شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    بالصورة.. "حنو الأب وصلابة الجندي".. الفنان جمال فرفور يعلق على اللقطة المؤثرة لقائد الجيش "البرهان" مع سيدة نزحت من دارفور للولاية الشمالية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    القادسية تستضيف الامير دنقلا في التاهيلي    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    مانشستر يونايتد يتعادل مع توتنهام    ((سانت لوبوبو الحلقة الأضعف))    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالمية والقيمة المُصنَّعة، وسلطان الأخ الأكبر
نشر في الراكوبة يوم 24 - 05 - 2017

كلما تقدمنا قليلاً في العالم العربي، وظننا أنفسنا في عمق العمق، يأتي من يذكرنا بأننا مازلنا تحت رحمته وأننا لا سلطان إلا برضاه، واكتشفنا أكثر سلطان الرجل القوي، الآخر الأخ الأكبر، الذي لم يعد خفياً، في كل ما نقوم به. فهو من يحدد القيمة ليس على أرضه فقط، ولكن على أراضينا العربية أيضاً، ويعلمنا كيف نتذوق الأشياء، فيصبح فجأة معلماً لنا، وهو من يحدد مصائرنا القلقة في الأصل، منذ فترات الاستعمارات المتعاقبة التي شنها ضدنا ودمر نسيجنا الذي أصبح هشاً لدرجة يمكن تدميره في أية لحظة، ويعيد اليوم رسم الخرائط وفق ما يضمن مصالحه الإستراتيجية. وصنع لنا كل المفاهيم ومنها مفهوم العالمية التي تعني بالضرورة الاستجابة للاشتراطات التي سنها لنا بشكل مسبق.
إن الأديب العربي، تحديداً الروائي، كغيره من كتاب العالم، منشغل بالعالمية التي تدفع بجهده الإبداعي من دائرة الضيق والمحلية إلى دائرة أكثر تعقيدًا وانفتاحًا وإنسانية. قد يبدو هذا الكلام بسيطاً وربما مسطحاً في شكله، ومع ذلك الأمر ليس سهلاً لأنه مشروط بمجموعة من المحددات والمسبقات التي يجب توافرها. سؤال العالمية الذي تطرحه الرواية العربية على نفسها بشكل متواتر، أمر مشروع لأنه محاولة أولية لتحديد وضعها في سياق الرواية العالمية، وأي مسلك عليها أن تسلكه لتصبح جزءًا من الذاكرة الجمعية الإنسانية؟ أي جهد عليها أن تقدمه لكي تصل إلى الاعتراف العالمي بها كمنجز إنساني، وليس كجهد فردي أو جماعي مرتبط بمحلية تضيق الخناق أكثر مما تدفع بالرواية نحو وضع اعتباري يليق بها. أي نحو عالمية تضع الكاتب وربما بلده في مدارات الاعتراف.
المسألة عموماً، حتى هذه اللحظة مشروعة، بل وطبيعية ولا تتفرد بها الرواية العربية وحدها، بل كل الروايات في البلدان المأزومة، التي تنتظر اعترافاً خارجياً لكي تشعر بأن جهدها خرج من دائرة الضيق وأصبح مشعاً، الذكاء ليس قسراً على أمة أو منطقة دون غيرها. لكن السؤال سرعان ما ينزلق عن حدوده الموصوفة عندما يفترض العالمية كحل لكل المعضلات الأدبية، وكمآلٍ ضروري وإجباري لكل نص يتوخى الانتشار والوصول إلى الأقاصي من خلال الاعتراف المعمم والترجمات المتعددة، وكأن العالمية، كما يفترضها النقد العربي عموماً، والكاتب نفسه، خاضعة فقط لغنى النص وحده ولقيمته الرمزية والأدبية ولترجمته في النهاية نحو لغات كثيرة. أي أن النص الروائي هو المحدد الأساسي للقيمة الإبداعية وبالتالي للاعتراف.
تأمل بسيط يعيدنا إلى الاعتبارات الخفية التي تتحكم في القيمة المفترضة، تتجاوز القوة النصية المحتملة. يمكن اختزال هذه الاعتبارات في أهم تجلياتها الظاهرة على الأقل:
أولاً: تمركز الاعتراف وشرعيته في يد قوة واحدة نسميها اليوم أمريكا، أوروبا أو العالم الغربي بشكل عام. يقع النص الروائي العربي بين تقاطبين، قوة تمتلك كل شيء بما في ذلك سلطة القرار السياسي والإعلامي، وتابعهما القرار الثقافي، ووجهة نظر مناقضة لذلك، التي هي نحن أي الشرق، الذي خُطِّط له في زمننا الحديث، منذ اتفاقية سايكس بيكو، أن يظل في دائرة التخلف والتقسيم المتواتر. شرق لا يملك شيئاً يذكر بالمعنى الحاسم، الكاتب فيه منشغل بحروبه الأهلية التي زادت اشتعالاً، وحروب الإخوة والجيران، وقهر ديكتاتوريات وأنظمة رعوية بدائية متهالكة لا شيء فيها يطمئن، تعيد إنتاج صورها القديمة بقليل من الذكاء، وكثير من الفتك حتى أصبح حلم التغيير ليس فقط أمرًا مستحيلاً في ظل ما يحدث في المحيط من حروب أهلية فرضت كبدائل وحيدة، ولكن التفكير فيه يبدو بعيداً عن العصر ومتخلفًا لما هو متسيد.
ثانياً: الامبريالية الإعلامية أصبحت سلطة متعالية على كل شيء وفوق أية سلطة نقدية، وعابرة للقارات عن طريق الصورة التي أصبحت في يدها بامتياز. فهي المحدد الأساسي ليس فقط لمساحات النقاش، ولكنها أصبحت أيضاً محددة للقيمة بما في ذلك الأدب، وهذا أخطر شيء. القيمة هي ذات دلالات رمزية أكيدة، وعندما يسجن الرمز داخل إرادات أخرى، فكل ما يحيط بنا من رموز قيمية بما في ذلك الأديان والتاريخ والأساطير والحاضر أيضاً، يجد نفسه في عمق الدائرة نفسها.
عندما يتم التغلغل في عمق الرمز أي في داخل المنتَج الحميمي، فهذا يعني أن قنبلة داخلية يتم التحضير لها ولا أحد يعلم توقيت انفجارها إلا الذي خطط لها، مثلما حدث ويحدث في العراق وسوريا واليمن وليبيا. فعندما يتم احتلال الرمز ويتم تأويله بحسب الرغبة والحاجة، لن يحتاج الاستعمار الحديث لأي تدخل لأننا سنأكل أنفسها بوسائلنا الأكثر فتكاً وندمر الرموز التي تجمعنا ونتفكك لنصبح قبائل وشيعاً متقاتلة متذابحة. ونسير اليوم نحو هذه الحتمية، ولن يطول الأمر كثيراً، إذ بمجرد جفاف آبار النفط نعود نحو العصر الحجري الأول. ليس العرب أكثر من خزان نفطي تحيط به أمريكا والدول الاستعمارية، وإسرائيل التي تتوجه اليوم أطماعها النفطية والغازية، نحو الصحراء العربية، ليس حمايةً للعرب إذ لن يحميهم من الهلاك أحد، ولكن خوفاً من أن تهرب منها هذه المادة الحيوية التي تحتاجها لتستمر.
ثالثاً: عندما نقرأ الأعمال الروائية العالمية التي فرضت نفسها في السنوات الأخيرة على الثقافة العربية وكان النقد العربي وسيطاً للتهليل لها، وعلى أكثرنا حذراً وصرامةً، ندرك إلى أي حد صارت المخاطر الثقافية في عمق الرمز نفسه أي في صلب النظام الذي يحدد القيمة كانتماء للعالم ليس بالمعنى الإيجابي و لكن بمعنى فرض النموذج الذي كثيرا ما يرتبك أمام الخصوصية الثقافية. لا يتعلق الأمر ههنا بالأعمال الإنسانية الكبيرة والمتميزة ولا بالكتاب الكبار الذين اختاروا صف نقد الطاحونة الكبيرة التي يسهر على مراقبتها باستمرار الأخ الأكبر The big brother (كما في رواية 1984 لجورج أورويل) الذي يتتبع كل الأنفاس والحركات ويخفي ما يشاء ويدفع إلى الواجهة بما يشاء كذلك، ولكن بالأعمال الروائية خصوصاً التي تفبركها وسائل الإعلام وتعلبها وتقدمها كبدائل فعلية للأدب الكبير والإنساني.
قد يكون للتجارة سلطانها في مثل هذه العمليات، ولكن من قال إن التجاري مفصول عن السياسي بشكل دائم عن آلة الدعاية الجهنمية؟
كل ما ننتجه اليوم من آداب وفنون يتم وفق رضى الأخ الأكبر. لهذا يموت الأدب الكبير أو المقاوم مبكراً، لأن القارئ المصنع والنقد الدعائي أيضاً، يتحركان وفق هذا المنطق المسبق للأشياء. الإشهار الكثيف لا يترك مساحةً للعقل، يلغيه لدرجة أننا، بوعينا، نجد أنفسنا منساقين نحو منطق «البيست سيلر»، أي السهولة والرواج. وإلا لماذا تبقى النصوص الجيدة مكدسة ويذهب القراء نحو الكتب التي صنعتها الدعاية؟
القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.