القاهرة، مصر (CNN)-- غيَّب الموت الكاتب الروائي المصري المعروف، أسامة أنور عكاشة، الذي توفي الجمعة عن عمر يناهز 69 عاماً، في أحد المستشفيات بالقاهرة، بعدما أثرى الدراما العربية بالعديد من الأعمال التي وجدت طريقها إلى قلوب المشاهدين، لعل أبرزها المسلسل الشهير "ليالي الحلمية." وفي أعقاب خضوعه لعملية جراحية لاستئصال كليته اليمني عام 2007، تدهورت الحالة الصحية للكاتب الكبير، إلى أن أمر الرئيس المصري حسني مبارك، بعلاجه على نفقة الدولة، ولكنه لفظ أنفاسه في مستشفى "وادي النيل"، ومن المقرر أن تشيع جنازته من مسجد مصطفى محمود، بحي "المهندسين"، عصر الجمعة. ويُعد الفقيد من أشهر كتاب السيناريو والمسلسلات التلفزيونية التي لاقت تجاوباً جماهيرياً كبيراً، منها "ليالي الحلمية"، و"رحلة أبو العلا البشري"، و"الشهد والدموع"، و"الراية البيضا"، و"المصراوية"، و"زيزينيا"، و"أرابيسك"، وعُرضت معظم أعماله في رمضان، حيث كان يترقبها الملايين من مشاهدي الشاشة الصغيرة. روابط ذات علاقة * وفاة المسرحي المصري سعد أردش والممثلة السورية مها صالح * وفاة الفنان الكوميدي الشهير يونس شلبي * وفاة الفنان المصري السيد راضي بعد صراع مع المرض ولد أسامة أنور عكاشة في مدينة طنطا بمحافظة الغربية، شمال القاهرة، عام 1941، وحصل على ليسانس الآداب قسم الدراسات النفسية والاجتماعية، بجامعة "عين شمس" عام 1962، وعمل في بداية حياته إخصائياً اجتماعياً بمؤسسة لرعاية الأحداث، ثم عمل بالتدريس، وموظفاً بجامعة الأزهر. وبعد نحو 20 عاماً قضاها في دواوين الحكومة، وتحديداً عام 1982، قدم أسامة أنور عكاشة استقالته ليتفرغ للكتابة والتأليف، ليضيف إلى مكتبة الدراما العربية أكثر من 40 مسلسلاً تلفزيونياً، وعدد من الأفلام السينمائية، والأعمال المسرحية، حيث جاءت شهرته الحقيقة بعد تقديمه مسلسل "الشهد والدموع." توالت بعد ذلك المسلسلات التي كتبها عكاشة، والتي نالت شهرة واسعة، ونجحت إلى حد كبير، في تغيير شكل الدراما التلفزيونية، كما قدم نحو 15 سهرة درامية أهمها "تذكرة داود"، و"العين اللي صابت"، و"سكة رجوع"، و"حب بلا ضفاف." وفى مجال السينما قدم أسامة أنور عكاشة مجموعة من الأفلام التي حققت نجاحاً لا يقل عما حققته المسلسلات التلفزيونية، لعل أهمها "كتيبة الإعدام"، و"الهجامة"، و"تحت الصفر"، و"دماء على الأسفلت"، و"الطعم والسنارة"، و"الإسكندراني." advertisement كما قدم الكاتب الراحل عدداً من المسرحيات، منها "القانون وسيادته"، و"البحر بيضحك ليه"، و"الناس اللي في التالت"، و"ولاد الذين"، بالإضافة إلى مجموعة من الأعمال الأدبية، أهمها مجموعة قصصية بعنوان "خارج الدنيا" عام 1967، ورواية "أحلام في برج بابل" عام 1973، ومجموعة قصصية بعنوان "مقاطع من أغنية قديمة" عام 1985، ورواية "منخفض الهند الموسمي" عام 2000، ورواية "وهج الصيف" عام 2001. وبحسب ما جاء في السيرة الذاتية للروائي الراحل، والتي أوردها فقد حصل عكاشة على العديد من الأوسمة والجوائز التقديرية، منها "جائزة الدولة للتفوق" في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 2002، و"جائزة الدولة التقديرية" في الفنون عام 2008. أدباء وكتاب: «عكاشة» مؤسس الدراما التليفزيونية .. وصنع لها جمهوراً مثل كرة القدم رحل «سيد الدراما التلفزيونية» السيناريست «أسامة أنور عكاشة»، عن عالمنا، وستشيع جنازته من مسجد «مصطفى محمود» عصر اليوم، كما يقام العزاء بمسجد عمر مكرم الاثنين المقبل. أثار خبر رحيل عكاشة حزن زملائه من الأدباء والكتاب، الذين أكدوا أن "الدراما التلفزيونية ماتت برحيله"، وأنها " خسرت الكثير من الأفكار والمشاريع الفنية التي كانت لا زالت حبيسة في صدر عكاشة وعقله". السيناريست «محمد صفاء عامر» فوجئ بالخبر عندما أبلغته به «المصري اليوم»، وكانت أول كلمة نطق بها " لا حول ولا قوة إلا بالله ، ماتت الدراما التلفزيونية وسنتقبل فيها العزاء"، مضيفاً، "خسرنا كاتباً ومثقفاً وصديقاً عظيماً لا يعوض"، لافتاً إلى أنه حاول أنه يكلمه هاتفياً منذ يومين لكنه " كان متعباً جداً وغير قادر على الكلام، فاكتفى بالحديث مع ابنه هشام". ووصفه الكاتب «يوسف القعيد» بأنه " سيد الدراما التلفزيونية، ومؤسس الكتابة للتلفزيون"، مثله مثل الدكتور «حسين هيكل» في الرواية، والدكتور «طه حسين» في السيرة الذاتية، مشيراً إلى أن عكاشة جعل المصريين والعرب يلتفون حول شاشة التلفزيون ليتابعون الدراما التليفزيونية التي يكتبها مثلما يلتفون حول مباريات كرة القدم. وقال «القعيد»، إن " عكاشة أعطى للدراما قيمة جماهيرية وقربها من الأدب، وكان مهموماً طوال حياته بهوية المصريين وهل هم عرب أم فراعنة أم شرق أوسطيين أم أوروبيين ". وقال «محمد سلماوي» رئيس اتحاد الكتاب، إن " عكاشة كان علامة مهمة في الدراما التليفزيونية، هو وعدد من يحصى على أصابع اليد أعطوا للدراما شكلها الحالي وجعلوها عملاً فنياً قائماً بذاته"، مشيراً إلى أن "عكاشة كان مهتماً بقضايا الأمة ويعالج التاريخ من منظور فلسفي محدد". وأضاف، " للأسف فإن غياب أسامة وتراجعه هو وزملائه عن العمل لأسباب خاصة أو لها علاقة بظروف الإنتاج التلفزيوني أضعف الدراما المصرية وجعلها تتراجع لصالح دراما أقل جودة مثل الدراما التركية وبعض الدراما العربية". وأشار إلى أن عكاشة بدأ كاتباً مسرحياً وكتب عدد من المسرحيات، لكنه ترك خشبة المسرح بعد ما أصابها من تراجع، وقال " مثلما تخلى المسرح عن عكاشة تخلى عنه التلفزيون ليرحل عن عالمنا ومازالت بعض المسلسلات حبيسة الأدراج في مكتبه، وبعض الأفكار حبيسة في صدره لم يمهله القدر لكتابتها". وعلى المستوى السياسي قال «سلماوي»، إن " عكاشة كان من أكثر الناس تجسيداً لانتماء الأديب لوطنه وقضاياه، وعبر عن هذا في كل أعماله الفنية"، مشيراً إلى أن عكاشة يعد رمزاً للدراما المصرية مثلما يعتبر «نجيب محفوظ» رمزاً للرواية وأم كلثوم رمزاً للطرب. ولفت إلى أن اتحاد الكتاب ينوي تنظيم إحتفالية لتكريم سيد الدراما التلفزيونية لم يتم تحديد موعدها حتى الآن، وقال " إن الاتحاد ينظم بداية الشهر المقبل مؤتمراً حول «أحمد باكثير» سيكون فرصة لتكريم عكاشة حتى يتم تحديد موعد لاحتفالية خاصة به". وفوجئت الكاتبة «فتحية العسال» بالخبر ، وقالت وصوتها يجهش بالبكاء " فقدنا هرما من أهرامات مصر وتاريخاً محفوراً في حياتنا وفي الدراما التلفزيونية والإنسانية". وتحدث الكاتب «محفوظ عبد الرحمن» عن علاقته بعكاشة، التي بدأت منذ أيام المدرسة، وكانت تربطهما صداقة قوية، مشيراً إلى أن " مسلسلات عكاشة تعد من كلاسيكيات الدراما التلفزيونية". وأضاف، أن رحيل عكاشة " أمر مؤلم لأنه كان قادراً على تقديم المزيد، وكان في ذهنه الكثير من الأفكار والمشاريع التي لم يمهله القدر لكتابتها"، وتابع " خسرنا هذه الأحلام والمشاريع التي ضاعت برحيل عكاشة".