يبدو أن موجة العداء للصحافة والاعلام سيزداد سعيرها رغم عويل ونواح سلطة (الانقاذ) على ذلك وأنها المحافظة والراعيه لذلك وبالامس القريب يخرج النجيب قمر الدين مطالباً باحترام الاحكام التي تصدر من الجهاز القضائي بينما لصوص الانقاذ تدينهم نفس السلطة القضائية ومابين رمشة عين وغمضتها تتم تبرأتهم وترقيتهم والقوائم طويلة.ظلت السلطة الانقاذية كدأبها ومنذ مجيئها تقمع وتحارب الاقلام الحرة الشريفة ، في الوقت نفسه فان أبوابها مشرعة أمام ماسحو أحذية السلطان ممن يجيدون تسويق أنفسهم لكل أنظمة القهر والبطش والذين تُغدق عليهم النعم فتُسهل لهم أُذونات اصدار الصحف والمجالات بل وامتلاك القنوات الفضائية على أحدث طراز.. الاقلام النسائية الحرة كانت ولازالت هدفاً من أهداف هذه السلطة المسعورة وبجردة سريعة يمكن ايجاز نماذج لبعض ممن تعرضن للمضايقات والسجن والاعتقال والغرامه، كانت من أُولى ضحايا تسلط السلطة الاستاذة آمال عباس والتي تم الحكم عليها بالسجن والغرامة وهي تترأس تحرير صحيفة الرأي الآخر في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي وظل يتواصل ولكن ذلك لم يفت من عضد صحافيات شامخات عبرن ولازلن ممسكات بجمر القضيه ،وسياف البطش مسلطه على رقابهن، تعرضت الاستاذة فاطمة غزالي لحكم جائر في يوليو 2011 عندما كتبت عن اغتصاب أفراد من جهاز الامن للتشكيلية صفيه اسحق وأصرت فاطمة غزالي على الذهاب للسجن بدلاً عن دفع الغرامة ، وبنفس التهمة كان القاضي مدثر الرشيد قد أصدر حكماً بالسجن في مايو 2011 ولمدة شهر أو الغرامة 2 مليون جنيه على الباسلة أمل هباني والتي لم تتردد في اختيار عقوبة السجن. وهاهو التاريخ يعيد نفسه ويتواصل التربص بأمل هباني وحكم آخر يصدر في حكمها بالغرامة 10 مليون جنيه وبالعدم 4 أشهر سجناً، وببساطة فان الجُرم الكبير الذي اغترفته هباني أنها طلبت من أحد عناصر جهاز ألأمن أن يبرز لها هويته عندما أراد أنتزاع موبايلها أثناء تصويرها لسير جلسات محاكمة موظفي تراكس في نوفمبر العام الماضي، وعندما رفضت ذلك قام بصفعها ووجه اليها اساءات لاتصدر الا من قبل هذا الأيمن ، بل وتم فتح بلاغاً في مواجهتها بدعاوى اعتراض موظف عن أداء عمله ، وليت هذا الأيمن اكتفى بذلك بل وأحضر أمام المحكمة شهود الزور والذين أدلوا بافادتهم بعد أداء القسم ، مع ملاحظة أن شهود الزور وفي كل القضايا التي يفتحها جهاز الامن يتدافعون لاداء افاداتهم وبعضهم تُثبت التحقيقات أنه لاعلم له بما يشهد به أو يُكتب له ذلك ويوضع أمامه. والسؤال هم من أين لهم بهذه الفتاوى وهم الذين ينفون وجود الله في مكاتبهم عندما يطلب بعض المعتقلين السماح لهم بأداء الصلاة ، وهذا أمر حري بالجهات (العدليه) أن تتحرى فيه كثيراً. أمل هباني ولبسالتها النادرة كرمتها منظمة العفو الدولية (أمنستي انترناشونال )في العام 2014 ووشحتها بجائزة جانيتا ساغان وهي واحدة من الجوائز الرفيعة التي تقدم للابطال في الصحافة على نطاق العالم. ومرةً أُخرى ترفض هباني دفع الغرامة وتختار السجن في تحد كبير للنظام وهو يرتجف أمام شموخها ، لكن رفيقاتها ورفاقها في مبادرة الصحافيين كان لهم رأي آخر. في مشهد بهيج خرجت بت هباني من سجن النساء وهي تهتف بحياة ونضالات الشعب السوداني. ماحق بأمل هباني لم تنجو منه الصحافيه سميه هندوسه والتي تعرضت للكي في أجزاء مختلفة من جسدها ، ولم يكتفوا بذلك بل وقاموا بحلق شعر رأسها فهل هناك قسوة أكثر من ذلك. الصحافية الشامخة سهير عبدالرحيم والتي ظلت تتناول كل القضايا اللاهبه بجسارة تحسد عليها لم يرق للسلطة ما تكتب لأنها تتناول قضايا مثل الاغتصابات والتحرش بالاطفال والفساد ومعاناة الاطفال المشردين ومشاكل المدارس ..الخ.. قُدمت لها الاغراءات علناً وسراً لتبيع اسمها بمبلغ شهري يسيل له اللُعاب لكنها ركلت ذلك العرض في اباء وشمم مما أوغر صدورمن سعوا لاخماد صوتها وشل قلمها فواصلوا (الحفر) وصدر قرار بمنعها عن الكتابة. لكنها وفي موقف بطولي آخريسجل لها راحت تسمي من وقف وراء هذا الأمر ويا للهول فقد جاء اسم مساعد رئيس الجمهورية السيد ابراهيم محمود متهماً في قضية منعها من الكتابة ووجهت له رساله على رؤوس الاشهاد قرأها عشرات الالاف ولم يُحرك المُساعد ولا من يُحركه ساكناً ، فالفصل والتشريد والاذلال أسلحة مُجربة أتت أُكُلها في بعض الاحايين ، وليت السيد المُساعد أو رئيسه تساءلوا كيف لهم بقطع أرزاق الناس وكيف ينامون وأُسر وهم يقومون باستصدار مثل هذه القرارات وهل راعوا في حالة الاستاذة سهير أن هذا هو مصدر رزقها الاساسي؟ والأكثر ادهاشاً أن السيد رئيس الوزراء وفي حفل رمضاني أقامته نقابة الصحافيين نفى وجود صحافيين موقوفين بأمر الرقيب (قاطع الارزاق) مما حدى بالاساتذة زهير السراج وعثمان شبونه في الرد عليه مباشرة بمقالين لاهبين. بسالة الصحافيات السودانيات لن تتوقف عند آمال عباس أو سهير عبدالرحيم أو فاطمة غزالي أو أمل هباني أو هنادي الصديق ، انما هي سلسلة طويلة وعقد نضيد ومقاتلات باسلات يكفي أن مايسطرنه من حقائق تزلزل أركان النظام لذلك تتواصل حملات ترغيبهن وترهيبهن لكنهن ما انحنين ولاركعن. فالتحية لهن أينما كن ولأُسرهن وهم يلعكون الصبر ويتزودون بالعزيمة والاصرار.