الرئيس الأميركي دونالد ترامب يضع على المحك مصير الآلاف من الطلاب الأجانب بعد إصدار قرار حظر دخول مواطني سبع دول إسلامية إلى الولاياتالمتحدة. دبي - بعد أن أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرار حظر دخول مواطني سبع دول إسلامية إلى الولاياتالمتحدة الاميركية، وجد الآلاف من الطلاب الذين ينتمون إلى تلك الدول ويدرسون بالجامعات الأميركية مستقبلهم موضوعا على المحك. وأثّر هذا القرار سلبا على 16 ألف طالب وطالبة من بينهم أكثر من 11 ألف طالب من إيران، وما يفوق 1700 طالب من العراق، وأكثر من 1500 طالب من ليبيا، وحوالي 800 طالب من سوريا، وأكثر من 500 طالب من اليمن، و233 طالبا من السودان، و32 طالبا من الصومال. ووجد الطلاب الأجانب من الدول المذكورة في الولاياتالمتحدة أنفسهم محتجزين هناك لأنه إذا سافر أحدهم لزيارة موطنه أو لزيارة أي مكان آخر لا يمكنه العودة إلى أميركا مرة أخرى. وقال كمران بخاري، متحدثا من مركز السياسة الدولية بواشنطن لصحيفة "ذا ناشيونال" التي تصدر باللغة الإنكليزية في أبوظبي، إنه "حتى في حال رفع قرار الحظر المؤقت، سوف تصبح إجراءات استخراج الفيزا طويلة ومعقدة". ويدرس الطالب الإيراني أمين أموهادي (32 عاما) بجامعة جورجيا، وتشارف صديقته الإيرانية على إنهاء شهادة الدكتوراه بكندا. وقال أمين "كنا ننوي الزواج قريبا ثم ننتقل للعيش معا، ولكن المستقبل الآن بات مجهولا بعد قرار الحظر. فكرت بالفعل في أن أبحث عن أي جامعة أخرى في كندا لاستكمال دراسات الدكتوراه هناك. لم يعد لدي أي خيار آخر". وتمثل الجامعات الكندية بديلا لنظيراتها الأميركية سواء بالنسبة إلى الطلاب الأجانب من الدول المسلمة التي تضمنها حظر ترامب أو بالنسبة إلى الطلاب الذين يخططون لإتمام دراساتهم العليا في الولاياتالمتحدة الأميركية. وتضم كندا مجموعة هامة من الجامعات التي احتلت مراتب متقدمة في لوائح أفضل الجامعات في العالم مثل جامعة بريتش كولومبيا وجامعة ماك غيل وجامعة ماك ماستر وتأتي على رأسها جامعة تورنتو التي احتلت المركز 24 ضمن تصنيف شنغهاي لأفضل 500 جامعة في العالم لعام 2016. وتضم جامعة تورنتو، كغيرها من الجامعات الكندية ذات الصيت العالمي، العديد من الكليات التي تغطي أغلب الاختصاصات التعليمية التي تقبل عليها نخبة من الطلاب العرب مثل الطب والحقوق والهندسة والفنون والإعلام. وكذلك توفر جل هذه الجامعات العديد من الخدمات التي تستهدف استقطاب المزيد من الطلاب الأجانب من مختلف أنحاء العالم دون تمييز وتحرص على تقديم خدمات لمساعدة الطلاب الأجانب الوافدين إلى كندا مثل المنح الدراسية والسكن الجامعي وغيرها من التسهيلات. وانعكس قرار الحظر بالسلب أيضا على بعض الطلاب الذين يعيشون في الإمارات وعلى الذين يحلمون بالدراسة في أميركا، أمثال سوزان منذر من سوريا وزينة شامخي من العراق، وسارة خليل من السودان، والبالغين من العمر 16 عاما وهم يدرسون في مدرسة كامبريدج الثانوية في أبوظبي. ويحلمون دوما بالحصول على تقديرات جيدة في علم الأحياء ليدرسوا الطب في الجامعات الأميركية، وبدلا من التقدم في تحقيق أحلامهم، شعروا بعد قرار الحضر بأن جهودهم ذهبت هباء. وقالت سارة، التي كانت تحلم بالالتحاق بكلية الطب وقد بدأت في إجراءات الالتحاق بالكلية، "لقد اخترت الدراسة في الولاياتالمتحدة ليس بسبب جودة التعليم وحسب، ولكن أيضا بسبب ما سمعته عن المجتمع الأميركي المتسامح الذي يحتضن العديد من الثقافات المختلفة". وتضيف سارة "لقد زرت السودان مرات قليلة جدا في حياتي وعلى الرغم من ذلك أمثل الآن تهديدا للولايات المتحدة! إنه أمر سخيف حقا". وتحاول سارة الآن الالتحاق بالجامعات الكندية. وأردفت زينة "لقد أصبحنا ضحية للظروف، يجب علينا دفع الثمن لمجرد أننا نحمل جواز سفر دولة غير مرغوبة من قبل شخص واحد. أشعر بخيبة أمل كبيرة. أصبحت لدينا خيارات محدودة جدا، وبدأنا بالفعل نفقد الثقة في ما يسمّى بالمجتمع الغربي الديمقراطي ومثل هذه الروايات العظيمة التي كنا نسمعها منذ الطفولة". وأضافت زينة "من الواضح أنه يجب عليّ أن أحصل على جواز سفر آخر، ولكن حتى بعد ذلك ستظل هويتي العراقية التي أفتخر بها جزءا من شخصيتي". وتبحث زينة التي ترعرعت في الإمارات الآن عن إمكانية الالتحاق بالجامعات الأسترالية لدراسة الكيمياء الحيوية. ويمكن أيضا للطلاب الذين خيّب قرار الحظر الأميركي آمالهم في الدراسة بجامعة مرموقة أن يختاروا الجامعات الأسترالية كوجهة يجدون فيها العديد من الاختصاصات التي تلبي رغباتهم وتستجيب إلى احتياجاتهم. وتحتل العديد من الجامعات الأسترالية مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية لأفضل الجامعات ومن بينها جامعات احتلت مراكز قبل المئة في تصنيف شنغهاي لأفضل 500 جامعة في العالم 2016 مثل جامعة ملبورن وجامعة كوينزلاند والجامعة الوطنية الأسترالية وجامعة سيدني وغيرها. وتقول سوزان، التي انتقلت مع أسرتها من حلب بسوريا للعيش في الإمارات منذ أن كانت في الرابعة من عمرها، إنها لطالما حلمت بالدراسة في جامعة هارفارد. وتضيف "تحطمت أحلامي بسبب جنسيتي. إنه لشعور مؤلم حقا. لست أشعر بالحزن فقط، أنا جد غاضبة. كنت أعلم أن عائلتي لن تقدر على تكاليف التعليم الباهظة في الولاياتالمتحدة الاميركية، ولكنني كنت على ثقة بأنني سأحصل على منحة للدراسة بجامعة هارفارد لأنني طالبة متميزة ومتفوقة. وقيل لي إن الجامعات الأميركية تضع في عين الاعتبار الطلاب من ذوي الظروف الصعبة. ولكن يبدو أن هذا ليس صحيحا". أما أوهانس أوهانس (18 عاما)، وهو طالب عراقي يعيش في دبي ويخطط لدراسة الاقتصاد بالولاياتالمتحدة حيث تعيش جدته وأقاربه، فقد قال "لقد غادرت العراق عام 2004 بسبب الاحتلال الأميركي، وأشعر الآن أنه قد تم تهجيري مرة أخرى. فقط لأنني ولدت في بغداد، وتم حرماني من زيارة عائلتي بأميركا في موسم الأعياد". وتجدر الإشارة إلى أن الجامعات البريطانية والألمانية والصينية والفرنسية قادرة على أن تكون بدائل للجامعات الأميركية وغالبيتها توفر الاختصاصات العلمية التي يقبل عليها الطلاب اليوم، وهي ذات تشغيلية في سوق العمل في العالم. وجل هذه المؤسسات التعليمية يخص الطلاب الأجانب بالعديد من الخدمات التي من شأنها أن تساعدهم على النجاح في دراستهم وحياتهم المهنية في ما بعد ومن بينها تقديم تكوين خاص في اللغات. ومعلوم أن الجامعات البريطانية تنافس الجامعات الأميركية على المراتب الأولى في مختلف التصنيفات كأفضل الجامعات في العالم، بالإضافة إلى أن اللغة المعتمدة فيها، وهي الإنكليزية، تعد لغة التعليم الثانية في غالبية الدول المسلمة التي تضمنتها لائحة الحظر الأميركية مؤخرا، وهو ما يسهل على طلاب هذه الدول المفروزة الدخول والاندماج بسهولة في المجتمع البريطاني كما في المؤسسات التعليمية. يذكر أن حوالي 90 ألف طالب وطالبة من العديد من البلدان العربية كانوا يدرسون في الولاياتالمتحدة العام الماضي من إجمالي 974 ألفا مجموع عدد الطلاب القادمين من جميع أنحاء دول العالم.