نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    إبراهيم جابر يطمئن على موقف الإمداد الدوائى بالبلاد    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    النصر الشعديناب يعيد قيد أبرز نجومه ويدعم صفوفه استعداداً للموسم الجديد بالدامر    المريخ يواجه البوليس الرواندي وديا    ريجي كامب وتهئية العوامل النفسية والمعنوية لمعركة الجاموس…    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    فاجعة في السودان    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخارجية: رئيس الوزراء يعود للبلاد بعد تجاوز وعكة صحية خلال زيارته للسعودية    الأمر لا يتعلق بالإسلاميين أو الشيوعيين أو غيرهم    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير خالد موسى دفع الله : لابد من تقنين دور الجيش في إطار التطوّر الدستوري .. الإنقاذ صنعت دولة مركزية قوية ولكن الكلفة البشرية كانت عالية
نشر في الراكوبة يوم 12 - 04 - 2017

يؤكد الباحث الإسلامي والدبلوماسي السفير خالد موسى دفع الله أن من أبرز مظاهر فشل النخب يكمن في غياب المشروع الفكري الجامع الذي يصوب نحو الإشكالات الإساسية، وقال في حواره مع (الصيحة) أن اعتماد النخب على الرافعة السياسية والرافعة الأيدولوجية رهانات خاسرة، مشيراً إلى أن معظم النخب تتوسل التغيير الاجتماعي والثقافي ب(الرافعة السياسية).
ويصف خالد موسى قضية الهوية بأنها مسألة مختطفة ما بين الجانب الموضوعي والمزايدة في سوق السياسة، الإنقاذ صنعت دولة مركزية قوية، ولكن الكلفة البشرية كانت عالية، وقال إن الإسلاميين لم يفصلوا بين السلطة السياسية والتوجهات الدينية وإنهم قدموا أنفسهم كبديل للغرب، مشددًا على أهمية تقنين دور الجيش في إطار التطور الدستوري ليكون جزءًا من المعادلة السياسية
حوار: الهضيبي يس
. هل صحيح أن عقلية النخبة وطريقة تفكيرها كانت خصماً على الدولة السودانية؟
- النخبة هي كتلة متماسكة تاريخياً وثقافياً في حين أن النخبة ككتلة تاريخية في المجتمعات الحديثة هي كتلة متنازعة متباينة الرؤى والأفكار، والنخب قد تتناحر مع بعضها البعض، وأعتقد أن صراع النخب أدى إلى إفراز مشاكل حول قضية التطور الوطني في السودان.
وطبعاً النخب بحكم صراعاتها وعدم اجتماعها على جوامع وطنية، لم تفلح في حسم القضايا الوطنية الأساسية خلافاً للنخب في أفريقيا وفي العالم الثالث والتي نجحت إلى حد كبير في أن تقدم وصفات لمعالجات وأدواء ومشاكل دولة ما بعد الاستقلال. وهنالك أمراض موروثة في البنية الوطنية والثقافية والاجتماعية وعلى مستوى النهضة، وكثير من النخب استطاعت أن تجيب على هذه الأسئلة.
. نفهم أن النخب السودانية فشلت في الإجابة على التساؤلات الرئيسة؟
- السودان حالة خاصة، وقد ذكر الراحل الإعلامي الكبير الراحل محمد حسنين هيكل أن (السودان محض جغرافيا فقط تفتقر إلى ممسكات الهوية الوطنية). وبما أنها أمة قيد التكوين يرى منصور خالد أن الأمة الهجين يعلو صوتها بالخطاب العاطفي، ولكن الدارسين لقضية الثقافة في الحضارة السودانية يرجعون هشاشة التكوين التاريخي للأمة لأسباب تاريخية. والتكوين التاريخي للسودان أصابته كثير من التراجعات والانتكاسات.
. في رأيك لماذا غاب المشروع الوطني عن منجزات النخب؟
- فشلت تجربة نميري في أطروحة العروبية القومية الاشتراكية، وفشلت أيضاً تجربته نحو النظام العادل والتوجهات الإسلامية من بعد ذلك، وفشل أيضاً المشروع الشيوعي القائم على الأممية الاشتراكية، والآن نحن على أبواب حصاد تجربة الإنقاذ والإسلاميين، في شعارهم أن الإسلام هو الحل، ويعترف منظرو الإسلاميين بأن مشروعهم اعتراه بعض النقص.
. وما الذي يراه د. خالد موسى؟
- في رأيي الشخصي أن المشروع الإسلامي متجاوز للأمة القطرية والجغرافيا وهو لديه نزوع دائم نحو قضايا الأمة وهذه واحدة من الإشكالات.
. قطعاً هناك إشكالات أخرى اعترت تجربة إسلاميي السودان؟
- الإشكالات الأخرى في تجربة الإسلاميين تتمثل في ضرورة الإدراك العميق لمكونات الهوية السودانية القبلية والإثنية وكيف تستطيع أن تنزل قيم الإسلام على مجتمع متباين في الهويات، في اللغة، في التعدد الديني واستطاعت الإنقاذ أن تصنع خطة سياسية قوية ودولة مركزية قوية، ولكن كلفة بناء هذه السلطة السياسية لا تخلو من كلفة سياسية عالية، وكلفة مادية وبشرية عالية، وبالتالي رداً على سؤالك الأساسي أن النخب لا تتحمل لوحدها وزر الفشل التاريخي في السودان، وإنما هنالك عوامل ثقافية وحضارية واجتماعية أكبر من قدرات النخب لصناعة واقع جديد، لذا فإن قناعتي الذاتية بأن أبرز مظاهر الفشل للنخب ليس تعاملها مع السلطة، ولا مع المشروع السياسي، لكن لكونه يعوزها المشروع الفكري الجامع الذي يصوب نحو الإشكالات الأساسية .
. هل سقطت المفاهيم الأيدولوجية في الاختبار حين وصلت إلى السلطة؟
- نعم، اعتماد النخب على الرافعتين السياسية والأيدولوجية كان أكبر الرهانات الخاسرة بالنسبة لهؤلاء النخب. وللأسف معظم النخب تتوسل للتغيير الاجتماعي والثقافي بالرافعة السياسية، مع أن تاريخ السودان التلقائي والتكوين الطبيعي قام على إسهام كبير من المصلحين الاجتماعيين والمقصود بهم القادة الدينيون وقادة التصوف الذين ساهموا في بناء ملامح المدينة والحواضن السودانية وكثير من القرى والمدن الصغيرة. والمجموعات السكانية والبشرية تجد أن تكوينها الأساسي يرتكز على وجود شيخ أو شيخ طريقة.
. من هناك بدأ الإصلاح الاجتماعي؟
- قضايا الإصلاح الاجتماعي بدأت بهذه الطريقة، وهؤلاء كان لهم دور كبير في تشكيل الواقع السوداني وعندما أتت النخب الحديثة لم تحافظ على الأصول التقليدية القديمة التي قامت عليها بنية المجتمع السوداني، ولا هي أوصلت هذه المجتمعات إلى مصاف المجتمعات الحديثة المطلوبة، وبالتالي فإن مشروع النهضة يجب أن يرتبط بدور المصلحين الاجتماعيين أكثر من النخب السياسية والأيدولوجية، وتاريخ السودان ينحاز في نجاحاته الكبرى إلى دور المصلحين الاجتماعيين ورهاناته الخاسرة الكبرى تقع في صف النخب السياسية التي اعتمدت على الرافعة السياسية، ومشكلة أخرى في النخب أنها ظلت مترفعة عن الجماهير وقد استعلوا عليهم بالتعليم والامتيازات وهم أصبحوا بصراحة صنّاع تضخم الدولة على حساب المجتمع والنخب عملت على تكريس وتمديد وتضخيم دور الدولة على حساب المجتمع ولكن المصلحين الاجتماعيين لديهم تواصل مباشر مع الجماهير.
. ما مدى تأثيرات صراع الهوية على الدولة واستقرارها؟
- أود التأكيد على أن قضية الهوية مختطفة فيها جانب موضوعي وجانب خلقته المزايدة في سوق السياسة وهي قضية موضوعية في ملامحها التاريخية منذ أن كتب حسين شريف في عشرينات القرن الماضى عندما قامت ثورة اللواء الأبيض وكتب من أعطى هؤلاء التفويض بالتحدث باسم الشعب السوداني، انظر للأبطال السودانيين التاريخيين علي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ أحدهما استشهد في المستشفى العسكري والآخر انتقل إلى قسم الأمراض العقلية في مصر، وهناك حاجة ثانية الناس ما برجعوا ليها في عالم آثار اسمه وليم أدمز قال في أبحاثه التاريخية أن السودان لم يشهد ديمقراطية إلا فى العصر الحجري بسبب أن الديمقراطية لا تقوم على التراتبية الاجتماعية وكل تكوينات الحضارة السودانية القديمة كانت مثل تكوينات المدينة الفاضلة لأفلاطون وأن الهوية تم اختطافها للتعبير عن قضايا الأيدلوجيية في السلطة، وللأسف لم تطرح كقضية فكرية وطرحت على أسنة الرماح وفوهات البنادق.
- هل تقصد أن الهوية تقف وراء الصراع السياسي المسلح؟
- نظرية المركز والهامش من الذي طرحها، طرحتها الحركة الشعبية في مناطق الحرب، ولم تُطرح في إطار الحوار الثقافي والفكري وبالتالي إذا ما نزعنا حالة العنف والابتزاز السياسي والاختطاف التاريخي لقضية الهوية لن نجد لها علاجاً لأنها حتى الآن واحدة من أجندة وأطروحات التنافس على السلطة وقضية الهوية تستحق النظر، ولكن فيها إشكالية في تمظهرات وإشكالية الهامش والمركز، وجاء على أساسها السودان الجديد مثلاً، والإسلاميون عندما تقول أنا مسلم يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات ومنابع الهوية وأصولها ما نابعة أصلاً من التيار الإسلامي بل هي خارجة من التيار العلماني ومن اليسار بالذات، والأهم من كل ذلك أن قضية الهوية من ناحية تاريخية وهذا كلام مهم جدًا تعني تصفية المركزية من الثقافة السودانية إلى الوسط النيلي وهذا يعني خطوطاً حمراء لكثير من الناس والوسط النيلي هو تكوين حضاري تلقائي لم تصنعه قوة سياسية أو أيدلوجيية، ولكن نسبة للتعليم والتواصل مع الحضارات القديمة والاتصال القديم بأوروبا والحضارة الكوشية القديمة، وكل الحضارات السودانية قامت في هذا الوسط وبالتالي أي حديث عن تصفية الهوية ومركزية الثقافة في الوسط النيلي هي تعني إعادة تفكيك السودان إلى أصوله التاريخية القديمة وهي من القضايا الحساسة جدًا فى تاريخ السودان، لذا يستوجب أن توجه قضية الهوية لتصفية مركزية الثقافة في الوسط النيلي ولابد أن تنزع منها حمولة العنف التاريخي لأنها طرحت على أسنة الرماح وفوهات البنادق، ولابد أن تعود لوضعها الطبيعي كقضية فكرية في المقام الأول.
. كيف تقرأ مطلب إعاده كتابة التاريخ لدى البعض؟
- هناك إشكالية منهجية في إعادة كتابة التاريخ وكأن التاريخ مكتوب، ونريد أن نعيد كتابته وتاريخ السودان كتب بأقلام غير سودانية، إذًا التاريخ كتبه رحالة ومثلما التاريخ كتبه المنتصرون وجزء من التاريخ كتبه المنهزمون وشالبوني لديه مقولة تقول بأن تاريخ السودان الحديث يعود إلى حضارة كرمة القديمة منذ الأسرة الخامسة والعشرين التي حكمت مصر في ذلك الوقت، وطبعاً جزء من الحضارة الكوشية مذكور حتى في الإنجيل ومن الحفريات ومن طريقة تنظيم المدن وهيكلتها وبنيتها الديمغرافيية والاجتماعية والثقافية وملاحم وجود مدينة منظمة ومجتمع منظم كان موجودا في تلك الفترة وبالتالي ما في حاجة اسمها كتابة تاريخ بل إعادة ترتيب التاريخ وأنا مع إعادة بناء التاريخ السوداني على أصوله والذين يريدون إعادة كتابة التاريخ إعادة ما ظلمه التاريخ وهؤلاء يعتقدون بأن التاريخ القديم كتبته المؤسسة الرسمية .
. هل السودان يعيش حالة تباين بين الطرف الإسلامي – العلماني؟
. على المستوى الشخصي فإني غير مهموم بالمصطلحات والأسماء والسودان لا يحتاج إلى الإيدلوجيات إذ اعتبرها جزءاً من تمظهرات الصراع القديم وأفتكر بأن تاريخ السودان منذ الاستقلال وما بعده لا يمثل التاريخ الحقيقي للسودان والتفاعلات الحقيقية التي أدت إلى تكوينات السودان الراهن، فهي تمت في فترة الحركة الوطنية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي إلى عشية الاستقلال، فالذين قادوا النضال والمقاومة وقدموا التضحيات وذهبوا إلى السجون واستشهدوا والذين ورثوا الاستعمار وحملوا رايات علم الاستقلال في ذلك الوقت لم يكونوا هم المصلحون الحقيقيون الذين قدموا التضحيات والأفكار، وهو ذاك الخليط التاريخي المدهش والذين ورثوا المجد التاريخي هي الطبقة الحديثة التي كانت تبحث عن سؤال النهضة أول كتاب كتبه محمد خير المحامي وكان يسمى" جيل الحركة الوطنية" وتمسك مدرسة الفجر كبار الكتاب وكبار المثقفين والتيارات الحديثة وتكويينات الدولة السودانية كلها كانت في تلك الفترة وهي النخبة التي صنعت الوعي التاريخي بالقضية السودانية، ولكن عندما أتى الاستقلال اختفى كل هؤلاء عن المسرح السياسي والفكري والثقافي والذين اختطفوا القضية السودانية للوصول للسلطة الذين كانوا يملكون الجماهير والولاء الديني.
. كيف تقيِّم تجربة حكم الإسلاميين في السودان؟
- مشروع الإسلام السياسي الذي تم في السودان أعتقد أنه كان مشروعاً طموحاً نحو التغيير الشامل، وقد توفرت له فرص نجاح من حركة اجتماعية كانت موجودة من مجموعة تنظيمية متماسكة تملك رؤية من قيادة وزعامة تاريخية يدين لها بالولاء ومن تحالفات اجتماعية وجهوية وطبقية كانت فيها المؤسسة العسكرية وكانت فيها طبقات المجتمع المدنى وقطاعات كان فيها عمق في المجتمع الريفي والقيادات الأهلية وهذه كلها مثلت عناصر نجاح مبكرة إضافة إلى ضيق الناس بتجربة الحكم الديمقراطي لأنها فشلت لم تقدم أي إجابات حول إخفاقات الراهن السياسي حول قضية التنمية وقضية الأمن وبالتالي الناس رحبوا بالتغيير، لكن رغم توفر عناصر النجاحات الكبيرة هذه أعتقد أن العقل السياسي الذي يدير خيارات المرحلة ارتكب أخطاء كبيرة لأنه نحا إلى صدام نحو التحالفات الخارجية التي تمثل امتداداً طبيعياً لقضية الإسلام السياسي في الحواضن المدنية في منطقة الشرق الأوسط أيضاً العقل السياسي نحا نحو المصادمة العنيفة نحو مشروع الحركة الشعبية التي تحكم الجنوب لكن أعتقد أن الشيء الناقص الآن بأن كلفة التغيير عالية يعني الناس يحسبون 18 ألف شهيد من دفاع شعبى ربنا يتقبلهم جميعاً، وحتى من ناحية الحصاد السياسي عندما حصل في فقد جزء عزيز من بلادنا لفكرة البنية الأخلاقية للمشروع الإسلامي الذي قدم، هل بنفس الصلابة والقوة والمتانة والبريق أتى به، وبالطبع أي مراجعات هناك نجاحات على المستوى الوطني وهناك بنيات أساسية تم تكوينها، هناك مؤسسات لدولة حديثة وتفجير لطاقات كامنة على المستوى الاقتصادي وغيره والإسلام السياسي كمشروع أخلاقي وكمشروع للتغيير الاجتماعي يقدم نموذجاً بالمثال الديني الذي في الأصل كان موجوداً وأعتقد أن درجة النجاح ضعيفة جداً والأهم من ذلك أن مشروع السودان كان هو المبتدر الأول للإسلام السياسي أصلاً في السلطة، والنموذج به أخطاء وسوء تقدير استفادت منه حركات أخرى.
- ما أبرز ما فشل فيه الإسلام السياسي؟
- الإسلام السياسي لم يستطع أن يفصل ما بين السلطة السياسية والتوجهات الدينية، وقدم نفسه كمنوذج بديل لحضارة الغرب وثقافته وأخيرًا من ناحية فكرية أعتقد بأن الإسلام السياسي في السودان فشل في الإجابة على سؤال كيف تستطيع أن تنزل الإسلام على مجتمع متباين الأعراق لديه قضايا أساسية كقضايا الوحدة الوطنية يعاني من صراعات تاريخية، يعاني من تشظيات في قضية الولاءات الإثنية والقبلية، وما إلى ذلك وللأسف الثقافة التقليدية السائدة التي تنتهزها السلطة لتكريس السلطات الأهلية هي استغلت شعارات الإسلام السياسي وتجييرها لتحقيق مصالحها الجهوية والإثنية وبالتالي أصبح هنالك خليط بين قيم إسلامية ومصالح .
. ما حقيقة إسهام المؤسسة العسكرية في تكريس الإسلام السياسي بالدولة؟
- من القضايا السائدة في العالم الثالث هي استخدام الجيش لضرب منظمات المجتمع التي تنشد التغيير إذ أن كل الدول في أفريقيا استعانت بالجيش في الاستيلاء على السلطة وفي السودان حدث العام 1958م وعبد الناصر في 1952م وليبيا في العام 1969 وكذا العراق وسوريا كل الدول، وأفريقيا كلها وبالتالي الجيش لم يكن قوة محايدة على الرغم من أنه يحسب من مؤسسات الدولة الحديثة أضف إلى ذلك أن المنطقة موبوءة بالصراعات، تمرد ضد الدولة أو صراعات بسبب السلطة أو تشظياتها بسبب القبيلة، ولكن بصراحة الذي قام بهدم قضية التطور الدستوري في السودان هو استخدام الجيش من قبل بعض القوى السياسية بالوصول إلى السلطة، وفي تقديري الشخصي لابد أن يكون الجيش جزءاً أصيلاً من منظومة السلطة في حال استمرار الحرب، وفي حال استمرار مهددات للأمن القومي خاصة وأن تجربتنا الديمقراطية فشلت لأن الذي كان يدفع فاتورة الحرب هو الجيش، ولذلك دفع بمذكرته الشهيرة في فترة الديمقراطية الثالثة، وتم استخدامه من بعض القوى اليسارية في ذلك الوقت وجاء الإسلاميون واستخدموا ذات الجيش في الوصول للسلطة وبالتالي نظرية تحييد الجيش في العالم الثالث هي نظرية غير صحيحة، ولابد من تقنين دور الجيش في إطار التطور الدستوري في أن يكون جزءاً من المعادلة السياسية.
- كيف تنظر إلى المتغيرات الأمنية عربياً بعد ثورات الربيع العربي؟
- الفوضى والاضطراب الذي حدث بعد الثورة الفرنسية أشد بؤساً من الأوضاع القديمة التي كانت موجودة، وبالتالي الحكم على الثورات في تحقيق أهدافها في سنوات قليلة التاريخ لا يؤيد هذه النظرية، وقد نهض النظام القديم وأجهض هذه الثورات وأعاد الجماهير العربية إلى بيت الطاعة، وهذا ما يسمى بالدولة العميقة، ولكن البعض الآخر يسميها ارتدادات وانتكاسات وتراجعات بمعنى أنه توجد كتل ومجموعات تضررت مصالحها، وبالتالي هي تريد إعادة النظام القديم للحفاظ على مصالحها وبالذات الطبقة الرأسمالية، ونا قناعتى الذاتية أن ما حدث فيه انتكاسات وتراجعات، والآن الشعوب العربية عاد لها الوعي.
. ماذا عن روشتة الحل للأزمة السودانية؟
- في تقديري السودان أمامه فرصة ذهبية والفرصة التاريخية لا تتكرر، وإذا لم ننتهز هذه الفرصة سنكون أضعنا على السودان فرصة تاريخية لن تتكرر، ونحن نشهد نهاية حقبة سياسية وكل الذين اعتلوا منبر السياسة خلال خمسين سنة هم أبطال ثورة أكتوبر وهم الآن على نهايات عطائهم السياسي، بالتالي هنالك جيل جديد يتهيأ والتجارب السياسية منذ الاستقلال وحتى الآن أوضحت أننا جربنا كل الروشتات السياسية من يسار إلى يمين، ولم ننجح وأنا سعيد لأننا نشهد نهاية الأيدلوجيية وأي مشروع وطني يتشكل في المرحلة القادمة لديه من العظات والعبر ما يجنب البلاد أي مأزق. والإنقاذ كمشروع تمثل نهاية أجندة اليمين السياسي في السودان يعني أشك بل أجزم في قيام أي مشروع ذي أجندة إسلامية في تاريخ السياسة السودانية بعد الإنقاذ، والإنقاذ قد اكملت أطروحات اليمين السياسي في السودان واليسار أكمل فرصته التاريخية كاملة والتي انتهت إلى أشلاء ودماء واكتملت الدائرة السياسية بكل التجارب الموجودة وعلى الإنقاذ أن تدخل مرحلة انتقال سياسي تعيد ترتيب الأجندة السياسية، وسينتهي هذا المسار بانتخابات في 2020 والرئيس البشير أعلن بأن هذه فترته النهائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.