تشارك الإعلامي المغربي نور الدين زورقي تجربته مع السودانيين في قلب الخرطوم، وهو يسرد مسيرة (25) عاماً مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، التي كانت بدايتها في المغرب قبل أن يذهب إلى لندن، ليكتشف أنه غيّر دفة طموحاته من الحلم بالعمل في السلك الدبلوماسي إلى مملكة الإعلام. ما كان يظن زورقي أو يخطر بباله وهو في طريقه إلى أوروبا أن القضية الإعلامية ستتملكه سنين طوال، لتغيّر خارطة أحلامه تماماً، وسرعان ما لمع نجمه، لأدائه المتميز وتمكنه من التحكم في طبقات الصوت وإجادته لما يفعل، ما دفع المتابعين للوسط الإعلامي للانبهار به ومحاكاته في كثير من الأحيان، ليصبح زورقي فيما بعد مدرسة يتجه الكثيرون إلى تقليدها، فأهلته إمكانياته للحصول على جائزة أفضل مذيع راديو في العالم العربي من مجلس الوحدة الإعلامية العربية في أكتوبر عام 2016. سافر نور الدين إلى بريطانيا مطلع التسعينيات، حينها كان يدرس الترجمة لتساعده في دخول وزارة الخارجية بالمغرب، في ذات الوقت كان يُشارك في إذاعة الجالية العربية بلندن، وفي عام 1993م بدأ عمله في القسم العربي بالإذاعة البريطانية، وقدم العديد من البرامج أبرزها (نقطة حوار)، البرنامج الذي أسس للتفاعلية كمنهج لحرية الحوار. معلمون من السودان في الأمسية التي تشاطر فيها تجربته مع الحضور في قاعة الشارقة أمس الأول، سعد نور الدين زورقي لحضور معلمه من السودان الأستاذ إسماعيل طه، وقال: "علمني أستاذ إسماعيل بطريقة ليس لها مثيل، فقد كنت أعمل إلى جانبه بنفس المكتب، وكنت أدرس حينها بالجامعة وأعمل متعاوناً في الإذعة لمدة نصف ساعة يومياً، عملت وقتها في برنامج (مشاهد وأحداث) ومن ثم المجلة الرياضية، دعمني وعلمني دون أن ينبس بكلمة، متحملاً هفواتي بروحه المعطاء دون كلل أو ملل". بداية الرحلة بدأ نور سرد قصته وقال: "عندما كنت شاباً لم تكن هنالك وسائل كثيرة لامتلاك المعلومة كما اليوم، الراديو كان إحدى هذه الوسائل القليلة، فأضع المؤشر على محطة الإذاعة البريطانية وأستمع إلى كل الأصوات التي عملت معها لاحقاً، تعلمت العربية من قسم العربية في ال(BBC) لأن تعليمنا في المغرب فرنسي، لذا كنت أستمع لأي سلسلة تعليم عربية بالإذاعة"، وتابع: "في مطلع الثمانينيات أنهيت دراستي الجامعية من كلية القانون بجامعة القاضي عياض بالمغرب، كان معي في تلك الأيام زملاء سودانيون كُثر بالجامعة، توفي والدي في عام 1983م، ما اضطرني للتأخر عن دراستي الجامعية قرابة الثلاثة أشهر، حينها ذهبت في اليوم الأخير من الدراسة، ولم يكن في الحي الجامعي سوى زملائي السودانيين، الذين ساعدوني في تحصيل ما فاتني، وأنا ممتن لهم طول العمر". ومضى قائلاً: "بعد أن فرغت من الخدمة المدنية لم أجد عملاً، وظللت عاطلاً لثلاثة أعوام، كانت دافعي للتوجه إلى بريطانيا لدراسة دبلوم الترجمة، لأصبح مؤهلاً يخولني للعمل في السلك الدبلوماسي. طالب ومتعاون عانى زورقي في حياته الأولى بلندن أيما معاناة، لكنه تمكن من الخروج من ذلك وانخرط في الدراسة ونال درجة الماجستير، وقال: "في ذلك الوقت تحديداً بدأت حياتي المهنية، فأثناء دراستي كنت أعمل متطوعاً بإحدى الإذاعات الخاصة بالجالية العربية بلندن، وفي الجامعة قابلت الأستاذ منير عبيد الذي يُدرس اللغة العربية ويعمل في الإذاعة البريطانية أيضاً، وقد كنت أتابع برامجه، فأشار إليّ بأن أقدم في ال(BBC) لأن هناك فرص عمل متاحة كمتعاون، بالفعل ذهبت وقابلت الراحل هاني العربي، الذي قال لي: نحن لا نحتاج أن نُجري لك اختباراً، لأننا نسمعك على إذاعة الجالية"، هنا بدأت علاقتي بالقسم العربي في الإذاعة وأنا طالب ومتعاون". زمن "الأون لاين" وتابع: "عملت مع كثيرين طوال ال(25) عاما، واللافت أن من كان يعمل في القسم العربي كانوا أدباء ورواداً أمثال الروائي السوداني الطيب صالح، لكن في تلك الفترة تحول نهج الإذاعة إلى نهج إنجاز العمل الصحفي، ومن الترجمة إلى إنجاز المقابلات والتقارير، وفي زمن (الأون لاين) كانت هنالك تساؤلات تخشى على الإذاعة، طوال أربع سنوات لم أكن أفعل شيئاً سوى إعداد وترجمة الأعمال الإخبارية، بعد ذلك سنحت لي الفرصة بتقديم الأخبار، بعد طول انتظار وتذمر". ويواصل زورقي حديثه: "في فترة حرب الخليج كان هناك برنامج حوار تلفوني اسمه (نقطة حوار)، وبعدها تحول إلى برنامج تلفزيوني ليصبح ثورة في الإعلام التفاعلي، عادة ما يكون الحوار نقطة جدلية أو خلافية، وأجرأ أن أقول إنه البرنامج التفاعلي الوحيد. سيما وأن الإذاعة تحمل شعار (البحث عن الحق والحقيقة وخدمة الصالح العام)، لذا فإننا نعرض الرأي والرأي الآخر بمنتهى الحيادية، ولا يُسمح لنا بإدخال آرائنا الشخصية". أفضل مذيع في العالم العربي افتتح الأمسية الرئيس السابق لمجلس الصحافة والمطبوعات، الدكتور علي شمو، وقال حصل نور الدين على جائزة أفضل مذيع، وفي ذلك قال نور الدين: "تكريمي بجائزة الهيثم تكريم للعمل الإعلامي الإذاعي في عصر التلفزيون، وكذلك تكريم للإذاعة والمذيعين من وراء البحار في القسم العربي ل(BBC)، وتكريم للمعلمين الأوائل في هذه المدرسة، من بينهم أستاذي إسماعيل طه، صاحب فكرة برنامج حول أفريقيا، الذي فرح به مديرو القسم العربي بالإذاعة". اليوم التالي