لينا يعقوب عدد من الزملاء الصحفيين وبعض المسؤولين والسفراء طلبوا مني أن لا أرد على محمد علي الجزولي الذي يطرح نفسه كداعية بعد أن كتب رداً حمل هجوما وإساءات لاستنكاري أن تسمح له الحكومة باعتلاء منابر الجمعة التي يستغلها بتوجيه إساءاته لمن يخالفونه الرأي، ويحرض الرأي العام ضدهم. قلت لهم إن إسفاف الجزولي لا يعنيني، ولست مهتمة بالتعليق عليه، كما أن رأيي حول فكره ومنهجه معلوم بالضرورة، إنما قصدت أن أكتب رأيي للجهات المسؤولة التي تسمح له باعتلاء المنابر.. "كنت وما زلت". لا أفهم كيف لدولة تتحالف مع الدول العربية والإسلامية، وتشترك في التحالفات الدولية وتتعاون مع الدول العظمى للقضاء على الإرهاب وتنظيم داعش وتسمح لمن بايع البغدادي علناً ودافع عن أكثر التنظيمات الإرهابية وحشية أن يكون في "الواجهة" فيُمنح منبراً ثابتاً كل جمعة ليخطب بالناس باثاً أفكاره ورؤاه المتطرفة؟! بل كيف تسمح الدولة للجزولي بتقديم برنامج "ديني" في الفضائية السودانية المعبرة عن لسان الحكومة؟! تخيلوا فقط.. الجزولي يقدم برنامج تلفزيوني اسمه "هدى للناس"..! أي هدىً وهداية يمكن أن يقدمها الجزولي للناس والشباب؟! أليس هو من سبب الأذى للأسر الذين فقدوا أبنائهم - المغرر بهم - ليلتحقوا ب(داعش)، ونسأل الله أن يكون من توفي منهم في أعلى الجنان. أليس هو راعي ومرشد جمعية الحضارة الإسلامية في جامعة مأمون حميدة التي أرسلت أكثر من عشرين طالباً من كليات الطب والصيدلة إلى (داعش) في سوريا والعراق ليموتوا هناك؟! الحكومة السودانية تتعاون مع العالم في القضاء على الإرهاب، لدرجة جعلت المخابرات الأمريكية تشيد بدورها الإقليمي في المنطقة، فما الذي يجعلها تترك الجزولي "يُهضرب" في المساجد والمنابر العامة والقنوات الفضائية؟! جميعنا يعلم أن مكافحة الإرهاب تتمثل في محاربة التمويل وإيقاف إيواء العناصر الإرهابية وإيقاف خطاب الكراهية الذي تدعو إليه داعش، ورغم نجاح الحكومة في البندين الأول والثاني، إلا أنها تتعثر بصورة ملاحظة في الإيفاء بالبند الأخير. سفراء ودبلوماسيون، يزورون مشايخ الطرق الصوفية، ليس حباً فيهم أو عشقاً لهم، إنما للتقرب منهم ومعرفة نوعية خطابهم الديني، وإلى أي اتجاه يسيرون، وإلى أي درجة هم متسامحون. هل تعتقد الجهات القائمة أن مثل هذا الخطاب المتطرف الذي يلقيه الجزولي في المساجد لن يؤخذ في الاعتبار؟! لا يهُم من القائل، بل يهمنا ماذا قال وأين..! محاربة الإرهاب والقضاء عليه، لم يعد مجرد عبارات تُقال وتُكتب، ولم يعد شعاراً مرفوعاً القصد منه الضحك على عقول الناس، إنما الإيمان بأنه خطر حقيقي على المجتمع والدولة. الاحتفاظ بمثل هؤلاء لاستخدامهم في وقت "الزنقة" أشبه بالكروت الخاسرة، التي تضر ولا تنفع.