توقظها سياط همومها باكرا حتى تبدأ يومها مجهول المصير، والدها مصاب بمرض معدٍ تركهم خشية عليهم من خطورته، ولا يعلمون عنه شيئاً لأكثر من ستة أشهر، أما والدتها فأنهك جسدها سرطان الدم وجعلها طريحة الفراش، لا تستطيع أن تساند ابنتها في ارتداء زيها المدرسي، ولا أن تجدل لها ظفائرها، أو تعد لها وجبة إفطارها المدرسي، كونها مكبلة بسلاسل المرض والفقر ولا حول ولا قوة لها. بلاشك لا تستغرق الصغيرة بضع دقائق ريثما تخرج إلى المدرسة، إذ أنها لا ترتشف كوب شاي يداعب شفتيها ولا قطعة بسكويت تلامس أناملها كقريناتها، بيد أنها وأسرتها جلهم يتناولون وجبة واحدة قبيل المغرب، وهي عبارة عن بقايا سندوتشات الطالبات التي تلتقطها الصغيرة من زوايا حوش المدرسة وتخفيها داخل حقيبتها، رغم صغر سنها تقاوم جوعها متعففة، حتى لا تعلم زميلاتها ولا معلماتها بحالها، وهي تجمع فتات الرغيف من تحت ممشى تلميذات المدرسة لتسد به رمق إخوتها الأربعة وأمها المريضة، وفي كل يوم تأتي ببقايا سندوتشات زميلاتها اليابس وتصب عليه قليلاً من الماء، ثم يتناولونها بكل رضا ويقين. حفظ السر لا يزال الحديث لحاتم الدابي: غرفة فقط تتوسط المسكن ليس بها كهرباء ولا حنفية مياه وكأنه مسكن مهجور، سألوها عن والدها قالت إنه مصاب بداء (البرص)، وذات يوم ترك لهم مذكرة أخبرهم فيها بأنه عجز بأن يؤمن لهم حياة كريمة ويخشى عليهم من العدوى، لذلك فضل الابتعاد، وكتب في نهاية وصيته" يا وليداتي ودعتكم الله أعفو مني وعافي منكم" ومنذ أكثر من ستة أشهر لا نعلم عنه شيئا". وواصل الدابي معاتبا المعلمات بقولة: "كنت أتمنى أن يكون ذاك التفتيش بخصوص الدروس ومتابعتها، ولا يكون بحثا عن العشرة جنيهات ترضية لبنت الذوات، ما يعني أنها طيلة الخمس سنوات الماضية تفعل ذلك، ولولا البحث عن العشرة جنيهات لم يعلم أحد بحالها، رغم صغر سنها حفظت سرها داخل وخارج المدرسة، علما بأن المسكن الذي يجاورهم مشيد من ثلاثة طوابق". واستطرد الدابي: "كتبت قصيدة قلم وكراس وحتة عيشة في الشأن ومن شدة تأثيري بما حدث لن أجيد كتابتها كسابقاتها." فيها رسالة ما تقريها يقول الدابي: "خاطبت فيها الأستاذة قلت لها: يا أستاذة اقري وشيشه فيه براءة تعكس فيشة.. شوفي الشنطة وزن الريشة شنو الجابرك علي فتيشة.. تراكي لقيتي في هبيشة قلم وكراس وحتة عيشة.. دي خضعت للحياة وقانونه تطبق فيها كل فنونه.. في أيام نحس ومجنونة طفولته من بدت محزونة.. تنوم في قطعة من كرتونة غطاها وسترته دلقان خيشة.. باقي على الدوام ماعونه أصبعة فرشته ومعجونة.. ما في شيء بتتلصق في سنونه ولا محتاجة لصابونة ربنا بس يكون في عونه ويديها الصبر تحويشة.. بتقعد للعصير جيعانة تلقط عشان تعشي أخوانه.. ممرضة أمها العيانة أدته حن وهي فاقدة حنانة.. فعلا طفلة صح إنسانة تقري وشايلة هم العيشة.. بالنهار شمس الله قاجة عروضة وبالليل تنهشة الباعوضة.. البيت حوش موسطة أوضة ذي الكعبة في بيوضة.. يعملوا أي حياة ومفروضة رغم الصغرة برضو تعيشة.. لافي سرير ولافي ملاية لا بتجاز ولا في لداية.. لا شماعة لا مصلاية بيت لا حلة لا كباية.. بالباب تدخل الغنماية وبالشباك تستره الخيشة.. ناس بتنوم وتحس بالحسرة لا في علاج لالقمة كسرة.. سرطان هده جسد الأسرة ومافي وجيع في ساعة الحسرة.. أوضة وفيها جمعا أسري لا حمام ولا في عريشة قلم وكراس وحتة عيشة.. شافعة ولاصقة فيها دلوقة تبكي وعبرتة المخنوقة على الهم المجسم فوقة تشيل عشرتكم المسروقة..لا أستاذ يراعي حقوقه رغم براءته وتهميشة.. خمس سنين محطة محطة مافي إنسان بهبش الشنطة.. فتحته تعني أكبر ورطة وريحة العيشة تطلع شطة.. هي ما دام في الفصل منضبطة لية عايزين تجيبوا الشرطة.. هدتوها لية بالنقطة وفي المكتب وقف شاويشة.. دي طفلة ميتمة ومحرومة فوقه الدنيا رامية همومة.. حالة أبوها عند القومة ورقدت امها المكلومة.. شوفي نعالة شوفي هدومة فترانة ومنكش نيشة.. يعني عشان ماورتك موضوعة ماقطع حشاكي دموعة ماحسيتي وجعتة نوعه انها متعبة وموجوعة.. على مرضه وعراها وجوعة تاني تقع عليها نبيشة.. هو الجوع والعلم بتلموا في طفلا مكابد همه فرت أبوه مرضت أمه.. لا جيرانه لا ودعمه لازول في النقيصة يتمه ما لقي حتى حظ الكيشة.. ترى الأستاذة تهرج فيها شايلة السوط وصارة وشيها وديك ماسكاها من ايديها.. هي قالت كلمة صح تعنيها شنطتي فاضية شيء ما فيها طلبتك بالرسول خليها.. فيها رسالة ما تقريها يا أستاذة كوني نبيه إلا العشرة والله العظيم مافيشة قلم وكراس وحتة عيشة.. يا ما ناس كترت الفاقة لامن أفسدت أخلاقه شلليات سوى بتتلاقا بين أمواج وسوق الناقة.. كوندشنات هواهه دقاقة قبل النومة جبنة وشيشة دي المسكينة عايشة تحدي مع أخوانا تاخد وتدي.. رغم أيامه صعبة وشدة لكن مطمئنة تعدي دي دهب القبقبات ما بصدي.. مدفون بكرة يبقى غويشة قلم وكراس وحتة عيشة اليوم التالي