يمتلك رسامو الكاريكاتير في السودان قدرة عالية على التقاط المفارقات السياسية والاجتماعية وتحويلها إلى رسومات معبرة ببضعة خطوط بسيطة، حيث يعبرون عن هموم الناس والبوح بما يختزنونه في صدروهم. ولفن الكاريكاتير قدرة ساحرة على السخرية وممارسة النقد ببلاغة عالية عن طريق الرسم بحروف هزلية مُفعمة بحيوية تتسلل إلى الروح دون استئذان وتجذب الكثيرين، فتغريهم بالتأمل في الصحف خاصة مع تقازم مساحات الفرح أمام تزايد المسؤوليات اليومية وتضخم حجم مشاغل الناس، لتغدو تلك الصورة ومضة صغيرة قادرة على شطف هموم النفس بابتسامة نقية ولو لدقائق معدودات. مناقشة كل القضايا في السياق، يقول الكاريكاتيرست مهدي الهاشمي ل (اليوم التالي) إن هذا الفن يناقش كل القضايا الاجتماعية والرياضية والسياسية والاقتصادية والفنية. وأضاف: "إذا كانت روحك تتوق للغوص في رحاب هذا الفن الشيق، وأردت أن تصبح رساما هاويا للكاريكاتير على أمل الاحتراف في هذا المجال مستقبلاً، فما عليك إلا أن تدقق في حياتك اليومية وما فيها من تفاصيل، وما يجري في مجتمعك من أحداث مثيرة لاهتمام الرأي العام لتجسد كل ذلك من خلال الرسم بأبسط الخطوط المعبرة القادرة على دغدغة حس الدعابة لدى المتلقي بنقد تصوره بأسلوب ساخر". تأثير بالغ من جهته، يشير الفنان هيثم سليمان إلى أن لرسوم الكاريكاتير تأثيرا واضحا على المجتمع وتحظى بقبول ومتابعة مختلف الشرائح. ويضيف: "يركز هذا الفن على المبالغة في التفاصيل والملامح ويعتمد على سرعة الملاحظة والبديهة لابراز مواقف الحياة بصورة عامة". وأردف: "ينبغي أن يحوز الرسام على قدرة في تحويل المشكلات اليومية المعقدة إلى فكرة بسيطة لا تحتاج إلى جهد ولا مستوى ثقافي عال لالتقاطها، وبالتالي ففكرة الكاركاتير يجب أن تكون سهلة الوصول إلى الجمهور المستهدف مقارنة بأي نمط صحافي آخر". تأثير التكنلوجيا أستاذة علم الاجتماع سناء أحمد علي تقول إن فن الكاريكاتير يعد واحداً من أمثل الطرق للتعبير عن حالات إنسانية متناقضة كالغضب والسخرية. وتضيف: "استفاد هذا الفن من المعطيات الهائلة التي وفرها الحاسوب لمزاوليه الذين ربطوا نتاجهم به أو بعض مراحل إنجاز هذا النتاج غير أن اتكاءهم على الكمبيوتر خدمهم شخصيا أكثر مما خدم فنهم". واستطردت: "وفر الحاسوب سرعة الإنجاز ودقته وجمالية خارجية لفنهم ومع توفر التكنولوجيا غابت لمسة الفنان المباشرة المفعمة بالإحساس والانفعال والحاضنة لتفاعله مع الأحداث المعالجة، وهي في ذروتها كما بدأت المواهب المتواضعة الإمكانات والخبرة تختبئ خلف ما يتيحه لها الحاسوب من قدرات تقانية كبيرة قادرة على تمريرها وتسويقها بل أحيانا منافستها للمواهب الحقيقية". وأشارت سناء إلى أن هذا الأمر لا ينسحب على رسامي الكاريكاتير، فحسب بل مزاولي الفنون البصرية كلها. فطرة وموهبة أما علي حامد الأستاذ المشارك في كلية الفنون الجميلة، فيقول ل (اليوم التالي) إن فن الكاريكاتير مثله والفنون الأخرى ينجم عن موهبه ولا يدرس باستثناء مدرسة صغيرة في الصين ولا تستوعب غير الموهبين، وأفاد أنه فطرة يجودها من يحبها اليوم التالي