*كمائن الجريف ليس لها ضرر صحي أو بيئي بشهادة المحكمة الدستورية. *أراضي الجريف شرق قضية مطلبية أفرزها الفساد الإداري والسياسي *حسب اتفاق 2007 المبدئي يجب إرجاع سواقي الجريف شرق لأصحابها. *هناك من يسعى للوقيعة بين أهالي الجريف شرق وأهالي أم دوم. أخذت قضية أراضي الجريف شرق حيزاً كبيراً في الفترة الماضية من حيث التناول الإعلامي لها واصطاف قوى سياسية معارضة جنباً لجنب مع أهالي الجريف الشئ الذي أدى لاتهامات من جانب الحكومة باتخاذ قضية أراضي الجريف مطية لأغراض سياسية على الرغم من إعلان قوى الإجماع الوطني أن القضايا المطلبية جزء لا يتجزأ من عملها وكونت لجنة لهذا الغرض. )الميدان( التقت بدر الدين الزعيم سكرتير لجنة اعتصام أهالي الجريف الذي أعلن أن أهالي الجريف شرق بصدد حل لجنة الإعتصام بالمنطقة على خلفية استنفاذهم كافة المساعي التفاوضية لاسترداد حقوقهم وإزالة المظالم التي لحقت بهم جراء نزع أراضيهم دون الإيفاء بالشروط الثلاثة عشر المضمنة في الإتفاق بينهم وبين وزارة التخطيط العمراني في الثامن والعشرين من أكتوبر للعام 2007. وقال بدر الدين إنه لم ينفذ من الشروط الثلاثة عشر سوى شرط واحد على الرغم مما عاناه مواطنو المنطقة من مضايقات من قبل السلطات وصلت لاستخدام الرصاص الحي لإثنائهم عن المطالبة بحقوقهم – على حد قوله - مما أدى لسقوط الشهداء واحداً تلو الآخر فضلاً عن حملة الإعتقالات الواسعة التي طالت عضوية لجنة الإعتصام). حوار: لؤي قور الأستاذ بدر الدين في البداية كانت قضية أراضي الجريف هي قضية مطلبية كغيرها من القضايا التي تحل عادة على مستوى المحلية فما الذي جعل الحل يبدو مستعصياً وبعيد المنال على الرغم من بساطة القضية في مظهرها العام؟ قضية أراضي الجريف هي قضية مطلبية في المقام الأول أفرزتها السياسات الخاطئة للنظام والفساد الإداري والسياسي ومن المعروف أن أراضي الجريف شرق هي ملك حر لساكنيها منذ زمن (الخواجة سمسم) وكل مالك له شهادة بحث موثقة لكن نافذين في الحكومة الحالية طمعوا في هذه الأراضي ببساطة حينما وقع إتفاق بين الشركة الكويتية وهي شركة استثمارية وبين المتعافي من جانب الحكومة بقيمة سبعة تريليون دينار كويتي، ليصدر قرار بمصادرة هذه الأراضي للمصلحة العامة ، والمنطقة بها (30) ساقية بحرية كل ساقية بها (50) حبل مملوكة لعدد من الأسر ومشيدة عليها الكمائن. فاجتمعت حينها وزارة التخطيط العمراني مع بعض الملاك بينهم مستأجرين ومنسوبين للمؤتمر الوطني. ويمكنك القول أننا وقعنا كملاك لسواقي "الجريف شرق" وبناءاً على القناعات التي تم التوصل إليها من خلال المفاوضات التي تمت مع وزارة التخطيط العمراني والمرافق العامة ولاية الخرطوم والتي أفضت إلى نتائج مرضية وقعنا على اتفاقية مشروطة تنازلنا بموجبها عن حصتنا في السواقي والبالغ مساحتها (5) حبل سباعي لصالح حكومة السودان ليتم تغيير غرضها لانشاء وقيام مدينة النيل الأزرق وذلك مقابل تنفيذ ثلاثة عشر شرطاً. وما هي هذه الشروط؟ كان أول هذه الشروط الالتزام بأن يكون مقدار التعويض 1400 متر صافي للفدان شامل المزروعات والمنشآت والجروف وذلك بقطع سكنية استثمارية درجة أولى وملك حر وتلتزم الوزارة باجازة مخطط التعويضات خلال فترة لا تتجاوز الشهر من تاريخ توقيع هذا الاتفاق، وأن يتم التعويض بمحاذاة ذات السواقي المتنازل عنها على أن تلتزم الوزارة بتحديد القطع موضوع التعويض قبل التنازل عن الأرض الزراعية، كما يتم تحديد قطع التعويض بأرقامها بعد فتح السجل وإبرام العقد النهائى، وأن تلتزم الوزارة بتجهيز القطع موضوع التعويض بالخدمات الضرورية (المياه، والكهرباء، ورصف الشوارع وإنارتها). كما تلتزم وتسعى الوزارة لأن تكون قطع التعويض جزء لا يتجزأ وينسجم تماماً مع النسيج الجغرافي وبمحازاة مخطط النيل الأزرق مباشرة دون ان يكون هناك تخطيط لآراضي لاستخدامها أخرى بين المدينة وقطع التعويض، وأن تكون مساحات قطع التعويض بالقدر الذي يحقق جدواها الاستثمارية والمعايير التخطيطية. وأن يكون تخطيط الطرق بمنطقة التعويضات يتناسب مع مدينة النيل الأزرق ليكون امتداداً طبيعياً لها ما أمكن ذلك. ويخول هذا الاتفاق وزارة التخطيط العمراني دخول الأرض لإكمال الاعمال المساحية والتخطيطية حتى تكتمل بفتح السجل. ونص الإتفاق أيضاً على أن تلتزم الوزارة بالاحتفاظ لأهالي المنطقة بمهنتهم القديمة في إنتاج الطوب وذلك بايجاد مواقع بديلة في نفس مجال المهنة وفقاً للبدائل الحديثة وتقديم التسهيلات لهم، على أن يتم التمليك والتسليم قبل بدء موسم العمل الجديد القادم. واتفقنا على وقف أعمال الكمائن فور التوقيع على هذا الاتفاق. وماذا عن التخطيط العمراني للمنطقة ما قبل مدينة النيل الأزرق؟ كان من المفترض أن تلتزم وزارة التخطيط العمراني بتخطيط منطقة الجريف شرق العريقة والتاريخية وفقاً لأسس وضوابط تنظيم القرى بمقابل رمزي وميسر، على أن نشرع في ذلك قبل قيام مدينة النيل الأزرق وتلتزم الوزارة باتاحة الفرصة لأهل المنطقة لتقديم مقترح لبحث وتحديد الحيازات ولتخطيط المنطقة لتقليل آثار التخطيط. والالتزام بانفاذ الخطة الإسكانية لمواطني الجريف شرق والتي بدأت في 1971م ولم تكتمل حتى الآن وفي حالة عدم التزام الوزارة بأي بند من بنود الاتفاق يتم ارجاع سجل السواقي لأصحابها بوضعها السابق قبل النزع وتعويضهم عن كل ما لحق بهم من ضرر مادي ومعنوي. والذين وقعوا الإتفاق فيهم مستأجرين وهناك ممثلين للملاك ولا علاقة لهم بالسواقي. وحسب الإتفاق الذي تم في العام 2007 فإنه يجب إرجاع السواقي لأصحابها وكان هناك تعويضات للمهن البديلة في منطقة الشيخ الأمين، لكنه لم يحدث ذلك، كما كان من المفترض أن يتم تنفيذ الإتفاق في 2008 لكنه لم ينفذ منه سوى شرط واحد وهو أن تكون مساحة التعويض 1400 متر للفدان ومن المفترض أن تكون المساحات الممنوحة للتعويض جزءاً من مدينة النيل الأزرق لكن تم تعويض المتضررين في مناطق خارج المدينة. وكيف سار الأمر بعد ذلك؟ في 2013 تبينت الشركة الكويتية أن هناك خلاف بين الملاك ووزارة التخطيط العمراني ولم يتم التعويض عن مهنهم بإيجاد مناطق بديلة لممارسة المهنة في الشيخ الأمين كما جاء في بنود الاتفاقية وقالوا حينها أن الكمائن ضارة بالصحة والبيئة ومن ثم جاءت شركة عارف الكويتية التي تعهدت ببناء سكن شعبي لتعويض المتضررين في (الكرداب) وهي منطقة نائية جداً لم يقبل المواطنون وانسحبت الشركة فتم توزيع الأراضي كقطع سكنية لتجنب تعويض الملاك وعندنا كافة المستندات التي تثبت ذلك وإتَّضح لاحقاً أن معظم هذه القطع السكنية وزعت لمحاسيب المؤتمر الوطني فمنهم من يملك عشرين وأربعين قطعة أرض، وتم توزيع المخطط على محلات العقارات بغرض تنفيذ عمليات البيع ورفعنا مذكرة حينها وحصلنا على حكم من المحكمة الدستورية تؤيد أن الكمائن ليس لها أي ضرر بيئي وفي الإتفاق بين وزارة التخطيط العمراني وعلى سبيل التعمد كتبت عبارة (نزع) بدل عبارة (تنازل) حتى لا تكون هناك حجة قانونية للذين لم يوقعوا على هذا الاتفاق من الملاك. وتمثل الكمائن عماد اقتصاد الجريف فيها عشرين ألف عامل يحتاجون للسكن والخدمات وعندما تتوقف الكمائن تتوقف الحياة في الجريف. وطالبنا كذلك بمناطق الزراعة المطرية (كركوج) والذي كان به ترس انتهت مدة الشركة المستأجرة له. فحوَّلتها الحكومة لمربعات سكنية ومنا من هو مقدم لخطة إسكانية من الستينات تم تعويضهم في مربعين فقط وسمو مربعين بالمنشية شرق. من جانبنا رفضنا هذا التوزيع الجائر والخطة قديمة من الستينات وطالبنا بإتاحة الفرصة للتقديم للذين لم يقدموا في الخطلة الإسكانية القديمة وبعد ذلك تم بيع ألف فدان ل(صالح الكامل) وتم تعويض سكان سوبا شرق في مربع 14 ومُنح سكان أمدوم قطع سكنية فيه كما تم تخطيط مربع 17 لشرق النيل. والجيل الحالي من أهالي الجريف شرق ليس له فرصة تقديم في الخطة الإسكانية الحالية. وماذا بشأن التفاوض مع الحكومة إلى أين وصلتم فيه وقتها؟ كنا قد اجتمعنا مع الوالي عبد الرحيم محمد حسين وقتها والذي تعلل بعدم تشكيل حكومته وبعد شهرين تم تشكيل الحكومة فقال : ( إنه لن يمنح الجريف خطة إسكانية خاصة بها بل سيكون لهم الأولوية في الخطة الإسكانية العامة). لكننا تفاجأنا بعد ذلك بمنح مواطني أمدوم والحلفايا خطة خاصة بهم وجاءت (حملة) لتكسير الكمائن في 2015 تصدى لها أهالي الجريف دفاعاً عن ممتلكاتهم مما أدى لاستشهاد سعادة فضل المولى وقبل ذلك حين لجأنا لخيار العصيان في فبراير 2014 عقب رفضنا لمحاولة إزالة الكمائن شنوا علينا حملة استشهدت فيها منى النخلي وفي 2016 وبعد العصيان وعدم الإستجابة له رفعنا مذكرة لمعتمد المحلية لم يرد عليها. وقرروا فض اعتصامنا بالقوة وصادروا الخيمة واللافتة واعتقلوا ثلاثة من لجنة الإعتصام وبعد المواجهة لم يتقبلوا الهزيمة أمام إرادة المواطن الأعزل المتمسك بحقوقه فواجهونا بالرصاص الحي لمدة ثلاثة أيام متتالية كانت الجريف فيها أشبه بمنطقة الحرب وكانت مغلقة بالكامل. لكن بعد ذلك ظهرت مقترحات حلول للعلن ماذا تم بشأنها؟ نعم كانت هناك مقترحات حلول فقد وعدونا بخطة اسكانية عقب لقاء تم في مزرعة (عصام الشيخ) واعلنوا في ذلك الإجتماع تخصيص عشرة ألف قطعة لأهالي الجريف وإطلاق سراح معتقليهم حتى احتفل الناس باستعادة حقوقهم. لكن سرعان ما تبين لهم أن الأمر مجرد غش ولم يمنحوهم شيئاً ولم يطلقوا سراح معتقليهم فقرروا الخروج للشارع إذا لم يطلق سراح المعتقلين خلال إسبوع ليتم إطلاق سراحهم بعد ذلك. وبالنسبة للجانب القانوني فإن السواقي البحرية هي ملك حر لأهالي الجريف ولا يوجد قانون ينزع الملك الحر لصالح الإستثمار وبعد ذلك سمعنا أن الوالي فوض المعتمد لعمل ملحق للخطة الاسكانية. لكن لم يحدث شئ أيضاً ولاحظنا أنه وفي كل مرة نتوصل فيها لتفاهم مع أي جهة من الجهات أمنية كانت أو سياسية يتم نقل الشخص الذي نتوصل معه لتفاهمات فتوقفت هذه المساعي بالقصور الذاتي، وجلسنا مع مختلف الشخصيات النافذة لكننا لم نتوصل لشئ، وفي نهاية المطاف نسمع عن القبض على موظف كبير على خلفية اتهامه بالإشتراك في الإحتيال وخيانة الأمانة والمادة 89 من القانون الجنائي وهي تهم تتعلق كلها بفساد صاحب قضية أراضي الجريف والوضع الآن محبط للغاية وحاليا نحن بصدد حل لجنة الاعتصام وليس لدينا خيار أمامنا سوى خيار الشعب السوداني في الخروج للشارع وانتزاع الحقوق. وكنا قد أصدرنا بيان قبل سنة حذرنا فيه المواطنين بأنه ليس لصندوق الضمان الإجتماعي أراضي بالجريف شرق حتى لا تذهب أموالهم لمافيا الأراضي دون طائل ومن يشتري قطعة في المنشية شرق مربع 12 و13 من صندوق الضمان الإجتماعي فعليه أن يواجه غضبة أهالي الجريف وحقهم المشروع في الدفاع عن أراضيهم. وغني عن القول أن هناك جهات تسعى للوقيعة بين سكان الجريف وأمدوم حين تمنح سكان أمدوم قطع سكنية في مربعات تخص أهالي الجريف فرسالتنا لأهالي أمدوم أن ينأوا بأنفسهم من محاولة زجهم في معركة مصنوعة مع أهالي الجريف.
