صلاح الدين عووضة *هذا هو الشعار المفضل لبعض مناضلي الخارج.. *ما أن تحل مصيبة على شعبنا- في الداخل- حتى يبشروننا بالخلاص.. *وخلاصهم هذا يتمثل في عبارة (خلاص قرَّبت).. *ثم نكتشف أنهم يعنون أن (نقرِّب) نحن مما هم في مأمن منه.. *أن نخرج إلى (لهيب) الشارع بينما هم في (الطراوة).. *أن نضحي ببعض دمائنا من أجل أن (يقتربوا) هم من تحقيق مرادهم.. *ومرادهم هو أن يخلفوا حكام اليوم بحسبانهم (مناضلين).. *فهم- ولا أحد غيرهم - من (أعطوا لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصر).. *وهم الملهمون ، المنقذون ، الثوريون ، (الفاهمون).. *وهم الذين تتجسد داخل كل منهم شخصية نلسون مانديلا مع فارق بسيط.. *وهو أن ذاك سُجن في الداخل، وهم سجنوا أنفسهم بالخارج.. *ويحاولون إيهامنا أنهم في سجن (هناك) حتى وإن حُف بكل ما لذ وطاب.. *فهمُّ الوطن لا يجعلهم يستسيغون طعاماً ولا (شرابا).. *ولا يستلذون بنوم هادئ داخل غرفهم (المكندشة) حين يتذكرون حالنا هنا.. *وتمسخ عليهم عطلات (ويك اند) هي عندنا استجمام خادع.. *فإذا ما حلت بنا نائبة- من نوائب الإنقاذ الكثيرة- شجعونا على التظاهر.. *وطالبونا بألا نخشى العصي والبومبان والرصاص.. *وألهبوا حماسنا بمقالات ثورية- كالسيل الجارف- في موقع (الراكوبة).. *بل وتمنوا أن يسقط منا شهداء لتكون دماؤهم وقوداً للثورة.. *فإن نجحت الثورة انتهت مهمتنا (لحد هنا وخلاص).. *وأتوا هم سريعاً- على جناح اللهفة - ليكملوا لنا برنامج (الخلاص).. *ولن يتأتى (الخلاص) إلا بأن يكونوا هم الحاكمين الجدد.. *وكل نضالهم الذي يؤهلهم لهذا كتابات أسفيرية نارية داخل غرف مخملية.. *وكتاباتهم - الآن- تكاد تنضح غضباً من الشعب.. *لماذا (يخذلهم) السودانيون- في كل مرة- ويتقاعسون عن الخروج للشارع؟.. *وهم يجهلون أنه للسبب هذا (بالذات) يرفض شعبنا التظاهر.. *صحيح أن الإنقاذ دفعت بالناس نحو حافة تجهل هي نفسها خطورتها.. *وجففت في دواخلهم آخر قطرة خوف من (آلتها).. *وجعلتهم يكرهونها كما لم تكره شعوب الربيع العربي أنظمتها.. *ولكن الخشية فقط من البديل هو الذي (يبقي) عليها.. *فهو إما بديل استنفد كل فرصه في التجريب ولم يُقدِّر تضحيات الشعب.. *وإما بديل يتخوف الناس من (حقده المجتمعي).. *وإما بديل هارب من أوضاع الداخل ويريد الاستثمار فيها من الخارج.. *يريد المتاجرة في آلام شعب لم يقدر على تحملها معه.. *يريد من الناس أن يموتوا (أكثر) كي يأتي هو ليحيا (أكثر).. *وكل نضاله معهم (شدُّوا حيلكم، خلاص قرَّبت!!).