تصريحات عقار .. هذا الضفدع من ذاك الورل    طموح خليجي لزيادة مداخيل السياحة عبر «التأشيرة الموحدة»    السعودية تتجه لجمع نحو 13 مليار دولار من بيع جديد لأسهم في أرامكو    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    عزمي عبد الرازق يكتب: قاعدة روسية على الساحل السوداني.. حقيقة أم مناورة سياسية؟    الحلو والمؤتمر السوداني: التأكيد على التزام الطرفين بمبدأ ثورة ديسمبر المجيدة    هلالاب جدة قلة قليلة..لا يقرعوا الطبل خلف فنان واحد !!    مذكرة تفاهم بين النيل الازرق والشركة السودانية للمناطق والاسواق الحرة    عقار يلتقي وفد المحليات الشرقية بولاية جنوب كردفان    سنار.. إبادة كريمات وحبوب زيادة الوزن وشباك صيد الأسماك وكميات من الصمغ العربي    (شن جاب لي جاب وشن بلم القمري مع السنبر)    شائعة وفاة كسلا انطلقت من اسمرا    اكتمال الترتيبات لبدء امتحانات الشهادة الابتدائية بنهر النيل بالسبت    كيف جمع محمد صلاح ثروته؟    اختيار سبعة لاعبين من الدوريات الخارجية لمنتخب الشباب – من هم؟    حكم بالسجن وحرمان من النشاط الكروي بحق لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    شاهد بالفيديو.. القائد الميداني لقوات الدعم السريع ياجوج وماجوج يفجر المفاجأت: (نحنا بعد دا عرفنا أي حاجة.. الجيش ما بنتهي وقوات الشعب المسلحة ستظل كما هي)    المريخ السوداني يوافق على المشاركة في الدوري الموريتاني    شاهد بالفيديو.. مستشار حميدتي يبكي ويذرف الدموع على الهواء مباشرة: (يجب أن ندعم ونساند قواتنا المسلحة والمؤتمرات دي كلها كلام فارغ ولن تجلب لنا السلام) وساخرون: (تبكي بس)    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني أبو رهف يلتقي بحسناء "دعامية" فائقة الجمال ويطلب منها الزواج والحسناء تتجاوب معه بالضحكات وتوافق على طلبه: (العرس بعد خالي حميدتي يجيب الديمقراطية)    شاهد بالفيديو.. بصوت جميل وطروب وفي استراحة محارب.. أفراد من القوات المشتركة بمدينة الفاشر يغنون رائعة الفنان الكبير أبو عركي البخيت (بوعدك يا ذاتي يا أقرب قريبة) مستخدمين آلة الربابة    مصر ترفع سعر الخبز المدعوم لأول مرة منذ 30 عاما    السلطات السعودية تحذر من نقل أو ايواء مخالفي انظمة الحج    هكذا قتلت قاسم سليماني    الكعبي يقود أولمبياكوس لقتل فيورنتينا وحصد لقب دوري المؤتمر    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني في السوق الموازي ليوم الأربعاء    خبير سوداني يحاضر في وكالة الأنباء الليبية عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإعلام    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    الموساد هدد المدعية السابقة للجنائية الدولية لتتخلى عن التحقيق في جرائم حرب    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    دراسة "مرعبة".. طفل من كل 8 في العالم ضحية "مواد إباحية"    السعودية: وفاة الأمير سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    والي ولاية البحر الأحمر يشهد حملة النظافة الكبرى لسوق مدينة بورتسودان بمشاركة القوات المشتركة    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يترأس اجتماع هيئة قيادة شرطة الولاية    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    بيومي فؤاد يخسر الرهان    نجل نتانياهو ينشر فيديو تهديد بانقلاب عسكري    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    بالنسبة ل (الفتى المدهش) جعفر فالأمر يختلف لانه ما زال يتلمس خطواته في درب العمالة    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الطالبي: لا ديمقراطية مع الشريعة..المفكر التونسي يتساءل : مَن نصدق .. خطاب الغنوشي في تونس أم خطابه في القاهرة؟ هذا هو الإشكال، الازدواجية في القول.
نشر في الراكوبة يوم 24 - 09 - 2011

أبرز المفكر الكبير محمد الطالبي أن "الإسلام ليس معاديا ولا مخالفا للديمقراطية، القرآن حرية إلى جانب الديمقراطية، وذلك بخلاف الشريعة التي تعتمد على حديث مكذوب على رسول الله يقول "من بدل دينه فاقتلوه".
وأوضح المفكر أنه من المستحيل أن تتعايش الديمقراطية وحرية الفكر مع الحركات الدينية، مضيفا أنه بالنسبة للديمقراطية وحرية الفكر لا توجد مقدسات، كل شيء خاضع للنقد والعقلانية، والمكافحة لا تكون إلا عن طريق مواجهة الحجة بالحجة، والتعبير عن المخالفة بدون لجوء إلى التهديدات الجسدية أو المحاكمات من أجل الأفكار وسجن من له فكر مخالف.
وخلال تعرضه لحركة النهضة التونسية أكد الطالبي أنه "إذا وصلت النهضة إلى الحكم على الديمقراطية السلام، أعني الديمقراطية في مستوى حرية التعبير إلى حد الكفر الواضح والصريح، وعدم ما يسمى ب "حماية المقدسات"، فالحرية الفكرية الديمقراطية الحقيقية لا تحمي المقدسات أو ما يسمى المقدسات ملاحظا أنه يستحيل أن تتعايش الديمقراطية وحرية الفكر مع السلفية.
غير أنه أكد أنه يحترم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي احتراما كاملا بل مطلقا لأنه من حقه أن يعبر عن آرائه وأن يستعمل التمويه لبلوغ غايته ككل السياسيين، "إنني أحترمه احتراما كاملا ، وأنا إلى جانبه لأحمي حريته كاملة ومطلقة"، غير أنه أيضا من واجبي أن أفضح خفايا خطابه وأن أحذر منها وأن أقول إلى التونسيين انتبهوا، انتبهوا، انتبهوا، )قالها ثلاثا (قبل أن تضعوا ورقة الاقتراع في صندوق الاقتراع كي لا تصبحوا على ما فعلتم نادمين.
ومن أقواله:
المشكل في تونس هو في كثرة الأحزاب وعدم الشفافية والصراحة في خطاب رؤساء الأحزاب لا سيما الدينية منها.
الغنوشي يستخدم الديمقراطية لا كغاية في ذاتها وإنما كمقفز يقفز عليه فإذا ما تسلم السلطة فإنه لا محالة سيستخدمها لإقامة نظام خلافة يعمل طبقا للشريعة.
مجموعات سلفية رمتني بالكفر واستحلت دمي وكتبت في "الفيس بوك" أن "من قتلني تلك هي مكرمة يكتسبها عند الله"، كما كتبت على جدران بيتي "هذه دار شيطان، كلب كافر".
بالنسبة للديمقراطية وحرية الفكر لا توجد مقدسات، كل شيء خاضع للنقد والعقلانية، والمكافحة لا تكون إلا عن طريق مواجهة الحجة بالحجة،
يستحيل أن تتعايش الديمقراطية وحرية الفكر مع السلفية التي يمثلها علماء الدين وأيمة الجوامع والأحزاب الدينية وأكبر حزب من هذه الأحزاب هو "النهضة".
والآن إلى حديثنا معه:
دكتور محمد الطالبي لنبدأ هذا الحديث بالتعرف على رأيكم بخصوص الوضع العام بالبلاد لا سيما المشهد السياسي؟
يمكن أن أقول إن رأيي من هذه الناحية لا يزيد عن رأي أي مواطن من حيث أنني لست من رجال السياسة وخبرتي في هذا الميدان ليست خبرة الصحافي أو السياسي الذي يشتغل بهذه القضايا عن كثب ويعيشها يوميا. ثم إنه إذا كانت ثمة آراء في هذا الميدان تؤخذ بعين الاعتبار فهي في المقدمة آراء الفاعلين السياسيين أعني الأحزاب السياسية. وبالنسبة للمواطن العادي، يتمثل المشكل في كثرة الأحزاب وعدم الشفافية والصراحة في خطاب رؤساء الأحزاب لا سيما الدينية منها.
عفوا، لو توضح أكثر؟
لنأخذ على سبيل المثال، وهذا ما تعلمونه أكثر وأحسن مني، خطاب السيد راشد الغنوشي رئيس حركة "النهضة" الذي يقول لنا شيئا في تونس ويقول نقيضه في القاهرة.
أنتم تعلمون كصحافيين أن راشد الغنوشي يؤكد في تونس على أنه رجل ديمقراطي يحترم الحريات ويباغتنا حسب ما اطلعت عليه في الصحافة أنه صرح في القاهرة بأن الغاية التي يرمي إليها في النهاية هي إقامة الخلافة، فمن نصدق خطاب الغنوشي في تونس أم خطابه في القاهرة؟
حسب ظني، وبعض الظن إثم، هو أن الغنوشي يقول شيئا ويخفي غيره، يقول إنه ديمقراطي والخلافة في جوهرها تناقض الديمقراطية تماما وعلى طول الخط، أنا أعتقد أنه يستخدم الديمقراطية لا كغاية في ذاتها وإنما كمقفز يقفز عليه فإذا ما تسلم السلطة فإنه لا محالة سيستخدمها لإقامة نظام خلافة يعمل طبقا للشريعة.
لكن السيد راشد الغنوشي ما أنفك يؤكد أنه يحترم الحريات وحق الاختلاف وأن حركته تسعى لإقامة نظام ديمقراطي، وقد أوضح ذلك خلال تقديم البرنامج الانتخابي للحركة؟
هذا السؤال يطرح سؤالا آخر: من نصدق خطاب الغنوشي في تونس أم خطابه في القاهرة، هذا هو الإشكال، الازدواجية في القول، فالأغلب على الظن هو أن الرجل الذي تكلم في القاهرة في مجموعات سلفية هو الذي يجب أن نصدقه لا سيما وأنه لم يتحرك أبدا في تونس بالفعل وبالصرامة كي يقف إلى جانب الحريات.
أحسن مثال على ذلك يضرب في هذا الصدد هو ما وقع في مقهى "لافريكا"، لم نره يقف إلى جانب نائلة الفاني مخرجة فيلم "لا ربي ولا سيدي"، ولم يدافع الغنوشي عن حريتها في المخالفة إلى حد الانسلاخ عن الإسلام ونفي الربوبية، وهذا حق من حقها، لو تحرك وساند السيدة الفاني ودافع عن حريتها، مع التأكيد على أنه يخالفها لكنا صدقناه عندما يقول إنه يدافع عن الحريات.
مثل ثان أجده في ما تعرضت إليه شخصيا من طرف ثلاث مجموعات سلفية رمتني بالكفر واستحلت دمي، وكتبت في "الفيس بوك" أن "من قتلني تلك هي مكرمة يكتسبها عند الله"، وإذا خرجت من منزلي فانظر ما هو مكتوب على جدران بيتي "هذه دار شيطان، كلب كافر"، هذه الكتابة ملخصة سبقتها كتابة أخرى أطول وأكثر تفصيل ولي صورة منها تضيف "لعنة علي وعلى أتباعي".
ولم يتحرك أي سلفي للرد على مثل هذه الكتابات في "الفيس بوك" وعلى جدران بيتي، لم أسمع من أي سلفي أنه استنكر ذلك.
لكن ما علاقة راشد الغنوشي و"النهضة" بهذه الكتابات؟
إذن، لماذا لم يستنكر الغنوشي أعمال مثل هذه صراحة ويشهّر بها ويطالب، كما هو من حقي لو أردت أن أتقدم بقضية إلى العدالة، أن هذه التهديدات غير مقبولة ويجب تطبيق القانون على أصحابها.
لا الغنوشي ولا أي سلفي قام بتصريح صريح للصحافة شفاف وواضح يستنكر فيه الدعوة إلى القتل من أجل حرية الفكر.
كأني بكم، دكتور طالبي، تعتبرون "النهضة" حركة سلفية تهدد مسألة التعايش السياسي والاجتماعي؟
هذا يخامر كل أذهان المواطنين، فالأحزاب الدينية تتولى الغموض والإبهام في هذا الميدان لأن قاعدتها الاجتماعية التي تستند عليها تؤيد حرمان الفكر المخالف للشريعة من حرية التعبير.
المجتمع التونسي اليوم في حيرة، أعني المجتمع التونسي العقلاني، وأؤكد على كلمة عقلاني الحر الذي يريد أن يتساكن كل المواطنين على اختلاف أديانهم في دار واحدة يقتسمونها من دون أن يتدخل بعض الجيران في شؤون البعض الآخر بما في ذلك ضمان حرية الكفر وحرية نقد الشريعة وحرية عدم تقديس الصحابة والقيام بدراسات تاريخية حرة تنتقد تصرفات "الراشدين" وتقول في شأنهم ما يبدو للمؤرخ هو الواقع.
إذا كان هذا رأيكم في السيد راشد الغنوشي فما هو رأيكم لو وصلت النهضة إلى الحكم؟
إذا وصلت النهضة إلى الحكم على الديمقراطية السلام، أعني الديمقراطية في مستوى حرية التعبير إلى حد الكفر الواضح والصريح، وعدم ما يسمى ب "حماية المقدسات"، فالحرية الفكرية الديمقراطية الحقيقية لا تحمي المقدسات أو ما يسمى المقدسات. وعلماء الزيتونة يطالبون بقانون حماية المقدسات.
إذن، برأيكم لا توجد مقدسات؟
بالنسبة للديمقراطية وحرية الفكر لا توجد مقدسات، كل شيء خاضع للنقد والعقلانية، والمكافحة لا تكون إلا عن طريق مواجهة الحجة بالحجة، والتعبير عن المخالفة بدون لجوء إلى التهديدات الجسدية أو المحاكمات من أجل الأفكار وسجن من له فكر مخالف.
عندما نقول حماية المقدسات نقول غلق الباب أمام كل فكر لا يقدس المقدسات، ومن حق كل فكر حر أن لا يقدس المقدسات، ذلك أن مقدسات هذا ليست بمقدسات ذاك، فالمسيحي، وفي تونس يوجد مسيحيون من التونسيين الذين تركوا الإسلام وانقلبوا إلى المسيحية لهم كنيسة بالحفصية يقيمون بها طقوسهم، وهؤلاء بطبيعة الحال لا يقدسون المقدسات الإسلامية، بل هم يطعنون في أقدس المقدسات الإسلامية أي القرآن الكريم الذي هو بالنسبة إلينا تنزيل من رب رحيم.
وكذلك في تونس شريحة عريضة من الذين انسلخوا عن الإسلام من دون أن ينقلبوا إلى دين والزعيم الفكري لهذه الشريحة هو عبدالمجيد الشرفي ومدرسته التي توصف بمدرسة رفع القداسة عن القرآن، وقد نقدته في كتابي "ليطمئن قلبي" مع التأكيد على أني أحترمه وأحترم أتباعه وهم مبثوثون في الشرائح المتكونة تكوينا غربيا خاصة.
فأنا أواجههم مواجهة فكرية، وأنا إلى جانبهم وأحميهم وأدافع عنهم في مستوى حرياتهم بأن يكتبوا ما شاؤوا وأن يقولوا ما شاؤوا بما في ذلك القول بأن النبي محمد (أفضل الصلاة والسلام عليه) ليس برسول من الله وإنما في دماغه تخمرت، وهذه كلمة عبدالمجيد الشرفي، جملة الآراء التي تعود إلى المسيحية واليهودية وغيرها، فأخذ يشيع مقطوعات نثرية تخمرت في فكره وهي من تأليفه وسمي ذلك قرآنا.
وهذا القرآن، حسب هذه المدرسة، هو مأسسة تاريخية وليدة التاريخ لم تكتمل إلا في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة، وهذا ليس بقول أي مسلم، لكن على كل مسلم أن يضمن حرية من يقوله ويحميه من كل أنواع الضغط والاستبداد.
هذه مقاربة مخالفة تماما للموروث الإسلامي وتصدم أي مسلم؟
نعم، ولكن إذا كنا نؤمن بحرية الفكر فلا بد من احترامها، غير أن الحركات الإسلامية وحركة "النهضة" من بينها غير مؤهلة لقبول هذا، بل إن علماء الزيتونة وكليات الشريعة لا يسعهم أن يقبلوا مثل هذا وحيث أنهم لا يقبلوا مثل هذا فإنهم لا يقبلون الديمقراطية حقا وحرية التعبير حقا لكل الناس، المؤمنون والكافرون على قدم المساواة.
وكل مواجهة ينبغي أن تكون مواجهة فكرية الحجة بالحجة والقلم بالقلم لا دخل للسيف في ذلك.
ونحن اليوم في تونس نشاهد أن عياض بن عاشور الذي هو حفيد صاحب تفسير "التحرير والتنوير" في كتابه الأخير الذي أعطاه عنوان "الفاتحة الثانية" يؤيد ويساند المدرسة الشرفية وينوه بها، ماذا نفعل بهؤلاء؟
لو ارتقى السلفيون و"النهضة" منهم بل في مقدمتهم ومتحدثة باسمهم إلى سدة الحكم لقتلوا كل الحريات بحد سيف الردة وبذريعة حماية المقدسات.
في كلمة وجيزة، يستحيل أن تتعايش الديمقراطية وحرية الفكر مع السلفية التي يمثلها علماء الدين وأئمة الجوامع والأحزاب الدينية وأكبر حزب من هذه الأحزاب هو "النهضة".
زواج السلفية بالديمقراطية زواج حرماني لا يصلح مهما قال أصحاب الأحزاب الدينية في خطابهم المزدوج ذي اللسانين الذي لا يطمأن إليه.
كنتم صرحتم في حديث خاص لمجلة "جون أفريك" أنك لا تثق في السيد راشد الغنوشي وأكدت أنه يستعمل الديمقراطية مطية إلى الحكم؟
نعم، ولازلت عند رأيي، لم يتغير رأيي تجاه الغنوشي مع احترامي الكامل بل المطلق له لأنه من حقه أن يعبر عن آرائه وأن يستعمل التمويه لبلوغ غايته ككل السياسيين، إنني أحترمه احتراما كاملا، وأنا إلى جانبه لأحمي حريته كاملة ومطلقة، غير أنه أيضا من واجبي أن أفضح خفايا خطابه وأن أحذر منها وأن أقول إلى التونسيين انتبهوا، انتبهوا، انتبهوا، )قالها ثلاثا (قبل أن تضعوا ورقة الاقتراع في صندوق الاقتراع كي لا تصبحوا على ما فعلتم نادمين.
دكتور الطالبي أنتم مفكر ومؤرخ كيف ترون دوركم في خضم المسارات التاريخية والاجتماعية والسياسية؟
أنا رجل تاريخ، أعتبر أن كتابة التاريخ يجب أن تكون حرة وموضوعية وإن أثارت جدلا فذلك الجدل يبقى بين المؤرخين أخذا وردا وتأويلا واستخداما للنصوص حسب المنهجية التاريخية.
القاعدة في التاريخ هي: النص مقدس والتأويل حر، المؤرخ لا يحرف النص الذي يجده في أمهات كتب التاريخ، ينقل النص كما هو ثم في مرحلة ثانية له حرية نقد النص وتأويله مع حرية مؤرخ آخر يعمل بنفس القواعد وقد يخالفه في نقد النص وفي تأويله، وهكذا يتقدم التاريخ ونصل إلى أقرب ما يكون من الموضوعية والحقيقة التاريخية، هذه مهنة المؤرخ وهي مهنة ككل المهن لها شروطها ومنهجيتها.
وحرية النقد والتأويل يجب أن تكون كاملة، لا حرية للتدليس وتشويه النصوص واستعمال بعضها وإخفاء البعض الآخر، هناك أمانة المهنة وكل من خالف أخلاقيات المهنة رفضه كل زملائه دون استثناء.
أثارت قراءاتكم للتاريخ الإسلامي خلال الفترة الأخيرة جدلا خاصة حين تعرضتم لأم المؤمنين عائشة؟
ما راج حول ما قلته بخصوص أم المؤمنين عائشة هو زور وكذب مقصود بغاية استهدافي واستحلال دمي، في حديث مع الشيخ عبدالفتاح مورو الذي لي نحوه كل الاحترام بل المودة أثيرت قضية تخلف عائشة عن القافلة في رجوع من غزوة، القافلة رجعت إلى المدينة وأم المؤمنين عائشة لم تكن في هودجها، بقيت في مكانها الذي تركت فيه من دون أن يقع التفطن إلى غيابها تنتظر من يعود بها إلى المدينة عندما يقع التفطن إلى فقدانها. مر بالمكان فتى على ناقة وكان يعرفها فحملها معه وأرجعها إلى بيتها.
جامع الزيتونة
هذه القصة مختصرة، وفيها نزلت آيات، والقضية تعرف في كتب التفسير الخاصة بعائشة والتي برأها الله سبحانه وتعالى من تهمة الخيانة لزوجها وتسمى القضية "قضية الإفك".
الشيعة، لا أنا ولا الشيخ مورو، قدحوا في شرف عائشة، إني لم أتبن لا أنا ولا الشيخ مورو ما قاله الشيعة، لكن ما قاله الشيعة وما جاء في كتب التاريخ بخصوص هذه القضية وما كتب في كتب التفسير لا يستطيع أحد أن يمحوه.
وهنا أعود لأقول ما قلته في التاريخ، السنة يبرؤون عائشة، وأنا منهم، ورأيي أنها بريئة تمام البراءة، والشيعة يتهمونها ويقدحون في شرفها، لا يستطيع مؤرخ أن يمحو ما جاء في التاريخ.
هناك النص المقدس وهناك التأويل الحر، المقدس هو ما جاء في القرآن وفي كتب التاريخ لا يجوز أن نمحوه والتأويل والنقد هو ما جاء من ناحية، من طرف أهل السنة الذين يحترمون أم المؤمنين ولا يشوهون سمعتها ولا يهينون النبي في شرفه وقد تألم في ذلك تألما كبيرا لما قيل في المدينة من قيل وقال، فقد أهين الرسول في شرفه من طرف معاصريه، السنة يحترمون شرف رسول الله ويؤمنون ببراءة عائشة في تأويلهم لما ورد من نصوص وانأ كمؤرخ هذا موقفي، غير أني كمؤرخ أيضا لا أستطيع أن أخفي ما قاله الشيعة.
فالكاذبون والمزورون والمنافقون من السلفيين بتمامهم وكمالهم كذبوا عليّ وزورا قصدا ليتخلصوا مني وشجعوا على قتلي، لقد زورا ما قلت ولقد ذكرت آية في مقال نشرته جريدة "الصريح" هي: "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين".
تمر تونس بمرحلة دقيقة من تاريخها، نريد أن نتعرف على رأيكم بخصوص عملية الانتقال الديمقراطي؟
لي موقف سياسي نضالي من أجل الحريات ومن أجل احترام حرية الفكر والتعبير، هذا الموقف هو الذي أودعته في كتابي "الجولاك والديمقراطية"، وضمنته ما تعرضت إليه من قمع في عهد بن علي من أجل نضالي لمقاومة الديكتاتورية والدفاع عن الديمقراطية والحرية، وفي القسم الأخير من الكتاب تضمن رأيي في الديمقراطية، وهو قسم يثير بصفة واضحة تفاعل الإسلام مع الديمقراطية.
إن الإسلام ليس معاديا ولا مخالفا للديمقراطية، القرآن حرية إلى جانب الديمقراطية، وبخلاف ذلك الشريعة التي تعتمد على حديث مكذوب على رسول الله يقول "من بدل دينه فاقتلوه" حاشى أن يكون الله قال ذلك وحاشى أن يكون رسول الله قال ذلك، القرآن لا يوجد به حكم الردة، فالقرآن إذن، يتعامل مع الديمقراطية ومع الحريات بصورة كاملة وواضحة، إن الله يدافع عن الحريات بما في ذلك الحرية الدينية إذ لا إكراه في الدين، هذا قول الله.
وإذا ما عملنا بهذه الآية احترمنا كل الحريات والديمقراطية، أما إذا ما عملنا بالشريعة فإنه لا ديمقراطية لأن كل من يقول قولا يعتبر مخالفا لقول هذا السلفي أو ذاك، فذاك السلفي يفتي بأنه مرتد ويقتل، لأن الشريعة إرهابية تحكم بقتل من يفتى بقتلهم، من طرف إمام من الأيمة ، أليس هذا بإرهاب؟
عندما تحرق قاعة سينما، أو يكتب في "الفيس بوك" "أقتلوا محمد الطالبي"، أليس هذا بإرهاب؟ إنه الإرهاب بعينه.
حركة "النهضة" نفسها، ألم تمارس الإرهاب، مثل حرق مقرات الحزب الحاكم سابقا ورش "ماء الفرق" على وجوه السافرات وتفجير القنابل في النزل؟
لكن "النهضة" نفت ذلك تماما بل وتبرأت من مقترفي الأعمال الإرهابية؟
من إذن قام بذلك، وعلى من ينطلي ذلك؟ وعندما يتبرؤون وينسبون عمليات إرهابية إلى السلطة فعلى من تنطلي مثل هذه الأكاذيب السخيفة؟ ثم من يضمن لنا أنهم لن يعودوا إلى ذلك؟
دكتور الطالبي كيف تنظرون إلى انتخابات المجلس التأسيسي؟
نحن في انتظار نتيجة صناديق الاقتراع، كل ما نستطيع أن نعمل هو أن ننبه، وهذا ما قلناه في هذا الحديث.
كمفكر، هل ترون مخاطر ما تهدد المسار الديمقراطي؟
هذا سؤال يجيب عليه الصحافي والسياسي، أنا مفكر، مسلم قرآني كل جهودي ترمي إلى تجديد الفكر الإسلامي اعتمادا على كلام الله، لأن كلام الله يوحدنا، بينما المذاهب تفرقنا وتجعل بعضنا أعداء بعض.
إن السني الذي يفجر قنبلة في مسجد شيعي ابتغاء مرضاة الله حسب غباوته، وكذلك الشيعي لا يقل غباوة عندما يفجر قنبلة في مسجد سني ويقول إن الله سوف يثيبني على ذلك، هذا هو مطلق الغباوة وليس من كلام الله في شيء.
ميدل ايست أونلاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.