سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السودان الجنوبي.. \"نسر\" في فضاء جديد!!..لن تنجح ابتسامات البشير العريضة والمتواصلة في اخفاء المسؤولية التي يتحملها هو شخصياً ..الجنرال عمر البشير، سيكون \"نجم\" احتفال جوبا وليس سوزان رايس
إنه التاسع من تموز، نفدت ساعة الرمل التي اعتمدها سيلفاكير ميارديت بعد نجاح الاستفتاء الشهير الذي اختار فيه الجنوبيون الانفصال عن السودان الكبير (..) ورأوا فيه فرصة لدفن ثقافة التمييز والتهميش والالغاء، التي اعتمدها ساسة الشمال وخصوصاً جنرالاتهم واصحاب الفكر الديني المتزمت، وكانت النتيجة طبيعية لسلسلة من الاخطاء والخطايا والارتكابات، صبر اهل الجنوب كثيراً عليها (وعليهم) لكنهم، في النهاية، وجدوا المحرضين والنافخين في كير الانفصال واصحاب الارتباطات (المعلنة) مع عواصم القرار الدولي ناهيك عن طموحاتهم الشخصية وكفرهم بالمبادئ والاسس التي قامت عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان التي اسسها جون قرنق ورفض حصر نشاطها في الجنوب (وإن كان اعتمد الجنوب مقراً ومنطلقاً نحو الشمال)، وقال انها تنهض على اسس من النضال "السوداني" الجامع الذي يريد بناء سودان جديد لكل مواطنيه، بعيداً عن العنصرية والتمييز والاستعلاء، ودولة مؤسسات وقانون وعدالة اجتماعية وتكافؤ فرص وتداول سلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع. كل هذا بات من الماضي ليس فقط في النتائج التي آل اليها استفتاء التاسع من كانون الثاني/ يناير الماضي الذي اخذت قطيعة نهائية (اقلها القطيعة الجغرافية) بين ما بات منذ اليوم يعرف بجمهورية السودان الجنوبي (وهو الاسم الذي تم اعتماده رسمياً) وما تبقى من السودان (القديم) الذي خسر 25% من مساحته، لن يعود اكبر اقطار القارة الافريقية (سبقته الجزائر) كما كان يزهو قادته وتراجع الى المرتبة الثالثة من حيث المساحة بين البلاد العربية حيث السعودية والجزائر تسبقانه، وانما ايضاً في نجاح سيلفاكير بدفن "تراث" المؤسس (قرنق). المهم الجنرال عمر البشير، سيكون "نجم" احتفال جوبا وليس سوزان رايس التي ستكون ضيف شرف اعلان الجمهورية الجديدة، حيث ظن كثيرون ان اوباما وربما بايدن او هيلاري كلينتون سيكون عراب الدولة الأحدث في العالم، لكن واشنطن حسمت امرها، وارسلت احدى "صقور" ادارتها واكبر الداعين الى استقلال الجنوب (ودارفور ايضاً) كي تمثلها.. البشير الذي سيكثر من ابتسامته وربما لن يسمح لاحد بأن يعترف قبله (..) بالدولة الوليدة، هو الذي سيتسلم علم الشمال الذي سينزل نهائياً عن سارية الحكومة الجنوبية، كي يرتفع علم الحركة الشعبية لتحرير السودان، الذي بات (راية) الجنوب، بعد ان اقرت الحركة الشعبية وحلفاؤها توصية بذلك واتخذوا من "النسر" رمزاً لجمهوريتهم. لن تنجح ابتسامات البشير العريضة والمتواصلة في اخفاء المسؤولية التي يتحملها هو شخصياً (دع عنك الترابي) في ما آلت اليه امور السودان ونجاح "نظرية التفتيت"، التي اعتمدتها دوائر غربية معروفة، كي تغدو ثقافة سائدة في المشهد العربي، مستندة دائماً الى اخطاء وارتكابات انظمة الاستبداد والفساد العربي، التي تقدم خدمة ثمينة (ومجانية دائماً) للمخططات الغربية والصهيونية، (المنشور منها وذلك المخفي) في الأدراج، الرامية في الاساس الى تقسيم وتفتيت خرائط سايكس بيكو، المصطنعة والملغومة والمرسومة على اسس مقصودة من الموزاييك الطائفي والمذهبي والعرقي والاثني، على النحو الذي يشكّل في كل وقت سبباً او ذريعة لتفخيخ المجتمعات العربية واستغلال هشاشتها، في ظل فشل الانظمة (لا تستثني احداً) في اخراج البلاد من ازماتها والسير بها نحو آفاق الديمقراطية والعدالة وثقافة المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص.. ابتهاج قادة الشمال وتهنئتهم بالجمهورية الوليدة مصطنع، ويستبطن فشلاً ذريعاً يراد من خلاله اخفاء الارتباك وانهيار الاوهام ومخططات "الأسلمة" وتهميش شعب الجنوب بأكمله، وقرارات عدم ازدواجية الجنسية والغاء وظائف الجنوبيين والتهديد باغلاق خطوط بترول الجنوب، تعكس حجم انعدام الخيارات وضيق هوامش المناورة.. مبروك... لشعب الجنوب استقلاله، ولا عزاء للذين ما زالوا يحكمون بمقاربات وطرائق واساليب ما قبل "تشطير" السودان، الذي يبدو انه.. لن يتوقف!!