يعتبر الصوم مفيدا للجسم. ولمعرفة المزيد حول هذا الموضوع تحدثت مع الدكتور مارك ماتسون، أستاذ علم الأعصاب في جامعة هوبكنز ورئيس مختبرات طب الأعصاب في المعهد الوطني للشيخوخة. ووفقا للأبحاث التي قام بها، يعد الصوم من الممارسات المفيدة على المستوى الذهني والجسدي عندما يتم تطبيقه بالشكل الصحيح. وفيما يلي مقتطفات من الحوار الذي دار بيننا: هل يمكنك أن تخبرني ماذا يحدث لجسم الإنسان عندما يتم حرمانه من الطعام لمدة 16 ساعة متتالية؟ مارك ماتسون: حسنا دعيني أبدأ حديثي عن نمط الأكل الشائع في الدول الغربية، أي تناول ثلاث وجبات رئيسية مع وجبة خفيفة. في كل مرة يتناول فيها الإنسان وجبة، تنتقل بعض الطاقة التي تتجسد في شكل جلوكوز إلى الكبد أين يتم تخزينها في شكل جليكوجين. ويتم استهلاك هذه الطاقة المخزنة في الكبد من قبل الجسم، ولكن في الغالب لا يتم استهلاكها بالكامل بالنسبة للأشخاص الذين يتناولون ثلاث وجبات يوميا إلا إذا بادروا بالقيام بجهد إضافي أو عمل شاق. ولذلك، عندما يصوم الإنسان لعشر أو 12 ساعة، يقوم الجسم بتحويل الدهون المخزنة إلى كيتونات. وتمثل هذه الكيتونات مصدرا غنيا بالطاقة بالنسبة للخلايا الموجودة في الجسم والدماغ. في الواقع، أظهرت جملة من الأبحاث أن الكيتونات لها العديد من المنافع وخاصة على مستوى الدماغ، على غرار تحسين القدرة على التعلم وتخزين المعلومات. بالإضافة إلى ذلك، للكيتونات تأثير شبيه بمضاد القلق كما لها مفعول يتساوى تماما مع مفعول الحبوب المهدئة. من هذا المنطلق، يساعد الصيام لمدة 16 ساعة في شهر رمضان، على تحفيز عملية الأيض في الجسم ورفع مستوى الكيتونات لفترة تناهز الأربع ساعات. وفي حال قام الإنسان بممارسة الرياضة في آخر ساعات الصوم، فإن ذلك يعطي جرعة إضافية من النشاط للجسم ويرفع مستوى الكيتونات. وفي هذا الصدد، قمنا بإجراء جملة من التجارب على الحيوانات تابعنا خلالها عمل أدمغتها وقدرتها على التعلم والتذكر إثر إخضاعها لبرنامج يجمع بين الصوم وبذل جهد جسدي. وقد لاحظنا وجود تحسن على مستوى وظائف الدماغ. إذا هل تعتقد أن الصوم في رمضان أمر جيد؟ في الحقيقة، لقد عملت إلى جانب بعض المسلمين في أحد المختبرات. وفي الأثناء، لم يكن أحدهم يمارس الرياضة خلال شهر رمضان ولذلك فقد زاد وزنه، خاصة وأنه كان يفرط في الأكل خلال الليل. ومن هذا المنطلق، ومن وجهة نظر علمية، من الأفضل أن لا يتناول الإنسان الكثير من الطعام في المساء خلال شهر رمضان، وفي حال كان معتادا على ممارسة الرياضة فيستحسن أن يواصل القيام بذلك خلال هذا الشهر. من ناحية أخرى، اكتشفت من خلال البحث في تأثير الصيام على الإنسان أنه يحتاج في الواقع لبضعة أسابيع حتى يتأقلم النظام البيولوجي مع هذا النمط الجديد من التغذية. وخلال الأسبوع الأول والثاني على الأرجح، يصبح الكثير من الأشخاص عصبيين في حين قد يعاني البعض الآخر من أوجاع على مستوى الرأس وخاصة النساء ولكن لا نعرف تحديدا الأسباب الكامنة وراء ذلك. وبالعودة إلى وجهة النظر العلمية، يجب الإشارة إلى أهمية المحافظة على ترطيب الجسم. أنا أعرف أنه وخلال شهر رمضان من هذه السنة، سيمتنع المسلمون عن الأكل والشرب طيلة 16 ساعة، ولذلك يجب التأكيد على ضرورة شرب كميات كبيرة من الماء. شرب السوائل خلال فترة النهار ليس خيارا مطروحا، فهل هنالك طريقة أخرى لتمكين الصائمين من المحافظة على مستوى المياه في أجسامهم؟ أعتقد أنه خلال الثمان ساعات بين الافطار والسحور، ينبغي شرب ثمانية أكواب من الماء على الأقل. نقلاً عن (نون بوست)