ربما الكلمات لا تكفي وصف لحظة عودة الطفلة «لجين» ابنة السودانية «آية» التي التحقت بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سرت بدولة ليبيا والتي استشهدت في معركة تحرير سرت من (داعش) هي لحظات مليئة بالكثير من الحزن والبكاء والحسرة , يكذب من لا يتأثر عند عودتها وهي محمولة على شنطة أطفال أو سرير أطفال في شكل شنطة تحط بها الطائرة في مطار الخرطوم لا تعلم أين هي وأين أمها وأين أبوها ومن يحملها وإلى أين يحملها؟ ولكنها قصة فصولها تحكي عن مأساة جيل عريض من الشباب الذين التحقوا بالتنظيمات الإسلامية عودة لجين قصة فصولها تبدأ من المطار عندما احتضنتها أمها الجديدة أو جدتها وجدها الذي طار إلى ليبيا لإحضارها. قصتها تبدأ عند أسرتها الكبيرة في السودان لتحكي قصة أم آمنت بقضية لم يمنعها المستوى التعليمي في أرقى الجامعات أو المستوى الاقتصادي من الالتحاق بأفكار هاجرت إليها متخفية من السودان دون علم أهلها . الفصل الأول عودة لجين قصة يروي فصلها أولا أحد قادة جهاز الأمن والمخابرات الوطني الذي أرجع الناس الى خلفية تاريخية عندما أشار الى خبر اختفاء (4) طالبات من جامعة العلوم الطبية منذ عام 2015 وانضمامهن الى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وهن آية الليثي متزوجة والدة الطفلة لجين, وثريا الفحل ايضا متزوجة ولكنها لم تنجب ,والتومات منار وأبرار حيث قتلت اثنتان منهن مع أزواجهن أثناء معركة تحرير سرت الليبية بواسطة كتائب البنيان المرصوص الليبية . ويقول العميد د. تجاني إبراهيم حاج آدم من إدارة الإرهاب بالجهاز, ان التحريات بينت أن الطالبات سافرن الى ليبيا وانضممن الى (داعش) في سرت, حيث تم زواجهن من سودانيين في نفس التنظيم. ويضيف أثناء عمليات البنيان المرصوص لتحرير سرت قتلت اثنتان منهن إحداهن آية الليثي والأخرى ثريا. وأثناء العمليات تم القبض على المتبقيتين وهما (التومات) ومعهن (4) أخريات بواسطة السلطات الليبية. وأكد ان التنسيق جارٍ مع السلطات الليبية للإفراج عنهن وعودتهن الى السودان. ولفت الى ان التنسيق مع الليبيين واسرة المرحومة آية لإحضار طفلتها لجين (4) سنوات التي كانت تحت رعاية الهلال الأحمر الليبي. ونوه التجاني الى الإجراءات الأمنية التي اتخذتها الحكومة بعد دحر داعش من سرت وتحريرها حيث تم تنشيط الدورريات لضبط الحدود بين السودان وليبيا لمنع تسلل اي من عناصر داعش. وقال لدينا إحاطة تامة بأية منظمات إرهابية او نشاط إرهابي يمكن ان تقوم بها داخل السودان. مؤكدا أن السودان من أقل الدول مقارنة بالدول الأوروبية بشأن ذلك. للقصة بقية ولكن للقصة بقية عندما يرويها والد آية الليثي الحاج يوسف الذي ينحدر من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة . الرجل يبدو عليه ان الحزن يعصره بشدة رغم تجمله وتحديه لنفسه ليبدو متماسكا أمام الناس والكاميرات التي اصطفت لمقابلة طفل (داعش) ورغم ابتسامته المصطنعة التي تخفي وراءها آهات وحزن كبيرين لا تقطعه العين ولا يحس به إلا الآباء هنا كانت القصة ويقول آية اختفت منذ عام ونصف, ولكنه بقلب الأب يتذكر جيدا انها غادرت المنزل بالتاريخ يوم 15 : 8 : 2015 حيث طلبت من والديها السماح لها بتناول وجبة مع صاحباتها في مطعم (لميس) بالخرطوم, ولكنه لم يعلم ان القدر كان يخبئ شيئاً رغم ان والدتها كانت بحسها العاطفي متوجسة خلال الفترة الأخيرة, ولاحظ والدها حسب قوله تغييرات في طريقة تعاطيها مع الواتساب قال إنها كانت تستخدمه كثيرا , وجزم ان ابنته غادرت في حدود الثانية والنصف وعند الرابعة قال ذهبت الى المطعم ولكن لم نجدها تلك رواية الفصل الأول. سيناريو الحدث الأمر في غاية الإزعاج أمر اختفاء الابنة آية هكذا يروي والدها الأمر الذي دفعه الى تفقد الباسبورت ثم قام بإبلاغ جاره الذي يعمل في جهاز الأمن الذي بدوره اطلعه على الخطوات التي يتخذها. وقال عندما ذهبنا الى المطار كان التفكير انها ستغادر عبر الخطوط التركية, ولذلك كنا نراقب حركة المسافرين حتى الساعات الأخيرة من صباح اليوم التالي. وأضاف رغم مراجعتنا لجوازات المطار لم يتضح أنها غادرت بالاسم, ولكن بجهود جهاز الأمن وجدوا اتصالاً بين آية وأخرى تدعى منار عبد السلام اتضح انها تومة لأبرار وأخرى تسمى ثريا , ولكن عند مراجعة الكاميرات الداخلية لصالات المطار صرخت والدتها بأن المتخفية هي ابنتها , حيث صاحت وقالت (دي آية) ثم توالى الآخرون بالتعرف على الأخريات. وقال رغم مراجعتنا لجهاز الأمن في البداية كانت المعلومات غائبة . الهبوط الاضطراري والد أبرار يقول اضطررنا ان نغادر إلى تركيا بصحبة والدتها للبحث عنها ولكن دون جدوى رغم مساعدة المسافرين السودانيين هناك, حيث قالوا إن الحدود مغلقة ولا شيء يشير الى انهن عبرن الحدود الأمر ذلك سار لمدة شهرين من البحث . ولكن تفاجأت الأسرة بوجود اتصال من آية مع أخوها أحمد, وهو اول اتصال للتعرف على مكان آية حيث سألت عن والديها وطمأنت الأخريات بأنهن كويسات وطلبت البحث عنهن ولكن بعد إبلاغ جهاز الأمن والمخابرات وبواسطة التقنية الحديثة تم الكشف عن مكان الاتصال حيث وجد ان المتصل كان من سرت ثم توالت بعد ذلك المكالمات من بقية المجموعة مع أهلهن في السودان وان الرابعة اتصلت باسرتها في الإمارات.. اكتمال الصورة بدأت فصول القصة تكتمل بالتعرف على مكان المجموعة وهناك تبدأ مرحلة جديدة بعد الاطمئنان على وجودهن وبعد اجتماعات مكثفة أرجع الجهاز باسبورتات الأربعة الى أهلهن حيث كان الليثي وكيل البنت الرابعة التي اهلها بالإمارات والمعلومات التي توافرت حسب الراوي ان الطالبات الاربع يعملن في مستشفى ابن سيناء في سرت ولكن بعد (3) اشهر بدأت الاتصالات مع اسرهن كل اسبوع أو أسبوعين حتى يوم 25: 5 : 2016 الذي يعتبر آخر اتصال وكانت آخر المتصلات منهن ثريا بأهلها في الإمارات حيث اطمأنت عليهم وكان في ذلك الوقت بدأت عمليات البنيان المرصوص لتحرير سرت من (داعش) حيث انقطعت كل الاتصالات والمعلومات عنهن. ويقول والد آية إنهم كانوا يتابعون البث الإذاعي لاذاعة مصراتة عسى يجدوا اية معلومة وتارة يبحثون في النت عن موقع مصراته . وقال عندما أشرفت المعركة على نهايتها علمنا ان هناك بنات استسلمن بالاضافة الى أطفال بين المقبوضين عليهم , ولكن دون تحديد اسم وفي يوم 6:12 بدأت الاتصالات مع الجاليات الذين اكدوا ايضا وجود بنات مأسورات ولكن الصدمة الكبرى ان المعلومات التي توفرت لديهم أن ابنتهم أية وزميلتها ثريا ليس بين المأسورات وتكررت عبر معلومة أكيدة من الجهاز بأن ابنتهم قتلت في سرت ومعها زميلتها ثريا ومعهما أزواجهما . الصدمة الكبرى كانت لحظة صادمة فتحت سرادق العزاء وأبلغ الأهل وتدافع الجيران وفجع الكثيرون من أخواتها وجيرانها, ولكن الصورة المأساوية لم تكتمل رغم أن أفراد الجهاز حاولوا امتصاص الصدمة بإبلاغ والد آية ان هناك خبراً مفرحاً بوجود طفلة لابنتهم آية تسمى (لجين) وان والدها يسمى أحمد وهي موجودة عند الهلال الأحمر في ليبيا . استقبل الوالد الخبر بهدوء من هول الصدمة الأولى لابنته ولكنه أفاق بعد يوم أو يومين ليبدأ مرحلة جديدة من البحث عن لجين . يقول والد آية ان إجراءات السفر لإحضار لجين تيسرت كثيراً بفضل ما قام به جهاز الأمن والمخابرات للوصول الى الطفلة وإرجاعها, حيث قال في حقهم (قاموا بالواجب بالكامل) حيث بعثوا معهم اثنين لمرافقته الى ليبيا ومنها الى مصراتة التي تبعد (200) كيلو من طرابلس حيث تمت الإجراءات مع لجان التحقيق الذين اخذوا وقتا طويلا في التحقيق. وقال رغم اعتذارهم بالقول إن ذلك ضرورة لمعرفة موضوع داعش, وأكد ان لجان التحقيق احضروا منار وأبرار صديقات ابنته آية حيث جلس معهن وابلغهن عن والدهن واكدن انهن كن مع ابنته آية لحظة مقتلها وقلن ان ابنة آية سمية لجين وأبوها يسمى أحمد وطلبوا منه ان يسلموا الى أهلهن . واكد رغم العقبات البسيطة إلا ان التحقيق انتهى وتم تسليمنا لجين بعد خطاب النائب العام الليبي حيث تم التسليم بحضور إعلام مصراتة باعتبارها أول حالة لأجنبية يتم تسليمها . واكد أن لجان التحقيق جلسوا مع البنات ال (6) حيث ساعدن اللجان في التحقيقات . لحظة ختام جلس بصالة كبار الزوار بمطار الخرطوم عدد ليس بالقليل من اسرة الطفلة لجين ورغم تأخر الوصول إلا ان لحظة النظر الى الوافد الجديد من براثن داعش جعلت حركة الجميع تتسم بالقلق اندفعت جدة الطفلة عند وصولها بالبكاء وهي تحتضن ابنة بنتها الغائبة عن المشهد وهي تقول في نفسها من خلف ما مات. الانتباهة