الطالبة بجامعةالخرطوم تيسير علي ابراهيم والبالغة من العمر عشرين عاما شيعتها أمس سيول الدموع و أصوات النواح لتدفن في ثرى قريتها مناقزا الحلاوين .. بعد أن لفظت أنفاسها إثر صدمة سكر عنيفة .. فحملها والدها الى أكثر من ثلاثة مستشفيات بالعاصمة.. فمستشفى فضيل حسب رواية أهلها رفض أن يجري لها الإسعافات اللازمة قبل سداد المبلغ المطلوب ولما كان الوالد المكلوم والمصدوم .. لا يحمل إلا مبلغ الفين من الجنيهات الذي لم يكن يغطي تكلفة علاجها على ما يبدو فقد تم إعادة الفتاة اليه وهي في حالة إغماءة ..وكان من الممكن إحتجازها كرهينة وفقا لأخلاق هذا الزمن البشعة بعد تعافيها ..فعاد ذلك المسكين و ركض بها الى مستشفى السلاح الطبي الذي تمنع بدوره عن استقبالها لانها أو والدها خارج منظومة العمل العسكري ولكنهم اكتفوا بحملها مشكورين باسعاف الى طواري مستشفى أم درمان حيث تفاقمت حالتها وأسلمت الروح الى بارئها ..! وهي وحيدة أبويها إلا من شقيق وحيد أيضا! واحدة من الماسي التي تتكرر منذ أن أصبح الإستشفاء في السودان تجارة تجرد بعض أهلها ولا نقول كلهم من الروح الإنسانية التي تنقذ المريض أولا ثم تلتفت الى الحساب ! ما يحدث في عاصمتنا التي أصبحت فيها المستشفيات التجارية أكثر من البقالات على سوء خدماتها وتعاملاتها .. طبعا لايقارن بالمستشفيات الحكومية سواء في العواصم أو الأرياف في بلد تموت فيه طفلة بمدينة شندي نتيجة عدم وجود مصل العقرب وهاهي أخرى تقضي بصدمة سكر علاجها يمكن أن يكون متوفرا في أية نقطة غيار في الزمن الذي كانت فيه الخدمات تسعى للمواطن بالمجان ! ونحن إذ نسرد هذه القصةالمأساوية التي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل تغول تماسيح السوق على العلاج الذي أصبح سلعة أغلى من قيمة الإنسان في بلدنا ! لا نملك إلا أن نرسل صادق التعازي والمواساة الخالصة لذوي الفقيدة الذين ليس لهم إلا الصبر الجميل لتجاوز هذه المحنة الأليمة و نسال المولى العلي القدير أن يجعل مثواها الجنة ويعوضها خيرا في شبابها الآفل في ريعانه .. فموتها مع إيماننا بالقضاء والقدر ولكنه لا يمكن أن نسمي حدوثه بهذه الطريقة غير أنه إهمال مع سبق الإصرار على التكسب الذي أصبح هدفا لتجار سوق العلاج .. وهو أمر يستوجب التحقيق العاجل إن كان هنالك من يسمع نداء كل أم ثكلى أو أب مفجوع ..ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم . [email protected]