المواكبة الحداثية للمجتمعات التقليدية! وكل ذلك، دون أن يطرف لهم جفن او تشغلها وقفة تأمل! وبصفة عامة، كل سبيل يوصل الي السلطة او يبرر السيطرة عليها، وتاليا التحكم بالمحكومين وموارد الدولة! هي قابلة للتشكل في صورته او منحه صفة (مظهر!) القبول ومسوغ المشروعية. ويساندها في ذلك تراث فقهي ونصوص دينية وحديثية، في غاية التنوع والتناقض والإنفتاح علي التأويل السلطوي الإستبدادي؟! وهذا بدوره فتح الباب علي مصراعيه، ليس لإلباس الآراء والمصالح والتطلعات الخاصة، وبالمحصلة الرغبات السلطوية والإمتيازية لِباس ديني (فقهي او سند شرعي!) ولكنه جعل تبرير التناقضات والإلتباسات، ومن ثم ممارسة أسلوب التلفيق وطريقة الرقع والرتق، وبالمجمل منهج الإستدراكات هو المفضل، إن لم يكن الوحيد المتماسك لتلك التيارات! الشئ الذي جعل تطبيق برامجها وتنفيذ شعاراتها، هو نوع من التجريب المفتوح علي التجربة اللانهائية! وكيف تكون هنالك نتائج لتجربة، ليس لها منهج او فكرة او موضوع أساسا؟! أي التجربة الإسلاموية هي تجربة خارج الموضوع متخارجة علي الفكر قبل أن تكون خارج العصر (أما عن قسوة أدوات التجريب وبؤس الحصاد فحدث ولا حرج!). وبتعبير بسيط، طرح البديل الديني (الإسلام هو الحل!) كشعار فضفاض ولا معني محدد له، او قابل أن يكون كل معني دون أن يعني شئ! جعل مقولة المشروع الديني صالح لكل زمان ومكان، مسألة في غاية التناقض إن لم تصل مرحلة الإبتذال (والإستكراد!)؟ لأنه إذا صح صلاحه لكل زمان ومكان، فعندئذٍ هو محكوم بأن يكون عام ومجرد، وتاليا النأي عن التفاصيل الواقعية/المكانية والتفصيلات المتغيرة بتغير الزمان، وبما فيها سؤال الحكم وشؤون السلطة! أما إذا كان لا مفر له من الإنغماس في هذه المسائل وغيرها، وهي بطبعها متجددة ومتناقضة بتناقض مصالح الفاعلين وتبدل الزمان والمكان، فتاليا ليس في إمكانه نيل إمتياز او تقرير حق الصلاحية! والتي يقررها أقوام كثر، لا يختلفون علي الأديان والمصالح فقط، ولكن حتي في قراءاتهم وتفسيراتهم وتفضيلاتهم داخل نفس الدين! وكل ذلك دون وجود مرجعية محددة ومتفق عليها لحسم الخلافات؟ وهذا بعد تجاوزنا المرجعيات الفقهية والقيادية التي تفرض نفسها، وتاليا مصالحها علي الآخرين، قبل أن تحتل الدين او تتحدث بلسانه كمالك حصري؟! أي المرجعية المقصودة تنبع من داخله وتلازمه كظله وتكون مصدر إجماع فوق الشبهات! وهذه الأخيرة مستحيلة، لأن مرجعية الدين هي السماء، وليس هنالك وسيلة للإتصال بالسماء او التفاوض معها او معرفة جازمة لمرادها! وهذا غير أن ما يجري من تفاعلات حتي مع النصوص مكانه الأرض، دار الإمتحان حتي بمنطقهم، وقبلهم المنطق الديني ذاته؟! بمعني آخر، إذا خُيِّر مؤمن بين الخيارين او لم يُخيَّر فهو أقرب للخيار الأول، أما الخيار الثاني وفي أفضل الأحوال يخرجهم من الإسلام الذي يرفعون شعاره! بمعني، إن الخيار الثاني يُحِيِّل الي الدنيا والصراع حولها لدرجة يتم فيها التضحية بالآخرة (جوهر الدين ذاته!) كمنتهي واجب الرعاية للمؤمنين. وهذا بدوره يفسر عدم إنضباط الإسلامويين، ليس بقيم الدين العامة، ولكن حتي بمعيار فهمهم المصلحي (السطحي!) للدين. لدرجة تجعل المفاضلة بين إسلاموي وملحد وبمعيار الدين ذاته، تُرجح كفة الملحد، أي من وجهة الصدق والإتساق! وتاليا الإسلاموي ليس عدو للدولة والمجتمع وعهد المواطنة فقط، ولكن قبل ذلك هو عدو للدين ذاته (الذي يرفع شعاره ويتحدث باسمه ويحتكر تمثيله!). وهو ما شكل بدوره أقوي أسلحة أعداء الدين للطعن في الدين ذاته! رغم عوار منهج الأخيرين وهم يحاكمون الدين بممارسة المنتمين وليس بجوهر الدين. وعلي العموم، أي دين لا يسعه إلا أن يكون مجموعة عموميات او توصيات عامة، او تدور نصوصه حول المشتركات الإنسانية العامة. والحال كذلك، أي محاولة لتخصيصه تؤدي مباشرة للتمايز بين الناس، ومن ثم نيل الإمتياز بواسطة النخبة المسيطرة او المتحكمة في قوانين التمايز! وهو عين ما حاربته الأديان بنص نصوصها المؤسسة، وهذا في حال لم يكن أهم أسباب وجودها رفض التمايز والإستعلاء، كصفات خاصة بمؤسسها. بمعني آخر، الأديان بوصفها أديان لم تكن مشكلة يوما، وإن لم تفارقها المشاكل يوما كذلك! علي إعتبار أهم وظائفها تقديم حلول وأجوبة لأسئلة روحية ووجودية، يصعب إن لم يستحل إيجاد أجوبة لها مادية (فوق المادة او ما بعدها!) إلا أنها هي نفسها (حلول) يصعب التيقن منها، لا لشئ إلا لذات السبب الذي برر وجودها! أي عدم وجود الأدلة والأثباتات والمقاييس؟ وليس غريب أن تكون الأخيرة في صلب المادة او متعلقة بها كظلها. إلا إذا إفترضنا أن الأحساس والذوق هي معايير معتمدة، وهي بالطبع معايير في غاية الفردية، مما يؤكد فردية الدين في الإختيار (تسليم/إيمان) بقدر عموميته في فتح المجال وإتاحة الفرص أمام حرية الإختيار (إمتحان/تجربة/عدم إكراه!). ولكن ما جعل الأديان مادة تمايز وصراع ووقود للصراع وأسباب النزاع، هو الإنسان وإجتماعه وتناقض مصالحه وتطلعاته، وصولا لإستغلال كل الوسائل لحسم الصراع بما فيها الدين، وهذا في حال لم يكن أولها وأعنفها وأكثرها جذرية في إزاحة الآخر من الوجود! المهم، بدخول الدين كطرف في الصراع، بعد أن كان مدخله الأساس إبطال مسببات الصراع او أقلاه تسكينها والإرتقاء بالإنسان! قاد ذلك الي بزوغ فجر العلمانية بعد إشتداد ظلام الحروبات الدينية! كحل عملي يحمي وظيفة الدين، في الوقت الذي يحفظ فيه سلامة وكرامة وحقوق الإنسان الأساسية. بمعني إخراج الأديان من مدار الصراعات الدينيوية، والتي لابد من إستمرارها! وهو ما فتح المجال لأول مرة في التاريخ لإدارة الصراعات (حول السلطة خاصة) سلميا، بدلا عن طابعها العنفي السائد تاريخيا. ولذلك تجد من السهولة بمكان إحترام شخص ملحد لا يؤمن بالأديان، علي إعتبار موقفه موقف عقلي فضلا عن أنه خيار فردي غير سهل، أي بوصفه يتجاوز طبقة الوعي الديني الراسخة في العقل وأعماق الوجدان الإنساني! ولكن بنفس القدر يصعب إحترام شخص معادٍ للأديان، لإعتبار موقفه غير عقلاني، رغم ما يوحي به مظهره الخارجي من تعقل، هذا من جهة! إضافة الي أنه يحول الفكر من وسيلة للمعرفة ووسيط للإنفتاح والتنوير، الي إيدويولوجية تعتقل العقل قبل أن تحتقر الدين/المتدين، وهذا من الجهة المقابلة؟ أي هو مشروع إقصاء من أجل إحتكار الإمتياز بصورة حصرية، علما بأن الإمتياز ليس بالضرورة أن يكون مادي دائما! بتعبير آخر، يحرف الصراع من وجهته الإجتماعية/الدنيوية (التحررية وفق رؤية يس الحاج صالح في سياق مشابه) وبوسائل إجتماعية (دنيوية!) الي وجهته الدينية! مما يدخلهم في نفس النفق الديني الذي يحاربون ضده؟ أي نفق أدلجة الدين الذي تقوم عليه مشاريع التدين السياسي، والأصح تديين السلطة ورفعها الي مصاف القداسة، أي إبعادها عن المسائلة والمشاركة والزوال! وهو عين ما تجسده جماعة الإسلام السياسي، وعلي رأسها او أسوأها النموذج الإنقاذوي القابض علي السلطة كالسرطان في الخرطوم. والمحصلة، أعداء الدين يسيئون للعلمانية (ولو سجدوا أمام صنمها وسبحوا بحمد رموزها وأخلصوا العبادة لوثنها!) قبل أن يحجبوا العلمانية أمام المتدينين، ويسعروا التطرف في قلوب المتعصبين! وهؤلاء بطبعهم قابلين للإشتعال وتدمير الذات قبل الآخر، عقب سيطرة نزعة كره الحياة و جنون رغبة تطهير العالم، علي خيالهم المريض. وعليه، يصبح ألا مخرج لإدارة الصراع في الدنيا إلا بأدوات الدنيا، وتجربة العلمانية أثبتت أن ذلك ممكن، وبمنطق التاريخ وليس ضده او من خارجه.
المهم، الإسلاموية كأيدولوجية حكم ومشروع سيطرة وتحكم، شكلت بدورها ليس أكبر عقبة في وجه مشروع النهوض الوطني الشامل، او جزئية بناء الدولة الديمقراطية الحديثة، وبما فيها مسألة السلطة (كعب أخيل او الصخرة التي تتحطم عندها كل جهود وأفكار وممارسات، بل وتضحيات الطبقة السياسية، رغم حيازتها المساحة الأكبر من إهتمامها وإحتلالها جل هواجسها وأحلامها!) ولكنها للأسف قوضت بناء الدولة ذاته، وهي ترهنها للنهب والتقسيم من الداخل والتفريط للخارج! وهو ما أفرز بدوره حلقة إرتفاع أسعار الدولار وغيره من السلع المفرغة (ليس لها حل او معالجة او هي ببساطة خارج قوانين السيطرة!). أي كأحد الأعراض التشخصية او الأعطاب البنيوية لحالة غياب الدولة كمفهوم وسلطات ومؤسسات! وهو ما جعل آراء الإقتصاديين وتحليلاتهم تبدو كالتحليق في فضاء الخيال دون أجنحة او كرفع الآذان في مالطة. ولكن السؤال، هل وجد مشروع سلطوية عدمية كالإسلاموية من فراغ؟ لا يمكن ذلك فالفراغ لا ينتج إلا الفراغ! ولكن ذلك لا يمنع أنه قد يساعد في إستيعاب كل شئ ضار او نافع! ولكن المؤكد هي نتاج لغياب المشروع الوطني الشامل، والأصح عدم وضوحه في بنية العقل الجمعي، وتاليا تجذره في البيئة السياسية السوانية بصفة عامة! وذلك يرجع لسببين في إعتقادي:
أولهما، يرجع ببساطة للنخبة السودانوية (دلالة تغرُّب وليس تأصيل في هذا السياق! أي ليس تشبه بالغرب كأسلوب حياة من دون تملك قواعد او مضامين حداثية تفرز ذاك (الإستايل) كإنعكاس للتشبع بها فقط، ولكن الأهم غربة عن الواقع إن لم يكن ذهول عن متطلباته!) والمعْنِيّ هنا، النخبة السوانية التي أعقبت الإستقلال او ضيعته لا فرق (والتي يبدو أنها ولسوء الحظ أورثت مساوئها الكثيرة وليس محاسنها القليلة للنخب التي تليها!) رغم تصديها او تصدرها للمسؤولية الوطنية كجبهة متقدمة علي بقية المواطنين! فهي وبحكم ما حازته من تعليم وإحتكاك (إعجاب/إستلاب) بالمحتل، حاولت أن تتقمص دوره، ولكن للأسف دون إمتلاك مقومات ذاك الدور او رؤية صاحبه للحكم او فلسفته في الإدارة! بمعني، الإنجليز في طريقة حكمهم او إدارتهم للدولة، ينطلقوا من رؤية شاملة تلعب السلطة ومكوناتها دور أساس فيها، ولكنه لا يمثل كل الأدوار؟ أي السلطة/الحكم وسيلة لغاية، هي خدمة مصالح بريطانيا العظمي، وهذه المصالح ليس بالضرورة أن تتصالح او تتعارض مع مصالح المحكومين او الدولة المحكومة! أما النخبة السودانوية ما بعد الإستقلال فشكلت السلطة بالنسبة لها غاية الغايات، او أقلاه أهم الأهداف وأكثرها حصرية، وذلك بمعزل عن مقومات بناء الدولة الأخري! أي قررت أن تحكم، ولكن من دون رؤية للحكم او فلسفة لإدارة الدولة! أي إستعمار من غير وجهة، وهو أسوأ أنوع الإستعمار، بوصفه إستعمار من أجل الإستعمار! وبصورة أوضح كونها نخبة من حقها أن تحكم من دون إعتراض او تحمل مسؤولية! وبتعبير صادم، ليس هنالك مشروع نهوض يصحب السلطة (والأنسب تصحبه السلطة (صحبة راكب!) او يبرر حكمها وسيادتها علي الدولة والمواطنين! وهو ما أفرغ السلطة من مضمونها وجعلها محض جهاز سيطرة وموضوع لصراع مفتوح علي التشاكس وتاليا الإنقلابات! بمعني آخر، الأولوية او النظرة الإستراتيجية او الهم (الجهاد) الأكبر للنخبة، كان يفترض أن يتوجه لبناء مشروع وطني طموح للنهوض، وهو بدوره لا يعطي للزمن والإنسان والموارد قيمتها فقط، ولكنه يعطي للسلطة معني، ويكسبها أهداف تضبط دورها وتزيد فاعليتها! وتاليا السلطة في إطاره مجرد تكتيك لطريقة الوصول للأهداف، ومن ثم فهي متروكة للمنافسة وإبداع المتنافسين، علي ألا يغير ذلك من أصول المنافسة وأهداف الإسترتجية العامة، مُعرَّفة بالمصلحة العامة. وفي هذا المعني، تصبح السلطة مجرد إدارة صغيرة لا تملك كل هذه الإغراءات والسلطات المطلقة، من جهة، ولكن كذلك دون إبتذالها او إستحقاقها دون مؤهلات، من جهة أخري! مما يحيلها الي مجرد وظيفة وأصحابها موظفون يؤدون مهام محددة لفترات محددة وووفق ضوابط محددة. ولكن عملية بناء السلطة وإكتمال معمارها، لا يعني تأجيل الإستحقاقات الأخري! أي يجب أن ترافق عملية التأسيس، بناء قاعدة تصنيعية وزراعية وتعليمية وعلاجية وثقافة..الخ تتوجه بالمجتمع نحو الحداثة والدولة نحو التحديث. أي المشروع الوطني ليس بمستطاعه إن يرتكز علي ساق واحدة هي ساق السلطة؟ فهكذا مشروع أخير محكوم عليه بالسقوط سلفا! فكيف الحال، عندما يغيب المشروع وتتجوف السلطة من الداخل، وهو عين ما شهدناه تاريخيا؟! ليتم إفراز كما أسلفنا المنظومة العدمية الإسلاموية، وقبلها إثارة غرائز المؤسسة العسكرية، لتتدخل في الشأن السياسي، وتاليا تتم الإطاحة بالديمقراطية الناشئة، لصالح تعميم براري الإستبداد والتوحش والعقم علي طول التاريخ الوطني الأسيف.
ثانيهما، وهو الأهم، غياب او تغييب الثقافة التحررية، وهو ما تمظهر بدوره في شيوع ظاهرة عبادة الواحدية إذا جاز التعبير، وتلقائيا تم إفراز عادة عبادة الزعيم الفرد المستبد، من جهة! وعشق او إدمان التقليد، من جهة أخري. وذلك لا يختص بالبسطاء ولكنه يطال النخبة أيضا! ولا يتعلق بالأفراد حصرا ولكنه يطاول المؤسسات كذلك؟ بمعني، بقدر ما نجد ثقافة تقديس الفرد الزعيم، نجد كذلك تقديس المؤسسات، كجامعة الخرطوم ومشروع الجزيرة والخدمة المدنية..الخ! وهذه الأخيرة من شدة تقديسها أصبحت كأبقار مقدسة او تابو يمنع التعرض له إلا بالمدح والإطراء! وإذا كانت المؤسسات الأخيرة أسهمت بقدر ما في بناء الدولة الوطنية (كجغرافية!) ونشر قدر لا بأس به من مظاهر الحداثة وآليات تحديث الدولة! إلا أن جوانب إعاقتها بناء المشروع الوطني المتكامل، وجزئية التحرر كثقافة او طاقة تشغيلية للمشروع، كانت غائبة او مغيبة تماما! وذلك بسبب كما أسلفنا، ترفعها عن النقد ورفعها عن متناول الذكر إلا بخير او الصمت حيالها! بمعني آخر، هذه المؤسسات في المبتدأ ليست صنيعة إستعمارية وإنشئت لصالح خدمة مصالحه فقط، ولكن إذا دققنا في طريقة إشتغالها، نجدها معادية لثقافة التحرر بصفة عامة، وهي كما أسلفنا أحد المعاول (أي بسبب فقدانها!) التي أسهمت في ضرب المشروع الوطني من الداخل (ضياع مفاعيلها كعقل مبتكر ووجدان سليم) وإنهياره (في الخيال!) كمقدمة لعدمه او ضبابيته في الوجود.
ولكن ماذا نعني بغياب ثقافة التحرر في هذه المشاريع والمؤسسات؟ خذ مثلا مؤسسة كجامعة الخرطوم، كان جزء أساس من أسباب تأسيسها تخريج كادر موظفين، وتاليا إنخراط خريجيها في دواوين الحكومة! مما يعني أن السلطة كفيل إعاشة ومكانة! وتاليا ليست وسيلة سيطرة إقتصادية وإجتماعية فقط، ولكنها إستعبادية في نفس الوقت! وليس مصادفة أن تصبح الوظيفة الحكومية ذات سمعة ومردورد إيجابي، بالتزامن مع غياب ذاك المشروع الوطني المأمول! أي تحولت الوظيفة الي غاية وليس وسيلة لإنجاز غاية أكبر، لا يصدف انها غائبة او مغيبة بدورها! بمعني آخر، فلسفة الجامعة لم تقم علي تخريج إنسان متحرر وقادر علي إبداع وسائل إنتاج وإبتكار مشاريع تستثمر في إمكانات وموارد البلاد، وتاليا إستقلال الفرد وإكتمال بناء شخصيته وقدراته، كأهم لبنة في قيام أي مشروع وطني. وبكلام أبعد، الجامعة عجزت عن صناعة مفكرين (مؤسسين!) قادرين علي التأسيس لمشروع النهوض الوطني، وتوفير كوادر قادرة علي تحمل مسؤولية التنفيذ. وغياب هذا المشروع لم يعُد بالضرر علي الدولة والمواطنين، ويدفع الطبقة السياسية للهروب الي الأمام عبر الصراع علي السلطة، ولكنه حرم الجامعة ذاتها من تغيير جلدها وتجديد فلسفتها؟! أي بدلا من تخريج موظفين (خانعين!) كل ما يشغل فكرهم الوظيفة والمكانة الإجتماعية! أن تتبني تخريج مبدعين مؤهلين والأصح قادرين علي خلق البدائل وليس إنتظار الفرص؟! وهذا مؤكد لا يمر إلا عبر تغيير طريقة التدريس العتيقة والمناهج الببغائية (التكرارية/الإجترارية!) القائمة علي تعظيِّم الكم (الدرجات!) وليس الكيف (الإنجازات!). وعندها كنا سنجد رسالات الدكتوراة والماجستير المكدسة في المكتبات حتي ناءَت رفوفها من شدة الحمل، وهذا في حال لم يسكنها الغبار وتحتضنها خيوط العنكبوت! وقد تحوَّلت الي مشاريع متحققة علي الأرض وأنشطة متجسدة علي الطبيعة في كل المجالات! او أقلاه ربط شهادة كالدكتوراة بأثر معلوم علي الواقع، حتي لو أنفق طالبها عشرات السنين في إنجازها. ويمكن تأكيد كل ذلك بسهولة، ومن أمثلة متوافرة في الواقع المعاش، فكم من شخص ترك الوظيفة العامة او رفضها مبدئيا وحقق نجاحات في مجالات أخري تفجرت فيها مواهبهم مصادفة (أي عوضا عن الدور المفقود للجامعة والعملية التعليمة والثقافة المجتمعية بصفة عامة!) والعكس صحيح، أي هنالك من أعتقلتهم الوظائف العامة وحطمت كل مواهبهم وقدراتهم، وأدرجتهم في بند العطالة المقتعة، وهذا عندما لا تُربي فيهم روح الإستبداد تجاه المواطنين متلقي بل ومستحقي الخدمات، او ترفع من وتيرة تلقي الرشاوي وفرض الأتاوات! ولا يعني هذا أن الوظيفة العامة مرفوضة بالمطلق، ولكن المرفوض هو عدم إدراجها في مشروع وطني تلبي فيه دور أساس، وبمتطلبات أساسية، او حقوق وواجبات مُعرَّفة ومراعاة من قبل الجميع. وبإختصار ثقافة الوظيفة، ثقافة إستعبادية وليس تحررية بحال من الأحوال! وتاليا أصبحت جامعة الخرطوم تخرج أفراد (لهم قابلية الإستعباد!) وليس أحرار لهم تطلعات الإستقلال، ناهيك عن قدرتهم علي خلق او بناء مشروع للنهوض بالوطن. وما الإهتمام المرضي والمتطرف بالسلطة و حب الإمتياز، إلا تعبير صريح وفاضح عن ذاك الفشل الذريع. أي كل من يفشل في تحقيق إنجاز او هدف او مشروع او مكانة او معني لوجوده، يبحث عن السلطة، كحل سحري لكل الرغبات والمخاوف والتطلعات.
وبذات القدر ينطبق هذا التصور علي مشروع الجزيرة وإن من زوايا مختلفة او مشتركة! وكما يعلم الجميع أن أهم سبب لإنشائه كان إنتاج القطن لمصانع الأقمشة البريطانية! وبغض النظر عن آثاره الجانبية (الإيجابية!) في الداخل، إلا أنه حمل أيضا جرثومة العلاقات غير المتكافئة، بين المنتج (المزارع/العامل/الموظف) وبين الإدارة البريطانية او السلطات الحكومية المتعاقبة (ولا يصدف ان معظمها إنقلابية وغير شرعية!). ورغم أن العلاقة تحمل طابع الرق او الإستغلال، إلا أنها قيدت العاملين كاثولوكيا بالمشروع وربطت مصالحهم به، بل تعدي الأمر العاملين الي المجتمع والدولة! لتجد الأخيرة نفسها منساقة الي تفضيل المشروع كإبن مدلل، علي حساب مشاريع أخري ومبادرات أخري ومناطق أخري! أي بما أن المشروع وفر فوائض مالية للحكومة، فتاليا تركز دعم الحكومة عليه! دون أن ينعكس ذلك علي تطوير قدراته او وتحسين أحوال العاملين به؟ وبالطبع لن تتحسن أحوال الأخيرين إلا بتحررهم، ولن يتم تحررهم إلا بإستقلالهم عنه، او أقلاه المشاركة في صنع علاقاته وقراراته. والسبب في الخلل أعلاه، أن دعم الحكومة/ات كان ينبع من دوافع سياسية وبغرض الحصول علي عوائد سهلة وسريعة! أي غابت رؤية المشروع في إطار نظرة أوسع او إقتصاد كلي للبلاد! والحال هكذا، وعلي نفس منوال جامعة الخرطوم، لم يتخلص المشروع من إرث الإستعمار، او الفلسفة المؤسسة للمشروع! ليندرج في فلسفة مغايرة عمادها خدمة المشروع الوطني (الغائب بدوره!) والذي كان يؤمل فيه إكمال دورة التصنيع في المشروع وغيرها من الأنشطة المصاحبة! وأهمية الأخيرة، كالرافد الصناعي مثلا، ليست إقتصادية بحتة، ولكن الصناعة تشكل علامة فارقة في إنتاج علاقات وهموم وأفكار جديدة، قادرة بدورها علي تغيير أنماط السلوك والقيم نحو إتجاهات أكثر حداثة. أي التقاليد في صلبها هي علاقات إنتاج بشكل او آخر، ولذا يستحيل الإنتقال للحداثة من غير إستحداث علاقات جديدة وذات طابع حداثي، وعلي رأسها قيام المشاريع الإنتاجية والخدمية، وتاليا ولادة مبادرات سياسية وثقافية وإجتماعية جديدة علي ذات القدر من التطور والإضافة. ومن ثم سد الفراغات التي تنفُذ منها المشاريع الوهمية والدعائية؟! إذا صح ذلك، يصبح التدمير الممنهج للمشروع من جانب السلطوية الإسلاموية الطفيلية، هو أحد وسائل إستمرارها في الحكم والتحكم في الإقتصاد! أي وبما أنها سلطة وهمية وإبنة مشروع فارغ، فتاليا لا تستطيع العمل والعيش إلا في الفراغ! ولذا إذا لم تجد الفراغ، فهي قادرة او مجبرة علي صنعه من العدم! وهل هنالك فراغ أوسع وأسهل، من تحطيم كل مشاريع البلاد وعلي رأسها مشروع الجزيرة.
وفي ذات السياق، يتم ربط قري الجزيرة ببني تحتية وخدمية، قادرة علي حمل أهلها الي مصاف العصرية. أي من خلال توسيع أنشطة ومبادرات مشروع الجزيرة لتطال تلك القري؟ أليس من المفارقة إن لم يكن من المعيب، في الوقت الذي نتيه فيه فخرا بمشروع كالجزيرة، وما أحدثه من تطور وإضافات عصرية (غير منكورة!) إنعكست روح حضارية، علي مدينة كود مدني وغيرها من مراكز الجزيرة الحضرية! أن يصاحب ذلك بؤس القري وحصار أهلها بالفقر والتهميش؟! مما يشير الي أن مشروع الجزيرة، سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة، إنحاز للمراكز إن لم يصنع مراكزه الجديدة! وتاليا وقع في قبضة الراسمالية المسيطرة عليها.
أما الطامة الكبري التي ساهم فيها مشروع الجزيرة، وإن بطريقة غير مباشرة، من وجهة نظر ثقافة التحرر التي نتناولها هنا، أن مشروع الجزيرة تحول الي آلية تفكير ومنهج عمل لدي النخب والحكومات! وتاليا جعلها أسيرة لنمط التنمية عبر المشاريع الكبري، او إعتقاد أن المشاريع الكبيرة، أس التنمية ومدار النضهة، او القاطرة التي تخرج الإقتصاد من كبوته والبلاد من أزماتها! أي بوصفها كبيرة، هي مطلوبة دائما وفي كل الأوقات وتحت كل الظروف. فهكذا تفكير نمطي (غير خلاق!) غير أنه حرم هذه الذهنيات (التفخيمية!) من نعمة رؤية كل الوطن وتعدد فرصه وتنوع إمكانته، وتاليا إختلاف طبيعة إحتياجاته من المشاريع التنموية؟ إلا أنه غيِّب كذلك فرص ظهور الإستثمارات الصغيرة وتوفير وسائل العمل والإنتاج الصغيرة، خصوصا في دولة يشكل القطاع التقليدي ما يقارب 70% من طاقة العمل وشريحة الهامش لا تقل عن ( 20% او علي إتساع وصف الهامش). فمثل هذه المشاريع الصغيرة وبرساميلها (المضحكة في ضآلتها والضخمة في تأثيراتها) إذا ما تم توفيرها، في ظل فلسفة إقتصادية شاملة او قابلة لإستيعابها والإفادة منها! فهي قادرة علي إخراج الآلاف من دوامة الإنتاج والثقافة التقليدية، وغيرهم من تيه العطالة وذل الحاجة! وتاليا مزيدا من التحرر وتوسع الخيارات وزيادة الثقة بالنفس! ومن ثم مزيدا من الإنتاج والتقدم علي المستوي الشخصي والعام (وليس المجال مجال توسع في الآثار الإجتماعية والنفسية..الخ لذلك النوع من التغييرات!). فمثل هذه المشاريع الأخيرة ليست بدعة ولا هي حتي إبتكار جديد، ولكنها تجارب طبقت ومازالت تطبق في ظروف شبيهة بظروفنا، وأشهرها دولة كالهند. ولماذا نذهب بعيدا، فدولة نامية او أقل نمو كمصر قدمت محاولات مفيدة في هذا الإتجاه (وهذا غير نوع مخفف من شبكات الحماية او الرعاية التي يستظل بها الفقراء! رغم شمولية النظام الحاكم، وتاليا فساد طبقته السياسية ورجال الأعمال المتحلقين حولها من جهة، وتحرش المؤسسات الدولية من جهة أخري). وعموما المسألة كلها تتعلق بالمعرفة الحقيقية للواقع والقراءة الصحيحة للبيئة العامة او المرحلة التاريخية، ومن بعدها إختيار الخيارات المناسبة في التوقيت المناسب. وأخيرا، لا نقصد من كل ذلك تبخيس مشروع الجزيرة حظه من المساهمات الكبيرة منذ إنشاءه، وأنَّي لنا ذلك؟ ولكن نطمح في إعادة تأسيسه علي رؤية تستمد خطوطها العريضة، من مشروع أوسع يستهدف النهوض بهذا الوطن، المظلوم بسوء الإختيارات وإساءة التطبيقات، وتاليا كارثية المحصلات.
ونفس الكلام يمكن أن يقال عن غيرها من المشاريع والمؤسسات، وفي صلب ذلك تبرز مؤسسة (نظام) الخدمة المدنية، كخيط ناظم لكل المشاريع والمؤسسات في الدولة. فهذه الخدمة ورغم ما يقال عن إنضباطها وسلامة مخرجاتها (وكله حق!) إلا أنها في حقيقتها تحمل طابع السيطرة والردع او حمل الموظف/العامل/الإداري حملا لأداء المهام الموكل بها، وإلا تعرض لما لا يحمد عقباه! وتاليا تقل فرص التحرر في أسلوبها المتبع؟! ولا نقصد بذلك أن تكون المسألة من غير ضوابط او ندعو لإختلاط الحابل بالنابل، خصوصا ونحن لا ينقصنا عدم الإنضباط وكراهة التنظيم! بمعني آخر، كانت الغلبة للضبط والربط (بلغة العساكر!) وليس لتطوير ثقافة إحترام القانون واللوائح ونظم العمل لذاتها! وعليه، تصبح الخدمة المدنية تربية خوف، وليس تربية قناعة وترقية ضمير! وأعتقد أن الفارق ليس بالقليل، أقلاه داخل ثقافة تكاد تكون وسائل وأساليب تربيتها قائمة علي الإرهاب، وما أفرزه ذلك من طغيان لروح الخوف وقابلية الخضوع، قبل أن يتسبب في سيادة المظاهر البراقة، علي حساب الحقائق المقصية خلف نزعات المغالطة والعناد والمكابرة؟!
وبصفة عامة، إن فلسفة هذه المؤسسات السابق ذكرها، فلسفة غير تحررية بالمجمل، بل هي أقرب لصناعة الخنوع والقبول غير المشروط او الطاعة العمياء، سواء في نواحيها الإقتصادية او التنظيمية (خدمة مدنية!) وتاليا، شكلت عبء او قللت فرص إستيلاد مشروع البناء الوطني الشامل! بقدر ما كان غياب هذا الأخير، سببا في تكلسها وعدم ترقيتها وتطوير قدراتها ووضوح وجهتها (مما سهل ضربها وتحطيمها لاحقا!) او أقلاه حرمها الفرصة لإستبدل فلسفة المستعمر بفلسفة وطنية، تقوم علي ربطها بحاجات وإحتياجات المواطنين والبلاد، وتاليا خدمة أهدافهما الأساسية، الآنية والمستقبلية.
وخلاصة هذه الجزئية، أن رافد التحرر الغائب في هذا المشروع (المغيب بدوره) ليس مؤثر علي الجانب السياسي العام فقط، ولكن قبل ذلك علي الجانب الفردي الخاص، خصوصا وما يبعثه (حضوره) في الفرد من ثقة وقيمة للذات، قادرة ليس علي بناء الشخصية الناضجة، ولكن بناء الدولة ككل! وتاليا يصبح تحول الفرد الي مضمون للتنمية ومحور للدولة، بمثابة تحصيل حاصل! ناهيك عن خلاص الفرد من وضعية كونه وسيلة لغايات سلطوية او مشاريع إيدويولوجية أرضية او قربان لمشاريع سماوية! لم يجنِ منها سوي الهوان والتغييب والتعب وصولا للهلاك.
أما أهم أثر لعبادة الواحد كأفراد ومشاريع، نجده من جهة غيَّب آليات وفرص إبراز قادة ورموز عقلانية، منتجة للتنوير ومؤسسة للتحديث ومؤسسات الحداثة! وقد كان لغيابها كدور وتضحيات ومشاعل تنير الطريق، أثر ملموس في إنتكاس إمكانيات قيام المشروع الوطني! بمعني، فقدانه عقله الذي يفكر به، جعله نهب لتيارات اليسار غير الديمقراطي من جهة، واليمن التدميري، من جهة مقابلة! وهذا دون الحديث عن تربص القوي التقليدية، او مضادات الحداثة! أي الوريث الشرعي للتخلف والإستبداد والرجعية. بمعني آخر، عبادة الفرد ضد إبراز الجموع وظهور المجموع، علي مستوي المواهب والقدرات والعطاء والدوافع..الخ! وتاليا توافر أكبر قدر من الممثلين للطبقات والجهات والتيارات (السياسية الثقافية..الخ!). بل لا نعدو الحقيقة، إذا أعتبرنا عبادة الواحد، السبب الأساس في تنميط الحياة السياسية والثقافية والإجتماعية، وتاليا تجريدها من التجديد والإبتكار والخصوبة، الشئ الذي جعلها أقرب للجمود والعقم والدوران حول نفسها! ونقصد بذلك، أنها وقعت رهينة لثقافة واحدة او مركز واحد او تصور واحد! لا يصدف أنه عاجز عن تطوير ذاته والتخلص من عيوبه ونواقصه، ناهيك عن مساهمته في تطوير الغير، وهذا إذا تجاوزنا حقيقة أنه أصلا لا يعترف بالآخر! وكل ذلك رغم الفيض الإعلامي والضجيج السياسي، الذي يتحدث بإسهاب عن التنوع والتعدد وما فيهما من ثراء وفوائد؟!
أما عبادة المؤسسات فقد كانت سبب أساس، ليس لجهة عدم رؤية سلبياتها، وتاليا إهدار إمكانيات ترقيتها! أي لإعتبارها منجز نهائي وعظيم ومثال او سقف أعلي لا يمكن تجاوزه؟ ولكن لأنها حرمت المجتمع من إيجاد مؤسسات شبيهة موازية او حتي بديلة؟ أما ما تم إنشائه من مشاريع ومؤسسات بعدها، غير أن ذاك الإنشاء لم يستصحب مسألة تجاوزها، إلا أنه ظل حبيس عقدة او طموح أن يدركها! وكأن وجهتنا الي الماضي وليس الي المستقبل؟ بل لا نفتري إذا قلنا، إن التطلع والميل الفطري للمجتمع، مستلب تماما تجاه تلك المؤسسات! بل ولقيِّمها الإستبدادية الإستعلائية ذاتها؟! علي إعتبارها قيم المواهب والإنجازات والعبقرية من جهة، وفرص للتميز ونيل الإمتيازات من الجهة المقابلة. وكل ذلك يجري ونحن غافلين عن تكريسها لمفاعيل الرق وقابلية العبودية، وتاليا معاداتها لقيم التحرر وممكنات الإستقلال! ومن ثم تشجيع روح التقليد ونزعة التعصب وتثبيط إرادة الإبتكار وهمة الإنجاز. وكل ذلك شكل مدخل أساس او بوابة عريضة، لدخول الإستبداد ونفاذ الشموليات، وتمكنها من السيطرة والبقاء، وإعادة إنتاج نفس الحلقة الشريرة، من جهة! ومن جهة أخري، جعل الشخصية السودانية، ورغم الإختلاف في الأذواق والميول والإتجاهات والجهات، ومستوي التعليم والدخل والمكانة..الخ! إلا أنها ظلت أسيرة لسلطان التقليد الأعمي، ليس علي مستوي التطلعات والسلوك والممارسات، ولكن قبل ذلك، بسبب النفور الشديد من كسر حاجز التقاليد ورفض المبادرات وكراهة الحرية الفردية والإبداعات (قد يكون هذا أحد أسباب تأخُر الفنون وهامشيتها وهامشية أصحابها، وبالطبع فن الغناء/كإستثناء لا يشكل كل الفنون!). ولذلك نجد الجميع يمارسون نفس الطقوس في الزواج والوفاة، وذات التطلعات التعليمية والإجتماعية، ونفس مواصفات الزوج/الزوجة المسكن المركب الملبس..الخ، وكذلك نفس المخارج والدروب المفضية للتطلعات الإجتماعية والسياسية والإقتصادية ..الخ، كالتعليم سابقا والهجرة آنيا، ولا نعلم ماذا يحدث غدا، وذلك في حال تبقي ما تبقي من الوطن! وذلك مع توافر إستثناءات بسيطة، ولكن يبدو أنها تخدم ما ذكر أعلاه، ولا تنصر العكس صحيح كان أم خطأ! ولكن المؤكد أننا إن لم نتغير ونتعدد ونتنوع علي كل المستويات، فالفناء هو ما ينتظر هذا الواحد الذي يحكمنا (ويجرفنا معه!)، والأصح يكتم أنفاسنا ويشل قدراتنا حد الموات، قبل أن يحرمنا متعة التعبير التلقائي عن ذواتنا وميولنا وأهدافنا، وتطوير قدراتنا وممارسة هوياتنا بكل أريحية وإنشراح! وإلا فهذه ليست حياة، وإنما معتقل كبير! وفي الحقيقة هي سيطرة لأوهامنا وعقدنا علي أعصابنا ووجودنا الأليم؟!
آخر الكلام
لو كان هنالك توازن في التنمية، كإنعكاس لمشروع وطني كامل الدسم، لكان في كل مدينة سودانية، فنان كمحمد الأمين وشاعر كفضل الله محمد ومدرب كسيد سليم وغيرهم من مبدعي مدينة ود مدني! أي كأثر مباشر لوجود مشروع الجزيرة! والنتيجة إنتاج أغنية في روعة وعذوبة ورقة زاد الشجون! أي بوصفها إبنة شرعية للتطور الحضاري الذي شهدته هذه المدينة. ولكن في إتجاهٍ آخر، حُرمت مناطقنا من هذه الفرص، وتاليا لم ننعم لا ب(مسارح و لا سينمات و لا حدائق عامة او طرق مسفلتة..الخ مما يميز المدن الوسيمة!) وكل الذي نعمنا به، مسك الطواري والمناجل والرعي (الجائر!) ومطاردة السل لأجسادنا الهزيلة! ولذلك يصعب علينا إبداع أغنية (رومنسية!) كزاد الشجون، ونحن سلفا لا نملك خلفياتها المدينية! ولكن ما يتاح لنا إبداعه هي أغاني الشقاء والمعاناة والأنين والتمرد علي القوانين والأسباب والعوامل التي زجَّت بنا في هذه الأوضاع التعيسة! ولذا يمكن الإدعاء أن (حميد) حقنا ومشروع السودان الجديد أملنا! وعلي المستوي الشخصي ومنذ فترة مبكرة كنت مبهور بمدينة ود مدني، وكنت أراها (في الخيال بالطبع) موطن للجمال والإبداع والذوق الرفيع! وإحتمال هذا الإنطباع مصدره تعويض عن النقص في التمدن الذي نشأت عليه! ولكن إذا صح ذلك، لماذا مدني تحديدا؟ وهنالك غيرها من المدن الكبيرة؟ ولذا يا أهل الرؤيا أفتوني في إنطباعي، إن كنتم ببواطن مدني عالمون! ودمتم في رعاية الله.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.