كان يوم أمس ليس ككل الأيام داخل مكاتب هيئة علماء السودان، حيث تحدث شيوخها حديث السياسة واضعين عدداً من النصائح في بريد السلطة الحاكمة، بيد أن هذه المرة كانت بلهجة حادة لم يعهدها أحد من العالمين، ربما فعلت ذلك وهي تقرأ في أعين الناس حالة الغضب المكتومة داخل صدور المواطنين *المال مال الله بلهجة غير معهودة تحدث الرجل الأول في هيئة علماء السودان البروفسير محمد عثمان صالح وبدأ وكانه معارض شرس لنظام الإنقاذ، في وقت رفع الحضور داخل الندوة حاجب الدهشة وهو يحذر الحكومة من مغبة صرف المال العام بطريقة غير شرعية، لأن الترتيبات في الشريعة وضحت أن الضرورات هي الأساس، والتي في حال عدم تلبيتها تتسبب في ضرر كبير على الانسان، وأجمل الترتيبات في الكساء والدواء.. ولم يشأ الرجل أن يحرم الحضور من متعة حديثه وهو يصدر فتوى فورية وعلى الهواء مباشرة، ويقول أن علماء المسلمين أجمعوا على عدم الخروج على الحاكم (بالسلاح) وجوّز استخدام الوسائل (العصرية)، وقال إنها موجودة بالدستور، شاكياً من كثرة تردد الفقراء والمساكين على مكاتب الهيئة ومطالبتهم بتحرير خطابات وتوصيات لديوان الزكاة قائلاً إن الهيئة كادت أن تغلق مكاتبها *جواز الاحتجاج وأضاف من واجب الدولة توفير الأمن ومعاش الناس، مؤكداً ان البلاد تمر بتطورات خطيرة، وقد قمنا بمناصحة الحكومة بطريقة (النصيحة وليس الفضيحة) ولا نطالب بإلغاء قرارت رفع الدعم لأنها أصبحت معلنة، وأن هناك مستفدين وآخرين متضررين، وينبغي على الدولة تفادي تبعات هذا القرار على الضعفاء والمساكين، سيما وأن هنالك اشخاصاً ليس لديهم عمل في القطاعين الخاص والعام *مضاعفة الأسعار رئيس الهيئة لم يحصر حديثه في مناصحة الحكومة فقط، فقد صوب الرجل سهام تحذيراته إلى قبيلة التجار، ونهاهم عن مضاعفة الأسعار واحتكار السلع، بيد أنه وعلى نحو مفاجيء عاد إلى مواصلة هجومه على الحكومة، واصفاً قراراتها الاخيرة )بالمتعجلة) وكان ينبغي أن تنتظر حتى مرحلة تنفيذ مخرجات الحوار، وترك أمر المعالجة للحكومة الجديدة، كاشفاً عن تسليم مذكرة لرئاسة الجمهورية تحث السلطات على التعامل بحكمة ضد أي مظاهر غضب. *هدر الأموال فيما أشهر أمين دائرة العلاقات الخارجية بالهئية الخبير الاستراتيجي على عيسى سليمان سيفه في وجه السلطة متهمها بإهدار المال العام، مستدلاً بكثير من المظاهر التي وصفها بالخلل الكبير في الانفاق العام، وصب جام غضبه على الترهل الموجود في الدولة، مشيراً إلى وجود آلاف الدستوريين في الجهاز التنفيذي والتشريعي للدولة، مع بعض الممارسات الخاطئة، واعتبر وجودهم إهداراً للمال العام، ورهن إصلاح معاش الناس بتصحيح الأوضاع الخاطئة وأضاف عيسى أن المؤسسات المالية أبعد ما تكون عن الفقراء، وتقدم لنفسها اكثر ما تقدمه للمواطن، وتدَّعي أنها إسلامية، وهي تتمدد على حساب الفقراء، ولابد من مراجعتها، وأوضح أن الزكاة يجب أن تتطور وتبتعد عن البروقراطية القاتلة، ويجب أن تتحرر من القيود لتخدم المواطن، وأشار إلى أن الحديث عن المعالجات الاستراتيجية القومية الشاملة مجرد أوهام، وهو ليس كلام علمي وفيه هدر للوقت والطاقات، ولابد من الاتجاه للاسترتيجية المحددة والاهتمام بالزراعة، ومن ثم الانطلاق نحو الصناعة وتسخير الموارد الموجودة بالبلاد للعمل من أجل نهضة البلاد، وكشف عن تصرف ولاة بعض الولايات في أموال النفرة الزراعية دون أن يحاسبهم أحد إرشاد حكومي أما الخبير الاقتصادي أمين إبراهيم فكان له رأي في موضوع ضعف الصادارات، وقال إن المقارنة بين الواردات والصادرات بالنسبة للسودان بها نقص كبير، وهي تشكل 43% فقط من الواردات، وهذا الفرق الكبير يؤثر على الاقتصاد الكلي، واضاف ابراهيم التحويلات الأجنبية بالنسبة للمغتربين ضعيفة لأنه لاتوجد حوافز من الدولة، وأشار إلى ضرورة وجود إرشاد حكومي بالنسبة للأسعار وتثبيتها، حتى لا يكون هنالك تلاعباً بالأسعار، وطالب إبراهيم بالشفافية، كما فعل الرئيس الأسبق نميري، عندما كانت البلاد بأزمة وقود فخرج للمواطنين وأخبرهم بالأمر، وقال لهم أركبوا عربات الحكومة وإن لم تتوقف لكم أقذفوها بالحجارة اخر لحظة [email protected]